الزّوال وبعده معلوما قبل ورود أمر الشّارع إلى آخر ما نقله المصنف رحمهالله في بيان التعارض وقال بلا فصل وبالجملة بملاحظة اليقين بالعدم الحاصل قبل الشرع أو التكليف أو البلوغ والعقل واستصحابه يحصل التعارض في جميع موارد القسم الثالث ولا مرجّح لأحدهما فلا يكون شيء منهما حجّة ويجب ترك الاستصحابين والعمل بما يقتضيه الدّليل عند عدمهما ومن هنا يظهر الجواب عن شبهة البنوة المتقدّمة فإنها من هذا القسم وأمّا القسمان الأولان فيظهر ممّا ذكر أيضا عدم حجّية استصحاب حال الشّرع فيهما أيضا إذا كان المستصحب من الأمور الشّرعيّة مطلقا لأجل تعارضه مع استصحاب حال العقل وذلك لأنّه إذا شكّ في تكليف اليوم في وجوب الصّوم لأجل عروض حالة حمّى مثلا فنقول قبل ورود الشّرع كان عدم التكليف بالصّوم يقينيّا وبعد وروده علم التكليف به مع عدم الحمّى وشكّ معه إذ لو لا الشكّ معه لما كان شكّ حينئذ فيستصحب عدم التكليف معه ويعارضه استصحاب التكليف قبل عروض الحمّى أيضا ويتساقطان وكذا إذا شكّ في أن الليل هل هو استتار القرص أو زوال الحمرة فلا يمكن استصحاب وجوب الصّوم بعد الاستتار وقبل الزّوال للعلم بعدم التكليف به قبل الشّرع فيستصحب وإذا شكّ في دخول اللّيل لوجود غيم فيقال إن قبل الشّرع كان عدم التكليف بالصّوم في مطلق اليوم في زمان الشكّ في بقائه لغيم ونحوه قطعيا علم التكليف قبل الغيم فيستصحب عدمه بعده وإذا شكّ في بقاء الطهارة الشّرعيّة الحاصلة بالوضوء بعد خروج المذي فيقال إن قبل الشّرع كان يعلم عدم جعل الشّارع العمل المسمّى بالوضوء سببا للطهارة مطلقا وعلم بعده أنه جعله سببا للطهارة ما لم يخرج المذي ولا يعلم أنه هل جعله سببا للطّهارة الباقية بعده أيضا أم لا والأصل عدم الجعل وإذا شكّ في تطهير الثّوب الملاقي للبول بغسله مرّة فيقال قبل ورود الشّرع كنا قاطعين بعدم جعل الشّارع ملاقاة البول سببا للطّهارة مطلقا وبعده علمنا أنّه جعله سببا للنجاسة ما لم يغسل أصلا وأمّا كونه سببا للنجاسة بعد الغسل مرّة فلا وكذا في المالكيّة والزّوجيّة وأمثالهما وإثبات التكليف والجعل بالاستصحاب ليس بأولى من إثبات عدمهما به على ما مرّ لا يتوهّم أنه يلزم على هذا انتفاء الحكم الثابت أولا في القسمين بمجرّد الشكّ فإنه ليس كذلك بل يحكم ببقاء الحكم ولكن لا لأجل استصحاب حال الشّرع أي استصحاب ذلك الحكم بل لأجل استصحاب آخر من حال العقل وبيان ذلك أنّه قد عرفت في المقدّمة الأولى أن سبب الشكّ في هذين القسمين إمّا الشكّ في تحقق المزيل القطعي بعد العلم بعدمه أو الشكّ في جعل الشّارع شيئا أو الشيء الفلاني مزيلا للحكم ولا شكّ أن الأصل عدم تحقق المزيل وعدم جعل الشّارع شيئا أو هذا الشيء مزيلا فيلزم هذا الاستصحاب وجود هذا الحكم ولا يعارضه استصحاب عدم التكليف لأنّ الاستصحاب الأوّل مستلزم للحكم باستمرار الحكم وهو مزيل لعدم التّكليف وليس استصحاب عدم التكليف سببا لوجود الشيء المعيّن الّذي جعله الشارع مزيلا أو لجعل الشّارع هذا الشيء مزيلا تقول في المثال الأوّل علم بقول الشّارع صم شهر رمضان وجوب صومه سواء عرض الحمّى أم لا وشك في أنّه هل جعل الحمّى مزيلا له أم لا والأصل عدم جعله وهو يوجب بقاء إطلاق وجوب الصّوم المزيل لعدم التكليف وفي المثال الثّاني علم وجوب الصّوم في اليوم إلى اللّيل ولم يعلم أن باستتار القرص هل دخل اللّيل أم لا والأصل عدم دخوله وكذا في المثال الثّالث ويقال في