احتمال اعتباره مطلقا ما لم يحصل الظنّ بالخلاف فلم يظهر به قول من العلماء وأمّا قول العضدي في تعريف الاستصحاب بأن الحكم الفلاني قد كان ولم يظن عدمه وكلّما هو كذلك فهو مظنون البقاء وكذا ما نقله المصنف رحمهالله عن شارح الدّروس فلا دخل له فيما ذكرناه بل قوله ولم يظنّ عدمه إشارة بأن الاستصحاب إذا قلنا باعتباره من باب الظنّ شخصا أو نوعا فهو إنّما يفيد ذلك مع عدم الظنّ بخلافه ومرجعه إلى دعوى كون الاستصحاب على هذا التقدير أدنى الأدلّة والأمارات الظنيّة فهو لا يقاوم شيئا من الأدلّة الظنيّة لأنّ اعتباره من باب الظنّ وهو إنّما يفيده مع عدم وجود دليل ظنّي على خلافه وهو كذلك لأنّ منشأ إفادته للظنّ غلبة البقاء في موارده والغلبة إنّما تفيد الظنّ مع عدم قيام أمارة ظنيّة على خلافها(قوله) نعم ذكر شيخنا البهائي رحمهالله إلخ يظهر منه كون اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ الحاصل في مورده من الغلبة والعادة ونحوهما وربّما يتوهّم أنّ هذا ليس قولا باعتبار الاستصحاب لأنّ الحجّة حينئذ في الحقيقة هو الظنّ الحاصل ممّا ذكرناه وفيه أنّ شيخنا البهائي رحمهالله لعلّه يدعي بناء العقلاء على اعتبار خصوص الظنّ الحاصل في مورده لا مطلقا وهذا القدر كاف في نسبة الحجيّة إلى الاستصحاب كيف لا وإفادته للظنّ عند كل من قال باعتباره من باب الظنّ إنّما هو من جهة غلبة البقاء في مورده فالمفيد للظنّ هذه الغلبة لا مجرّد اليقين بالوجود السّابق والشكّ في بقائه (قوله) والشّكّ في نقيضه إلخ مراده بالشكّ هو الوهم المقابل للظنّ (قوله) والظنّ معا إلخ يعني مطلقا سواء كان الظنّ حاصلا على طبق الحالة السّابقة أم على خلافها وقوله فإخراج الظنّ منه ممّا لا وجه له أصلا ربّما يقال إن الأولى أن يعطف عليه الشّكّ أيضا لأنّ شيخنا البهائي رحمهالله قد أخرج الأمرين ويحتمل أن يكون مراده بالظنّ المخرج هو الظنّ الموافق بأن يريد أنّه إذا حصل اليقين بوجود شيء فزوال هذا الاعتقاد ربما يحصل بعروض الشكّ في البقاء وتارة بعروض الظنّ به وأخرى بعروض الظنّ بارتفاعه والقول باعتباره من باب الأخبار يشمل الأقسام الثّلاثة فلا وجه على هذا التقدير لإخراج الظنّ الموافق للحالة السّابقة بتخصيصه بالحجيّة(قوله) فتأمّل الأمر بالتأمّل إشارة إلى إمكان كون مراده بالظنّ هو الظنّ النّوعي المجامع للشك بمعنى تساوي الطرفين وحينئذ لا يبقى في كلامه دلالة على اعتبار الظنّ الشخصي فلا يتم حينئذ ما استظهره منه أولا وحمل الظنّ على النّوعي منه وإن كان خلاف الظاهر إلا أنّ حمل الشك على الوهم خلاف الظاهر أيضا ومع تعارضهما لا يتم الاستظهار المذكور ويحتمل أن يكون إشارة إلى منع ما استظهره ثانيا بقوله بل ظاهر كلامه إلى آخره لأنّ منشأ الاستظهار هو التعبير بقوله اليقين لا ينقضه الشكّ ولكن يوهن هذا الظهور نسبة هذا القول إلى نفسه بقوله قلنا اليقين لا ينقضه الشكّ (قوله) إنّ المستفاد من تعريفنا إلخ حاصله أنّ المستفاد ممّا عرف الاستصحاب به من قوله الاستصحاب إبقاء ما كان أنّه إنّما يتقوم بأمرين أحدهما اليقين بوجود شيء أو عدمه في السّابق وثانيهما عروض الشّكّ في بقاء المتيقّن السّابق ولكنّك قد عرفت سابقا عدم إفادة التعريف المذكور للأمر الثّاني وكيف كان فهذان الأمران يرجعان إلى اعتبار أمور في جريان الاستصحاب أحدها حصول اليقين بالوجود السّابق مثلا حين عروض الشّك سواء كان اليقين حاصلا حين الوجود أيضا أم لا فلا فرق في جريان الاستصحاب بينما لو علم في الأمس بوجود شيء وشكّ اليوم في بقائه وبينما لو علم اليوم بوجوده في الأمس وشك في زمان اليقين أيضا في بقائه إلى حينه ومن هنا يخرج