وجوبهما فتأمّل وثالثا أنّه لا يخلو إمّا أن نقول بوجوب المقدّمة شرعا سيّما في مثل ما نحن فيه من المقدّمات العلميّة التّي قد ادعى بعضهم عدم الخلاف في وجوبها وإمّا أن لا نقول به فإمكان قصد الوجه على الأوّل واضح لوجوب كلّ من الفعلين من باب المقدّمة وعلى الثّاني يمكن قصد الوجه الواقعي بمجموع الفعلين أو الأفعال المحصلة للمأمور به الواقعي بأن ينوي بمجموعها الإتيان بالمأمور به الواقعي بقصد وجوبه الواقعي ولا ريب أن الاستدامة من أوّل العمل على هذا القصد مستلزمة لمقارنة المأمور به الواقعي لقصد وجهه ولا دليل على اعتباره أزيد من ذلك إذ لا دليل على اعتبار معرفة الواجب الواقعي تفصيلا حين العمل سيّما في خصوص المقام ولا فرق فيما ذكرنا بين استلزام الموافقة الإجماليّة لتكرار العمل وعدمه وثانيهما أن يتمكن من تحصيل العلم التّفصيلي بالموافقة كما هو المقصود بالبحث في المقام والاقتصار على الموافقة الإجمالية حينئذ إمّا مع الحاجة إلى تكرار العمل أو بدونها وقد أطلق المصنف رحمهالله أنّ مقتضى القاعدة جواز الاقتصار في الامتثال بالعلم الإجمالي لتحقّق الامتثال أقول توضيح ذلك أن ما يتوهّم كونه مانعا من حصول الامتثال في المقامين أو في الجملة أحد أمور على سبيل منع الخلو أحدها ما استظهره المصنف رحمهالله ونقله عن بعضهم وقال في أواخر مسألة البراءة ببالي أنّه صاحب الحدائق من ثبوت الاتفاق على عدم جواز الاكتفاء بالاحتياط إذا توقف على تكرار العبادة بل قد استظهر في مقدّمات دليل الانسداد عند إبطال وجوب الاحتياط تحقّق الإجماع على عدم جواز الاحتياط مطلقا مع التمكن من العلم التّفصيلي وقال كما أشرنا إليه في أوّل الرّسالة في مسألة اعتبار العلم الإجمالي وإنّه كالتّفصيلي أم لا فراجع انتهى فتأمّل وما نقله عن السّيّد الرّضي وتقرير أخيه له على ذلك من الإجماع على بطلان صلاة الجاهل بأحكامها وقال في أواخر مسألة البراءة ونقل غير واحد اتّفاق المتكلّمين على وجوب الإتيان بالواجب والمندوب لوجوبه أو ندبه أو لوجههما ثمّ قال بعد نقل ما عرفت من الشّريف الرّضي والمرتضى بل يمكن أن يجعل هذان الاتّفاقان المحكيان عن أهل المعقول والمنقول المعتضدان بالشّهرّة العظيمة دليلا في المسألة فضلا عن كونهما منشأ للشّكّ الملزم للاحتياط كما ذكرناه انتهى ويؤيّده أو يدلّ عليه أيضا ما ادّعاه هنا من السيرة المستمرة وبالجملة أنّ مقتضى هذه الإجماعات صريحا في بعضها والتزاما في بعض آخر عدم جواز الاحتياط مع التمكّن من الإطاعة التّفصيليّة سواء كان الاحتياط مستلزما لتكرار العمل أم لا وفيه أنّ الإجماع أو الاتفاق المحصل منهما غير حاصل والمحكي منهما ليس بحجة سيّما في مثل المقام المحتمل بل المظنون كون سند المجمعين إمّا تخيّل عدم حصول الإطاعة عرفا بالموافقة الإجماليّة وإمّا زعم اعتبار قصد الوجه والأوّل مقطوع العدم والثّاني قريب منه كما سنشير إليه ودعوى الإجماع مع كون سند المجمعين هو الأوّل من قبيل