كما أوضحنا في تعريف الفقه وقلنا هناك إنّ الأولى تعريفه بأنه ما كان له تعلق بالشّرع وكيف كان فالأحكام الجزئية خارجة من التّعريف الأوّل وكذا من الثّاني لأنّ ما بيّنه الشّارع هو الأحكام الكلّية دون الجزئية اللهمّ إلاّ أن يتسامح بدعوى صدق بيانها ببيان كليّاتها وداخلة في الثّالث ثمّ إنّ الشّبهة في حكم الموضوع الجزئي تارة تنشأ من الشّبهة في حكمه الكلّي كما إذا شكّ في وجوب إكرام زيد العالم لأجل الشكّ في وجوب إكرام العلماء ويندرج فيه ما إذا كانت الشبهة فيه ناشئة من الشبهة في اندراج بعض الأفراد تحت بعض العمومات أو المطلقات كما إذا وجب إهانة الفسّاق وعلم اندراج الفاسق بالجوارح فيه وشكّ في اندراج الفاسق بالعقائد فإن الشك في وجوب إهانة من فسدت عقيدته يكون حينئذ ناشئا من إجمال النص وأخرى تنشأ من عدم معرفة المرجع في الحكم الظاهري كما إذا ورد النهي عن إكرام الفسّاق وشك في حرمة إكرام زيد المشكوك الفسق والعدالة من جهة عدم معرفة كون المرجع في مثله البراءة أو الاحتياط ثم إنّ من الموضوعات الشخصيّة الخارجة ما يتعلق حكم الشّارع به بالخصوص كوجوب الاعتقاد بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله وإمامة أئمّتنا عليهمالسلام وبعض صفاتهم ولا ريب في كون مثله من الأحكام الشرعية مع عدم كون بعضها مما من شأنه أن يؤخذ من الشّارع كمسألة النّبوّة وإلاّ لزم الدّور المحال وبعض آخر مما من شأنه ذلك كمسألة الإمامة ونحوها مع كون متعلقات هذه الأحكام موضوعات شخصيّة ومنه يظهر أن كل ما ليس من شأنه أن يؤخذ من الشّارع لا يجب أن يكون غير شرعي كما هو مقتضى التعريف الأوّل وحكي عن المصنف رحمهالله ارتضاؤه وأن كلّ حكم جزئي لا يجب خروجه منه كما هو ظاهر المصنف ره هنا ومنه يظهر فساد التعريف الأوّل وأمّا التعريف الثاني فأظهر فسادا لعدم شموله للموارد الّتي لم يرد فيها بيان من الشارع كموارد الأقيسة ومنه يظهر أولوية التعريف الثّالث لعدم ورود شيء ممّا ذكرناه عليه (قوله) إن الشبهة في الحكم إلخ الأولى تقييدها بالتحريميّة لأن المرجع في الشبهة الوجوبيّة عند أكثر الأخباريين هي البراءة نعم يظهر من الأمين الأسترآبادي كون المرجع فيها أيضا هو الاحتياط كما تقدّم في محلّه (قوله) ليس على ما ينبغي إلخ اللهمّ إلاّ أن يريد بالحكم الشّرعي على القول بالتفصيل بإنكار الاستصحاب في الحكم الشّرعي وتسليمه في غيره الإطلاق الأول كما هو مذهب الأخباريين وفي عكسه الإطلاق الثّاني كما هو مقتضى القول المحكي في كلام المحقّق الخوانساري ثمّ إنّ التفصيل المتصوّر بين الحكم الشّرعي وغيره على وجوه أحدها التفصيل بالقول باعتبار الاستصحاب في الحكم الشّرعي بالمعنى الأخص دون غيره وهذا هو الّذي أنكر وجود قائل به الثّاني عكس الأوّل وهذا هو الّذي حكاه عن الأخباريين الثّالث اعتباره في الحكم الشّرعي بالمعنى الأعمّ دون غيره وهذا هو المحكي في كلام المحقق الخوانساري الرّابع عكس سابقه هذا أيضا ممّا أنكر وجود قائل به الخامس التفصيل بالقول باعتباره في الحكم الجزئي دون الكلّي والأمور الخارجة وهذا هو الّذي نقله شارح الوافية عن المحقّق الخوانساري السّادس عكسه وهذا أيضا ممّا أنكر وجود قائل به وأنت خبير بأن المصنف رحمهالله قد أنكر وجود القول بالثالث عند بيان دليل قول المحقق الخوانساري وكذا القول بالخامس عند بيان دليل القول السّادس من أقوال المسألة وحينئذ نقول إن بناءه إن كان على بيان الأقوال الموجودة في الواقع فلا وجه لتسليم التفاصيل الثلاثة هنا إذ لا بدّ حينئذ من حصر التفصيل في الثّاني خاصّة وإن كان بناؤه على