لازمه فالحقّ عدم جوازه وإن كانت الملازمة شرعيّة لما عرفت في الحاشية السّابقة أنّ المراد بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ في الموضوعات بدلالة الاقتضاء هو ترتيب آثارها الشّرعية المرتبة عليها والملزوم ليس بمرتب على لازمه بل الأمر بالعكس ومن هنا يظهر عدم جواز إثبات الملزوم العقلي والعادي بإثبات لازمهما بطريق أولى ومن عدم ثبوت الملزومات يظهر الوجه في عدم ثبوت أحد اللاّزمين بلازم آخر لعدم الترتّب بينهما أيضا بل هذا أولى بعدم الثبوت لعدم المناسبة بين اللاّزمين لأن مرجعهما إلى المقارنة الاتفاقية بخلاف اللاّزم والملزوم لأنّ الملزوم وإن لم يترتب على لازمه إلاّ أنّ بينهما مناسبة كما لا يخفى ومن عدم ثبوت أحد اللاّزمين باللاّزم الآخر يظهر الوجه في عدم ثبوت أحد المتقارنين بإثبات مقارنه الآخر بل بطريق أولى لاشتراك الملازمين في الملازمة لملزوم ثالث وبهذا الاعتبار تتحقق المناسبة بينهما في الجملة بخلاف المتقارنين وأمّا المقام الثّاني وهذا هو الّذي اشتهر في لسان مقاربي زماننا بالأصول المثبتة ويعنون بها إثبات الأحكام الشرعيّة بواسطة إثبات اللّوازم العقلية أو العادية للمستصحب كإثبات طهارة الثوب الواقع في ماء مشكوك الكرية لأنّ استصحاب الكرية يلازم عقلا لملاقاة الثوب النجس للكرّ ويترتب عليها حصول الطهارة للثّوب واشتهر بينهم عدم حجيّتها من دون خلاف يعرف بل يظهر من صاحب الفصول عدم الخلاف فيه قديما وحديثا قال ولم أقف في المسألة على من يصرّح بالخلاف فلعلّه موضع وفاق وهو الأظهر انتهى ولكنّهم اختلفوا في علّة الحكم كما سنشير إليه وكيف كان فالوجه فيه يظهر ممّا ذكره المصنف رحمهالله وما أوضحناه في الحاشية السّابقة ونقول هنا أيضا لزيادة توضيح إن التمسّك بالأصول المثبتة لا يخلو إمّا أن يريد بها إثبات كل من اللاّزم العقلي أو العادي وما يترتب عليهما من الآثار الشّرعيّة باستصحاب ملزومها وإمّا أن يريد بها إثبات الآثار الشّرعية المرتبة عليهما باستصحاب ملزومهما من دون إثبات اللاّزم العقلي أو العادي المتوسّط بينهما أمّا الأوّل فيرد عليه أن الاستصحاب كما لا يثبت الموضوعات الخارجة كما أشرنا إليه في الحاشية السّابقة كذلك لا يثبت ما يترتب عليها من اللّوازم العقليّة والعادية لعدم كونهما قابلين لجعل الشّارع فاستصحاب حياة زيد كما لا يثبت نفس الحياة كذلك ما يتبعها من النمو ونبات اللّحية والتحيّز في مكان ونحوها ممّا يلزم الحياة والجسم عقلا أو عادة فكيف يثبت به ما يترتب على هذه اللّوازم من الآثار الشّرعيّة نعم لو كان نفس اللاّزم العقلي أو العادي موردا للأصل ثبت به ما يترتب عليها من الآثار الشّرعيّة لكنه خلاف الفرض وأمّا الثّاني فيرد عليه أيضا أن الفرض ترتب الآثار الشرعيّة على نفس اللاّزم العقلي أو العادي دون المستصحب فكيف يحكم بثبوتها من دون ثبوت موضوعها لاستحالة قيام الغرض من دون موضوعه فلا ينهض الاستصحاب إلاّ لإثبات اللّوازم الشّرعيّة المحمولة على ملزوماتها شرعا بلا واسطة أو بواسطة أمر شرعي آخر محمول عليها هذا كلّه على القول باعتبار الاستصحاب من باب الأخبار وأمّا على القول باعتباره من باب الظنّ فسيشير المصنف رحمهالله إلى الكلام على مقتضاه ثم إنّ لازم الشيء قد يكون لازما لوجوده الواقعي من حيث هو وقد يكون لازما للعلم به واقعا كما إذا فرض ترتب الحرمة على شرب الخمر المعلوم واقعا وقد يكون لازما للأعمّ من الوجود الواقعي