الدّفع أنّ منع المعارضة إنّما يتم على تقدير نهوض الأخبار لإثبات اللاّزم العادي وليس كذلك فتبقى أصالة العدم في جانب المثبت بلا معارض ويشهد به كلام محكي عنه قبل كلامه المذكور وقال وبالجملة فالّذي يثبت بالاستصحاب على ما يستفاد من أخبار الباب بقاء مورده وحدوث ما يترتب عليه أولا من الأحكام الشّرعيّة فيثبت باستصحاب الطهارة بقاؤها فيترتّب عليه صحّة الصّلاة المأتي بها معها وحصول البراءة بها وباستصحاب الكرية بقاؤها ويترتب عليه طهارة ما يرد عليه من المتنجّس إلى أن قال فإنّ هذه الأمور وإن كانت حادثة ومقتضى الاستصحاب عدمها وقضيّة ذلك تعارض الاستصحابين إلا أنّ المستفاد من الأخبار الواردة في المقام ثبوت تلك الأمور بالاستصحاب ألا ترى أنّ قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة السّابقة لا تنقض اليقين بالشكّ بعد قوله فإنّه على يقين من وضوئه يعطي البناء على يقينه السّابق وإثبات ما يترتّب عليه من الأحكام الشّرعيّة كصحّة الصّلاة إذا أتى بها وبراءة ذمّته منها في مسألة الشكّ في بقاء الطهارة كما هو مورد الرّواية وإن كانت مخالفة للاستصحاب انتهى (قوله) فهو مناف لما ذكره إلخ مضافا إلى أنّ حاصل ما ذكره دعوى انصراف الأخبار إلى إثبات اللّوازم الشّرعيّة دون العقليّة والعادية وفيها أنّ الانصراف لا بدّ له من منشإ وهو إمّا كثرة وجود بعض الأفراد دون بعض أو كثرة استعمال اللّفظ في خصوص بعض دون آخر والأوّل مع منع كونه منشأ للانصراف من دون ضميمة كثرة الاستعمال إليها كما صرّح به المصنف رحمهالله في بعض كلماته في الفقه أنّ اللّوازم العقليّة والعادية ليست بأقل من اللّوازم الشرعيّة المرتّبة على المستصحب من دون توسّطها والثّاني واضح الفساد(قوله) لكنّه إنّما يتمّ إلخ لا إشكال في أنّ الظنّ بالملزوم يستلزم الظنّ باللازم إلا أنّ عدم اعتبار الظنّ باللاّزم حينئذ على ما يستفاد من كلامه على وجوه أحدها أن يكون الدّليل الدّالّ على اعتبار الظنّ بالملزوم مقتصرا فيه على ترتيب بعض لوازمه فيكون عدم اعتبار الظنّ باللازم لعدم الدّليل عليه كما في مثال الصّوم وثانيها أن يقوم دليل على عدم اعتبار الظنّ ببعض اللّوازم كالظنّ بالمسألة الأصوليّة الناشئ من الظنّ بالمسألة الفرعيّة وثالثها انتفاء مناط اعتبار الظنّ بالملزوم في الظنّ باللاّزم كما في مسألة القبلة والوقت وهذه الوجوه مفقودة فيما نحن فيه لأنّ اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ إنّما هو لأجل بناء العقلاء ولا فرق فيه بين لوازم المستصحب في ترتبها عليه ومن هنا يندفع الإشكال عن موارد عملوا بالأصول المثبتة فيها من دون خلاف يعرف منها مباحث الألفاظ حيث يتمسّكون فيها بأصالة عدم القرينة وما يرجع إليها كأصالة الحقيقة وأصالة عدم الإضمار ونحوهما ممّا يستعمل في مقام تمييز المرادات وأصالة عدم الوضع وما يرجع إليها من أصالة عدم الاشتراك وأصالة عدم النقل وأصالة التأخّر وغيرها ممّا يستعمل في مقام تمييز الأوضاع ومنها أصالة عدم التّقية عند الشكّ في صدور الكلام عن المعصوم لبيان الواقع وعدمه ومنها أصالة عدم السّهو والنسيان والغلط عند الشكّ في عروض أحدها للمتكلم في الكلام الصّادر عنه إذ لا إشكال ولا خلاف في اعتبار هذه الأصول مع كونها مثبتة والوجه فيه ما قدّمناه من كون مبنى الأصل فيها بناء العقلاء وإطباق أهل العرف بل يستفاد ذلك من الشّرع أيضا مثل قوله تعالى (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) لوروده