الرّابع إنه علم بالتّوضؤ حصول الطهارة وعلم أنّها لا يرتفع إلاّ برافع ولم يعلم أنّ المذي رافع له والأصل عدم جعل الشّارع له إيّاه رافعا ولو فرض عدم العلم بأنّ الطهارة مما لا يرتفع إلا برافع فيكون من القسم الثّالث ولا يفيد فيه الاستصحاب ويقال في الخامس إنّه علم بنجاسة الثوب وأنّها ممّا لا يزول إلا بمزيل وشك في أنّ الشّارع هل جعل الغسل مرّة مزيلا لها أم لا والأصل عدمه وكذا إذا شكّ في كون شيء مزيلا للمالكيّة أو الزوجيّة أو غيرهما ممّا يعلم استمراره بعد حدوثه إلى تحقّق الرّافع ثم ساق الكلام في بيان ضابط المقام بما حاصله الحكم ببقاء الحكم السّابق إذا كان الشكّ في المانع سواء كان الشكّ في عروض المانع أو مانعية العارض لكن لا لاستصحاب حال الشّرع أعني الحكم المتيقن في السّابق بل لاستصحاب حال العقل أعني العدم السّابق على نحو ما تقدّم وعدمه إذا كان الشكّ في المقتضي لتعارض استصحاب الوجود والعدم فيه على ما تقدّم أيضا انتهى ملخصا ويرد عليه مضافا إلى ما ذكره المصنف رحمهالله وجوه أحدها أنّه لا فرق بين مثال الأمر بالجلوس ومثال الصّوم إذا شكّ في بقاء وجوبه من جهة الشكّ في أنّ الليل هو استتار القرص أو ذهاب الحمرة أو لوجود الغيم حيث مثل بالأوّل لما كان الشكّ فيه في المقتضي وبالثاني لما كان الشكّ فيه في المانع مع كون كلّ منهما من الزمانيات بل مثال الأمر بالجلوس نظير الشكّ في وجوب الصّوم بعد استتار القرص إذ كما يعلم وجود التكليف إلى الزّوال ويشك فيه بعده في الأوّل كذلك يعلم وجوده إلى الاستتار ويشك بعده في الثّاني وبعبارة أخرى إنّه كما يشكّ في انقضاء التكليف عند الزّوال كذا يشكّ فيه عند الاستتار والحق أنّ الشكّ في كلّ منهما من قبيل الشكّ في المقتضي دون المانع لأنّ الشكّ في كلّ منهما في حصول الغاية للتكليف لا في عروض المانع من استمراره والمعيار في الشكّ في المقتضي أن يكون مرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في استعداد المتيقن السّابق ووصوله إلى غايته والشكّ في وجود الغاية أو كون شيء غاية من قبيل ذلك وهو واضح وفي الشكّ في المانع مطلقا سواء كان في عروض المانع أو مانعية العارض إذ يكون المتيقن السّابق متيقن البقاء والاستمرار لو لا عروض المانع فيكون مرجع الشكّ حينئذ إلى الشكّ في ارتفاعه لا في انقضاء استعداده وبالجملة لا بدّ أن يكون الاستعداد للبقاء محرزا ويقع الشكّ في الارتفاع كالنّجاسة والطهارة والحدث والملكيّة والزّوجيّة ونحوها ممّا علم شرعا استمراره لو لا عروض ما جعل رافعا له وثانيها أن تخصيص تعارض الوجود والعدم بما كان الشكّ فيه في المقتضي نظرا إلى حكومة أصالة عدم المانع على استصحاب العدم في الشكّ في المانع على نحو ما ذكره محلّ نظر لأن أصالة عدم المانع كما أنها حاكمة على أصالة عدم التكليف في زمان الشكّ فيما كان الشكّ فيه في المانع كذلك أصالة عدم تحقق مطلوب الشّارع أو أصالة عدم تحقق المبرئ للذمة أو أصالة بقاء الاشتغال حاكمة على أصالة عدم التكليف في زمان الشكّ ومزيلة لها فيما كان الشكّ فيه في المقتضي فلا بدّ أن لا يحكم بالتعارض والتساقط هنا أيضا ففي مثال الأمر بالجلوس إذا شكّ بعد الزّوال في وجوب الجلوس فأصالة بقاء الوجوب حينئذ وإن عارضتها أصالة عدمه إلا أن أصالة عدم تحقق مطلوب الشّارع مثلا حاكمة على أصالة العدم فتبقى أصالة بقاء الوجوب سليمة من المعارض نظير ما ذكره فيما كان الشكّ فيه في