والظّاهري وما عدا الأوّل خارج من محلّ النّزاع في إثبات اللوازم بالأصل أمّا الثّاني فلوضوح عدم ثبوته بالأصل لعدم إفادته للعلم بالواقع وأمّا الثالث فإنّ الملزوم على تقدير ثبوته بالأصل كان لازمه ثابتا بوجوده الواقعي دون الظّاهري وهو واضح (قوله) من أنّه إذا ثبت بالرّضاع إلخ كما لو ثبت بالرّضاع أخوة امرأة لرجل فلا تحرم على أخيه النسبي أختها النّسبي وإن كانت بمنزلة الأخت له لأنّ المحرم كتابا وسنة هي الأخت والأخ لا أخت الأخت وكذا لا تحرم الأمّ الرّضاعي لأخ المرتضع من النسب وإن كانت بمنزلة الأمّ لأخيه (قوله) لأنّ الحكم تابع أي الحكم الثابت بعموم قوله عليهالسلام يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب وقوله عليهالسلام الرّضاع لحمة كلحمة النّسب فكل عنوان ثبت تحريمه في النّسب كتابا وسنة كان محرما في الرّضاع أيضا دون سائر العناوين المقارنة في الوجود(قوله) كاستصحاب بقاء الكرّ لأن المستصحب بقاء الكر الموجود في السّابق والأمر العادي كون الموجود في الحوض الآن كرّا وهما وإن تغايرا مفهوما إلاّ أنّهما متحدان وجودا هذا إن أريد استصحاب الموضوع أعني بقاء
الكر الموجود في السّابق وإن أريد استصحاب الوصف بالماء يقال إنّ هذا الماء الموجود كان في السّابق على صفة الكرية والأصل بقاؤه عليها خرج من كونه مثبتا وإن احتاج حينئذ إلى نوع مسامحة في الموضوع (قوله) كما لو علم بوجود إلخ كما لو رمى سهما لو لا الحائل من حائط ونحوه لقتل المرمي إليه فبأصالة عدم المانع يثبت القتل ويترتب عليه وجوب الدّية(قوله) كالمثالين إلخ يعني مثال وجود المقتضي والعلم الإجمالي (قوله) كاستصحاب الحياة إلخ كما إذا قطع الملفوف بلحاف نصفين ثم وجده ميتا ولم يعلم سبق الموت على القطع أو حصوله به والأمر العادي هنا الموت وهو معلوم إلاّ أنّ وصفه وهو حصوله بعنوان القتل ثابت بأصالة بقاء الحياة إلى زمان القطع وكذا في مثال استصحاب عدم الاستحاضة فإن الأمر العادي وهو الدّم معلوم ووصفه وهو كونه على صفة الحيض ثابت بالأصل وكذا صفة التوالي في المثال الثالث ثابت به والأوّل مثال للقيد العدمي لأن صفة القتل الّتي هي عبارة عن إذهاق الرّوح من الأمور السّلبية العدميّة فتدبّر والأخيران مثالان للقيد الوجودي والسّر في كون هذه الأمثلة من قبيل ما أثبت الأصل قيدا من قيود الأمر العادي لا تمامه مع إمكان أن يقال إن الأمر العادي هنا صفة القتل والحيضية والتوالي وهي بتمامها ثابتة بالأصل أنّ الأثر الشّرعي الثابت بالأصل بواسطة الأمر العادي فيها مرتب على موصوفات هذه الصّفات باعتبار اتصافها بها لا على نفس الصّفات المذكورة حتّى يقال بأنّها بتمامها ثابتة بالأصل وهي واسطة بين المستصحب والأثر الشّرعي (قوله) وقد استدل بعضهم إلخ وهو صاحب الفصول قال المصنف رحمهالله في الحاشية في توضيح المعارضة بيان ذلك أنّ استصحاب الشيء لو اقتضى إثبات لازمه غير الشّرعي عارضه أصالة عدم ذلك اللاّزم فيتساقطان في مورد التعارض توضيح ذلك أنّه لو فرضنا ثبوت موت زيد باستصحاب حياة عمرو عارضه أصالة حياة زيد فيتساقطان بالنّسبة إلى موت زيد نعم تبقى أصالة حياة عمرو بالنسبة إلى غير موت زيد سليما عن المعارض انتهى (قوله) إن أراد بذلك عدم دلالة إلخ لا يذهب عليك أن في كلامه وجها ثالثا وهو أن يريد بقوله ليس في أخبار الباب إلى آخره دفع توهم منع المعارضة نظرا إلى حكومة الأصل في جانب الثابت عليه في جانب المثبت ووجه