انكشف بطلان الاعتقاد الأوّل فمقتضى الاعتقاد الثّاني المعتبر من باب محض الكشف هو تأثير العقد من حين وقوعه لا من حين حصولهما ودعوى إمكان اشتراط تأثير العقد بحصول الاعتقاد المذكور ضعيفة إذ المقطوع أو المظنون كون العقد مؤثرا من حين وقوعه فكيف يتأخّر تأثيره عنهما وبعبارة أخرى أن مقتضى تأخّر تأثيره عنهما اعتبارهما من باب الموضوعيّة دون الكشف وهو خلاف المفروض وأمّا الثّاني فإنّه وإن أمكن أن يقال إنّ المؤثر من العقود مثلا ما قام طريق شرعيّ عليه بمعنى تأثيره من حين قيام الطريق لا من حين وقوعه نظرا إلى عدم كون اعتبار الطّرق الشرعيّة من باب الطريقيّة المحضة كالقطع أو الظنّ المطلق على ما عرفت إلا أن ذلك خلاف ظاهر أدلة اعتبارها لأنّ ظاهرها اعتبارها من باب الطّريقيّة والكشف وإن قلنا بتضمنها لوجود مصلحة فيها متداركة لمصلحة الواقع على تقدير تخلفها عنه ومقتضى اعتبارها من باب الكشف ثبوت مؤدّياتها في الخارج ولا ريب أن مؤدّى الطّريق صحّة العقد من حين وقوعه لا من حين قيام الطريق ولذا قلنا بعدم الإجزاء في الأحكام الظّاهرية والعذرية وكذا بوجوب تجديد المعاملات عند تجدّد رأي المجتهد وإذا حققت ذلك ظهر لك مواقع النظر في كلام المفصّل منها قوله كالمجتهد المتبدل رأيه لأن قياس العامي المعتقد بحكم في واقعة لأجل سكونه إلى أبويه وأمثالهما على المجتهد واضح الفساد وإن كان يظهر مثله من المحقق القمي رحمهالله أيضا في غير موضع من كتابه لأن غاية ما يترتب على اعتقاد العوام عدم المؤاخذة على عمله ما دام اعتقاده باقيا لا تأثير اعتقاده في صحّة عمله مع مخالفته للواقع لأنّ هذا هو القدر الثابت من حكم العقل بجواز عمله باعتقاده فالقول بالإجزاء في الأوامر الظّاهريّة الشرعيّة لا يلازم القول به فيما نحن فيه لعدم ثبوت أمر شرعي بالمأتي به ولو بحسب العقل حتّى يتأتى فيه القول بالإجزاء ونحوه الكلام في قطع المجتهد بحكم في بعض الوقائع لكون القطع مطلقا طريقا عقليّا لا شرعيّا وأوضحنا الكلام فيما يتعلق بالمقام في مبحث الإجزاء وغيره ومنها قوله إذ المفروض عدم القطع إلى آخره إذ قد عرفت عدم الفرق بين القطع والظنّ فراجع ومنها قوله وأمّا ما يختصّ أثره إلخ لأنّ دعوى الفرق بين العقود والإيقاعات وما ذكره من مثال الطّهارة والتذكية غير واضحة كما أشار إليه المصنف رحمهالله بقوله فإن أحكام زوجية هند لزيد إلى آخره ومنها قوله فلم يترتب في حقّه الأثر إلخ لأنّه إن أراد عدم ترتبه عند الفاعل الجاهل بالواقع فهو مسلم إلاّ أنّه غير مجد وإن أراد عدم ترتبه في الواقع المنكشف بالتقليد بعد إيقاع العمل فممنوع لما عرفت من كون الطّرق الشّرعيّة كواشف عن صحّة العمل أو بطلانه من حين وقوعه لا من حين قيام الطّريق ومن هنا يظهر فساد قوله ولم يصر هذا سببا كذلك إلى آخره إذ غاية الأمر عدم ثبوت السّببية عنده قبل التقليد أمّا بعده فهو يكشف عن ثبوتها من أوّل الأمر ومنها قوله والأصل في المعاملات الفساد لأنّ جميع ما ذكره في صورة اختصاص الأثر بمعين أو معينين من قضية انفصال السّببيّة وأصالة الفساد والاستصحاب جار في صورة عدم الاختصاص أيضا كما هو واضح ومنها قوله فيستصحب إلخ لحكومة الأدلة الاجتهادية على الأصول العملية وقد عرفت كون التقليد كاشفا عن صحّة العقد من أوّل الأمر(قوله) وتوريثها منه أي إعطاء الورثة أو الحاكم الإرث من ماله لها(قوله) والإنفاق عليها أي إنفاق الحاكم أو ولي الصّغير أو المجنون عليها من ماله إذا كان مسافرا أو محبوسا أو مجنونا أو غير ذلك ممّا يتفق له من الموانع الشّرعيّة