فيه إجمالا فإذا ثبت الحكم على هذا الموضوع في زمان فالشكّ في ثبوته في الزّمان الثّاني لا يعقل إلاّ من جهة الشكّ في بعض قيود موضوعه إذ مع العلم بالموضوع بجميع قيوده لا يعقل الشكّ في ثبوت حكمه وإلاّ لزم تخلف العلّة عن معلولها وهو خلف ومن هنا يظهر أنا لو فرضنا اعتبار قيد في الحكم دون موضوعه في الأدلّة مثل ما لو قال الشّارع الماء نجس إذا تغير فلا بد من إرجاعه أيضا إلى قيود الموضوع إذ بعد اعتبار كون الموضوع علّة للحكم المرتب عليه فإن كان الموضوع غير مقيّد بما قيد حكمه به لزم كون العلّة مقتضية لمعلوله مطلقا ومعلوله مختصّا ببعض الأحوال وهو محال لاستلزامه تخلف العلّة عن معلوله في غير محلّ القيد وهو باطل بالضرورة ومن هذا التقرير يظهر عدم اختصاص الشبهة بما كان الموضوع فيه فعل المكلّف لوضوح سريانها إلى سائر الموارد أيضا حتّى مثل استصحاب حياة زيد لأنّ الموضوع فيه هو الشّخص الحي والمستصحب حصوله ووجوده بالمعنى المصدري كما سيجيء عند بيان اشتراط العلم ببقاء الموضوع في جريان الاستصحاب فالموضوع فيه أيضا لا بد أن يكون علّة لعروض المستصحب عليه بتقريب ما عرفت وكذا الأمر في استصحاب الرّطوبة واليبوسة وهكذا وبالجملة إنّ المستصحب في جميع الموارد عارض ومحمول على موضوعه والموضوع علّة لثبوته فلا يعقل التفصيل بحسب الموارد فهذه الشّبهة في الحقيقة من أدلّة القول بالنّفي مطلقا لا القول بالتفصيل بين الأحكام التكليفيّة وغيرها ولكنّك خبير بما فيها لأنّه مع قطع النّظر عمّا أجاب به عنها المصنف رحمهالله يمكن منع كون الشكّ في بقاء الحكم دائما ناشئا من الشكّ في بعض قيود موضوعه لوضوح عدم كون عدم المانع ابتداء أو استدامة داخلا في الموضوع لأنّه من قيود ثبوت المحمول على موضوعه في كل زمان فالموضوع عند العقل هو المقتضي للحكم دون علته التّامة وقياس ما نحن فيه على الأحكام العقليّة فاسد جدّا لأنّ عدم جريان الاستصحاب فيها إنّما هو من جهة أن حكم العقل بشيء لا يعقل إلاّ بعد إحراز علّته التّامّة فلا يحصل الشكّ في حكمه في آن حتّى يجري فيه الاستصحاب كما سيجيء في التنبيهات والعلّة التّامّة غير معلومة غالبا في الأحكام الشّرعيّة وقد عرفت عدم ملازمة وجود الموضوع لوجود العلّة التّامّة حتّى يقال إنّ العلم ببقائه كما هو الشّرط في جريان الاستصحاب مستلزم للعلم بالعلّة التّامّة (قوله) خصوصا إذا استند فيه إلخ ظاهره أنّ المدار في باب الاستصحاب على الصّدق العرفي في البقاء والارتفاع حتّى على القول باعتباره من باب الظنّ وقد يناقش فيه بأنّ المدار على هذا القول على حصول الظنّ سواء صدق معه البقاء عرفا أم لا ولا ملازمة بينهما كيف لا واعتبار الصّدق العرفي يتمّ إنّما على القول باعتبار الاستصحاب من باب الأخبار لكون المدار في العمل بها على مصاديقها العرفية ولا دليل عليه على تقدير اعتباره من باب الظنّ وأنت خبير بأن هذا الكلام وإن كان متجها إلاّ أنّ الظّاهر أن مقصود المصنف رحمهالله التنبيه على أنّ ظاهر العلماء مع قولهم باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ واشتراطهم للعلم ببقاء الموضوع هو الاكتفاء في بقائه بالقضايا العرفيّة كما يرشد إليه ما ذكره المصنف رحمهالله من مثال استصحاب وجوب التّمام ووجوب العبادة ووجود الكرّ لأنّهم قد تمسّكوا فيها بالاستصحاب مع كون الموضوع فيها مشكوك البقاء بحسب المداقة بل ومع العلم بعدم