الأوّل وبالمعنى المشهور على الثّاني بعد ملاحظة ما ذكرناه من أن إثبات مثل هذا بمجرّد الخبر مشكل مع انضمام ظهور الخبر في الاستصحاب بالمعنى الذي اخترناه يصير هذا الفرق قريبا وقوله وأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ قد يقال إلى آخره عطف تفسير لقوله وأن الظّهور في الثاني إلى آخره وأمّا كون إشكال إثبات هذا بمجرد خبر الواحد موجبا للفرق فوجهه أنّ الحكم المستفاد من الاستصحاب مع كون الشبهة في وجود المزيل كما في الوجه الأوّل من المسائل الفرعيّة لكون الشّبهة حينئذ في واقعة شخصية وموضوع الحكم المستفاد من الاستصحاب الجاري في الوقائع الشخصيّة عمل المكلّف فيدخل في المسائل الفرعيّة بخلاف الشّبهة في كون شيء مزيلا مستقلاّ كما في الوجه الثّاني لكون الشبهة حينئذ متعلّقة بأمر كلّي لكون الشبهة حينئذ حكمية لا موضوعيّة وإجراء الاستصحاب في الأحكام الكليّة داخل في المسائل الأصوليّة وحينئذ يمكن إثبات اعتبار الاستصحاب في الأوّل بخبر الواحد لما عرفت من كونه حينئذ فرعيّا بخلاف الثّاني هذا غاية ما يخطر بالبال في توجيه كلامه وتوضيحه وقد ظهر بما ذكرناه هنا وفي الحاشية السّابقة توافق كلامه وأنّ مقصوده هنا بيان جريان الاستصحاب عند الشكّ في وجود الغاية وعدمه عند الشكّ في كون شيء غاية مستقلة وأنّه موافق لما حكاه عنه في شرح الدّروس فلا يرد حينئذ ما توهمه الفاضل النّراقي من كون تصريحه هنا بجريان الاستصحاب مع تعلّق الشكّ بكون شيء غاية مناقضا لما ذكره في شرح الدّروس من منع ذلك فتأمّل (قوله) وفيه نظر إلخ لا يخفى أنّ إنكار وجود قائل بهذا القول لا يناسب عده من جملة أقوال المسألة وجعلها به أحد عشر قولا كما صنعه المصنف رحمهالله عند تعدادها فالأولى ترك هذا القول في جملتها وجعلها عشرة كاملة(قوله) كما أن بيان طهارة الثوب إلخ قال في الحاشية نظير أدلة حلّ الأشياء الواردة في الشبهة الموضوعيّة كما في رواية مسعدة بن صدقة الواردة في الثوب المشتبه بالحرام والمملوك المشتبه بالحرّ والزّوجة المشتبهة بالرّضيعة انتهى (قوله) قدسسره إنّ الحكم الفلاني إلخ لا يخفى أنّ جميع ما ذكره في شرح هذا الكلام متعلق بالاعتراض على المحقّق الخوانساري في تمسّكه بقاعدة الاشتغال والبراءة في إثبات اعتبار الاستصحاب ولكن بقي هنا شيء لم يتعرض له المصنف رحمهالله وهو أنّ ما ذكره المحقّق المذكور من دعوى رجوع الأحكام الوضعيّة إلى الطّلبيّة إنّما هو لتصحيح جريان قاعدة الاشتغال والبراءة فيها لاختصاص موردهما بالأحكام الطّلبيّة وأنت خبير بأن تخصيص مورد الاستصحاب حينئذ بما كان الشكّ في وجود الغاية أو مصاديقها لا يخلو من إشكال لأنّ الحكم الوضعي قد يكون مغيا بغاية دون الطلبي فعلى القول بانتزاعه منه إذا شكّ في وجود غاية الحكم الوضعي لا يمكن استصحابه باعتبار استصحاب الحكم الطّلبي الّذي انتزع منه وذلك مثل ولاية الولي المغياة ببلوغ الصّغير ورشده فإنّها منتزعة من الأحكام الطّلبية المتعلّقة به من جواز تصرّفه في مال الصّغير بالبيع والشّراء مع الغبطة وما يتبع ذلك من جواز تصرّف المشتري فيما اشتراه من الولي ونحو ذلك فإذا باع الولي أو اشترى من ماله جاز التصرّف فيه لمن انتقل إليه ولا ريب أن هذا الجواز غير مغيا بشيء سوى الأسباب الموظفة من الشّارع للنقل والانتقال مثلا وليس بلوغ الصّغير منها نعم جواز تصرّفه فيه بالبيع والشّراء مثلا ابتداء