في مقام إمضاء طريقة العقلاء في فهم الخطابات العرفيّة ولو بضميمة الأصول المذكورة هذا بناء على اعتبار الاستصحاب من باب بناء العقلاء وأمّا إن قلنا باعتباره من باب الظنّ المطلق كما يظهر من المحقّق القمي رحمهالله فلا إشكال في اعتبار الأصول المثبتة على هذا القول أيضا إذ لا فرق في مفاد دليل الانسداد بين تعلّق الظنّ بنفس الحكم الشرعي بلا واسطة أو بواسطة أمر عقلي أو عادي لأنّ المدار حينئذ على وصف الظنّ كيف اتّفق وأمّا بناء على اعتباره من باب الأخبار لكن لا من باب التعبّد بل من باب الظنّ الخاصّ بمعنى دلالة الأخبار على اعتبار الاستصحاب على تقدير إفادته الظنّ الشّخصي كما حكي عن شيخنا البهائي رحمهالله فلا تنهض الأخبار حينئذ على إثبات الأصول المثبتة لأن جعل اعتبار الظنّ المستفاد من الاستصحاب يرجع إلى جعل نفس المظنون وآثاره الشّرعية في مقام الظّاهر إن كان المظنون حكما شرعا وإلى جعل الآثار الشّرعيّة المرتّبة على المظنون كذلك إن كان المظنون من الموضوعات الخارجة نظير ما قدّمناه على القول باعتباره من باب التعبّد فاعتبار الظنّ بالملزوم لا يستلزم اعتبار الظنّ بلازمه غير الشّرعي لعدم قابليته لجعل الشّارع اللهمّ إلاّ أن يقع نفس اللاّزم غير الشّرعي موردا لتنزيل الشّارع وهو أيضا يرجع إلى جعل آثاره الشّرعيّة في مقام الظّاهر إن كانت له آثار شرعيّة وإلا لغا التّنزيل المذكور ولكنّه خلاف المفروض فإن قلت إنّ الظن بالملزوم يستلزم الظنّ بلازمه أيضا فلو لم يعتبر الظنّ بلازمه لزم التفكيك بينهما قلت إن التفكيك بينهما في الشّرعيّات غير عزيز ولذا يعتبر الظنّ بالقبلة عند تعذّر العلم بها دون الوقت وإن استلزم الظنّ بها الظنّ به وهكذا في غيره من الموارد وأمّا بناء على اعتباره من باب الأخبار بمعنى حملها على إمضاء طريقة العقلاء كما احتمله بعضهم فالظّاهر عدم الإشكال أيضا في اعتبار الأصول المثبتة حينئذ لما عرفت من أنّ العمل العقلاء به إنّما هو من باب الظنّ النّوعي الّذي لا يفرق فيه بين الملزوم ولازمه مطلقا فمع إمضاء الشّارع ذلك يصحّ التمسّك به مطلقا هذا كلّه على طريقة القوم وإلاّ فالمختار اعتباره من باب الأخبار تعبّدا وقد اضطربت كلمات القوم في المقام وناهيك في ذلك بملاحظة ما أورده المصنف ره من كلماتهم (قوله) وبقاء حياة المورث إلى غرّة إلخ يعني أن كون موت المورث عن وارث مسلم لازما لبقاء حياة المورث حال إسلام الوارث ليس كليّا لعلاقة بل اللّزوم بينهما اتفاقي في قضيّة جزئيّة كما سبق نظيره وحكم الإرث هنا ليس من آثار الملزوم الّذي هو المستصحب بل من آثار لازمه العقلي فيكون الأصل بالنّسبة إلى إثبات لازمه مثبتا اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ سبب الإرث ليس موت المورث عن وارث مسلم بل إسلام الوارث في حال حياة مورثه فيثبت بالاستصحاب حينئذ نفس السّبب لا لازمه وأنت خبير بما فيه من منع كون السّبب ما ذكر وقد أعرض بعض أواخر المحققين عن هذا الأصل وتمسّك بعمومات الإرث مثل قوله تعالى (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ونحوه استنادا إلى أنّ الخارج من تحتها من علم كفره من الأولاد في حال موت المورث ومن أسلم في غرّة شهر رمضان لم يعلم كفره كذلك فيحكم بتوريثه منه عملا بالعموم وفيه أنّه مبنيّ على صحّة التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقيّة وهو ضعيف كما قرّر في محلّه (قوله) كما يعلم من الفرع الّذي إلخ قال لو مات المسلم عن ابنين