الإشكال المذكور لابتنائه كما ستعرفه على بقاء التّكليف بالواقع وصحّة العمل المأتي به ومن هنا يظهر أيضا عدم تأتي الإشكال المذكور فيما أفتى به جماعة من حلية أكل الرّبا مع الجهل بالحكم مع التقصير لتصريحهم بالمعذورية بحسب الحكم التكليفي وفساد المعاملة قال في الدّلائل اعلم أنّ المعاوضة الرّبوية باطلة من أصلها في القدر الزّائد والمساوي عالما وجاهلا قاصرا ومقصّرا لكن الدّليل دلّ على أنّ الجاهل هنا لا إثم عليه وإن كان مقصّرا وأنه متى عرف وتاب حلّ له ما مضى من الرّبا وإن كان متميّزا وصاحبه معروفا وإن لم يتب فكالعامد انتهى (قوله) بمعذورية الجاهل إلخ المراد به الجاهل بالجهل المركب لعدم تأتي قصد القربة من الجاهل بالجهل البسيط فتبطل عبادته من هذه الجهة لا محالة(قوله) وظاهر كلامهم إرادتهم إلخ هذا ظاهر ما سئل عنه الرّسي والرّضي والسيّد المرتضى رضي الله عنهم على ما حكاه عنهم جماعة قال الأوّل ما الوجه فيما تفتي به الطّائفة من سقوط فرض القضاء عمّن صلّى من المقصرين صلاة المتمّم بعد خروج الوقت إذا كان جاهلا بالحكم في ذلك مع علمنا بأنّ الجهل بأعداد الرّكعات لا يصحّ معه العلم بتفاصيل أحكامها ووجوهها إذ من البعيد أن يعلم بالتفصيل مع جهل الجملة الّتي هي الأصل والإجماع على أن من صلى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية وما لا يجزي من الصّلاة يجب قضاؤه ويقرب منه سؤال الثّاني أيضا وأجاب المرتضى عنه مقرّرا لهما على ما يستفاد من كلامهما من كون الحكم مفروغا منه تارة بأنّه يجوز تغيّر الحكم الشّرعي بسبب الجهل وإن كان الجاهل غير معذور وأخرى بما يقرب منه أيضا من أنّ الجهل وإن لم يعذر صاحبه وهو مذموم يجوز أن يتغيّر معه الحكم الشّرعي ويكون حكم العالم بخلاف حكم الجاهل وقال في الجواهر بعد نقله وكأنّه يريد أن الجاهل هنا أيضا غير معذور بالنسبة للإثم وعدمه وإن كان فعله صحيحا للدّليل وستعرف تتمة كلامه (قوله) فحينئذ يقع الإشكال إلخ توضيح الإشكال إنّ مقتضى عدم معذورية المكلّف بحسب الحكم الواقعي بقاء الأمر بالواقع ومقتضى كون المأتي به مسقطا عن الواقع كونه صحيحا إذ لا معنى لإسقاط الباطل وصحّته فرع الأمر به لأنّه معنى الصّحة في العبادات وحينئذ يلزم الأمر بضدّين في آن واحد وهو خلف وحينئذ لا بدّ في دفع الإشكال كما ذكره المصنف رحمهالله إمّا من منع أحد الأمرين أو دعوى عدم التضاد بينهما والوجوه المذكورة في مقام الجواب عن الإشكال المذكور راجعة إلى أحدهما(قوله) إمّا بدعوى كون القصر إلخ هذا الجواب قد تقدم عن المرتضى في جواب ما أورده الرّسي وأخوه الرّضي رضي الله عنهم وحاصله تغيير الأحكام الواقعية بالعلم والجهل فالمسافر العالم بالقصر حكمه القصر في الواقع والجاهل به حكمه الإتمام كذلك وكذا في مسألة الجهر والإخفات وفيه أولا أنه غير معقول إذ مقتضى فرض العلم أو الجهل بحكم كونهما مسبوقين به فكيف يكون مدار وجوده عليهما وثانيا أنّه مستلزم للتّصويب الذي لا يقول به المصوّبة لما عرفت من استلزامه كون مدار الأحكام الواقعيّة على الاعتقاد وأمّا عدم قول المصوبة بذلك فلأنّهم إنّما يقولون بالتصويب في الموارد الخالية من النص كما في موارد القياس والمصالح المرسلة وقد تقدم دلالة النّص والإجماع على حكم ما نحن فيه اللهمّ إلاّ أن يراد من اختلاف الأحكام بالعلم والجهل تنجز الحكم الواقعي بالعلم في حق العالم وحدوث حكم ظاهري في حقّ الجاهل على حسب اعتقاده كحدوث الإباحة الظّاهريّة في حق الجاهل بالوجوب والحرمة مع بقاء الحكم الواقعي على حاله في الواقع ولكن ينافيه ما تقدّم عند شرح قوله وظاهر كلامهم إرادتهم إلى آخره من كون ظاهرهم إرادة عدم المعذوريّة بحسب الحكم الواقعي