دعوى الإجماع في الأمور العقليّة وقد استوفينا الكلام فيها في مسألة التّجري فلا حاجة إلى الإعادة وأوهن ممّا تقدّم دعوى استمرار سيرة العلماء على عدم تكرار العبادة مع ثبوت الطّريق إلى الحكم الشّرعي فإنّها على تقدير تسليمها إجماع عملي محتمل لكون مبني عملهم على زعم أحد الأمرين المشار إليهما آنفا فإن قلت هب عدم تحقّق الإجماع تحصيلا وعدم حجّيته نقلا إلاّ أنّه لا أقل من تحقق الشّهرة وهي مع الإجماعات المنقولة مورثة للشكّ في حصول الإطاعة بالموافقة الاحتمالية لا محالة لكشف ذلك كلّه ولو على سبيل الاحتمال إمّا عن عدم تحقّق عنوان الإطاعة بالموافقة الإجماليّة وإمّا عن اعتبار قيد زائد في الامتثال كقصد الوجه أو العلم به وإن تحقّق الامتثال بدونه عرفا ومع الشّكّ يرجع إلى قاعدة الاحتياط لعدم كون المقام من موارد البراءة كما أشار إليه المصنف رحمهالله في آخر كلامه الّذي نقلناه عنه قلت أمّا احتمال عدم حصول عنوان الإطاعة عرفا بالموافقة الإجماليّة فمنفي قطعا كما ادعاه المصنف رحمهالله في أواخر مسألة البراءة وأوضحناه سابقا وأتينا لك بمثال لا يبقى لك بملاحظته ارتياب أصلا وأمّا احتمال اعتبار قيد زائد شرعي في الامتثال فملاحظة إطلاقات أدلّة الإطاعة كتابا وسنّة وإطلاقات عناوين العبادات وبياناتها وسيرة المسلمين وسيرة النّبيّ والأئمّة عليهمالسلام مع النّاس تشرف الفقيه على القطع بعدم اعتبار قصد الوجه أو العلم به في امتثال التكاليف التعبّدية إذ لو كان لأشير إليه لا محالة وإلى هذا الوجه أشار المصنف رحمهالله في مقدّمات دليل الانسداد في مقام إبطال وجوب الاحتياط ثمّ قال ولذا ذكر المحقق كما في المدارك في باب الوضوء أن ما حققه المتكلّمون من وجوب إيقاع الفعل لوجهه أو وجه وجوبه كلام شعري انتهى ومع التّسليم فاحتماله منفي بأصالة البراءة بالتقريب الّذي أسلفناه سابقا وإن كان ذلك خلاف ما يظهر من المصنف رحمهالله كما أشرنا إليه أيضا وممّا ذكرناه وقد ظهر أن من حصل له القطع بعدم الاحتمالين فلا مجال له للاحتياط في المقام بترك الاحتياط نعم إن احتمل أحدهما أو كليهما فله ذلك وثانيها اعتبار قصد الوجه المتوقف على معرفة كون المأتي به هو المأمور به وجوبا أو استحبابا وقد حكاه المصنف هنا عن جماعة وعزاه إلى المشهور في آخر مسألة البراءة وقد تقدّم نقل جماعة اتفاق المتكلّمين على ذلك وتقدّم أيضا عن السّيّد الرّضي وأخيه المرتضى دعوى الإجماع على بطلان صلاة من لا يعرف أحكامها ومنها معرفة وجهها وفيه أنّ اعتبار قصد الوجه إن كان لأجل عدم تحقّق عنوان الإطاعة إلاّ به فقد عرفت ضعفه وإن كان لدليل تعبدي فلم يثبت أن لم يثبت خلافه كما أشرنا إليه مع مخالفته للأصل وأمّا اعتبار العلم بالوجه وتمييز واجبات العبادة عن مستحبّاتها كما ذكره العلاّمة في الإرشاد فإن كان لأجل كون العلم مقدمة لقصد الوجه المعتبر لأحد الوجهين المذكورين فقد عرفت منع وجوب ذيها فكيف يثبت وجوبها وإن كان لتوقف تحقّق عنوان