الموضوعيّة والحكميّة وإن خصّ المصنف كلا منهما بصورة إذ لو دار فعل بين الاندراج تحت عنوان واجب تعبّدا وبين اندراجه تحت عنوان حرام توصّلا أو بالعكس على نحو ما عرفت كما إذا ترددت امرأة بين كونها منذورة الوطء على وجه القربة وبين كونها منذورة ترك الوطء مطلقا فوطأها من دون قصد قربة لزمت المخالفة العمليّة حينئذ لا محالة وكذلك في صورة العكس وأيضا لو تردّد موضوع كلي بين الوجوب والحرمة في زمانين فالالتزام بإباحته في الزّمانين ربّما يؤدّي إلى المخالفة العمليّة على نحو ما تقدّم وثانيهما أنّ جواز الالتزام بإباحة فعل مردّد بين الوجوب والحرمة التوصّليين في زمان واحد أنّما هو فيما لم يؤدّ ذلك إلى مخالفة عمليّة معلومة إجمالا أو تفصيلا كما إذا نذر إضافة رحلين لم يتركا واجبا واقعيّا ولا ارتكبا حراما كذلك فأضاف رجلين ترك أحدهما ذلك الفعل وارتكبه الآخر لوضوح عدم حصول برّ النّذر بذلك إذ أصالة عدم الوجوب والحرمة بمعنى نفي آثارهما المختصّة بكلّ منهما لا تنهض لإثبات الأثر المعلوم المخالفة للواقع تفصيلا وكان المصنف ره قد سكت عن هذا القيد لأجل وضوحه كيف لا وقد أشار إليه في مسألة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة فراجع (قوله) أمّا المخالفة الغير العمليّة إلخ لا يخفى أن الكلام في المخالفة الالتزاميّة والعمليّة تارة في الشّبهات الموضوعيّة وأخرى في الحكميّة وإن أغنى عن الكلام في الشّبهة في المكلّف لما أسلفناه أنّ الشّبهة فيه ترجع دائما إلى الشّبهة المصداقيّة إما في التّكليف أو المكلف به إلا أنّها لأجل اختصاصها بمزيد مباحث أفرد لها عنوانا آخر بعد الفراغ من المقامات الأربعة(قوله) أو بين حكمين لموضوعين إلخ وذلك لأنّ النّجاسة والطهارة عنها موضوعهما الجسم وظاهر البدن والحدث والطّهارة عنه موضوعهما النّفس والبدن والتوضّي بالماء مع طهارة البدن وسبق الحدث مزيل للحدث ومحدث لضدّه مع بقاء طهارة البدن وبالبول محدث للنجاسة الظّاهريّة وغير مزيل للباطنيّة والتلازم في المقامين ثابت في الواقع فالالتزام بطهارة ظاهر البدن وبقاء الحدث فيما توضى بمائع مردّد بين الماء والبول إعمالا لقاعدة الطّهارة أو استصحابها واستصحاب الحدث تفكيك بين لازمين في موضوعين لما عرفت من كون طهارة البدن ملازمة لارتفاع الحدث وبقاء الحدث لنجاسة البدن فالالتزام بطهارة البدن وبقاء الحدث مستلزم لما ذكر ولكن لا يلزم منه سوى مجرّد الالتزام بما يخالف الواقع من دون علم بمخالفة العمل له لأنّه لو توضّى بعده بماء طاهر فصلّى به يحتمل مطابقة عمله للواقع لاحتمال كون المائع المردّد فيه ماء في الواقع فلا يحصل العلم بنجاسة البدن وإنّما اشترط الغفلة لأنّه لو توضّى بالمائع المردّد فيه مع الالتفات يحصل القطع ببقاء الحدث لاشتراط صحّة الوضوء بقصد القربة غير المجامع مع احتمال كونه بولا فلا يكون ثبوت الحدث حينئذ بالأصل وأصالة عدم بوليّته في الواقع غير مجدية في صحّة الوضوء لعدم كون صحّته مرتبة على عدم كون