ومن هنا قد حمل كلامهم في الجواهر على إرادة قضيّة الترتّب الّذي نقله المصنف رحمهالله عن كاشف الغطاء قدسسره كما ستقف عليه (قوله) إلا أنّه مستغنى عنه إلخ لأنّه إن أراد الاستغناء ما دام اعتقاد الخلاف باقيا فله وجه وكذا إن انكشف الخلاف بعد خروج الوقت بناء على كون القضاء بأمر جديد وأمّا إن انكشف الخلاف في الوقت فلا وجه له إذ لا بد حينئذ من الإعادة لأنّ المسافر إذا اعتقد أن تكليفه الإتمام وصلّى تامة ثم انكشف خلافها قبل خروج الوقت لا يكون المأتي به مجزيا وإن قلنا بالإجزاء في الأوامر الظاهرية لعدم حدوث أمر ظاهري بسبب الاعتقاد بالمأتي به لأنّ غايته المعذورية في عدم الإتيان بالواقع ما دام الاعتقاد باقيا لا حدوث أمر من قبل الشّارع بالمعتقد كما قررناه في مسألة الإجزاء واعترف به المصنف رحمهالله في بعض كلماته (قوله) لكن هذا كلّه إلخ لأن مرجع هذه الأربعة إلى عدم تعلق التكليف بالواقع في حق الجاهل إمّا لكون التكليف الواقعي في حقه ما اعتقده وإمّا لعدم تنجز التّكليف الواقعي في حقّه أو لارتفاع خطابه وإن كان معاقبا على مخالفة الواقع (قوله) بالتزام أنّ غير الواجب إلخ بأن كان المأتي به أمرا أجنبيّا غير مأمور به وكان مع ذلك مسقطا عن الواجب وهذا الوجه قد اختاره بعض مشايخنا وفيه مضافا إلى ما أورده عليه المصنف رحمهالله أنّه مناف لقاعدة اللّطف لأنّه إذا اعتقد المسافر كون التكليف في حقّه الإتمام وصلّى تامّة ثم انكشف خلافه قبل خروج الوقت فمقتضى اللّطف الباعث على بعث الأنبياء وإرسال الرّسل ونصب الأوصياء عليهم الصّلاة والسّلام وتكليف العباد بما كلّفوا به هو بقاء الأمر الواقعي وكون الجاهل مكلّفا بامتثاله بعد زوال جهله (قوله) نعم قد يوجب إتيان إلخ فعليه لا بدّ من دعوى كون الحرام مسقطا عن الواجب (قوله) إنّ الظاهر من الأدلة إلخ روى ابن بابويه في الصّحيح عن زرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قالا قلنا فمن صلّى في السّفر أربعا يعيد أم لا قال إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له فصلى أربعا أعاد وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه وظاهر نفي الإعادة صحة الصّلاة المأتي بها وكونها مطلوبة للشّارع وفي صحيحة زرارة الواردة فيمن جهر في موضع الإخفات أو عكس وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمّت صلاته (قوله) وثبوت الأمر بالبدل فتأمّل إلخ لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى منع تعلق الأمر بالبدل في كلّ مورد لأنّ الفعل الاضطراري قد يسقط عن الواجب بل فعل الغير أيضا قد يسقط عنه كما صرّح به المحقق القمي رحمهالله كما إذا وجب غسل الثوب للصّلاة فأطارته الريح إلى الماء فانغسل بنفسه أو وجب عليه تحصيل الماء للوضوء أو الغسل ففاجأه من أتاه به ولكنّك خبير بأنّه تمكن دعوى الكلية الّتي ادعاها المصنف رحمهالله في الأبدال الشرعيّة وما ذكر إنّما هو من قبيل الأبدال العقلية لجواز حصول الغرض في الواجبات التوصلية بالفعل الاضطراري أو فعل الغير بخلاف الواجبات التعبّدية ويحتمل أن يكون الأمر بالتأمّل إشارة إلى أنّه إن أريد بالكليّة الّتي ذكرها الاستقراء التام المفيد للقطع في مورد الشكّ فهو ممنوع وإن أريد بها الاستقراء الناقص المفيد للظنّ فهو ليس بحجة ويحتمل أن يكون أشار إلى انتقاض الكليّة بمثل السّفر المسقط لوجوب الصّوم مع عدم الأمر به يقينا(قوله) والثّالث بما ذكره كاشف الغطاء إلخ على هذا الوجه حمل في الجواهر ما تقدّم من المرتضى رحمهالله قال بعد نقله وكأنّه يريد أنّ الجاهل هنا أيضا غير معذور بالنسبة للإثم وعدمه وإن كان فعله صحيحا للدّليل إذ لا بأس بترتيب الشّارع حكما على فعل أو