ونحوه الكلام في حصول الجنابة بالدّخول والإدخال وكذا ينتقل إليه مال مورثه بالموت وإن لم يشعر بموته وينعتق عليه من ينعتق بالملك إن كان في تركته من هو كذلك وهكذا وممّا يتفرع على عدم اشتراطها بالشّروط المذكورة عدم صحّة التمسّك بلزوم التكليف بما لا يطلق في نفيها كما يصحّ التمسّك به في نفي الأحكام التّكليفية وممّا يتفرع على القولين أيضا جريان الأصول فيها على الأوّل وعدمه على الثّاني لأنّا إن قلنا بالأوّل أمكن إثباتها ونفيها بالاستصحاب وإن قلنا بالثاني يكون مجراه الأحكام الطلبيّة الّتي انتزعت الوضعيّة منها دونها لفرض كونها حينئذ أمورا اعتبارية والأصل فيها على الأوّل يكون حاكمة على قاعدة الاشتغال والبراءة في موارد اجتماعه مع إحداها وهي كثيرة منها ما لو شكّ في جزئية شيء وشرطيته في العبادات وقلنا بوجوب الاحتياط عند الشكّ فيهما كما هو مذهب جماعة فإذا شكّ في جزئيّة السّورة كانت أصالة عدم الجزئيّة حاكمة على قاعدة الاشتغال لأن تردد المكلّف به بين ذات الأجزاء العشرة والتسعة مسبّب عن الشكّ في جزئيّة السّورة وعدمها لكنّه إنّما يتمّ على القول بالأصول المثبتة لأنّ أصالة عدم جزئيّة السّورة لا تعين ماهية الصّلاة فيما عداها من الأجزاء ومن هنا قد احتاط صاحب الفصول في مثل المقام ويمكن دفعه بأنّ إثبات عدم وجوب الاحتياط لا ينحصر في إثبات حصر الماهية في المأتي به لأنّ المحرك لحكم العقل بوجوب الاحتياط هو عدم الائتمان من العقاب من جهة ترك المشكوك فيه فإذا ثبت بالأصل عدم جزئيّة المشكوك فيه حصل الائتمان المذكور للقطع بعدم العقاب من جهة أخرى نظير ما ذكرناه في نفي الجزئيّة على المختار من كون الشكّ في الأجزاء والشّرائط موردا لأصالة البراءة إذ لا ريب في عدم دلالتها أيضا على حصر الماهية فيما عدا المشكوك فيه إلاّ على القول بالأصول المثبتة هذا بخلاف ما لو قلنا بكون أحكام الوضع منتزعة من الأحكام الطلبيّة لكون الشكّ في جزئيّة السّورة حينئذ راجعا إلى الشّكّ في وجوبها الغيري لكون الجزئيّة منتزعة منه وحينئذ ينعكس الأمر فتكون قاعدة الاشتغال حاكمة على أصالة عدم وجوبها الغيري لأنّ الشكّ في وجوبها الغيري ناش من الشكّ في تركب الماهية من عشرة أجزاء أو تسعة فإذا ثبت وجوب الإتيان بتمام العشرة بقاعدة الاشتغال ثبت وجوبها الغيري وارتفع الشكّ عنه ومنها أنّ المحقّق الخوانساري كما سيجيء عند بيان قوله قد نقل عن القائل بعدم كفاية الحجر ذي الشّعب الثلاث في الاستنجاء التمسّك باستصحاب بقاء النجاسة إلى أن يعلم بطرو مطهّر شرعيّ وبدون الأحجار الثلاثة والماء لا يعلم ذلك وحينئذ إن قلنا بكون النجاسة أمرا شرعيّا مجعولا من قبل الشّارع فاستصحابها يكون حاكما على أصالة البراءة عن وجوب الاستنجاء بأكثر من حجر ذي شعب ثلاث بناء على كون المقام من مواردها نظرا إلى دوران الأمر بين الأكثر والأقلّ الاستقلاليّين لكون الشكّ في وجوب الزّائد مسبّبا عن الشكّ في زوال النجاسة بذي الشعب الثلاث وأمّا إذا قلنا بكون النّجاسة أمرا اعتباريا منتزعا من حكم طلبي أعني وجوب الهجر عن أمور مخصوصة في الصّلاة والأكل والشرب مثلا فتبقى أصالة البراءة حينئذ سليمة من المعارض فإنّ القدر المتيقن من التكليف على ما حققه المحقق المذكور كما سيجيء هو وجوب الاستنجاء بالحجر ذي الشّعب الثلاث أو بثلاثة أحجار وترتب العقاب على تركهما معا وأمّا تعين الثّلاث بالخصوص فمدفوع بالأصل السّالم من المعارض وكذا لو تردّد زوال النّجاسة في غير البول بالغسل مرّة