الواقعية لفرض عدم النّهي الفعلي لأن تخصيص كلماتهم بغير الغافل لا دليل عليه ودعوى كون الفساد مستندا إلى اجتماع الأمر والنّهي خلاف ما قرروه فلا بد أن يكون مستندا إلى اجتماع الأمر مع أثر النّهي وهي المبغوضيّة ومنها حكمهم بكون الكفّار مكلفين بالفروع كالأصول وهو أيضا يشمل صورة الغفلة مع الالتفات السّابق لأنّ مقتضى تكليفهم بالفروع بطلان عبادتهم مع الجهل بالحكم مع قطع النظر عن اشتراط صحتها بالإسلام لوضوح عدم الفرق في ذلك بين الأحكام التكليفية والوضعية وهو لا يتم إلاّ مع عدم اجتماع الأمر مع المبغوضية الواقعية ويظهر الكلام فيه أيضا ممّا تقدّم ويمكن أن يحتج للبطلان بوجوه أحدها أن مناط الحكم بالبطلان في موارد اجتماع الأمر والنّهي ليس هو تضاد نفس الإنشاءين لعدم كون الإنشاء من الأمور القارة بالذات لكونه إنّي الحصول والزّوال فلا يتمانعان مع تقدم أحدهما بل المناط فيه تضاد وصف المطلوبية والمبغوضية الحاصلتين من إنشاء الأمر والنّهي في نظر أهل العرف فإنّه يقال بعد الأمر إن هذا الفعل مطلوب للمولى وبعد النّهي أنّه مبغوض له وهو حاصل فيما نحن فيه أيضا بالفرض لأنّه بعد ارتفاع النّهي السّابق لا تجتمع المبغوضية الباقية بعده مع الأمر أو المطلوبية الحاصلة منه وإن كان المناط فيه عدم اجتماع إرادة الفعل والترك الكاشف عنها الأمر والنّهي وأنّها قابلة للبقاء والدّوام فكذلك ما نحن فيه لفرض بقاء الكراهة فيه أيضا فهي لا تجتمع مع الأمر وثانيها أنّه لو لم نقل بالبطلان فيما نحن فيه نظرا إلى ارتفاع النهي السّابق لعدم القدرة على امتثاله فلا بدّ من القول بعدم دلالة النّهي على الفساد في جميع موارده لأن المقدور من الأفعال مقدماتها دون أنفسها ولذا قيل إن الفعل ما لم يجب لم يوجد وما لم يمتنع لم ينعدم فهو قبل إيجاد مقدّماته ممتنع وبعده واجب والنّهي عن الفعل المقدور باعتبار مقدّماته لا يمكن بقاؤه إلى زمان نفس الفعل لما عرفت من وجوبه بعد إيجاد مقدّماته فلا بد أن يكون الباقي بعده أثره وهي المبغوضية فلا بدّ أن يكون الفساد مستندا إليه وثالثها أنهم قد صرّحوا بعدم جواز النسخ قبل زمان العمل والوجه فيه أن الشّارع إذا أمر بشيء ثم نسخه قبل زمان العمل به لزم إمّا حصول البداء لله تعالى أو اجتماع المطلوبيّة مع خلافها واللاّزمان كلاهما باطلان ولو لم يكن أثر النّهي أعني المبغوضية مضادا للأمر فيما نحن فيه لم يبق لعدم جواز النسخ قبل زمان العمل وجه هذا وتحقيق المقام أن يقال إن ارتفاع النّهي إن كان بسبب ارتفاع القدرة عن الفعل كما في مثال رمي المكلف نفسه من شاهق فالأقوى بطلان العبادة لأنّ الفعل الاضطراري كما لا يصحّ أن يكون متعلقا للنهي كذلك لا يصح أن يكون متعلقا للأمر فلا يصح أن يقصد الغسل في حال السّقوط في المثال وإن كان بسبب امتناع امتثال النّهي مع بقاء القدرة على الفعل بعد ارتفاع النّهي فالأظهر هو الحكم بالصحة ولذا يحكم بصحّة عبادات المماطل في أداء الدّين مع مطالبة المدين إذا سافر فرارا عنه بحيث لا يقدر على أدائه في السّفر لأن المماطلة وإن كانت منهيّا عنها مع المطالبة وبقاء القدرة على الأداء إلاّ أنّه مع ارتفاع النّهي بسبب عدم القدرة يحكم بصحّة عباداته مع بقاء أثر النّهي وكذا يحكم بصحّة زيارة من زار الحسين عليهالسلام أو اشتغل بعبادة أخرى في يوم عرفة في البلاد النائية مع تركه حجة الإسلام مع الاستطاعة وهكذا وبالجملة أنّ الأمر بأداء الدّين والحج على القول بدلالة الأمر بالشيء على النّهي عن ضدّه وإن دلّ على النّهي عما يضادهما من العبادات إلاّ أنّه إذا تعذر امتثال النّهي لأجل ارتفاع