يتعرّض له المصنف رحمهالله لعدم ترتب أثر على عدم جريان الاستصحاب فيه بعد فرض جريان القاعدة فيه ولذا لم يتعرّض أيضا في اليوم الآخر لعدم صحّة التمسك باستصحاب الاشتغال مع عدم جريانه في موارد قاعدته ثم إنّ عدم تفرّع جواز الإفطار للرّؤية على الاستصحاب الحكمي يكشف عن كون المستصحب في المكاتبة هو نفس الزّمان ولو بالتوجيه على ما أشار إليه لا حكم الزّمان وهي كما تدل على اعتبار الاستصحاب في الأزمان كذلك تدل على اعتباره في الزمانيات بطريق أولى لأنّه إذا صحّ إجراؤه في الزمان فإجراؤه في المنتسب إليه بطريق أولى (قوله) وأمّا القسم الثّاني إلخ اعلم أنّ الوجه في عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم يظهر ممّا تقدّم في وجه عدم جريانه في الأزمان ومنه يظهر الوجه في عدم جريانه في الأوصاف العارضة للأمور التّدريجيّة كالجهر والإخفات العارضين للقراءة وكذا الكلام في التوجيه المتقدّم هناك آت هنا أيضا بأن يفرض مجموع الجهر أو الإخفات القائم بالقراءة الناشئ من داعي واحد أمرا واحدا وبقاؤه وارتفاعه باعتبار تجدّد جزئه الأخير وعدمه وأمّا الحاصل من أمور تدريجيّة الحصول كالكرية الحاصلة في ماء تدريجي الحصول وكذا القلة الحاصلة في ماء أخذ منه شيء فشيء فإذا فرض الشكّ في بقاء القلة أو الكثرة فاستصحابهما وإن كان فرع بقاء موضوعهما القائمتين به وهو مشكوك البقاء بل الموجود في الزّمان الثّاني لم يكن موجودا في السّابق على نحو وجوده فيه قطعا إلا أنه إذا حصلت الكرّية أو القلة في محلّ فموضوعهما الذي قامتا به في نظر أهل العرف أمر واحد لا يتغير بالزيادة عليه والنقص منه لأجل كون هذا التغير عندهم من قبيل تغير حالات الموضوع لا تبدله حيث يعدّون الموجود في الزّمان الثّاني عين الموجود في الزمان السّابق وإن لم يكن كذلك في نفس الأمر نعم ربّما يحصل الإشكال فيما لو أخذ مقدار كثير من الكثير أو زيد على القليل كذلك كما لو كان هنا حوض كبير فأخذ منه حتّى حصل الشكّ في البقاء على الكرية أو كان هنا مثقال ماء فزيد عليه حتّى حصل الشكّ في بلوغه إلى حدّ الكرّ لعدم مساعدة العرف حينئذ في عدّ الموجود في زمان الشكّ عين الموجود في زمان اليقين وبالجملة لا بدّ من ملاحظة موارد حكم العرف بالبقاء والارتفاع في جريان الاستصحاب وعدمه وأمّا الماء المخلوق السّاعة المشكوك الكرية والقلّة فالحقّ عدم جريان استصحاب شيء من الكرية والقلّة فيه لعدم العلم بسبق إحدى الحالتين نعم أصالة عدم تحقق الكرّية في هذا المحلّ يثبت كون الموجود غير كرّ ولا تعارضها أصالة عدم تحقق القلة فيه لعدم كونها عنوانا في الحكم بالنجاسة لترتبها في الأدلّة على عنوان عدم الكرّية لا على عنوان القلة حتّى تعارض أصالة عدمها أصالة عدم الكرّية لأنّ المستفاد من قوله عليهالسلام الماء إذا بلغ قدر كرّ لم ينجسه منطوقا ومفهوما كون المعيار في الانفعال وعدمه هي الكرّية وعدمها دون القلة فمرجع أصالة عدم القلة إلى أصالة عدم عدم الكرية وهو غير مسبوق بالعلم فينحصر الأمر في استصحاب عدم الكرّية ولكنّه إنّما يتم على القول بالأصول المثبتة لأن تطبيق عدم الكلي على الموضوع الخارجي حتّى يصدق أن هذا الماء ليس بكرّ لا يتمّ إلاّ به اللهمّ إلاّ أن يقال بخفاء الواسطة لأنّ الانفعال بالملاقاة وإن ترتب في الأدلة على إثبات كون هذا الماء غير كرّ إلاّ أنّ أهل العرف يزعمون ترتبه على بقاء الموجود السّابق فتأمل