بناء على ما تقدم إنّما هو من جهة كون الاستصحاب الجاري في مورد الرّواية المتفرع على بيان القاعدة من قبيل استصحاب الأزمان الّتي هي من قبيل الشكّ في المقتضي لتجدّد الزّمان آنا فآنا والجواب عنه أن تفرع الإفطار للرّؤية على قاعدة الاستصحاب لا ينحصر وجهه في استصحاب بقاء شهر رمضان إذ لعلّه من جهة استصحاب الشغل غير المرتفع بعد الثبوت إلاّ برافع وتوضيح المقام أنّ يوم الشكّ المسئول عن حكمه في الرّواية عام لليوم المشكوك من أوّل شهر رمضان وآخره وقد بيّن حكمه الإمام عليهالسلام بتفريع كلّ من وجوب الصّوم وجواز الإفطار على قاعدة الاستصحاب وحينئذ إن كان مبنى التفريع على استصحاب بقاء شهر شعبان ورمضان كانت الرّواية نصا في الشمول للشك في المقتضي لعدم جواز تخصيص المورد ولكنّه غير متعين لجواز كون تفريع وجوب الصّوم على رؤية هلال شهر رمضان مبنيا على استصحاب عدم الوجوب أو استصحاب عدم انقضاء شهر شعبان أو عدم دخول شهر رمضان وكذا تفريع جواز الإفطار على رؤية هلال شوال على استصحاب الشغل بصوم شهر رمضان الّذي هو غير مرتفع إلاّ برافع أو عدم انقضاء شهر رمضان أو عدم دخول شهر شوّال واستصحاب العدل من قبيل الشك في الرّافع عند المصنف رحمهالله كما يظهر منه في غير موضع هذا غاية توضيح ما ذكره وهو بعد لا يخلو من نظر أمّا أوّلا فإن استصحاب الشغل كاستصحاب عدم الوجوب الرّاجع إلى استصحاب البراءة غير جار عند المصنف رحمهالله نظرا إلى حكومة قاعدتي الشغل والبراءة على استصحابهما لكون مجرّد الشكّ في الخروج من عهدة التكليف الثابت يقينا في آن علة تامّة لحكم العقل بتحصيل اليقين بالبراءة فلا يبقى شك في الحالة الثانية حتّى ينسحب حكم الحالة الأولى إليها وكذا مجرّد الشكّ في التكليف علّة تامّة لحكم العقل بعدمه في الظاهر من دون حاجة إلى استصحاب البراءة السّابقة وقد صرّح المصنف ره بهذه الجملة في غير موضع من كلماته وأمّا ثانيا فإن استصحاب الشغل مبني على القول بكون التكليف بصوم شهر رمضان تكليفا واحدا وهو خلاف المرضي عند المصنف ره كما أشرنا إليه سابقا لأن تكليف كلّ يوم تكليف مستقلّ والشكّ فيه شك في التّكليف فهو مورد لأصالة البراءة دون الاشتغال وأمّا ثالثا فإن استصحاب الشغل في اليوم المردد بين شهر رمضان وشوّال إن كان مع استصحاب شهر رمضان فهو مع كونه تسليما لجريان الاستصحاب مع الشكّ في المقتضي غير جار نظير عدم جريان استصحاب الحكم مع استصحاب موضوعه المشكوك فيه بل هو من جزئياته كما سيجيء بيانه عند بيان اشتراط العلم ببقاء الموضوع في جريان الاستصحاب وإن كان بدونه فهو غير جار لعدم العلم ببقاء موضوعه وأمّا رابعا فإنّا نمنع كون استصحاب العدم من قبيل الشك في الرّافع لكون العدم مستندا إلى عدم علة الوجود وغير مستغن عن العلّة في البقاء كما أشرنا إليه سابقا (قوله) احتج للقول الأوّل إلخ لا يخفى أن أدلّة هذا القول من حيث الدلالة على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ شخصا أو نوعا أو من باب التعبّد مختلفة المؤدّى سنشير إلى مقتضى كلّ واحد منها عند شرح ما يتعلق بكلّ واحد منها ثم سنشير بعد الفراغ من شرح ما يتعلق بالأدلة المذكورة إلى المتحصل منها وما هو المختار في المسألة ثمّ إنّ الدّليل الأوّل قد ذكره في المنية قال إنّ أكثر الأحكام الشرعية مبنية على الاستصحاب فيكون حجّة أمّا الأوّل فإنّ الدّليل إنما يجب العمل به إذا لم يظهر عليه ما يزيل حكمه مطلقا كالنّاسخ أو بعض مدلولاته كالتخصيص للعام والتقييد للمطلق أو معارضة دليل راجح عليه ولا وسيلة