مغيا بذلك وأمّا بعد البيع والشّراء فجواز التّصرف فيه لمن انتقل إليه غير مغيا بذلك وكذا وجوب الوفاء بالعقود الصّادرة عنه وهكذا مع كون الولاية عبارة عن هذه الأحكام الطّلبية وكذا الحال في الوكالة ونحوها اللهمّ إلاّ أن يقال إن غرضه من إرجاع الوضعيّة إلى الطّلبيّة إنّما هو بيان الواقع والإشارة إلى ما هو الحقّ عنده لا لتصحيح جريان قاعدتي الاشتغال والبراءة في الوضعيات ثمّ إنّه على تقدير التسليم فلا معنى للاكتفاء بالظنّ في الخروج من عهدة التّكليف المعلوم لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية إلاّ على القول بالظنون المطلقة والمحقّق المذكور لا يقول بها سيّما في الموضوعات الخارجة الّتي لا يقول بها فيها أصحاب هذا القول أيضا اللهمّ إلاّ يريد بالظن ما كان معتبرا شرعا بأن كان من الظنون الخاصّة كما يظهر من بعض كلماته (قوله) يتصوّر على وجهين إلخ اعلم أنّ المصنف رحمهالله قد أهمل بعض الوجوه المتصوّرة في المقام لأن الغاية إمّا أن تكون غاية للفعل المكلّف به خاصّة أو للحكم خاصة وعلى الأوّل إمّا أن يكون الفعل المغيا مضيقا أو موسّعا وعلى الأوّل إمّا أن يلاحظ الفعل إلى الغاية موضوعا واحدا وإمّا أن يلاحظ في كل زمان يسعه موضوعا مستقلا وعلى التقادير إمّا أن يكون الفعل المغيا مطلوب الفعل أو الترك وإمّا أن يكون مباحا والمصنف رحمهالله قد أشار إلى جميع هذه الوجوه ما عدا صورة كون الغاية قيدا للحكم وصورة التوسعة ولعل الوجه فيه ظهور حكمهما مما ذكره فتدبّر(قوله) معارض بوجوب الاحتياط إلخ ربّما تمنع المعارضة لأن ثبوت التّكليف بما بعد الغاية مشروط بوصول زمان الغاية لعدم صحّة التّكليف قبل زمان الفعل فمع الشكّ في وجود الغاية لا يحصل العلم بشرط التّكليف الثابت فيما بعد الغاية حتّى تجري فيه قاعدة الاشتغال نعم قد يمنع عدم صحة التّكليف قبل زمان الفعل كيف لا والواجب المعلّق من قبيل ذلك لأنّ الفرق بينه وبين الواجب المشروط فيما كان الزمان شرطا هو كون الزّمان على الأوّل ظرفا للفعل مع تنجز التّكليف به قبله مثل أن تقول أوجبت عليك الآن أن تصوم غدا وعلى الثاني شرطا للتكليف مثل الفرائض اليوميّة المشروط وجوبها بدخول أوقاتها ولكنا قد قرّرنا في مبحث المقدّمة ضعف ذلك نعم قد ذكرنا هناك أن العقل قد يستقل بوجوب تحصيل المقدمات الوجوديّة للواجب المشروط قبل تحقق شرطه إمّا لعدم إمكان تحصيلها بعده كتحصيل الزّاد والرّاحلة للحج أو لكونه مضيقا كما في صوم شهر رمضان أو نحو ذلك ونقول فيما نحن فيه أيضا إنّه يجب الخروج في زمان الشكّ مقدّمة لتحصيل العلم بامتثال الأمر بالخروج بعد الغاية(قوله) فلا بدّ من الرّجوع في وجوب إلخ الظّاهر أنّ المقصود هو الحكم بتعين الرّجوع بعد تعارض قاعدة الاشتغال من الطرفين إلى أصول أخر على اختلاف مذاقهم في جريان هذه الأصول وليس في كلامه دلالة على صحّة التمسّك بها وإلاّ يمكن منع جريان بعضها لأنّ أصالة عدم الخروج من عهدة التّكليف مع الشكّ في وجود الغاية غير جارية لأنّها إن كانت مع استصحاب عدم الغاية يرد عليه أنّ وجود المغيا من آثار عدم تحقق الغاية فلا وجه لاستصحاب الحكم مع استصحاب موضوعه وإن كانت بدونه يرد عليه منع جريان الاستصحاب مع الشكّ في بقاء موضوعه وكذا أصالة عدم حدوث التّكليف لا تثبت بقاء التّكليف فيما قبل الغاية إلاّ على القول بالأصول المثبتة(قوله) كما هو الظّاهر إلخ