متغايرة متباينة لا يجوز إرادتها جميعا من إطلاق واحد كما حققناه في أوائل الكتاب والقول بأن كلّ شيء عام قابل لإرادة الكلّي والجزئي وكذلك العلم يشمل العلم بالكلّي والجزئي فيصح إرادة معنى عامّ يندرج الكلّ فيه لا يصحّ مع تفاوت إضافة الطهارة والقذارة إلى الأشياء وكذلك سبب العلم ولا ريب أن كلام المعصوم عليهالسلام منزل على موارد حاجات المكلفين وقد تختلف موارد الحاجات فقد يمكن أن يراد بسبب موضع الحاجة أن كل شيء طاهر طاهر باليقين السّابق حتّى يعلم من الخارج ملاقاته للنجاسة أو أن كلّ شيء مشتبه بين أمور طاهرة أو نجسة فيحكم بأنّه من الأشياء الطّاهرة حتى يعلم من الخارج أنّه من الأشياء النجسة أو أنّ كلّ شيء يحتمل أن يكون حكمه الشّرعي الطّهارة أو النجاسة فيحكم أنّه طاهر حتّى يعلم من جانب الشّارع أن حكمه النجاسة انتهى موضع الحاجة وقد ذكر نظير هذا في مباحث البراءة عند بيان قوله عليهالسلام كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال فراجع (قوله) إذ لا مانع عن إرادة الجامع إلخ حاصله أنّ ظاهر كلام صاحب القوانين بل صريحه تعيّن إرادة أحد المعاني الثلاثة وعدم إمكان إرادة الجميع ولا معنيين من الرّواية نظرا إلى تباين كل واحد منها للآخر وحينئذ يرد عليه أنّ معنى قاعدة الطهارة وإن كان مباينا لمعنى الاستصحاب إذ الملحوظ والمناط في الأوّل كون الشيء مشكوك الطهارة مع قطع النّظر عن حالته السّابقة وفي الثاني كونه مسبوقا بالطهارة وجدانا أو شرعا وبعبارة أخرى أنّ المعيار في الأوّل هو الحكم بطهارة مشكوك الطهارة ابتداء وفي الثّاني هو الحكم ببقاء الطّهارة السّابقة والغاية أعني قوله عليهالسلام حتّى تعلم أنه قذر على الأوّل تكون غاية للحكم بالطّهارة والمعنى كلّ شيء مشكوك الطهارة محكوم بالطهارة إلى زمان العلم بعروض القذارة له وعلى الثّاني غاية لاستمرار الطهارة السّابقة والمعنى كلّ شيء طاهر سابقا شرعا أو وجدانا محكوم باستمرار طهارته إلى زمان العلم بعروض القذارة له ولا جامع بين المعنيين إلاّ أنّه لا مانع من إرادة معنى عامّ شامل لجريان قاعدة الطهارة في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة إذ لا مانع منه سوى اختلاف إضافة الطّهارة إلى الأشياء من حيث الحكم والموضوع أو اختلاف العلم بسبب اختلاف أسبابه نظرا إلى كون العلم بالقذارة في الشبهة الحكميّة حاصلا من الأدلّة وفي الشبهة الموضوعيّة حاصلا من البيّنة وغيرها من الأمارات كما تقدّم في الحاشية السّابقة لكن ذلك بمجرّده لا يمنع من إرادة معنى عام من لفظ الطّهارة والعلم شامل للشّبهات الحكميّة والموضوعيّة إذ المفروض عدم إرادة خصوصيّات الموارد(قوله) ليت شعري إلخ توضيحه أنّه مضافا إلى ما أشار إليه المصنف رحمهالله آنفا وأسلفنا توضيحه في الحاشية السّابقة من عدم إمكان إرادة الأصلين من الرّواية أنه إن أراد بالمشار إليه في قوله إنّ هذا الحكم المستمرّ إلى آخره الحكم المستفاد من الأصل الأولي أعني قاعدة الطهارة ففيه أن الحكم المستفاد منها هي الطّهارة الظّاهريّة المغياة بزمان العلم بالنجاسة وليس استمرار هذا الحكم ظاهرا ولا واقفا مغيّا بزمان العلم بالنجاسة بل هو حكم كلّي مستمر إلى زمان ورود النسخ عليه إذ ليست غاية الأحكام الكليّة إلاّ ذلك فلا معنى لقوله مستمر إلى زمان العلم بالنجاسة مع أنه إذا أريد إثبات استمرار الحكم المستفاد من قاعدة الطهارة أعني الطهارة الظاهريّة المغيّاة بالعلم بالنجاسة يكون مجموع الغاية والمغيا موضوعا للحكم المستفاد من الأصل الثّانوي أعني قاعدة الاستصحاب وبعبارة