الظنون المطلقة وإن توهمه المحقق القمي رحمهالله ويشهد بما ذكرناه أيضا ما أسلفه المصنف رحمهالله في الأمر الرّابع من كون المعهود من طريقة الفقهاء اعتباره من باب الظنّ النّوعي ولا ريب أن الأصل في باب الظن حرمة العمل به فيقتصر في الخروج منه على مقتضى الدّليل المخرج والقدر الثّابت من بناء العقلاء في موارد الاستصحاب هو الظن الحاصل بنفس المستصحب وآثاره الشّرعيّة المرتبة عليه بلا واسطة لا الآثار غير الشّرعيّة ولا الآثار الشّرعيّة المرتبة عليه بواسطة الآثار غير الشّرعيّة والتّفكيك بين اللازم والملزوم في الشرع واقع ولذا يعتبر الظن بالقبلة دون الوقت وإن كان الأوّل مستلزما للثاني وكذا بين لازمي ملزوم واحد كما سيجيء عند بيان الأصول المثبتة ومن هنا يظهر الوجه في عدم عمل العلماء بالأصول المثبتة في كثير من الموارد بل ربّما عزي القول بعدم اعتباره إلى المشهور مع قولهم باعتبار الاستصحاب من باب الظن وثانيا أنّ العمدة في خروج الأصول العدميّة من محلّ النّزاع هو الإجماع الّذي ادعاه صاحب الرياض كما تقدّم في كلام المستدل والمتيقن منه عدم الخلاف في ثبوت نفس العدم المستصحب أو آثاره الشّرعيّة بالاستصحاب لا مقارناته ولوازمه العقلية أو العادية نعم وقع الإجماع على اعتبار الأصول المثبتة في مباحث الألفاظ في مقام تعيين الأوضاع والمرادات بمثل أصالة عدم النقل والاشتراك وأصالة عدم قرينة المجاز والتخصيص والتقييد وعدم الإضمار ونحو ذلك ولا يجوز التعدي عن موارد الإجماع كما هو واضح (قوله) خروج بعض الأقسام إلخ لأن للاستصحاب العدمي باعتبار المستصحب أقساما لأنّ المستصحب العدمي إمّا أن يكون من قبيل الأحكام أو الموضوعات والأوّل إمّا أن يكون من قبيل الطلبيات أو الوضعيات وعلى التقديرين إمّا أن يكون من قبيل الأحكام الكليّة كما في موارد استصحاب البراءة وإمّا أن يكون من قبيل الأحكام الجزئية كعدم وجوب صلاة الآيات أو الكفارة أو نحو ذلك عند الشكّ في حدوث أسبابها بناء على جريان الاستصحاب الحكمي مع جريان الاستصحاب الموضوعي والثّاني إمّا أن يكون من قبيل الموضوعات المستنبطة أو الصّرفة والأوّل إمّا أن يكون في تعيين الأوضاع كأصالة عدم النقل أو الاشتراك وإمّا أن يكون في تعيين المرادات كأصالة عدم قرينة المجاز أو التخصيص أو التقييد أو الإضمار والثّاني مثل عدم الرطوبة والكرية ونحوهما وقد وقع الإجماع على اعتبار الاستصحاب في بعض هذه الأقسام كما أشرنا إليه في الحاشية السّابقة(قوله) نعم قد يتحقق في بعض إلخ يستفاد من كلامه من باب الإيماء والإشارة ما ينبغي تحقيق المقام به في إثبات كون الاستصحاب العدمي محلّ خلاف أو عدم ثبوت كون اعتباره وفاقيا وتوضيحه أنّ العمدة في دعوى خروج العدميات من محل النزاع هو ما ادعاه صاحب الرّياض من الإجماع ولا ريب أنّ هذه الدّعوى إنما نشأت من ملاحظة عمل العلماء بالأصول العدميّة أصولا وفروعا ولا ريب أن العمل من حيث كونه من قبيل الأفعال لا ظهور له في الجهة الّتي وقع عليها لإجماله من هذه الجهة كما قرّر في الإجماع التقييدي وحينئذ نقول إنّ المدّعى في المقام حجّية الاستصحابات العدميّة بمعنى كون ثبوت العدم في الزمان الثّاني مستندا إلى ثبوته في الزمان الأوّل كما هو المأخوذ في مفهوم الاستصحاب وهذا غير ثابت من عمل العلماء لأنّ غاية ما يستفاد من جهة عملهم حكمهم بثبوت الأعدام عند الشكّ في ثبوتها وأمّا كون ذلك من جهة استصحاب العدم بالمعنى الّذي عرفته أو لأجل قواعد أخر موافقة المؤدّى له