الاستشكال على مذاق المشهور وإلاّ فعلى مذاق المصنف رحمهالله لا بد من الحكم بالصّحة لارتفاع النّهي بالنسيان وعدم تأثير المبغوضية في البطلان كما صرّح به في الجهل بالحكم والتحقيق أن يقال إن نسيان الحكم إمّا أن يكون من تقصير في المحافظة أو قصور فيها وعلى التقديرين إمّا أن يكون الحكم المنسي مما يبتلي به المكلف غالبا أو لا والأقرب هو الحكم بالصّحة على جميع التقادير أمّا على تقدير ندرة الابتلاء فواضح لعدم وجوب المحافظة حينئذ على عدم وقوع النّسيان إذ كما لا يجب تعلم المسائل مع عدم غلبة الابتلاء كما صرّح به المصنف رحمهالله عند بيان وجوب الفحص في العمل بأصالة البراءة كذلك المحافظة على عدم وقوع النسيان بعد تعلّمه بل بطريق أولى وكذلك مع غلبة الابتلاء إذا كان النسيان من من قصور لوضوح عدم التكليف بالمحافظة حينئذ وأمّا مع التقصير فإن سلمنا حصول العصيان حينئذ بسبب ترك المحافظة فلا ريب أن النّهي يرتفع بسبب النسيان فلا بد من الحكم بالصّحة مع أنّ وجوب المحافظة على عدم وقوع النسيان ممنوع لحديث رفع الخطاء والنسيان لإطلاقه بالنسبة إلى صورتي القصور والتقصير ومنه يظهر ضعف تأمل بعضهم في ناسي الموضوع كالعلامة في مبحث المكان من القواعد بل حكي عنه الحكم بالبطلان فيها في مبحث لباس المصلّي لارتفاع النّهي بالنسيان أولا وارتفاع حكم النسيان بالنبوي ثانيا(قوله) إنّه يلزم حينئذ عدم العقاب إلخ قد تقدّم توضيحه وما يدفعه عند شرح قوله وقد خالف فيما ذكرنا إلى آخره وما دفعنا به الملازمة المذكورة هناك أشار المصنف رحمهالله إليه هنا بقوله ويمكن أن يلتزم حينئذ إلى آخره فراجع وستقف على تتمة الكلام في ذلك (قوله) فإنّه قد تكون الحكمة إلخ قال صاحب الفصول في مبحث المقدّمة ثم اعلم أيضا أنّ الواجب النفسي قد يكون وجوبه لفائدة التهيؤ والاستعداد لواجب آخر مشروط بشرط غير حاصل فيجوز أن يكون وجوبه من هذه الجهة مراعى لوجوب ذلك الواجب المشروط على تقدير الإتيان بهذا الواجب والامتثال به مراعى بوقوعه فيجوز أن يترتب على ترك مثل هذا الواجب ما يترتب على ترك الآخر إذا أدّى تركه إلى عدم تحقق وجوبه لاستناد فوات فوائده إليه وينبغي أن يجعل من هذا الباب استحقاق المرتد الّذي لا تقبل توبته العقوبة على ما يفوته بالارتداد من الواجبات المشروطة بأمور غير حاصلة حال الارتداد لو قلنا بذلك وأن يجعل منه وجوب تعلم الصّلاة وأحكامها قبل دخول وقتها مع أنّ وجوبها مشروط بدخول وقتها لو قلنا بذلك ويقرب هذا النّوع من الواجب النفسي إلى الواجب الغيري بالمعنى المتقدّم لمساواته إيّاه في جملة من الثمرات وربّما يظنّ أنّه منه وليس كما يظنّ إذ لا يعقل الوجوب الغيري عند عدم وجوب الغير فكيف يكون من بابه نعم لو فسّر الوجوب الغيري بمعنى آخر أعمّ من المعنى المتقدّم جاز انتهى وقول المصنف رحمهالله ويمكن أن يلتزم حينئذ باستحقاق إلخ الظّاهر أنّ مراده حمل كلام المشهور على الوجه الأخير من الوجوه المتقدّمة المحتملة في كلامهم من الالتزام بترتب عقاب الواجبات المشروطة حين ترك الفحص المفضي إلى تركها وإن كان ترك الفحص قبل زمان تحقق شرط وجوبها وفي كلامه نوع مسامحة إذ لا بدّ حينئذ أن يقول عند ترك تعلم بدل على ترك التعلم اللهمّ إلاّ أن يريد بترتب العقاب على ترك التّعلم ترتبه عليه من حيث إفضائه إلى ترك التكاليف لا من حيث نفسه نظير قوله في توجيه كلام الأردبيلي رحمهالله فإذا ترك المعرفة عوقب عليه من حيث إفضائه إلى آخره ثم إنّ الوجه فيما ذكره هو قبح تفويت المكلّف