إنّ الدّليل المذكور لا يقتضي وجوب الفحص عن جميع ما بأيدينا لأنّ غايته هو وجوب الفحص عن مقدار من التكاليف يحتمل انحصار المعلوم إجمالا فيه ويرتفع العلم الإجمالي بالفحص عنه لأنّا لو فرضنا الأخبار التي بأيدنا اليوم ألفا وفرضنا الوقائع التي علمنا إجمالا بوجود أحكامها في هذه الأخبار مرددة بين أربعين وخمسين واقعة وتفحصناها ووجدنا أحكام أربعين واقعة فيها لا يبقى حينئذ علم إجمالي بوجود أحكام باقي الوقائع الذي لم يتفحص عن أحكامه في هذه الأخبار نظير ما لو علمنا بوجود شياه محرمة في قطيع غنم لأنا إذا علمنا بحرمة خمسة أو عشرة معينة منها على وجه يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها يرتفع العلم الإجمالي عن الباقي وحينئذ لا يبقى مقتض لوجوب الفحص في العمل بأصالة البراءة في الباقي وإليه يرجع أيضا ما أوردناه في الحواشي السّابقة من كون الدّليل أخصّ من المدّعى وأشار المصنف رحمهالله بالأمر بالتّأمل وبالمراجعة إلى ما ذكره في ردّ على استدلال الأخباريين إلى ما ذكره هناك أوّلا من منع كون العلم الإجمالي بأحكام جميع الوقائع موجبا للفحص في العمل بأصالة البراءة عن مدارك جميعها لعدم ثبوت التكليف بالواقع على ما هو عليه بل به على حسب تأدية الطرق المتمكّن من الوصول إليها لوضوح عدم وجوب الفحص عما لم يثبت التكليف به وثانيا من كون قيام الأدلّة الاجتهادية على جملة من أطراف العلم الإجمالي موجبا لارتفاعه عمّا لم تقم عليه وأنت خبير بأنا قد علقنا على ردّ الاستدلال المذكور هناك ما يزيف الأوّل ويصحح الثّاني ويوضحه بما لا مزيد عليه (قوله) لا إلى أنّه شك إلخ لوضوح كون الشّكّ فيه في التكليف وهو وجوب النظر دون المكلّف به والوجه في عدم جواز التمسّك فيه بأصالة البراءة مع كون الشّكّ فيه في التّكليف ما أشرنا إليه عند بيان وجه التأمّل الّذي أمر به عند تقرير الدّليل الرّابع على وجوب الفحص من استلزامه لإفحام الأنبياء(قوله) كلّ أصل عملي إلخ جار في الشّبهة الحكمية كالاستصحاب في الجملة وقاعدة الطّهارة كذلك (قوله) مع ترك الفحص إلخ بناء على وجوبه (قوله) أمّا الأوّل إلخ أي عدم العقاب إذا لم يتفق كونه حراما(قوله) إنّما هو وجوب الفحص إلخ فيكون الأمر به إرشاديّا والمصلحة فيه الوصول إلى الأدلة الّتي جعلها الشّارع طرقا إلى الواقع والمقصود من جعلها أيضا كما سيجيء هو الوصول إلى الواقع ومطابقة العمل له فمطلوبيّة الفحص وكذا العمل بالطّرق إنّما هي للغير ولا عقاب على الواجبات الغيرية كما قرر في محلّه ويؤيده أن الأحكام الشرعيّة إنما تعلقت بالعناوين الواقعية مثل قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) ومقتضاه على ما هو الحقّ من كون الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية كون العقاب مترتبا على نفس الواقع دون مقدماته فتأمل مضافا إلى أنّ قوله عليهالسلام فيما تقدّم من الأخبار قتلوه قتلهم الله ألا سألوه ألا يمّموه وهكذا غيره ممّا تقدم وما يأتي من رواية عمار ظاهر فيما ذكرناه من كون السّؤال لأجل عدم الوقوع في مخالفة الواقع وكون العقاب مرتبا على نفس مخالفة الواقع مع التقصير في السّؤال (قوله) صغرى وكبرى إلخ يعني من حيث قبح التجري وكذا من حيث ترتب العقاب عليه وعدمه (قوله) وأمّا الثّاني يعني ترتب العقاب على مخالفة الواقع (قوله) وأمّا النقل إلخ من أخبار البراءة(قوله) ما تقدّم إلخ في الوجه الثّالث (قوله) الاختصاص بالعاجز إلخ يعني اختصاص النقل من أخبار البراءة بالعاجز عن معرفة الحكم بالفحص والسّؤال (قوله) وفيه أنّ معقد إلخ فدعوى الإجماع على مؤاخذة الكفّار فرع دعواه