بيان الأقوال المحكية في كلمات العلماء مع قطع النّظر عن صحة نسبتها وعدمها فلا وقع حينئذ للاعتراض على المحقق القمي رحمهالله مع أنّه لا وجه لإنكار وجود القول بالثالث لحكاية الوحيد البهبهاني له في رسالته الاستصحابية وقد تقدّم كلامه عند شرح قوله بملاحظة ما ذكره قبل ذلك إلى آخره (قوله) لأنّ ظاهر كلام المفصل إلخ لا يخفى أن هذا الجواب تحقيق للسؤال بتقرير آخر وليس بدافع له أصلا لأن للسّائل أن يقول حينئذ إن المناسب إدراج هذا التقسيم في التقسيم الثّاني لكونه تقسيما للقسم الثّاني منه لكونه تفصيلا بين الأسباب والشّروط والموانع وبين غيرها من الموضوعات الخارجة(قوله) وربّما يظهر من صاحب الحدائق إلخ بل من جماعة ممن سبقه ولحقه منهم السّيّد المحقق الكاظمي لأنه بعد أن قسّم الاستصحاب إلى أربعة أقسام الأوّل استصحاب حال العقل أعني البراءة العقلية الثّاني استصحاب حال الشّرع أعني استصحاب أحكام الوضع وقسمه إلى قسمين أحدهما ما كان الشكّ فيه في قدح العارض وسمّاه باستصحاب حال الإجماع وثانيهما ما كان الشك فيه في عروض القادح وسمّاه بمطلق الاستصحاب الثالث استصحاب حكم الشّرع عند الشكّ في نسخه إلى أن يثبت النّاسخ سواء ثبت بالإجماع أو بالنّص وسمّاه باستصحاب حكم النّص الرّابع استصحاب ما لا يدور ثبوته على حكم العقل ولا على حكم الشّرع كاستصحاب الحياة والصّحة والسّقم والفقر والغناء عند الشك في زوالها ليبنى عليه ما يلزمها من الأحكام إلى أن يثبت المزيل ومنه استصحاب الحقيقة إلى أن يثبت الاشتراك أو النقل شرعا أو عرفا والعموم إلى أن يثبت التخصيص والإطلاق إلى أن يثبت التقييد والظّاهر إلى أن يثبت التأويل وسمّاه بالاستصحاب في الموضوع لكونه استصحابا في متعلقات الحكم وموضوعاته قال في شرح قول الفاضل التّوني وقد اختلف فيه إلى آخره أما ما يكون عند الشكّ في عروض القادح بأقسامه الثّلاثة أي الاستصحاب الّذي يخصّ لدفع ذلك الشكّ فلا كلام فيه حتّى عند الأخبارية إلا ما يحكى عن بعضهم في بعض أقسامه وهو عجيب والظاهر أنّ مراده بالأقسام الثلاثة القسم الثّاني من استصحاب حال الشّرع والقسم الثّالث والرّابع من الأقسام الأربعة المتقدّمة ثمّ قال وأمّا استصحاب حال العقل فيدور مدار أصل البراءة الّتي هي عدم خاص وقد عرفت أنّه في التكليف والوضع أعني الإيجاب والجعل ممّا أجمع عليه الفريقان فمن اعترف هناك وأنكر هاهنا فقد كابر وتحكّم فلم يبق إلا استصحاب حال الشّرع المسمّى باستصحاب حكم الإجماع فمن ثمّ جعله المصنف رحمهالله محلّ النّزاع بين الفريقين العامة والخاصة وإطلاق المنكر إنّما هو لتخصيص هذا القسم بالذّكر فإنّهم يضربون مثال واجد الماء في أثناء الصّلاة ومن خرج منه الحدث من غير السّبيلين أو غيره كالمذي من أحدهما ونزاع الحنفية في غيره على بعض الوجوه شاذ إلى آخر ما ذكره ومنهم الشّهيد في الذكرى لأنّه قد قسّم حكم العقل غير المتوقف على الخطاب إلى خمسة أقسام ما يستقل به العقل كحسن العدل والتمسّك بالأصل البراءة وعدم الدّليل دليل العدم والأخذ بالأقل عند فقد دليل على الأكثر وأصالة بقاء ما كان قال ويسمّى يعني القسم الخامس باستصحاب حال الشّرع وحال الإجماع في محلّ الخلاف كصحة صلاة المتيمّم إذا وجد الماء في الأثناء إلى أن قال واختلف الأصحاب في حجّيته وهو مقرّر في الأصول انتهى وهو ظاهر في اختصاص النّزاع بحال الإجماع وأن أصالة بقاء ما كان واستصحاب حال الشّرع حيث يطلقان فالمراد بهما استصحاب حال الإجماع ومنهم المحقق الدّاماد في الرّاشحة التّاسعة والثلاثين من الرّواشح السّماوية قال وأمّا أصالة بقاء ما كان