فلا بد أن لا يكون قبح في هذه المخالفة أيضا والأولى في الجواب منع التخيير الاستمراري في مسألتي التقليد وتعارض الأخبار كما تحقق في محلّه ودعوى اختصاص قبح المخالفة العمليّة بما لو أذن الشّارع من ابتداء الأمر فيها أو فيما يستلزمها وليس الأمر كذلك في مسألتي العدول عن تقليد الميّت وغير الأعلم إذ وجوب العدول في الأولى عارض بسبب الموت وأمّا في الثّانية فالعدول فيها إلى تقليد الأعلم إن كان لأجل حدوث وجود الأعلم فكذلك أيضا لأنّ وجوب العدول حينئذ أيضا عارض لذلك وإن كان لأجل حدوث العلم بوجوده بأن قلد غير الأعلم جهلا أو غفلة عن وجود الأعلم حينئذ باطل من ابتداء الأمر بناء على وجوب تقليد الأعلم وإن كان معذورا في حال الجهل والغفلة(قوله) بدليل ظاهري فتأمّل إلخ لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى ما تقدّم عند شرح قوله وأمّا الشّبهة الحكميّة إلخ من ضعف التفصيل المذكور (قوله) وأمّا المخالفة العمليّة إلخ اعلم أنّ مخالفة العمل إمّا لخطاب معلوم بالتّفصيل وإمّا لخطاب مردّد بين خطابين وعلى التّقديرين إمّا أن تكون الشّبهة حكميّة أو موضوعيّة والأمثلة واضحة ممّا ذكره ولكنّ فرض مخالفة العمل لخطاب معلوم بالتفصيل مع كون الشّبهة حكميّة لا يخلو عن إشكال إذ الخطاب التّفصيلي لا يتحقّق إلاّ بالعلم بالحكم وموضوعه ومتعلّقاتهما ومع ذلك لا يمكن فرض الشّبهة بحسب الحكم نعم يمكن تحقّق الشّبهة حينئذ بحسب مصاديق موضوع الحكم كما في الشّبهة المحصورة ولكنّها خارجة من محلّ الفرض ففرض مثال القصر والإتمام من قبيل ذلك كما ترى لكون مخالفة العمل فيه لخطاب مردّد بين خطابين أعني وجوب القصر أو وجوب الإتمام وهكذا في الظّهر والجمعة وتحقيق المقام في دفع الإشكال أنّ المراد من الخطاب التّفصيلي في المقام أعمّ ممّا كان الخطاب مبنيّا بحسب الموضوع والمحمول ومتعلّقاتهما كما في أحد قسمي الشّبهة الموضوعيّة وممّا كان الخطاب في الكتاب أو السّنّة مرتّبا على عنوان عامّ جامع بين شيئين علم وجوب أحدهما أو حرمته كما في المثالين وبعبارة أخرى أنّ المدار في وجود الخطاب التّفصيلي أنّما هو على زعم أهل العرف بوجوده لكونهم قاطعين بوجوده في المثالين وهو الأمر بالصّلاة في الكتاب والسّنّة وإن كان المراد من الصّلاة مجملا ومردّدا في مورد الشّبهة بين القصر والإتمام أو الظهر والجمعة إلا أن هذا الإجمال لا يضرّ في زعمهم بوجوده إذ عنوان الصّلاة جامع قريب بين الأمرين بحيث يعدّ عندهم كون خطاب كلّ من القصر والإتمام والظّهر والجمعة خطابا واحدا مفصّلا وإن لم يكن كذلك بحسب الدّقة وعلى هذا فالمراد من الخطاب المجمل المردّد بين خطابين هو كون الحكم مرتّبا في الكتاب والسّنّة على موضوعين متغايرين بحيث لا يوجد جامع قريب بينهما قد تعلّق الحكم به في الكتاب والسّنة كما مثل به المصنف رحمهالله للمقام ثمّ إن ظاهر المصنف رحمهالله حيث خصّ الوجوه الأربعة التي ذكرها بما تلزم فيه