إلى العلم بانتفاء ذلك الأمر إلاّ الاستصحاب وأمّا الثّاني فبين انتهى ومقتضى هذا الدّليل اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ النّوعي وهو واضح (قوله) أصول لفظيّة إلخ لا دخل لها في الاستصحاب كما أشار إليه المصنف رحمهالله عند بيان محلّ النزاع (قوله) لا يستلزم القول بها إلخ بل لا يستلزم القول بها القول باعتبار الأصول العدمية مطلقا لأنّ غاية ما ذكره اعتبار الأصول العدميّة في مباحث الألفاظ لا مطلقا ودعوى عدم القول بالفصل في المقام مشكلة أيضا كما لا يخفى (قوله) منها ما ذكره المحقّق إلخ إليه يرجع ما تمسّك به غير واحد من العامة والخاصّة من قولهم ما ثبت دام قال المحقق القمي رحمهالله فهو كلام خال عن التحصيل وغاية توجيهه ما ذكره المحقق قال المقتضي للحكم الأوّل ثابت إلى آخره ومقتضى هذا الدّليل على تقدير تسليمه اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ شخصا أو نوعا وأمّا احتمال إرادة اعتباره من باب التعبد العقلائي فبعيد كما صرّح به المصنف ره (قوله) معارض باحتمال عدمه إلخ لا يخفى أنّ إطلاق التعارض والتدافع هنا من باب المسامحة لأنّ المزاحمة إنّما هي بين المحتملين دون الاحتمالين (قوله) أو المقتضي بالمعنى الأخصّ إلخ يعني بمعنى السّبب النّاقص والمراد بالأخصية ليس مقابل إطلاق المقتضي بمعنى العلّة التّامة لعدم كونه أخصّ منه لوضوح تباينهما بل مقابل إطلاقه بالمعنى الأعمّ الشّامل لهما وإنّما لم يحتمل المصنف رحمهالله إرادة هذا المعنى أيضا في المقام لعدم ترتب ثمرة عليه لعدم خلوه في الواقع من كونه علّة تامّة أو ناقصة وتوضيح المقام أنّ المقتضي تارة يطلق بمعنى العلّة التّامّة وأخرى بمعنى السّبب النّاقص وثالثة بالمعنى الأعمّ منهما وقد عرفت أنّ الواقع في الخارج لا يخلو من أحد الأولين والعلّة التّامّة إمّا أن تكون علّة للحكم أو للعلم به وبعبارة أخرى إمّا أن تكون علّة للثبوت أو للإثبات من دون مدخليّة لها في الثبوت والأدلّة الشرعيّة من هذا القبيل لكونها واسطة في الإثبات دون الثبوت والمستدلّ إن أراد بالمقتضي علّة الثبوت أو الإثبات فلا بدّ أن يريد بثبوت المقتضي ثبوته في الزّمان الأوّل لأنّه مع العلم بثبوته في الزمان الثّاني يحصل العلم بثبوت الحكم فيه فيخرج المورد من موارد الاستصحاب المأخوذ في موضوعه الشكّ في بقاء الحكم الأوّل وإن أراد به السّبب النّاقص فلا بدّ أن يريد بثبوته ثبوته في الزّمان الثّاني لأنّ القطع بثبوت الحكم في الزّمان الأوّل كما هو المعتبر في موارد الاستصحاب لا ينفك عن القطع بثبوت علّة التّامة تفصيلا أو إجمالا وأمّا ضعف هذا الدّليل فواضح ممّا ذكره المصنف رحمهالله ثمّ إنّ طريق العلم بثبوت المقتضي في الأحكام الشّرعية منحصر في الأدلة وهو واضح (قوله) أخصّ من المدعى إلخ لعدم شموله للشكّ في المقتضي (قوله) دعوى القطع إلخ تظهر هذه الدّعوى من قوله فيجب الحكم بثبوته والّذي يظهر من كلامه في توجيه هذه العبارة وجوه أحدها الحكم بالثّبوت على سبيل الظنّ كما يظهر ممّا حكاه عن المعارج وثانيها الحكم به على سبيل التعبّد العقلائي وثالثها الحكم به على سبيل الظنّ النّوعي كما يظهر ممّا استظهره بقوله والظاهر أنّ مرجع هذا الدّليل إلخ ورابعها الحكم به بالعموم اللّفظي للدّليل المثبت للحكم الأوّل أو إطلاقه كذلك الشّامل للحالة الثّانية وسيأتي ضعف الأوّل مستوفي والثّاني بعيد في الغاية كما صرّح به المصنف رحمهالله لأنّ مدار عمل العقلاء على الظنّ دون التعبّد والثّالث مع منع حصول الظنّ ولو نوعا أنّه