على مؤاخذة المسلمين مع ترك الفحص فنفي مؤاخذة الكفار لأجل دعوى اشتراط العلم في تنجز التكليف لا ينافي دعوى الإجماع على المساواة(قوله) وقد خالف فيما ذكرناه إلخ قال المقدس الأردبيلي في شرح الإرشاد واعلم أيضا أنّ سبب بطلان الصّلاة في الدار المغصوبة مثلا هو النّهي عن الصّلاة فيها المستفاد من عدم جواز التّصرف في مال الغير وأنّ النّهي مفسد للعبادة فلا تبطل صلاة المضطر ولا النّاسي بل ولا الجاهل لعدم النّهي حين الفعل ولأنّ النّاس في سعة ما لا يعلمون وإن كان في الواقع مقصّرا ومعاقبا بالتقصير ولعلّ قول المصنف رحمهالله وإن جهل المراد به عدم علمه بالبطلان لا التحريم وإن كان ظاهر كلامه غير ذلك وفهم من غير هذا المحلّ انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه وهو صريح في كون الجاهل المقصّر معاقبا من جهة ترك الفحص والسّؤال وقال السّيد السّند صاحب المدارك في شرح قول المحقق وإذا أخلّ المصّلي بإزالة النجاسة عن بدنه أو ثوبه أعاد في الوقت وخارجه إذا أخلّ المصلّي بإزالة النجاسة الّتي تجب إزالتها في الصّلاة عن ثوبه وبدنه فإمّا أن يكون عالما بالنجاسة ذاكرا لها حالة الصّلاة أو ناسيا أو جاهلا فهنا مسائل ثلاث الأولى أن يسبق علمه بالنجاسة ويصلّي ذكرا لها ويجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه قال في المعتبر وهو إجماع من جعل طهارة البدن والثوب شرطا وإطلاق كلام الأصحاب يقتضي أنّه لا فرق في العالم بالنجاسة بين أن يكون عالما بالحكم الشّرعي أو جاهلا بل صرّح العلاّمة وغيره بأن جاهل الحكم عامد لأنّ العلم ليس شرط في التّكليف وهو مشكل لقبح تكليف الغافل والحاصل أنّهم إن أرادوا بكون الجاهل كالعامد أنّه مثله في وجوب الإعادة في الوقت فهو حقّ لعدم حصول الامتثال المقتضي لبقاء المكلّف تحت العهدة وإن أراد وأنّه كالعامد في وجوب القضاء فهو على إطلاقه مشكل لأنّ القضاء فرض مستأنف فيتوقف على الدّليل فإن ثبت مطلقا أو في بعض الصّور ثبت الوجوب وإلاّ فلا وإن أرادوا أنّه كالعامد في استحقاق العقاب فمشكل لأن تكليف الجاهل بما هو جاهل به تكليف بما لا يطاق نعم هو مكلف بالبحث والنّظر إذا علم وجوبهما بالعقل أو الشّرع فيأثم بتركهما لا بترك ذلك المجهول كما هو واضح انتهى كلامه زيد إكرامه وقال في الذخيرة بعد نقل ما عرفته من المدارك وبالجملة الظّاهر أن التكليف متعلق بمقدمات الفعل كالنظر والسّعي والتعلم وإلاّ لزم تكليف الغافل أو التّكليف بما لا يطاق والعقاب يترتب على ترك النظر لكن لا يبعد أن يكون متضمنا لعقاب التارك مع العلم ولا يخفى أنّه يلزم على هذا أن لا يكون الكفّار مخاطبين بالأحكام وإنما يكونون مخاطبين بمقدمات الأحكام وهذا خلاف ما قرره الأصحاب وتحقيق هذا المقام من المشكلات والغرض الفقهي متعلّق بحال الإعادة والقضاء وهما ثابتان في المسألة المذكورة بعموم الأخبار السّابقة انتهى كلامه وعلا في الخلد مكانه (قوله) وإلا لزم تكليف الغافل يعني أنّ التكليف بالفعل إن كان جائزا قبل خروج الوقت لزم تكليف الغافل وإن كان بعده لزم التكليف بما لا يطاق وفي قوله هذا خلاف ما قرره الأصحاب اعتراف بكون العقاب عند المشهور مرتبا على مخالفة الواقع دون مقدّماته ثمّ إنّ المستفاد من كلام المصنف رحمهالله في بيان مراد هذه الجماعة وجهان أحدهما أن يكون العقاب مرتبا على ترك المقدمة المفضي إلى ترك ذيها وهي الفحص والسّؤال لا على ترك ذيها وظاهرهم حينئذ كون وجوبهما نفسيّا لا من باب المقدّمة كما فهمه المحقق الخونساري ولذا أورد على صاحب الذخيرة فيما حكي عنه بأنّ مقتضاه الالتزام بترتب الثواب عليها أيضا