بوجود زيد بالشكّ فيه فرضه كالمتيقن الوجود وتنزيله منزلته في ترتيب ما يترتب عليه في حال اليقين به من الآثار الشّرعيّة فهنا موضوعان موضوع متيقن وموضوع مشكوك فيه قد أدرج الشّارع المشكوك فيه في المتيقّن وأنزله منزلته في ترتيب آثاره عليه فكلّ حكم شرعي كان مترتبا عليه في حال اليقين يترتب عليه في حال الشّكّ أيضا قضية لعموم المنزلة ومن هنا يظهر فساد ما ذكره المحقّق القمي رحمهالله من عدم الدّليل على كون المستصحب النجاسة منجسا لأنّ المتيقن والمسلم منه كون متيقن النّجاسة منجسا لا ما ثبتت نجاسته بالاستصحاب وأوضحه بعض على ما نقله بعض مشايخنا بأنّ النّجاسة في حال اليقين بها موضوع وفي حال الشكّ فيها موضوع آخر وحكم التنجيس إنّما ثبت على الأوّل دون الثّاني لأنّه المتيقن من الأدلّة ووجه الفساد بعد ما عرفت من قضية التنزيل واضح ولا اختصاص له بالاستصحاب بل يجري في جميع التنزيلات الشرعيّة كقوله عليهالسلام الطواف في البيت صلاة وتنزيل ما قامت البيّنة عليه منزلة الواقع المعلوم وهكذا فإن قلت على ما ذكرت من أنّ المستصحب إن كان حكما شرعيّا فمعنى عدم نقضه بالشكّ جعل نفسه في مقام الشكّ وإن كان من الموضوعات الشرعيّة فمعنى عدم نقضه جعل آثاره الشّرعيّة في مقام الشكّ لزم استعمال اللّفظ في معنيين لاختلافهما جدّا قلت لا اختلاف بين نفس المعنيين لأنّ الاختلاف إنّما نشأ من اختلاف متعلق الفعل أعني النقض لأنّ نقض المتيقن كلّي فإن كان المتيقن من الأحكام فمعنى عدم جواز نقضه وجوب البناء في زمان الشكّ على وجوده وإن كان من الموضوعات فمعناه وجوب البناء على ترتيب آثاره الشّرعيّة في زمان الشكّ فاختلاف هذا المعنى الكلّي بحسب اختلاف موارده ومتعلقاته لا يوجب اختلاف هذا المعنى الكلّي في نفسه وممّا ذكرناه قد ظهر أن المستصحب إن كان من الموضوعات الخارجة فالثّابت به هو الآثار الشّرعيّة المرتبة عليه في حال اليقين لا الآثار العقليّة والعادية لعدم قابليّتها للجعل ولا الآثار الشّرعيّة المرتبة على تلك الآثار لأنّها ليست آثار نفس المتيقن ولم يقع ذوها أيضا موردا للاستصحاب ثمّ المراد بالآثار الشرعيّة ما كان مرتبا على المستصحب في نظر الشّارع سواء كان هنا ترتب حقيقي كترتب المسببات على أسبابها الشّرعيّة أم لم يكن هنا ترتب في الواقع بل في نظر الشّارع كترتّب المشروط على شرطه إذ لا ترتب بينهما في الحقيقة وإن كان وجوده موقوفا عليه وكان عدما عند عدمه إلاّ أنّ هذا في معنى الترتب والتفرع في نظر الشّارع وهذا مستفاد من الشّرع ولذا يحكم بصحّة الصّلاة فتوى ونصّا باستصحاب الطهارة وستقف على تتمة الكلام في أقسام اللّوازم وغيرها وأحكامها في الحواشي الآتية(قوله) هي لوازمها الشّرعيّة دون العقلية إلخ اعلم أن المستصحب إذا كان من الموضوعات قد يكون مقارنا بأمور بحيث لو حصل القطع بوجوده في زمان الشكّ حصل القطع بوجودها حينئذ أيضا وهذه الأمور لا تخلو إمّا أن تكون من لوازم المستصحب أو ملزومة له أو يكونا لازمين لملزوم ثالث ومقارنة له في الوجود من باب الاتفاق من دون علاقة ومناسبة بينهما وعلى التقادير الأربعة إمّا أن تكون هذه الأمور شرعيّة أو عقلية أو عادية فترتقي الأقسام إلى اثني عشر وعلى جميع التّقادير إمّا أن يراد بالاستصحاب إثبات تمام الأمر الموجود مع المستصحب أو إثبات بعض قيوده