ما لو علم بوجود شيء في زمان ثم شكّ في وجوده في ذلك الزمان بأن شك في كون يقينه السّابق جهلا مركّبا أو موافقا للواقع وهو المسمّى بالشكّ السّاري لعدم جريان الاستصحاب فيه وإن زعم بعضهم عموم أخبار عدم جواز نقض اليقين بالشكّ له أيضا وسيأتي الكلام فيه قال كاشف الغطاء بعد كلام له في الاستصحاب ولو لم يبق علمه باليقين السّابق مع علمه بأنه كان عالما فلا يخلو إمّا أن ينسى طريق علمه السّابق أو يتردّد فيه أو يعلم عدم قابليته والأقوى جريان الاستصحاب في القسمين الأولين وأمّا ما وقع منه من العمل فيحكم بصحّته ما لم يعلم بعدم مقتضى علمه انتهى وثانيها أن يكون الشكّ لاحقا باليقين بمعنى تقدّم المتيقن على المشكوك وإلاّ فقد عرفت عدم اعتبار تقدم وصف اليقين في ماهية الاستصحاب وإنّما قيدنا بذلك احترازا عن الاستصحاب القهقرائي وهو ما كان فيه المشكوك فيه سابقا على المتيقن على عكس الاستصحاب المتعارف فينسحب فيه المتيقن اللاّحق إلى زمان المشكوك فيه السّابق كما في موارد أصالة عدم النقل وقد اشتهرت تسميته بما ذكرناه في لسان الوحيد البهبهاني وتلميذه صاحب الرّياض وسيشير إليه المصنف رحمهالله في التنبيهات فإذا ثبت كون لفظ حقيقة في عرفنا وشك في كونه كذلك في عرف الشّارع أو اللغة أيضا يقال إنّ مقتضى الاستصحاب القهقرائي أن يكون كذلك في عرف الشّارع أو اللغة أيضا والظّاهر أنّ استنادهما في إثبات الحقيقة الشرعية أو اللغوية ليس إلى مثل هذا الاستصحاب لعدم مساعدة دليل عليه بل إلى أمر آخر مثل غلبة تشابه الأزمان ونحوها وإن عبّروا به في مقام الإثبات وثالثها فعلية الشكّ فلا يكفي الشكّ الشّأني والتقديري كما قرّره المصنف رحمهالله قدسسره لأنه المنساق من الشك المأخوذ في الأخبار(قوله) فالمتيقن للحدث إذا التفت إلخ لا يخفى أنّ المتيقن للحدث إمّا أن يلتفت فيحصل له الشّكّ ويصلّي مع شكّه وإمّا أن يلتفت فيحصل له الشكّ ثمّ يغفل عن شكّه فيصلّي ويلتفت إلى شكه بعد الفراغ وحينئذ إمّا يحتمل تطهيره بعد عروض الشكّ له قبل الصّلاة وإمّا لا يحتمل ذلك وإمّا أن لا يلتفت إلاّ في أثناء الصّلاة أو بعد الفراغ فيحصل له الشكّ حينئذ فهذه صور خمس أمّا الأولى فلا إشكال في بطلان الصّلاة فيها وإن لم نقل بحجيّة الاستصحاب لعدم تأتي قصد القربة مع الشكّ في الطهارة وأمّا الثّانية فالظّاهر صحّة الصّلاة فيها لقاعدة الشكّ بعد الفراغ ولا يجري فيها ما ذكره المصنف رحمهالله من علة عدم جريان القاعدة لأنّ احتماله بعد الفراغ لتطهيره بعد الشكّ قبل الصّلاة محقق لمورد القاعدة من حدوث الشكّ في الصّحة بعد الفراغ ومن هنا يظهر أنّه كان على المصنف رحمهالله أن يقيد عدم جريان القاعدة بعدم احتماله لما ذكرناه نعم إنّ الحكم بصحة صلاته الّتي أتى بها في حال الغفلة لا يستلزم الحكم بجواز الإتيان بصلاة أخرى بعد الالتفات من دون تطهير بل يجب عليه التطهير بحكم استصحاب الحدث لما يريد الإتيان به بعد الالتفات من الصّلوات الأخر أو غيرها ممّا تشترط فيه الطهارة وأمّا الثالثة فهي كما ذكره المصنف ره من الحكم بالبطلان لأجل سبق الأمر بالطّهارة بالاستصحاب وعدم جريان قاعدة الشّكّ بعد الفراغ اللهمّ إلاّ أن يقال إنّه في حال غفلته لا يجب عليه التطهير لفرض عدم جريان الاستصحاب في حال الغفلة فإذا صلّى مع الغفلة ثمّ التفت فإن حصل له الشّكّ فالحكم بالبطلان حينئذ ليس من جهة كونه محكوما بوجوب التطهير لأجل الاستصحاب كما هو ظاهر المصنف رحمهالله لفرض عدم جريانه في حال الغفلة بل إمّا للاستصحاب الجاري بعد الالتفات أو لقاعدة الاشتغال وإن انكشفت له الحال وظهر كونه متطهرا في حال الصّلاة فلا بد من الحكم بصحّة