أو مرّتين وفي ولوغ الكلب بثلاث غسلات أو سبع إذ لو قلنا بكون النجاسة أمرا شرعيّا فاستصحابها يقتضي المرّتين والسّبع وإن قلنا بكونها أمرا اعتباريّا تبقى أصالة البراءة عن الزائد سليمة من المعارض إلى غير ذلك من الموارد غير الخفيّة على المتتبع في الفقه (قوله) إنّ المشهور كما في شرح الزّبدة إلخ ببالي أنه في شرح الزبدة للفاضل الجواد وكيف كان فقد نسب في الإشارات والمناهج أيضا القول بالجعل إلى المشهور(قوله) أقول لو فرض نفسه إلخ لا يذهب عليك أن ما ذكره المصنف رحمهالله إلى هنا متعلق بتصوير القول بكون أحكام الوضع اعتبارية منتزعة من الأحكام الطلبيّة مع الإشارة إلى جملة من أدلّة مدعي الجعل وتضعيفها وما ذكره بعده توضيح لدليل القول المختار وأقول في توضيح جميع ما ذكره إنهم قد احتجوا للقول بالجعل بوجوه أحدها ما نقله المصنف رحمهالله عن بعض الغافلين من تخلف الوضعي عن التكليفي في بعض الموارد إذ لو كان الوضعي منتزعا منه لم يمكن التخلف عنه وجوابه واضح ممّا ذكره المصنف رحمهالله وسنشير إلى زيادة توضيح له وثانيها ما نقله المصنف رحمهالله أيضا عن المحقّق الكاظمي رحمهالله بقوله والعجب ممّن ادعى إلى آخره من دعوى البديهة والوجدان والجواب عنه أيضا واضح ممّا ذكره وثالثا أنّ كثيرا من الخطابات ظاهر في الوضع خاصة فلا دليل على صرفه عن ظاهره مثل قوله عليهالسلام لا صلاة إلاّ بطهور ولا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب والماء كلّه طاهر وهكذا وفيه مع تسليم ظهور هذه الأخبار في إنشاء الشرطيّة والجزئيّة والطّهارة لا إخبارا عن كون الأمر بالصّلاة متعلقا بالمركب والمقيد وعن صفة الطهارة في الماء بناء على كون الطهارة صفة واقعيّة لا مجعولة كما ستعرفه أنّ الدّليل ما ستعرفه من عدم تعقل جعل أحكام الوضع وأمّا دليل القول بالانتزاع فوجوه مستفادة من كلام المصنف رحمهالله أحدها أنّه خلاف الوجدان بالتقريب الّذي ذكره وحاصله أنّه لا ريب أنّ خطابات الشّارع منزلة على الخطابات العرفية في كيفية استفادة ما يستفاد منها لكون النّبي صلىاللهعليهوآله مرسلا بلسان قومه وأظهر ما يستفاد منه الحكم الوضعي من الخطابات هي الجملات الشرطيّة الّتي تفيد سببيّة الشّرط للجزاء ولا ريب أن المولى إذا قال لعبده أكرم زيدا إن جاءك لا يفهم منه إلاّ إيجاب الإكرام عند تحقق المجيء لا إنشاء الوجوب والسّببيّة معا بإنشاءين مختلفين أو بإنشاء واحد وكذا إذا أمر بمركب فليس هنا إلاّ إنشاء الوجوب المتعلق بالمركب وعلى الخصم أن يقول إنّه متضمّن لإنشاءات أحدها إنشاء الوجوب والآخر إنشاء جزئيّة الجزء والثالث إنشاء كليّة الكلّ وهو مع ما عرفت من مخالفته للوجدان أنّي لم أر من عدّ الكليّة من أحكام الوضع وليس ذلك إلاّ لكون كليّة الكلّ كجزئية الجزء منتزعتين من الأمر بالمركّب وثانيها أنّه قد اشتهر في ألسنة الفقهاء سببيّة الدلوك ومانعية الحيض ولم يرد فيهما إلا خطاب متضمن للحكم التكليفي خاصة وهذا دليل الانتزاع إذ لا دليل على الجعل مع عدم دلالة الدّليل عليه وتصريحهم مع ذلك بالسّببيّة والمانعيّة دليل على كون الوضعي منتزعا من التكليفي عندهم وثالثها عدم تعقل كونها مجعولة وهو يقرّر بوجهين أحدهما ما ذكره المصنف رحمهالله من أنا لا نتعقل من سببيّة الدّلوك مثلا إلاّ إنشاء وجوب الصّلاة عنده لا أن يكون ذلك صفة زائدة فيه تقتضي إنشاء الوجوب عنده لأنّه إن أريد بها صفة ذاتية فيه فهو مع بطلانه مناف للقول بالجعل وإن أريد بها صفة أوجدها الشّارع