بقائه في الواقع في بعضها(قوله) فالظّاهر حكمهم إلخ فيكون الموضوع حينئذ في نظر أهل العرف هو فعل المكلّف من حيث هو لا من حيث تقيده بزمان خاص (قوله) دفع في الحقيقة إلخ بل لا دفع في الحقيقة أيضا لأنّ النّسخ كاشف عن عدم مطلوبيّة الفعل بعد زمان النّسخ وعدم وجود المصلحة فيه بعده نظير التّخصيص بحسب الأفراد والدّفع إنّما يصدق مع وجود المقتضي للحكم لا مع عدمه (قوله) وفي الأمور التدريجيّة إلخ كالزمان والزّمانيات مثل التّكلم ونحوه (قوله) وفي وجوب النّاقص إلخ كاستحباب وجوب باقي أجزاء المركّب بعد تعذر بعضها فإنّ المقصود منه إثبات الوجوب النّفسي لباقي الأجزاء بعد تعذّر بعضها مع أنّ الوجوب النفسي كان متعلقا في حال تيسر الكل بالكل لا ببعضها والفرض انتفاؤه بتعذر بعض أجزائه فاستصحاب الوجوب النّفسي لا يتم إلاّ بالمسامحة العرفيّة بدعوى كون الأجزاء الباقية هو ما كان واجبا في الزمان السّابق ويحتمل أن تكون المسامحة في المستصحب دون موضوعه بأن يدعى كون الوجوب المتعلق بالأجزاء في زمان تيسر الكلّ هو الوجوب الّذي أريد إثباته في زمان الشكّ ومرجعه إلى المسامحة في دعوى كون الوجوب الغيري هو الوجوب النّفسي في نظر أهل العرف لعدم التفاتهم إلى جهة اختلافهما وغفلتهم عن مغايرة المطلوبيّة للغير للمطلوبيّة النّفسيّة وقد أشار المصنف ره إلى الوجهين في مسألة البراءة(قوله) كما ستعرف في كلام الشّهيد إلخ قد أسلفنا شطرا من كلماتهم ممّا يشهد بذلك عند شرح ما يتعلق بتحرير محلّ النّزاع من حيث اختصاصه باستصحاب حال الإجماع وعدمه فراجع (قوله) إلاّ أنّ الّذي يظهر بالتدبّر إلخ لا يخفى أنّ ما استظهره المصنف رحمهالله من كلام الغزالي من كونه نافيا مطلقا وإن كان متجها بناء على التأمّل في كلامه المحكي في النهاية إلاّ أنّ محمّد بن علي بن أحمد الحرفوشي العاملي قد حكى في شرحه على قواعد الشّهيد عن الغزالي في كتابه المستصفى التصريح بالتّفصيل بين استصحاب حال الإجماع وغيره لأنّ الشّهيد قد قسم الاستصحاب إلى استصحاب النّفي واستصحاب حكم العموم إلى ورود مخصّص وحكم النّص إلى ورود ناسخ واستصحاب حكم ما ثبت شرعا كالملك عند وجود سببه إلى أن يثبت رافعه واستصحاب حكم الإجماع في موضع النّزاع قال الفاضل الحرفوشي عند بيان القسم الرّابع حاصله أن يتفق حكم فيتغيّر الحال ويقع الاختلاف فيستدلّ من يعتبر باستصحاب الحال إلى أن قال اعلم أنّ الغزالي والأكثر ذهبوا إلى أنّ الاستصحاب في محلّ النّزاع ليس بحجّة وحكى عن بعض الشافعي وذهب أبو بكر الصّيرفي وغيره من الشافعيّة إلى أنّه حجّة وهو اختيار الآمدي وابن الحاجب ومن أطلق منهم القول بأنّه ليس بحجّة كإمام الحرمين فزادهم به هذا النّوع الرّابع لأنّ الغزالي يوافقهم على عدم القول به وقد صرّح في المستصفي بأن الأنواع الثلاثة الأوّل متفق على القول بها فتأمّل انتهى وقال بعض الشافعيّة في شرح منظومته بعد بيان أقسام الاستصحاب واعتبارها ويخرج من هذا استصحاب حال الإجماع في محلّ الخلاف وهو أن يحصل الإجماع على حكم في الحال فتتغيّر تلك الحال ويقع الخلاف فلا تستصحب حال الإجماع في محلّ الخلاف كقول الشافعيّة في الخارج من غير السّبيلين الإجماع على أنّه قبله متطهر والأصل البقاء حتّى يثبت معارض والأصل عدمه هذا قول أكثر أصحابنا منهم الغزالي خلافا لما نقل عنه من الحاجب وذهب الأقلون منهم المزني وأبو ثور والصّيرفي وابن شريح وابن