أخرى يكون المستصحب حينئذ مجموع الغاية والمغيّا وحينئذ لا يمكن أن تكون الطّهارة الثابتة بالاستصحاب مغياة بقوله حتّى تعلم أنه قذر إذ لا يعقل أن يكون شيء واحد غاية لحكم ولحكم آخر يكون الحكم الأوّل المغيّا موضوعا له وإلاّ لزم تقدّم الشّيء على نفسه لتقدّم الموضوع وتوابعه على محموله ولو طبعا فإذا فرض كون شيء واحد قيدا لكل واحد من الموضوع والمحمول لزم ما ذكرناه فلا وجه حينئذ لقوله إنّ هذا الحكم مستمرّ إلى زمان العلم بالنجاسة وإن أراد به الحكم الواقعي المعلوم بمعنى أنّ الطهارة إذا ثبتت في زمان فهي مستمرة في الظاهر إلى زمان العلم بالنجاسة ليكون الكلام مسوقا لبيان الاستمرار الظّاهري فيما علم ثبوت الطهارة الواقعيّة له في زمان فأين هذا من بيان قاعدة الطهارة في الأشياء المشكوكة الطهارة المبنية على عدم ملاحظة الحالة السّابقة والحكم باستمرارها في الظاهر(قوله) وإن كان متحدا إلخ فيجري فيه ما تقدم في سابقه إلاّ أنّ غلبة اختصاص مورد هذه الرّواية بالشكّ في عروض النجاسة إذ من البعيد خفاء حكم المياه بحسب خلقتها الأصلية على أحد تقتضي كون المراد بها بيان قاعدة الاستصحاب دون الطهارة بخلاف الرّواية السّابقة كما تقدّم وبعبارة أخرى إنّ هذه الرّواية من حيث اتحادها مع سابقتها في الحكم والغاية وإن كانت ظاهرة في إرادة بيان قاعدة الطهارة إلاّ أنّ الغلبة المذكورة صارفة عن ظهورها وربّما يتنظّر في صلاحيتها لصرفها عن الظهور اللّفظي ولكنه ضعيف لأنّ استصحاب الطّهارة حاكم على قاعدتها كما يرشد إليه ما تقدّم من رواية ابن سنان لأنّ إسناد الحكم بطهارة الثوب فيها إلى الاستصحاب دون القاعدة مع كون المورد محلا لكلّ منهما ظاهر في ما ذكرناه وحينئذ نقول إنّ الحكم بالطهارة في هذه الرّواية مع غلبة تحقق الحالة السّابقة في موردها لا يحسن أن يستند إلى القاعدة دون الاستصحاب مع حكومته عليها(قوله) فإيّاك أن تحدّث إلخ التهديد عن تجديد الوضوء مع ما ثبت من استحبابه وحسن الاحتياط لعلّه مبني على اعتقاد عدم جواز الدّخول في المشروط بالطهارة المستصحبة أو على كون تجديد الوضوء مؤدّيا إلى الوسواس ثمّ إنّه قد يستدلّ على اعتبار الاستصحاب أيضا بمفهوم الأخبار الدّالّة على عدم الاعتناء بالشكّ في شيء بعد التجاوز عن محلّه لدلالتها على الاعتناء بالشكّ بمعنى البناء على عدم وقوع العمل المشكوك فيه قبل التجاوز عن محلّه نعم يختصّ مؤدّاها باستصحاب العدم فلا يشمل الاستصحابات الوجوديّة ولذا ذكرناها في ذيل الأخبار الخاصّة(قوله) في جميع الموارد إلخ سواء كانت ممّا كان الشكّ فيه في الرّافع أم المقتضي (قوله) توضيحه أنّ حقيقة النقض إلخ حاصله أن لفظ النقض بحسب اللّغة حقيقة في رفع الهيئة الاتّصاليّة الحسّية الحاصلة في الأشياء وإبانة أجزائها كما في قوله تعالى (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها) الآية وهذا المعنى غير مراد في الأخبار جزما فيتعين حمله على إرادة معنى مجازي منه وهو إما رفع اليد عن الشيء الثابت مع وجود المقتضي لبقائه لو لا المانع منه كالطهارة وعلاقة الزّوجيّة الباقيتين لو لا المزيل وإمّا مطلق رفع اليد عن الشيء الثابت ولو لعدم المقتضي له كرفع اليد عن الواجب الموقت بعد خروج وقته والأوّل أقرب إلى المعنى الحقيقي اعتبارا وعرفا فيتعين حمل اللفظ عليه بعد تعذّر إرادة حقيقته نعم يرد عليه أنّه يلزم حينئذ ارتكاب مجازين أحدهما في لفظ النقض بحمله على ما عرفت وثانيهما في المنقوض بتخصيصه بما من شأنه البقاء لو لا المانع بخلاف ما لو حمل على المعنى الثّاني لبقاء المنقوص حينئذ