للخطابات الواقعية بسوء اختياره وإن لم تكن منجزة حين تفويتها بشهادة بناء العقلاء كما ذكره من مثال الطومار وأنت خبير بإمكان منعه إذ لو صحّ ذلك لوجب تحصيل شرائط الوجوب أيضا على فاقدها كالاستطاعة والنّصاب في الحجّ والزّكاة لوضوح عدم الفرق بينها وبين شرائط تنجزه كالعلم والالتفات فيما نحن فيه إذ الباعث على بنائهم أنهم على تقبيح تفويت الواقع هو قبح تفويت مصالح الواقع وهو مشترك الورود فكما يقبح ترك الفحص المؤدّي إلى عدم تنجز التكليف بالحجّ بعد حصول الاستطاعة لأجل عروض الغفلة عن وجوبه كذلك لو ترك تحصيل الاستطاعة ممن قدر عليه أو شربت المرأة دواء صارت به حائضا وهو خلاف الإجماع مع أنّ ثبوت بنائهم على وجه يكشف عن حقيّة ما بنوا عليه في الواقع على سبيل القطع أو عن تقرير المعصوم عليهالسلام كذلك قابل للمنع نعم لا تبعد دعوى قبح تفويت الشرط فيما كان شرطا للفعل دون الوجوب كما في الواجب المعلّق على ما ذكره صاحب الفصول وإلاّ لزم لغوية توجيه الخطاب قبل زمان الفعل فتأمل وأمّا ما ذكره من مثال الطومار فيمكن أن يمنع كون الذّم فيه لتفويت الواجبات المشروطة قبل زمان تحقق شرط وجوبها كما يظهر ممّا ذكرناه ولعلّه إلى ما ذكرناه أشار المصنف رحمهالله بالأمر بالتّأمل (قوله) هذا خلاصة الكلام إلخ اعلم أنّه قد بقي الكلام في عقاب الجاهل القاصر ولم يتعرض له المصنف رحمهالله ولعلّه لقلّة وجوده في الخارج والكلام فيه أيضا في عمله تارة من حيث العقاب وأخرى من حيث الصّحة والفساد فالكلام فيه في مقامين أمّا المقام الأوّل فاعلم أنّ القصور تارة ينشأ من عدم تحصيل المكلّف حظّا من العلم يتمكن به من استعلام الأحكام عن أدلتها وأخرى من جهة سنوح العوارض الخارجة وإن كان ذا ملكة قدسيّة يقتدر بها على استعلامها إن لم تسنح هذه السّوانح كالمرض أو الحبس المانعين من الفحص أو عدم وجود كتب الأخبار والاستدلال عنده ونحو ذلك أمّا الأوّل فوظيفته التقليد بلا إشكال وأمّا الثاني فهل يجوز له العمل على طبق البراءة لعموم أدلتها بعد فرض عجزه عن الفحص أو يجب عليه العمل بالأصول الجارية في الموارد الشخصيّة أو يجب عليه الاحتياط بالأخذ بأوثق الاحتمالات لعلمه إجمالا بالأحكام الواقعية فيرجع شكّه إلى الشكّ في المكلف به دون التكليف أو يجب عليه تقليد مجتهد حيّ عالم بالأحكام لعموم أدلّة وجوب رجوع الجاهل إلى العالم وإن كان متمكنا من استعلام الأحكام لو لا سنوح السّوانح الخارجة وجوه أوجهها الأخير وأمّا الأوّل فيرد عليه أنّ المقتضي لجواز الرجوع إلى أصالة البراءة ليس مجرّد الجهل بالواقع بل هو بعد الفحص وعدم وجدان الدليل الناقل فمجرّد الجهل مع العجز عن الفحص لا يوجب الرجوع إليها في حكم العقل لعدم صلوحه للعذر عنده مع أنّه قد يتردد الأمر بين المتباينين كالظهر والجمعة وهو ليس بمورد للبراءة مضافا إلى ما ذكر في الوجه الثالث من قضية العلم الإجمالي نعم يدفعه عدم اختصاص محل الكلام بذلك لكونه أعمّ منه وممّا ثبت جميع أبواب الفقه إلاّ مسألة واحدة وقصرت يد المكلّف عن الفحص فيها ويرد على ما عدا الأخير من الوجوه المذكورة أيضا أن العمل بالأصول سواء كانت هي البراءة أو الاحتياط أو غيرهما إنّما هو فيما لم يقم دليل على تعيين أحد طرفي الشبهة ولذا لا يجب الاحتياط في الشبهة المحصورة مع قيام البينة على نجاسة أحد طرفيها أو طهارته وقد عرفت وجود الأدلّة على وجوب رجوع الجاهل إلى العالم والمراد بوجوب التقليد عليه وجوبه تخييرا بينه وبين العمل بالاحتياط لا وجوبه تعيينا إذ