بين كونها بولا أو مذيا فهو غير مسبوق بالحالة السّابقة وإن أريد بها عدم عروض الرّافع مطلقا للممنوع منه فهو لا يثبت عدم رافعيّة الموجود إلاّ على القول بالأصول المثبتة نعم لو كانت الشبهة حكميّة كما لو شكّ في رافعيّة المذي يمكن أن يقال إنّ المراد بأصالة عدم الرّافع حينئذ أصالة عدم جعل الشّارع للمذي رافعا(قوله) إنّ المراد من الإبقاء إلخ فإن قلت على هذا المعنى يلزم الإضمار بخلاف ما لو اختصت الأخبار بالأحكام الشّرعيّة لأنّ المراد بالإبقاء حينئذ هو جعل الوجود الثّاني للحكم في زمان الشكّ والتخصيص أولى من الإضمار مع أنّها على تقدير شمولها للأمور الخارجة يلزم استعمال اللفظ في معنيين أعني ترتيب الآثار الشرعيّة بالنسبة إلى الأمور الخارجة وجعل الوجود الثّاني بالنسبة إلى الأحكام قلت نمنع الإضمار وكذا لزوم استعمال اللّفظ في معنيين لأنّ المراد باليقين كما أشار إليه المصنف رحمهالله سابقا هو المتيقن الشّامل للأحكام الكليّة والموضوعات الخارجة والمراد بإبقائه معنى عامّ من باب عموم المجاز شامل لكلّ منهما وبقاء الأحكام إنّما هو باعتبار ثبوت الوجود الثّاني لها في زمان الشكّ وبقاء الأمور الخارجة باعتبار ثبوت آثارها الشّرعيّة في ذلك الزمان وقد أريد هذا المعنى العام من لفظ البقاء فتدبر (قوله) لا تظهر له فائدة إلخ يرد عليه أوّلا أنّ الثمرة تظهر في تعارض الاستصحاب الحكمي مع الموضوعي فإن قلنا بجريانه في الأمور الخارجة يقدم الثّاني على الأوّل كما سيجيء عند بيان تعارض الاستصحابين من تقدّم الموضوعي منه على الحكمي بخلاف ما لو لم نقل بجريانه فيها وثانيا أن قول المفصل وهذا ما يقال إلى آخره وإن اقتضى اختصاص مورد كلامه بالأمور الخارجة إلاّ أنّ الظّاهر أنّه كما لا يقول بجريان الاستصحاب فيها كذلك لا يقول بجريانه في الآثار الشرعيّة المرتبة عليها كما يرشد إليه عموم دليله وكذا قوله وإن كان يمكن أن يصير منشأ لحكم شرعي لأنّ الظّاهر أنّه إشارة إلى منع كون الأمور الخارجة موردا للاستصحاب لا بحسب ذاتها ولا بحسب آثارها وثالثا مع التسليم أنّه قد يمكن استصحاب الموضوع ولا يصحّ استصحاب الحكم المرتب عليه كما في شهر رمضان بناء على كون كلّ يوم منه تكليفا مستقلا إذ يمكن استصحاب بقاء شهر رمضان على القول بجريانه في الأمور الخارجة ولا يصح استصحاب وجوب الصّوم في يوم الشكّ لكون الشكّ فيه بدويا موردا لأصالة البراءة دون الاستصحاب (قوله) نعم قد يحتاج إجراء إلخ توضيحه أنّ آثار الموضوع الخارجي منها ما يشارك معه في الوجود في زمان اليقين به ومنها ما لا يشاركه كذلك إمّا لوجود مانع من ترتبه عليه فعلا في ذلك الزّمان أو لفقد شرط ترتبه عليه كذلك إذ عدم ترتب الآثار الشّرعيّة لموضوعاتها الخارجة فعلا لا يخلو من أحد الوجهين ولكن يصدق حينئذ أنّه إن فقد المانع أو وجد الشّرط ترتبت عليها فيكون لها في زمان اليقين بموضوعاتها شأنيّة التّرتب والملازمة بينهما وإذا فرض فقد المانع أو وجود الشّرط وشك في ترتب الحكم على موضوعه من جهة الشكّ في بقاء الموضوع تستصحب الملازمة الشأنية الثّابتة في زمان اليقين بوجود الموضوع وهذا هو معنى الاستصحاب التّعليقي ومرجعه إلى استصحاب الملازمة المعلّقة على فقد المانع أو وجود الشّرط إلى زمان الشّكّ في وجود الموضوع وذلك مثل ما لو رأت المرأة الدّم في أوّل وقت الفريضة وتردّد دمها بين الحيض والاستحاضة فيقال