ثم إنّه ربّما يتمسّك في مشكوك البقاء على الكرّية أو القلّة بأن أخذ من الكثير شيئا فشيئا إلى أن حصل الشكّ في كرّيته أو زيد على القليل كذلك وكذا في المخلوق السّاعة بأصالة عدم تحقق الجزء الّذي تتحقق به الكرّية في الأوّل والثالث وأصالة عدم أخذ الجزء الّذي يتحقق به الكرّية في الثّاني وفيه أنّ الحكم أعني الانفعال بالملاقاة في الأوّل والثالث وعدم الانفعال بها في الثّاني ليسا مرتبين في الأدلة على عدم الجزء أو أخذ الجزء المذكور بل على نفس الكرية وعدمها وإثباتهما بما ذكر لا يتم إلاّ على القول بالأصول المثبتة فتدبّر(قوله) وقد تقدّم الاستشكال إلخ قد تقدّم هذا الاستشكال مع جوابه في ذيل القول السّابع فراجع ولاحظ ما علقنا على شرح كلامه هناك (قوله) وممّا ذكرنا يظهر فساد ما وقع لبعض المعاصرين إلخ هذا البعض هو الفاضل النّراقي في المناهج وتوضيح المقام أنّ الفاضل المذكور قد قسّم الاستصحاب باعتبار المستصحب إذا كان من الأمور الشّرعية إلى ثلاثة أقسام لأنّه إمّا أن يعلم استمراره أبدا أي يثبت من الشّرع كذلك ولا يعلم له مزيل أو يعلم أن له مزيلا وغاية معينة بأن يعلم ثبوته إلى غاية زمانية أو حالية أو يعلم ثبوته في وقت معيّن في الجملة بأن يعلم أنّ استمراره ليس في أقل من ذلك ولم يعلم استمراره بعده والأولان من قبيل الشكّ في المانع سواء كان الشكّ في عروض المانع أو في مانعية العارض والثّالث من قبيل الشكّ في المقتضي ثم إنّه عند بيان الأقوال اختار القول باعتباره مطلقا ثمّ إنّه في تنبيهات المسألة قد قسّم المتعارضين من الاستصحاب إلى ما كان التعارض فيه في موضوع واحد وما كان في موضوعين مختلفين يستلزم الاستصحاب في أحدهما خلاف حكم الآخر والأوّل إلى ما كان تعارضهما بالنّسبة إلى حكم واحد بأن كان المستصحب في أحدهما حكما وفي الآخر عدم هذا الحكم وما كان تعارضهما بالنسبة إلى حكمين كان أحدهما أو كلاهما ملزوما لخلاف الآخر وأطال الكلام في بيان الأقسام وأمثلتها بما حاصله اختيار تعارض الاستصحابين وتساقطهما فيما كان التعارض في موضوع وحكم واحد كما في تعارض استصحاب الوجود والعدم وفيما كان التعارض في حكمين من موضوع أو موضوعين إذا كان كلّ واحد من الحكمين المستصحبين مزيلا للآخر واختار تقديم استصحاب الحكم المزيل إذا كان أحدهما مزيلا للآخر خاصة وأمّا إذا لم يكن شيء منهما مزيلا للآخر فأخرجهما من المبحث لعدم التخالف بينهما ثمّ أطال في الكلام إلى أن قال اعلم أنّك بعد ما عرفت حال تعارض الاستصحابين وأنّهما يتساقطان لا حجّية لأحدهما إذا وردا على حكم واحد أو حكمين مع ثبوت الرّافعيّة من الجانبين وأنّ الحكم للمزيل مع ثبوت الرّفع من أحدهما يظهر لك حال الاستصحاب في الأقسام الثلاثة المذكورة في المقدّمة الأولى ويعلم أنّه لا حجيّة للاستصحاب في القسم الثالث مطلقا وهو الّذي علم ثبوت الحكم في الجملة أو في حال وشكّ فيما بعده وذلك لأنّه بعد ما علم حكم في وقت أو حال وشكّ فيما بعده وإن كان مقتضى اليقين السّابق واستصحاب ذلك وجوده في الزمان الثّاني أو الحالة الثانية لكن مقتضى استصحاب حال العقل عدمه لأنّ هذا الحكم قبل حدوثه كان معلوم العدم مطلقا علم ارتفاع عدمه في الزّمان الأوّل فيبقى الباقي مثلا إذا علم أن الشّارع أمر بالجلوس في يوم الجمعة وعلم أنّه واجب إلى الزوال ولم يعلم أنّه يجب بعده أيضا فنقول كان عدم التكليف بالجلوس قبل يوم الجمعة وفيه إلى