وعلى التقادير إمّا أن يكون هذا الأمر وجوديّا أو عدميّا وعلى التقادير إمّا أن يكون المستصحب مع هذا الأمر متحدا في الوجود أو متغايرين فيه وعلى تقدير كون الأمر المذكور لازما شرعيّا له ومرتبا عليه بواسطة أمر عقلي أو عادي إمّا أن تكون الواسطة خفية أم جلية وعلى التقادير إمّا أن نقول باعتبار الاستصحاب من باب التّعبّد أو الظنّ ولنذكر أولا جملة من أمثلة هذه الأقسام ليفيدك بصيرة في المقام ثم نشر إلى المختار من حكم الأقسام المذكورة فنقول أمّا ما كان من قبيل اللاّزم الشّرعي للمستصحب فأمثلته كثيرة مثل استصحاب جميع الموضوعات الخارجة لإثبات لوازمها الشّرعيّة كاستصحاب حياة زيد لإثبات حرمة التصرّف في ماله ووجوب نفقة زوجته وحرمة نكاحها وهكذا وأمّا ما كان من قبيل اللازم العادي فكثير أيضا كاستصحاب حياة زيد بعد الغيبة عنه مدّة مديدة لإثبات نموّه وإنبات لحيته وغيرهما ممّا يقارنه في هذه المدّة من الأمور العادية وأمّا ما كان من قبيل اللّوازم العقلية مثل استصحاب الأمر السّابق لإثبات وجوب إطاعته واستصحاب البراءة السّابقة لنفي العقاب عن مخالفة التكليف المحتمل وأمّا ما كان من قبيل الملزوم فكما لو توضأ بمائع مردد بين الماء الطّاهر والنّجس فإن طهارة البدن لازمة لطهارة الماء وبقاء الحدث لنجاسته فاستصحاب طهارة البدن أو بقاء الحدث لإثبات طهارة الماء أو نجاسته من قبيل استصحاب اللاّزم لإثبات ملزومه الشّرعي وإن أريد استصحاب طهارة البدن لإثبات ارتفاع الحدث كان من قبيل إثبات أحد اللاّزمين بإثبات اللاّزم الآخر لكونهما لازمين لطهارة الماء وأمّا ما كان من قبيل المقارنات الاتفاقيّة كما لو دار الأمر بين وجوب دعاء رؤية الهلال واستحبابه أو بين وجوب الجهر في ظهر الجمعة واستحبابه وأريد باستصحاب عدم الوجوب إثبات الاستحباب لكون المقارنة فيها ناشئة من العلم الإجمالي ومن هذا القبيل موارد الشبهة المحصورة لأنّ استصحاب طهارة أحد المشتبهين تقارنه نجاسة الآخر من جهة العلم الإجمالي بطهارة أحدهما ونجاسة الآخر وأمثلة باقي الأقسام مضافا إلى ما أشار إليه المصنف رحمهالله في طي كلامه يظهر بالتأمّل وملاحظة الموارد ولا طائل في الإطالة وإذا عرفت هذا فاعلم أنّه على المختار من اعتبار الاستصحاب من باب الأخبار لا إشكال في إثبات الحكم الشّرعي وما يترتب على وجوده الواقعي من الآثار الشّرعيّة به إن كان مورده ذلك وكذا اللّوازم الشرعيّة المرتّبة وكذا اللّوازم الشّرعية المرتّبة على الموضوعات الخارجة بلا واسطة أو بواسطة أمر شرعيّ إن كان مورده من الموضوعات وقد ظهر الوجه فيه ممّا ذكرناه في الحاشية السّابقة والكلام في باقي الأقسام المتقدّمة وإن ظهر أيضا ممّا ذكرناه هناك إلا أنا نقول هنا توضيحا إن الكلام في أمّهات الأقسام المذكورة يقع في مقامين أحدهما إثبات الملزوم بإثبات لازمه أو إثبات أحد اللاّزمين لملزوم ثالث بإثبات اللاّزم الآخر أو إثبات أحد المتقارنين من باب الاتفاق بإثبات الآخر سواء كان الملزوم أو اللاّزم أو المقارن شرعيّا أم عقليا أم عاديّا وهذه الأقسام الثلاثة مختلفة المراتب كما ستعرفه وثانيهما إثبات اللّوازم العقلية أو العادية بإثبات ملزوماتها وأمّا باقي الأقسام فيظهر الكلام فيه ممّا نذكره وذكره المصنف رحمهالله أمّا المقام الأوّل فأمّا إثبات الملزوم بإثبات