إنّه قد جاز لها الدّخول في الفريضة قبل رؤية الدّم إلا أنّ فقد الشّرط وهو دخول الوقت قد منع من ثبوت هذا الحكم لها قبل الرّؤية لكن مع تحقّق الشرط يشك في ترتّب هذا الحكم عليها من جهة الشكّ في بقاء الموضوع على الصّفة الّتي كان معها موضوعا له وهي صفة الخلو من الحيض فتستصحب الملازمة الثابتة قبل الرّؤية إلى ما بعدها كما يظهر من صاحب الرّياض وكذا استصحاب الحرمة في ماء الزبيب إذا غلى وذهب ثلثاه فيقال إنّ ماء العنب كان حراما على تقدير غليانه فالحرمة ثابتة له على تقدير الغليان فإذا جفّ العنب وصار زبيبا وشكّ في حرمة مائه بعد الغليان من جهة الشكّ في بقاء موضوع الحرمة لاحتمال كون موضوعها العنب بحيث يكون لهذا الوصف العنواني مدخل في ثبوت حكمه لا ما يعمّ الزّبيب تستصحب الحرمة الثابتة لماء العنب على تقدير الغليان إلى ماء الزّبيب كما حكي عن بعضهم ومن التّأمّل فيما ذكرناه تظهر الحال فيما نحن فيه من توريث المفقود من مورثه الميت إذ يقال إنّ المفقود في زمان اليقين بحياته كان المانع من انتقال مال أبيه مثلا إليه حياة أبيه فإذا ارتفع المانع وشكّ في حياة المفقود تستصحب الملازمة الثابتة له حال اليقين بحياته ويرد عليه أنّ استصحاب الملازمة الشأنيّة إن كان مع استصحاب الموضوع المشكوك البقاء فهو مغن عن استصحابها وإن كان بدونه فهو غير صحيح لاشتراط العلم ببقاء الموضوع في جريان الاستصحاب نظير ما ذكره المصنف رحمهالله في استصحاب مطلق الآثار الشّرعيّة بل ما ذكره المصنف رحمهالله من التحقيق شامل لمطلق الآثار سواء كان ثبوتها في زمان اليقين بموضوعاتها منجزة أو معلّقة على فقد مانع أو وجود شرط نعم قد يمكن إحراز بقاء الموضوع بالمسامحة العرفيّة كما في مثال المرأة لأنّ موضوع جواز الدخول في الفريضة وإن كان هي المرأة بوصف الخلو من الحيض إلاّ أنّ أهل العرف يزعمون ثبوت هذا الحكم لشخص المرأة من حيث هي ويتخيلون تبدل حالة الخلو عن الحيض إلى حالة الحيض من قبيل تبدل حالات الموضوع لا من قبيل تغير نفسه نظير تغير صفة البياض إلى صفة السّواد مثلا كما سيجيء توضيحه عند بيان اشتراط بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب وبعد إحراز بقاء الموضوع وتحقّق شرط تنجز الحكم وهو دخول الوقت يستصحب الحكم الثّابت قبل تحققه (قوله) في كلام المحدث إلخ وكذا في كلام الشّيخ الحر العاملي المحكي عن الفصول المهمّة قال بعد نقل شطر من أخبار الباب إنّ هذه الأخبار لا تدلّ على حجيّة الاستصحاب في نفس الحكم الشّرعي وإنّما يدلّ عليه في موضوعاته ومتعلّقاته كتجدد حدث بعد الطهارة أو طهارة بعد الحدث أو طلوع الصّبح أو غروب الشّمس أو تجدّد ملك أو نكاح أو زوالهما أو نحو ذلك كما هو ظاهر من حديث المسألتين وقد حققناه في الفوائد الطّوسيّة وقال في محكي الفوائد الطّوسيّة إنّ المتتبع في أخبار الاستصحاب يجدها واردا لبيان إجراء الاستصحاب في الموضوعات كالطّهارة والنّجاسة واللّيل والنهار والرطوبة واليبوسة فمورد تلك الأخبار هو الموضوعات بحكم التتبع فنحكم بحجيّة الاستصحاب فيها فلا نتعدى إلى غيرها من الأحكام الكليّة انتهى ويرد عليه أولا أن مورد جملة من الأخبار وإن اختصّ بموضوعات الأحكام إلاّ أنّ جملة أخرى منها مطلقة كرواية الخصال وغيرها وهي صحيحة على اصطلاح القدماء لغاية وثاقتها كما تقدّم سابقا فإن قلت ينبغي حمل المطلق منها على مقيدها كما هو