لانجبار هذا الضّرر بثبوت الخيار لهما في الزمان الأوّل إلاّ أنّ الموضوع في نظر أهل العرف هو المغبون والشريك الّذي باع صاحبه حصّته من المال المشترك فيه وهو باق إلى زمان الشكّ (قوله) مختصّة بموارد إلخ لاستقلال العقل بعدم التهلكة الأخرويّة في موارد الشبهات البدويّة وحاصل ما ذكره في مسألة البراءة أن أخبار الاحتياط إنّما تدلّ على وجوب الاجتناب في موارد تحقق احتمال التهلكة وأخبار البراءة أيضا إنّما تدلّ على نفي التكليف مع عدم وصول البيان إلى المكلّف وأخبار الاحتياط حاكمة عليها لكونها بيانا إجماليّا في موارد الشّبهة نعم إنّ العقل من أدلة أصالة البراءة حاكم عليها في الشبهات البدويّة لاستقلاله بقبح العقاب بلا بيان فلا احتمال للعقاب فيها حينئذ حتّى تكون مجرى لأخبار الاحتياط فتختصّ موردها بموارد العلم الإجمالي الّتي لا مسرح لحكم العقل فيها ثم أشار مع تسليمه إلى دعوى حكومة أخبار الاستصحاب على الأخبار المذكورة مطلقا حتّى في موارد العلم الإجمالي لارتفاع احتمال التهلكة بالاستصحاب لكونه من جملة الأدلّة الشّرعيّة بالفرض (قوله) تظهر مع جوابها إلخ لأنّ الظاهر أنّ حجّة القول المذكور هي الأخبار بدعوى اختصاص مواردها بالأحكام الجزئية نظير ما توهمه الأمين الأسترآبادي من اختصاص مواردها بغير الأحكام الكلّية مضافا في الموضوعات الخارجة إلى عدم كون بيانها من وظيفة الشارع كما تقدم عند بيان حجّة القول الرّابع والجواب عنها واضح بعد ما أوردناه على حجّة القول السّابق المحكية عن الفصول المهمة مضافا إلى ما ظهر ممّا أورده المصنف رحمهالله على الأمين الأسترآبادي من النقض بناء على كون منشإ عدم شمول الأخبار للأحكام الكلية هو كون مرجع الاستصحاب فيها إلى إسراء حكم موضوع إلى موضوع آخر كما ذكره الأمين الأسترآبادي وإلى ما أورده على حجيّة القول الرّابع (قوله) وإن لم يلزم ممّا حقّقه إلخ قد أوضحه المصنف رحمهالله عند بيان محلّ النّزاع وحاصله أن ما ذكره تفصيل بين الأحكام التّكليفيّة والوضعيّة وبين متعلقات الأحكام الوضعيّة هو السّبب والشرط والمانع بل ما ذكره عند التحقيق ليس قولا بالتفصيل بل قول باعتبار الاستصحاب مطلقا لأنّه إنّما منعه في الموارد الّتي منعه فيها بزعم عموم دليل الحالة السّابقة للحالة اللاّحقة لا من جهة عدم اعتبار الاستصحاب من حيث هو وهذا ليس قولا بالتفصيل لأنّه إنّما يتحقق مع قوله بعدم اعتباره في بعض الموارد مع فرض كونه موردا له كما هو واضح (قوله) وهي الواجب والمندوب إلخ فيه مسامحة لأنّ الحكم الشّرعي هو الوجوب والندب وأمّا الواجب والمندوب فهما من أفعال المكلفين الّتي هي موضوعات لها وهذه المسامحة نظير المسامحة في إطلاق الأحكام الوضعيّة على الأسباب والشّروط والموانع (قوله) اشتباه غير خفي على المتأمّل إلخ هذا مبني على القول بكون الأمر الفوري من قبيل تعدّد المطلوب نظير الحج فيجب الإتيان بالمأمور به في الزّمان الثّاني على تقدير المخالفة والإخلال به في الزمان الأوّل وهكذا قوله والتخييري أيضا كذلك يعني لا بدّ أن ينظر في دليله المثبت له (قوله) فينبغي أن ينظر إلخ حاصله أنّ السّبب على أقسام لأنّه إمّا أن يقتضي وقوع مسبّبه مطلقا أو في وقت معيّن وعلى الثّاني فإمّا أن لا يكون ظرفا لمسبّبه وإمّا أن يكون ظرفا له أيضا والأمثلة واضحة ممّا ذكره (قوله) ففيه أنّ المنع المذكور إلخ حاصله أن صدر كلامه وذيله مختلفا المؤدّى فمقتضى صدره كونه مفصّلا بين الأحكام الوضعيّة وغيرها بالتسليم في الأولى دون غيرها ومقتضى ذيله كونه مفصّلا بين متعلقات الأحكام