الصّلاة لمطابقتها للواقع بعد عدم جريان الاستصحاب وتأتي قصد القربة من الغافل فلا وجه لإطلاق حكم المصنف رحمهالله بالبطلان بمجرّد كونه محكوما بوجوب التطهير في حال الشكّ قبل الصّلاة وأمّا الرابعة فالظاهر هو الحكم بالبطلان لأن استصحاب بقاء الحدث يقضي بوقوع الأجزاء الباقية بلا طهارة وقاعدة الفراغ أيضا غير جارية أمّا بالنسبة إلى الصّلاة فلفرض عدم الفراغ منها وأمّا بالنسبة إلى الطهارة المشكوك فيها فلعدم صدق الفراغ بالنسبة إليها وأمّا الخامسة فهي كما ذكره المصنف رحمهالله من الحكم بالصّحة فيها(قوله) يوجب الإعادة إلخ يرد عليه أنّ وجوب الإعادة حكم عقلي للإتيان بالصّلاة بلا طهارة لعدم المشروط عند عدم شرطه فلا يثبت بالاستصحاب (قوله) إنّ له تقسيما باعتبار المستصحب إلخ اعلم أنّ الأولى للمصنف رحمهالله أن يستوفي الكلام أولا في أقسام الاستصحاب بحسب كل من المستصحب والدّليل الدّال عليه والشك المأخوذ فيه ثم يشير إلى محلّ الخلاف منها لكون ذلك أتم في الإفادة للطالب فنقول أمّا أقسامه باعتبار المستصحب وإن شئت قلت باعتبار الحالة السّابقة على اختلاف تعبيرهم في ذلك فنقول إنّ المستصحب إمّا أن يكون من قبيل الأحكام أو الموضوعات والأوّل إمّا من قبيل الطلبيات أو الوضعيات وعلى التّقديرين إمّا أن يكون الحكم كليّا أو جزئيّا والثّاني إمّا أن يكون من قبيل الموضوعات المستنبطة أو الصّرفة والأوّل إمّا أن يكون في تعيين الأوضاع مثل أصالة عدم النّقل والاشتراك أو تعيين المراد مثل أصالة عدم القرينة أو التخصيص أو التقييد أو الإضمار والثّاني مثل أصالة الكرّية أو اليبوسة أو الرّطوبة وقد يقسم باعتبار أنّ المستصحب قد يكون وجوديّا وقد يكون عدميّا وأمثلتهما واضحة وأمّا أقسامه باعتبار الدّليل الدّال عليه فنقول إن الدّليل الدّال عليه إمّا هو العقل ويسمّى الاستصحاب حينئذ باستصحاب حال العقل وبأصالة النّفي والبراءة الأصليّة وسيشير المصنف رحمهالله إلى اعتراض صاحب الفصول على ذلك أو الشّرع ويسمّى الاستصحاب حينئذ باستصحاب الحال واستصحاب حال الشّرع والثّاني أيضا إمّا لبي كالإجماع أو لفظي كالكتاب والسّنة وأمّا أقسامه باعتبار الشكّ المأخوذ فيه فنقول إنّ الشكّ إمّا أن يكون في المقتضي أو المانع أو الملفق منهما والمراد بالأوّل ما كان الشكّ فيه متعلقا باستعداد الحكم للبقاء بحيث لو لم يعرض له مانع انقضى الحكم فيما بعد لانقضاء استعداده كخمود الفتيلة المشتعلة لانقضاء استعدادها للاشتعال الحاصل من جذب الدّهن الّذي معها وبالثّاني ما كان الشكّ فيه متعلقا بعروض المانع من بقاء الحكم على حسب استعداده للبقاء بحيث لولاه لكان مستمرا نظير خمود النّار بالماء وبالثالث ما كان الشّكّ في البقاء فيه مردّدا بين انقضاء استعداده وعروض المانع والأوّل على ثلاثة أقسام لأنّ الشكّ إمّا أن يكون في مقدار الاستعداد بحسب الزمان مثل الشكّ في بقاء خيار الغبن للمشتري إلى الزّمان الثّاني بعد علمه بالغبن وإمّا أن يكون في مبدإ الحكم بعد العلم بمقدار الاستعداد بحسب الزمان مثل خيار الحيوان لأنه ثلاثة أيام للمشتري ولكن إذا شكّ في ثبوت الخيار له من يوم السّبت أو الأحد حصل الشكّ في أنّ آخره يوم الإثنين أو الثّلاثاء فيستصحب وإمّا أن يعلم استعداد كلّ نوع بحسب الزّمان ويشك في استعداد فرد من أفراد هذه الأنواع لأجل الجهل بنوعه لأنّ الإنسان مثلا له استعداد خاص وهو البقاء إلى مائة سنة أو ما يقرب منها في أمثال زماننا وللبق والحشرات استعداد آخر فإذا علم بوجود حيوان في الدّار وشكّ أنّه إنسان أو من الحشرات فإذا مضى من الزمان مقدار استعداد الحشرات شكّ في بقاء الموجود فيها لأجل