الأمر بتعذر الأداء والإتيان بأفعال الحجّ يحكم بصحّة ما يضادهما من العبادات كما عرفت وإذا عرفت هذا نقول إنّ المصنف ره قد صرّح أوّلا بكون حكم المشهور ببطلان عبادة الجاهل المقصّر غير الملتفت مبنيا على عدم جواز اجتماع الأمر والنّهي لأجل إطلاقهم القول بأن الجاهل كالعامد ثمّ اعتذر عنه باستناد البطلان فيما حكموا به فيه إلى عدم جواز اجتماع المبغوضية مع الأمر بعد ارتفاع النّهي ثم صرّح أولا ببطلان هذه الطّريقة ثم ناقضها بتصريحهم بالصّحّة في مسألة المتوسط في أرض مغصوبة ثمّ أجاب عن النقض ببيان الفارق بينهما وهو بقاء الاختيار فيما نحن فيه وعدم إمكان امتثال النّهي في مسألة التّوسّط في أرض مغصوبة وقد عرفت وجه البطلان ولكنّك خبير بأن الاعتذار غير عام والبطلان غير متجه والنقص غير وارد والجواب غير صالح للفرق أمّا الأوّل فلأن حكم المشهور ببطلان عبادة الجاهل المقصّر يشمل ما لو عجز عن الفحص وكان ملتفتا إلى الواقع ومتمكّنا من امتثاله بالاحتياط ولا ريب أن البطلان فيه مستند إلى عدم جواز اجتماع الأمر والنهي لا إلى ما ذكر في الاعتذار اللهمّ إلاّ أن يلتزم باختلاف مستند البطلان بحسب الموارد بأن كان البطلان في بعضها مستندا إلى عدم جواز اجتماع الأمر والنّهي وفي بعض آخر إلى عدم جواز اجتماع المبغوضية مع الأمر ولكنه خلاف ظاهر كلماتهم لإطلاقهم القول بأن الجاهل كالعامد وهو ظاهر في اتحاد مستند البطلان في جميع موارده وأمّا الثاني فلأنّك قد عرفت أنّ بطلان الطريقة المذكورة إنّما هو لأجل الحكم بالصحّة في مسألتي الدّين والحجّ وهو غير وارد على الطريقة المذكورة لحكم المشهور فيهما بالبطلان وقد ادعى العلامة في القواعد والتّذكرة شهرة القول به في مسألة الدّين وإطلاقه يشمل ما نحن فيه من عروض العجز عن الأداء بسفر ونحوه ولا فرق بينها وبين مسألة الحجّ وهو واضح اللهمّ إلاّ أن يقال في إبطال الطريقة المذكورة إنّه إن أريد بالمبغوضية المبغوضية الفعلية الّتي يتعقبها استحقاق العقاب فهي ممنوعة في حال الغفلة إذ النّهي الفعلي كما أنّه قبيح في حال الغفلة كذلك المبغوضية المذكورة وإن أريد بها المبغوضية الشأنية فهي غير منافية للأمر كما في الجاهل بالموضوع وأمّا الثّالث فلما تقدّم من حكم المشهور بكون الخروج في مسألة من توسط أرضا مغصوبة مأمورا به من دون نهي ومعصية وهو صريح في عدم المبغوضية والإثم في الخروج أصلا فلا وجه لقوله وإن كان إنّما بالخروج وأمّا الرّابع فلأن مقتضى الجواب المذكور عدم الإثم في الخروج في مسألة المتوسّط أرضا مغصوبة وهو لا يجامع ما نسبه إلى المشهور بقوله وإن كان إثما بالخروج (قوله) وجاهل الموضوع إلخ فإنّ الترخيص للفعل ثابت من الشّارع مع الجهل بالموضوع لعدم وجوب الفحص عند الشبهة في الموضوعات الخارجة كما مرّ وسيأتي هذا إذا كان فساد العبادة متفرّعا على حكم تكليفي كالصّلاة في الدّار المغصوبة إذ مع الجهل بالموضوع يرتفع النّهي ويتبعه ارتفاع الشّرطية وأمّا إن كانت الشّرطية ثابتة بخطاب وضعي مفيد للشّرطية الواقعية أو بدليل لبّي مردّد مدلوله بين كونه شرطا واقعيّا أو ذكريّا فعلى الأوّل يحكم بفساد العبادة وعلى الثّاني يبنى على كون الأصل في الشّروط أن يكون ذكريّا أو واقعيّا فيعمل بمقتضاه (قوله) نعم يبقى الإشكال إلخ ينشأ من أنّ المتيقن من حكم المشهور بالبطلان هي صورة الجهل بالحكم دون نسيانه سيّما إذا لم ينشأ من تقصير ومن كون النسيان في حكم الجهل سيّما إذا كان النسيان من تقصير مضافا إلى أنّ النّهي وإن سلمنا ارتفاعه بالنسيان إلاّ أن المبغوضيّة باقية كما في صورة الجهل هذا إن أراد