الوضعيّة أعني الأسباب والشّروط والموانع وبين مطلق الأحكام وغيرها بالتسليم في الأولى دون غيرها ومنع إضرار عدم دخول خطاب الوضع في الحكم الشّرعي إنّما يسلم على الثّاني دون الأوّل إذ عليه لا معنى للتفصيل وهو واضح ولا يخفى أنّه لا وقع لهذا الإيراد إذ غير خفي على أحد أن آخر كلامه قرينة للمسامحة في أوّل كلامه في إطلاق الأحكام الوضعيّة على متعلقاتها كما نبّه عليه عند بيان محلّ النّزاع نظير مسامحته في تفسير الحكم بالواجب والحرام كما نبّهنا عليه سابقا (قوله) ثمّ إنّه لا بأس بصرف الكلام إلخ اعلم أنّ المراد بالحكم الوضعي ما اخترعه الشّارع ولم يكن من قبيل الاقتضاء والتخيير واختلفوا على القول بكونه مجعولا في عدده على أقوال قد نقل أكثرها الفاضل الكلباسي في إشاراته فقيل إنّه ثلاثة الشّرط والسّبب والمانع وهو محكي عن العلاّمة والسّبوري وغيرهما وذكر الشّيخ صلاح الدّين العلائي من العامة أنّ كونها من خطاب الوضع مشهور بل منهم من ادعى الاتفاق عليه وزاد آخر الرّخصة عليها كما عن الحاجي والعضدي وفي الإشارات ويؤذن كلامهما بكون الصّحة والبطلان في المعاملات منها يعني من أحكام الوضع أقول قد حكى بعض الشافعيّة عن بعض شرّاح شرح المختصر التصريح به بمعنى التصريح بكونهما عقليين في العبادات وشرعيّين في المعاملات وقيل بالتفرقة بين تفسيريهما في العبادات والمحصّل أنّ في الصّحة والبطلان أقوالا أربعة ثالثها ورابعها التفصيلان المذكوران وزاد ثالث العلامة والعلّة وحكي عن الشّهيد الثّاني إلاّ أنّه احتمل ردّ العلّة إلى السّبب والعلامة إليه وإلى الشّرط وزاد رابع العزيمة كما عن الآمدي فأحكام الوضع عنده سبعة الشّرط والسّبب والمانع والصّحة والفساد والرّخصة والعزيمة وزاد خامس التقديرات والحجاج حكاها صلاح الدّين عن القرافي قال في محكي كلامه فالأوّل إعطاء الموجود حكم المعدوم كالماء الّذي يخاف المريض من استعماله فوات عضو ونحوه فيتيمم مع وجوده جنبا وإعطاء المعدوم حكم الموجود كالمقتول تورث عنه الدّية وإنّما تجب بموته ولا تورث عنه إلاّ إذا دخلت في ملكه فيقدر دخولها قبل موتها والثّاني وهو الحجاج ما يستند إليه القضاة في الأحكام من بيّنة وإقرار ونحو ذلك من الحجج قال وهي في الحقيقة راجعة إلى السّبب فليست أقساما أخرى انتهى وبدّل بعض منّا الحجّة بالأجزاء وعدّ العلاّمة الطباطبائي في فوائده من أحكام الوضع الحكم بكونه جزءا أو خارجا والحكم بأنّ اللّفظ موضوع لمعناه المعيّن شرعا وآخر كون الإجماع حجّة ولكن بعضها ممّا لا يختلف حقيقة فلا ينبغي ذكره على حدة كالحجّة كما بيّنه في الإشارات وقال العلاّمة الطباطبائي في فوائده بعد ما تقدم ولا يختص بالخمسة المذكورة أولا وإن أوهمه بعض عبارات القوم بل كلما استند إلى الشّرع وكان غير الاقتضاء والتخيير فهو حكم وضعي انتهى وهو الحقّ الّذي لا محيص عنه على القول بكون أحكام الوضع مجعولة ثمّ إنّ الشّهيد الثّاني قد ذكر في تمهيده أقسام خطاب التكليف والوضع من حيث تضمن الخطاب لأحدهما أو كليهما ولا يهمنا إيرادها في المقام إذ المهمّ بيان الثمرة في كون أحكام الوضع مجعولة أو منتزعة من التّكليفية فنقول إنّه يتفرّع على الأوّل عدم اشتراط ثبوتها بما يشترط ثبوت التكليفيّة به من البلوغ والعلم والقدرة والعقل فيثبت الضمان على الصّبي والمجنون فعلا بالإتلاف وإن كان المكلّف بالأداء فعلا هو الولي بل الصّبي أيضا معلقا على حصول شرائط التكليف إن كان مميّزا يصح توجيه الخطاب إليه وإلا فالخطاب المعلق الواقعي في حقه كالمجنون والنّائم يكون شأنيا محضا