الجهل بنوعه والثّاني إمّا أن يكون الشك فيه في عروض المانع مثل الشكّ في صدور الحدث الرّافع للطهارة والطلاق من الزوج الرّافع لعلاقة الزّوجية وإمّا أن يكون في مانعية الموجود وهو على أقسام لأنّ الشك في المانعيّة إمّا أن يكون من جهة الشكّ في حكمه الوضعي الكلّي وإمّا من جهة الشكّ في اندراجه تحت ما علم مانعيته شرعا وإمّا من جهة اشتباهه بما ليس بمانع شرعا والأوّل مثل الشكّ في ناقضية المذي للطهارة والثّاني مثل الشكّ في كون السنة ناقضة للطهارة من جهة الشكّ في دخولها في مفهوم النوم والثالث مثل ما إذا رأى في أثناء صلاته رطوبة في ثوبه أو بدنه وشكّ في كونه بولا أو ماء أو علم أن البول ناقض والمذي ليس بناقض وشك في أنّ الخارج من أيّهما وإمّا أن يعلم بأن العارض ناقض في الجملة ويشك في رفعه للحكم الموجود من جهة الشكّ في موضوعه كما إذا علم إجمالا بنجاسة ثوبه أو بدنه بالدّم أو البول وفرض كفاية الغسلة الواحدة بعد زوال العين في الأوّل واعتبار الغسلتين في الثّاني فإذا غسل ثوبه أو بدنه بغسلة واحدة حصل له الشكّ في ارتفاع النجاسة فتستصحب إلى زمان اليقين بحصول الرافع اليقيني والثالث مثل ما لو وجد المتيمم ماء في أثناء صلاته فأريق قبل مضي زمان يتمكن من التوضي به فيه فإنّهم قد اختلفوا في كون الشك في انتقاض التيمّم من جهة الشكّ في استعداده للبقاء إلى زمان وجدان الماء بأن كان عدم وجدانه مأخوذا في صحة التيمّم أو من جهة الشّك في كون وجدانه رافعا لها ابتداء واستدامة ثمّ إنّ مجموع الأقسام المتقدّمة ترتقي إلى عشرين قسما تسعة باعتبار المستصحب وثلاثة باعتبار الدّليل وثمانية باعتبار الشكّ المأخوذ في الاستصحاب وهنا أقسام أخر أيضا إلاّ أن العمدة منها التي تختلف بها الأدلّة والأقوال المعروفة ما ذكرناه فلا تغفل (قوله) وببنائهم هذه المسألة إلخ بتقريب أن المحتاج إلى العلّة في البقاء هو الوجود دون العدم ولذا اشتهر أنّ الأعدام لا تعلّل فبناؤهم الخلاف في المسألة على ما ذكر يكشف عن عدم الخلاف في الاستصحابات العدمية ويمكن الاستشهاد لخروج الاستصحابات العدميّة من محلّ النّزاع بوجهين آخرين أيضا أحدهما عنوان المسألة في كلمات القدماء باستصحاب الحال سيّما مع صراحة كلام الفاضل الجواد في مقابلته باستصحاب النفي ولا سيّما مع تصريحه بعدم الخلاف في الثاني قال ولا كلام في حجيّة استصحاب النفي إلى أن قال وإنّما الكلام في استصحاب الحال ومحلّه أن يثبت حكم في وقت إلى آخره والآخر دعوى الاتفاق من جماعة على اعتبار استصحاب النفي ولكن المصنف رحمهالله قد أشار في طيّ كلامه إلى ضعف كلا الوجهين إلاّ أنّ ما ذكره في وجه الضّعف لا يتأتى في كلام الفاضل المذكور(قوله) فلا مسرح لها في المقام إلخ حاصله منع اعتبار الإجماع في المقام أوّلا ومنع تحقّقه ثانيا ولعلّ الوجه في الأوّل كون النّزاع في المقام صغرويّا من حيث إفادة الاستصحاب للظنّ وعدمه كما يشير إليه قول المثبت بأن ما ثبت دام وقول المجيب بأن ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم وقال شارح المختصر اختلف في صحّة الاستدلال به لإفادته الظنّ بالبقاء وعدمها لعدم إفادته إياه لعدم كشف الاتفاق حينئذ عن رضا المعصوم نعم لو كان النّزاع فيه بحسب الكبرى لم يكن وجه لمنع اعتبار الإجماع فيه إلاّ أن يقال إنّ المعروف بين العامة والخاصّة في محل البحث هو اعتبار الاستصحاب من باب العقل دون الشّرع ومرجع النّزاع فيه على تقدير كونه كبرويا إلى النّزاع في اعتبار مطلق الظنّ ولا مسرح للإجماع في المسائل العقلية كما نبه عليه المصنف رحمهالله في صدر الكتاب اللهمّ إلاّ أن يريد به بناء العقلاء فتدبر(قوله)