أو العقلية الّتي تمنع من مباشرة الإنفاق له عليها(قوله) نعم لا يكون مكلفا إلخ هذه ثمرة قيام الطّريق العقلي أو الشّرعي (قوله) عرفت مواقع النظر كما عرفتها مستوفاة ممّا قدمناه (قوله) وتمام الكلام في محلّه إلخ قد استوفينا الكلام في ذلك في مبحث الإجزاء بما لا مزيد عليه (قوله) ثمّ إنّ مرآة مطابقة إلخ لا يخفى أنّ الوجوه الأربعة المذكورة في الأمر الأوّل آتية هنا أيضا(قوله) من أن التكليف الأوّلي إلخ لأن المقصود الأوّلي من تكليف العباد امتثال الأحكام الواقعيّة الأولية والطّرق الشّرعية إنّما اعتبرت لكونها غالبة الإيصال إليها لا من حيث الموضوعيّة وموافقة هذه الطّرق إنّما تجدي بالنسبة إلى من سلك بها لا بالنسبة إلى من أهملها وسلك في امتثال الأحكام الشّرعية سبيل هواه وهو كما ترى في غاية من الضّعف لأنّ الكلام في عمل الجاهل على طبق البراءة من دون فحص أعم ممّا أمكن بعد الفحص في مورد العمل للوصول إلى الواقع على سبيل القطع وإلى طريق شرعيّ معتبر وممّا لم يمكن فيه ذلك لأجل عدم وجود طريق قطعي وظنّي في الواقع وممّا أمكن فيه أحدهما دون الآخر وعلى الأوّل أعمّ ممّا وافق الطريق للواقع وممّا خالفه وعلى جميع التقادير أمكن فيه الاحتياط أم لا كما إذا دار الأمر بين المحذورين كما لو دار الأمر بين وجوب فعل وحرمته ولا ريب أيضا أنّه لا فرق في مؤدّيات الأدلة الدّالة على وجوب العمل بمقتضى الطرق الشّرعيّة بين من كان طالبا للوصول إليها والعمل بمؤدّاها ومن أعرض عنها وأخذ في عمله سبيل هوى نفسه نعم لا يجب الأخذ بها تعيينا على من تمكّن من تحصيل العلم بالواقع تفصيلا أو إجمالا بالاحتياط وحينئذ فدعوى عدم ثبوت التكليف بالطّرق الظاهريّة إلاّ لمن عثر عليها واضحة الفساد لأنّه إن أريد بنفي التكليف عمّن لم يعثر عليها نفيه عمّن لم يعثر عليها بعد الفحص فهو خارج ممّا نحن فيه وإن أريد نفيه عمّن لم يعثر عليها قبل الفحص فهو مناف لمقتضى أدلتها كما عرفت سيما فيما لا يمكن تحصيل الواقع فيه تفصيلا ولا إجمالا بالاحتياط إمّا لعدم كون الواقعة موردا له بالذات كما عرفت أو لعروض المانع منه مع فرض التمكن من الفحص ووجود الطّريق الشّرعي في الواقع بحيث يصل إليه بعد الفحص نعم تسليم ثبوت التكليف بها مع وجودها في الواقع وإمكان العثور عليها بعد الفحص ومنع تأثير الموافقة الاتفاقية لها حينئذ مع مخالفة العمل للواقع في إسقاط العقاب كلام آخر سيوضحه المصنف رحمهالله عند بيان ما قوّاه وممّا قدّمناه من تعميم محلّ الكلام لما قدمناه يظهر أن قوله في بيان الوجه الثّاني أن الواقع إذا كان في علم الله سبحانه إلى آخره وكذا قوله في بيان الوجه الثّالث فلأنّه كان قادرا على موافقة الواقع بالاحتياط وكذلك قوله في بيان الوجه الرّابع ومن عدم التكليف بالواقع لعدم القدرة أخصّ من المدّعى مضافا إلى ضعف الوجوه المذكورة كما يظهر بالتأمّل في بيان ما قواه (قوله) ومن أن الواقع إذا كان إلخ لا يخفى أنّ الجاهل إذا عمل على طبق البراءة من دون فحص فلا يخلوا إمّا أن يكون المقام بحيث لا يمكن فيه الوصول بعد الفحص إلى الواقع ولا إلى طريق مجعول أو يمكن الوصول فيه إلى الواقع دون الطريق الشّرعي سواء لم يكن هنا طريق أصلا أو كان ولم يمكن الوصول إليه أو بالعكس وعليه لا يخلو إمّا أن يكون الطّريق مطابقا للواقع أو مخالفا له وإمّا يمكن الوصول إلى كلّ من الواقع والطّريق وعليه أيضا إمّا أن يكون الطريق مطابقا للواقع أم مخالفا له وفي موارد التمكن من الوصول إلى الطّريق المجعول إمّا أن يكون الطّريق متحدا