لا يتحقق شرط إنتاج الشكل الأوّل وهي جزئيّة الصّغرى وكلّية الكبرى وممّا ذكرناه يظهر أنّ قول المصنف رحمهالله بعد إهمال تقييد اليقين إلى آخره لا يخلو من نظر من وجهين أحدهما أنّه يلزم حينئذ اتحاد الصّغرى والكبرى كما تقدّم وثانيهما أنّ العلّة كما عرفت هو اليقين بالوضوء لا مطلق اليقين فإن قلت إنّ الحاجة إلى اعتبار أخذ العلّة هي نفس اليقين إنّما هي للفرار عن أحد محذورين لأنّه إن جعلت العلّة هو اليقين بالوضوء وحينئذ إن اعتبرت الكبرى عدم جواز نقض مطلق اليقين بمطلق الشّكّ وقيل في ترتيب القضيتين إنّه كان على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشكّ لزم منه عدم تكرّر الحدّ الوسط وإن اعتبرت الكبرى عدم جواز نقض اليقين بالوضوء بالشكّ لا تفيد الصّحيحة اعتبار الاستصحاب مطلقا قلت إنّه على تقدير كون العلّة هو اليقين بالوضوء يمكن أن يقال إنّ قوله عليهالسلام لا ينقض اليقين بالشكّ بناء على كون اللاّم فيه في الموضعين للجنس كما تقدم دليل على إثبات كبريات متعددة يستدل بها على عدم جواز نقض اليقين السّابق بالشكّ في الموارد الخاصّة فيقال في مورد الرّواية مثلا إنّه كان على يقين من وضوئه وكلّ من كان كذلك فهو لا ينقض يقينه بالوضوء بالشّكّ وكذا في صورة الشكّ في نقض المذي للطّهارة إنّه كان متيقّنا للطّهارة وشك في انتقاضها بالمذي وكلّ من كان كذلك لا ينقض يقينه بالطهارة بالشك فيها وهكذا وإن شئت في ترتيب القضيتين قلت إنّه على يقين من وضوئه وكلّ يقيني لا ينقض بالشكّ فعلى تقدير كون العلّة هو اليقين بالوضوء لا يلزم منه تساوي الصّغرى والكبرى في الكليّة ولا عدم تكرر الوسط كما عرفت (قوله) إلاّ أن سبق يقين إلخ حاصله الاعتراض على الاستدلال بالصّحيحة بأنّه مبني على كون اللاّم في اليقين والشكّ للجنس حتّى يفيد نفي الطبيعة للعموم لتكون دليلا على اعتبار الاستصحاب مطلقا وليس كذلك لأنّ سبق اليقين بالوضوء يعيّن كون اللاّم في الموضعين للعهد الذكري نظير قوله تعالى (أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) ومن هنا ربّما يقال إنه كان للمصنف رحمهالله الجزم به لا نفي البعد عنه وفيه أولا أنّ مجرّد سبق الذّكر إنّما يصحّح المقام لإرادة العهد منه وليس هو معيّنا له لأنّ المعيّن له هو فهم العرف بعد سبق الذّكر والعهدية في الصّحيحة غير مفهومة بحسب العرف ولذا لم يجزم المصنف رحمهالله بها في المقام فإن قلت إنّ عدم الانفهام العرفي إنّما يتمّ إن قرئ قوله لا ينقض اليقين بالشكّ مبنيّا للمفعول وإن قرئ مبنيّا للفاعل فلا مجال لإنكاره قلت مع تسليم بنائه على الفاعل نمنع ظهوره حينئذ في العهديّة بحيث تصير إرادة الجنس مبنيّة العدم أو يصير الكلام معه مجملا نعم احتمال العهديّة على تقدير البناء على الفاعل أقرب منها على تقدير البناء على المفعول وأمّا الظّهور فيها فلا وأمّا الآية فالقرينة قائمة فيها على عدم إرادة الجنس كما لا يخفى وثانيا إنّ السّابق إن كان هو اليقين المتعلق بالوضوء الخاصّ الّذي سأل الرّاوي عن انتقاضه عند عروض حالة يشكّ معها في تحقّق النّوم بقوله وإن حرّك إلى جنبه إلى آخره ففيه أنّ المراد باليقين والشك حينئذ لا بدّ أن يكون هو اليقين والشكّ المتعلقين بالوضوء الشخصي المعهود ولم يقل به أحد إذ لا أقل من إرادة اليقين بنوع الوضوء وإن كان هو نوع الوضوء المستفاد من العلّة بعد إلغاء خصوصيّة المحلّ كما أسلفناه سابقا ففيه أن حمل اليقين والشكّ في قوله عليهالسلام لا ينقض اليقين بالشكّ على النوع المعهود منهما