مخالفة العمل للخطاب المجمل المردّد بين خطابين هو عدم تأتّيها فيما يلزم فيه مخالفة العمل لخطاب مفصّل ولعلّ الوجه فيه كون مخالفة الخطاب التّفصيلي معصية يقينا عند العقلاء بخلاف مخالفة الخطاب المجمل كما ذكره في وجه بعض الوجوه المذكورة ولكنّك خبير بأن ذلك أنّما يصلح وجها لعدم تأتي بعض الوجوه المذكورة أعني الوجه الأوّل لا جميعها مع أنّه قد نقل عن بعضهم جواز ارتكاب أطراف الشّبهة المحصورة دفعة كما تقدّم عند تعداد ما ورد في الشّرح ممّا يوهم جواز مخالفة العلم التّفصيلي المتولد من العلم الإجمالي مضافا إلى أنّ الفرق بين مثال القصر والإتمام الذي هو من قبيل الثّاني كما عرفت وبين المائع المردّد بين كونه ماء طاهرا مغصوبا وبين كونه نجسا الّذي هو من قبيل الأوّل باحتمال الجواز في الثّاني دون الأوّل ضعيف كما صرّح به في الشّبهة المحصورة في مقام تضعيف ما يظهر من صاحب الحدائق المفصّل بينهما بل المخالفة في المثال الثّاني أقبح من الأوّل للعلم تفصيلا بحرمة الموضوع الخارجي في الثّاني وإن لم تعلم جهة الحرمة فيه تفصيلا بخلاف مثال القصر والإتمام لعدم العلم فيه بوجوب أحدهما بالخصوص فالوجه جريان الوجوه المذكورة في المقامين وإن لم يتأت ما ذكره المصنف رحمهالله من الوجه للوجه الأوّل فيما تلزم مخالفة العمل لخطاب مفصّل للعلم بعنوان متعلّق التّكليف فيه بخلاف ما تلزم مخالفة العمل فيه لخطاب مجمل كما لا يخفى نعم يمكن التّمسّك فيه أيضا بوجهين أحدهما أنّ كلا من أطراف العلم الإجمالي موضوع برأسه فيلاحظ تكليف كل موضوع بالنّسبة إليه فيجوز ترك جميع أطراف الشّبهة إن كانت وجوبيّة وارتكابها إن كانت تحريميّة ما لم يقم دليل خاصّ على خلافه من دون فرق بين الشّبهة الحكميّة والموضوعيّة وثانيهما دعوى وضع الألفاظ للمعاني المعلومة أو انصرافها إليها في الخطابات الشّرعيّة إن قلنا بوضعها للمعاني الواقعيّة ولا ريب أن شيئا من أطراف العلم الإجمالي ليس ممّا علم حرمته أو وجوبه وهذان الوجهان كما يجريان فيما تلزم مخالفة العمل لخطاب مفصّل كذلك يجريان فيما تلزم مخالفة العمل لخطاب مجمل كما هو واضح ولكن الوجهين كسائر الوجوه التي ذكرها المصنف رحمهالله ما عدا الثّاني منها ضعيفان أمّا الأوّل فإنّ الرّخصة في المخالفة العمليّة القطعيّة اللازمة من إعمال الأصول في جميع أطراف الشّبهة في المقام قبيحة على الشّارع كما سيجيء عند بيان كون الوجه الثّاني من الوجوه المذكورة أقوى وأمّا الثّاني فيرد عليه أولا بعد منع الوضع أو الانصراف المذكورين أنّ هذا الوجه يؤدي إلى فتح باب الحيلة إلى اضمحلال الدّين لأدائه إلى إمكان ارتكاب كلّ ما علمت حرمته أو نجاسته تفصيلا بأن يخلطه بما يشابهه من حلال أو طاهر ثمّ يرتكبهما جميعا ولكن المصنف رحمهالله قد استظهر في الشّبهة المحصورة عدم كون مثل هذه الصّورة مرادا للقائل بجواز ارتكاب جميع أطراف الشّبهة فراجع وثانيا أنّه مع تسليم كون الألفاظ موضوعه