مثل قاعدة الشك في المانع مع إحراز المقتضي حيث يحكمون بعدم المانع في مواردها وقاعدة كون عدم الدّليل دليل العدم وقاعدة البراءة ونحوها فلا دلالة لعملهم على تعيين أحد هذين الأمرين فيحتمل أن يكون بناؤهم على العدم في مباحث الألفاظ مثل أصالة عدم النقل أو الاشتراك وأصالة عدم قرينة المجاز أو التخصيص أو التقييد أو نحو ذلك لأجل كون عدم الدّليل دليلا ظنيا على العدم والظن معتبر في مباحث الألفاظ عندهم ويحتمل كون العمل بالظواهر ونفي قرينة المجاز والتخصيص والتقييد لأجل قاعدة إحراز المقتضي والشك في المانع وكذا نفي الأحكام الكليّة المشكوك فيها لأجل قاعدة البراءة وكذلك البناء على عدم النسخ لأجل طهور الكلام في الاستمرار أو قضاء العادة بذلك كما سنشير إلى توضيحه عند شرح قوله والظّاهر بل صريح جماعة إلى آخره ومن هنا ترى أنّ المرتضى رضي الله عنه مع إنكاره للاستصحاب مطلقا وجوديّا كان أو عدميّا لم ينكر البناء على العدم عند الشكّ في الوجود لأنه بعد الاحتجاج في الذّريعة على عدم اعتبار الاستصحاب قال فأمّا القول بأقل ما قيل في المسألة من حيث كان الإجماع ثابتا فيه والزيادة لا دليل عليها فينفي وجوبها فهو صحيح إذا بنى على ما قدمناه من الاستدلال على نفي الحكم بنفي الدلالة عليه إذا كان من الباب الّذي متى كان حقّا وجب أن تكون عليه دلالة منصوبة وليس يختصّ ذلك بأقل ما قيل بل في كل حقّ اختلف في ثبوته وهو ممّا يجب إذا كان ثابتا وجود دلالة عليه فإن قيل لم وجب النفي لعدم دليل الإثبات فلم يجب الإثبات لعدم دليل النفي قلنا لا بدّ لكل مثبت أو ناف من دليل على ما نفاه أو أثبته غير أنّ النّافي لأمر قد علم بالدّليل أنّه لو كان ثابتا لوجب أن يكون عليه دلالة قائمة يمكن أن ينفيه من حيث انتفت الدّلالة عليه وصار انتفاء الدّلالة دليلا كافيا على النفي وليس كذلك الإثبات لأنّه لا بدّ فيه من دلالة هي إثبات لا يرجع إلى طريقة النفي حتّى يقال لو كان منفيا لكان على انتفائه دليل فإذا فقد قطعنا على ثبوته فإنّ الفرق بين الأمرين بيّن بمسائل كثيرة انتهى موضع الحاجة وهو صريح في صحّة البناء على العدم عند عدم الدّليل على الوجود لأجل كون عدم الدليل دليل العدم لا لأجل الاستصحاب بل هو يشهد بعدم كون استصحاب العدم وفاقيا كيف ومناط اعتباره إمّا مجرّد اليقين بالوجود السّابق والشّك في بقائه أو حصول الظنّ شخصا أو نوعا بالبقاء في هذا المورد وعلى كل تقدير فهو موجود في الاستصحاب الوجودي أيضا فكيف يكون أحدهما وفاقيا والآخر خلافيا ومجرّد موافقة الأوّل لبعض الأمارات في مورده لا يوجب القول باعتباره لاختلاف اللحاظ في إعمال الأدلّة مع اتحاد موردها ومؤداها لأن المناط في إعمال الاستصحاب مثلا ملاحظة الحالة السّابقة بخلاف غيره وبالجملة أنّه لا إشكال في وجود الخلاف في الاستصحاب العدمي بل صرّح المصنف رحمهالله بعدم وجدان قائل بالفرق بينه بين الوجودي سوى ما حكاه شارح الشّرح عن الحنفيّة من التفصيل بينهما مستظهرا له من كلام شارح المختصر وإن كان ذلك لا يخلو من خفاء وذلك لأنّ شارح المختصر بعد تعريف الاستصحاب قال وقد اختلف في صحّة الاستدلال به لإفادته الظنّ بالبقاء وعدمها لعدم إفادته إيّاه فأكثر المحقّقين كالمزني والصّيرفي والغزالي على صحّته وأكثر الحنفية على بطلانه فلا يثبت به حكم شرعي ولا فرق عند من يرى صحّته بين أن يكون الثابت به نفيا أصليا كما يقال فيما اختلف في كونه نصابا لم تكن الزّكاة واجبة عليه والأصل بقاؤه أو حكما شرعيّا