وهو المتعلّق بنوع الوضوء يستلزم إلغاء هذا الكلام لكونه إعادة لما استفيد من العلّة من دون فائدة بخلافه على تقدير الحمل على إرادة الجنس لكون الصّحيحة حينئذ متضمّنة لكليتين إحداهما ما استفيد من العلّة وهو كون اليقين بالوضوء علّة لعدم جواز نقضه بالشكّ والأخرى ما استفيد من قوله ولا ينقض اليقين بالشكّ وهو سند العلّة المذكورة كما أسلفناه في الحاشية السّابقة نعم يمكن أن يقال إنّ ذلك إنّما يتم لو كانت العلّة هو اليقين بالوضوء كما اخترناه وأمّا على ما اختاره المصنف رحمهالله من كون العلّة هو مطلق اليقين فمحذور اللغوية باق على تقدير حمل اللاّم على الجنس أيضا فإن قلت إنّ الإعادة لفائدة التأكيد لا تستلزم اللغويّة كيف لا والتّأكيد من جملة فوائد الكلام في كلمات البلغاء سيّما مع اشتمال الصحيحة على التّأكيد من جهات أخر أيضا كما هو واضح قلت إنا لا نمنع من التأكيد في مطلق كلام الحكيم بل نقول إنّ خصوصيّة المقام مانعة منه لما برهن في علم البلاغة أنّ الكلام المعلّل آكد من الخالي منها في تأدية المراد وإن اشتمل على سائر وجوه التأكيد لتضمّنه تأدية المراد ببيّنة وبرهان وحينئذ فعلى المختار من كون العلّة هو اليقين بالوضوء لا مطلق اليقين إن حملت اللاّم على العهد يلزم تأكيد الكلام بإعادة العلّة وهو مستهجن عرفا بخلاف ما لو حملت على إرادة الجنس لصيرورة الكلام حينئذ من قبيل بيان العلّة في علّة الحكم وهو أبلغ في التأكيد وأحسن الطّرق في تأدية المراد فكأنّه قال إنّه إذا لم يستيقن أنّه قد نام يبني على وضوئه السّابق لأنّه على يقين من وضوئه ومن كان على يقين من وضوئه يبني على وضوئه ما لم يستيقن النّاقض لأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ وهذا وجه آخر لإرادة العموم من قوله لا ينقض اليقين بالشكّ سوى ما قدّمناه سابقا من إفادة الجنس المنفي للعموم اللهمّ أن يقال إن مراعاة محسّنات الكلام إنّما تتأتى في الكلام الوارد في مقام الإعجاز أو الكلام المبني على مراعاة البلاغة فيه والأخبار الواردة في بيان الأحكام الشرعيّة ليست كذلك لورودها على مقتضى فهم أهل السّوق ولعلّه من هنا لم يجزم المصنف رحمهالله ببطلان حمل اللاّم على العهد فتدبّر(قوله) بل يكون الجزاء مستفادا إلخ إنّما لم يحتمل كون الجزاء نفس قوله لا ينقض اليقين بالشكّ لعدم معهودية كون الجزاء مصدرا بالواو وحاصل ما ذكره أنّ مبنى الاستدلال على حمل قوله عليهالسلام فإنّه على يقين من وضوئه على بيان العلّة وإقامتها مقام الجزاء وقوله عليهالسلام لا ينقض اليقين بالشكّ على بيان الكبرى الكلّية للصّغرى المستفادة من العلّة المنصوصة بتقريب ما ذكره المصنف رحمهالله وشرحنا ما يتعلق به ولكن يمكن منع كون قوله عليهالسلام فإنّه على يقين من وضوئه واردا لبيان العلّة وإقامة العلّة مقام الجزاء لاحتمال كون الجزاء مستفادا من قوله عليهالسلام ولا ينقض اليقين بالشكّ بأن كان ذلك واردا في مقام جواب السّائل وقوله عليهالسلام فإنّه على يقين من وضوئه توطئة لهذا الجواب فكأنّه عليهالسلام أراد أن يقرر السّائل على معتقده ويثبته عليه حتّى يكون الجواب أوقع في نفسه والمعنى أنّه إن لم يستيقن النّوم فهو مستيقن لوضوئه السّابق فيثبت على وضوئه السّابق ولا ينقضه بالشكّ فيخرج حينئذ قوله عليهالسلام ولا ينقض اليقين بالشكّ من كونه كبرى كليّة لتعيّن حمل اللاّم حينئذ على العهد لوجود المقتضي وعدم المانع أمّا الأوّل فلسبق اليقين بالوضوء وأمّا الثّاني فإنّ المانع كما تقدّم في الحاشية السّابقة