ما يتوضأ به بولا بل على كونه ماء طاهرا وهي لا تثبته مضافا إلى معارضتها بأصالة عدم كونه ماء في الواقع على أنّ الكلام في المقام أنّما هو فيما لم يكن المائع المشكوك فيه مجرى للأصول وإلاّ فلا معنى لإجرائها لإثبات طهارة البدن وبقاء الحدث إذ مع جريان الأصول في الأسباب الشّرعيّة لا يبقى لها محلّ في مسبباتها لكون الشّكّ فيهما من قبيل المزيل والمزال (قوله) أمّا في الشّبهة الموضوعيّة إلخ حاصله أنّ العمدة في منع جريان الأصول في المقام هي مخالفتها للأدلّة الدّالة على ثبوت الأحكام الواقعيّة التي تجب الالتزام والتّدين بها والمخالفة أنّما تحصل مع ثبوت تلك الأحكام وهو فرع ثبوت موضوعاتها بمعنى أن أصالة إباحة وطء المرأة المردّدة بين من وجب وطؤها بالحلف ومن حرم وطؤها به أنّما تخالف ما دلّ على وجوب الوفاء بالحلف على تقدير ثبوت كون هذه المرأة من وجب وطؤها بالحلف أو من حرم وطؤها به وأمّا مع خروجها من تحت موضوع الحكمين لأجل أصالة عدم تعلّق الحلف بوطئها ولا بتركه فلا تندرج هذه المرأة تحت موضوع الوجوب والحرمة حتّى تلزم المخالفة فيكون هذان الأصلان حاكمين على الأدلّة الدّالة على وجوب الوفاء بالحلف وكذلك استصحاب طهارة البدن والحدث يخرج محلّه من موضوع ما دلّ على تنجس ما لاقى نجسا وعلى حصول الطّهارة بالتّوضي بخلاف الأصول الجارية في الشّبهات الحكميّة لكونها مخالفة لنفس الدّليل المثبت للحكم على نحو ما قرّره ومن هنا يظهر أنّه لو ثبت جواز المخالفة الالتزاميّة في الشبهات الحكميّة فثبوته في الشّبهات الموضوعيّة بطريق الأولويّة لما عرفت من عدم كون جريان الأصل في الثّانية منافيا لوجوب الالتزام بالأحكام الواقعيّة بخلاف الأولى فيمكن القول بجواز المخالفة في الثّانية وإن قلنا بوجوب الالتزام في الأولى ولأجل ذلك خصّ الكلام في وجوب الالتزام وعدمه بالشّبهات الحكميّة ولم يتعرض له هنا فإن قلت أيّ فرق في الشبهات الموضوعيّة بين ما يلزم فيه المخالفة الالتزاميّة وما يلزم فيه المخالفة العمليّة حيث إنّ ظاهر المصنف رحمهالله في الأوّل جريان الأصول من دون إشكال وفي الثّاني عدم جريانها كذلك وما ذكره في وجه عدم الجريان في الثّاني جار في الأوّل أيضا كما لا يخفى ومجرّد كون المخالفة في الأوّل لخطاب مردّد بين خطابين وفي الثّاني لخطاب مفصّل معلوم لا يوجب الفرق بعد كون العلم الإجمالي كالتّفصيلي قلت الفرق بين المقامين واضح إذ المانع من جريان الأصول في الأوّل إمّا نفس الخطاب الواقعي من حيث هو أو العلم به إجمالا ومردّدا بين خطابين ومن الواضح أنّ الأوّل غير صالح للمنع ما لم يتنجّز التّكليف به والثّاني أنّما يصلح للمنع على تقدير صلاحيّته لإثبات التّكليف بالالتزام بالخطاب الواقعي المعلوم إجمالا وسيجيء عدم صلاحيته لذلك هذا بخلاف الثّاني لأنّ عدم جريان الأصول فيه حيث يستلزم المخالفة لخطاب تفصيلي واضح إذ مخالفة العمل للخطاب الواقعي المعلوم تفصيلا قبيحة عقلا فالمانع من جريانها حينئذ هو العقل بل وكذلك