وحصول القطع له لا يجوز له التّعويل على قطعه كالنّهي عن الخوض في مسائل الكلام وعن البحث عن مسائل القدر وعلى الثّاني يصحّ ذلك أيضا إما بأن يكون المقصود أيضا ما ذكر في الوجه الأوّل وإمّا بأن يكون المخاطب ممّن لا يتفطّن إلى قطعه بأن كان ممّن لو قلت له لا تعمل بقطعك لأعتمد على قولك كما ذكره المصنف قده في ردع القطاع من باب الإرشاد وإمّا بأن يكون مقصوده بيان خطائه في اعتقاده كما في قضيّة أبان مع الصّادق عليهالسلام في دية قطع الأصابع كما نقله للمصنف في التّنبيه السّابق وهذه الوجوه كما ترى خارجة من محلّ الفرض وبالجملة أنّ كلّما ذكره المصنف من أوّل المسألة إلى هنا في عدم تعقل الفرق في اعتبار القطع بين أسبابه وأفراد القاطع دليل على فساد المثال المذكور كما أشار إليه وتصحيحه على أحد الوجوه المذكورة يخرجه ممّا نحن بصدده (قوله) الرّابع أنّ المعلوم إجمالا إلخ الكلام فيما سبق من التّنبيهات أنّما كان في بعض أحوال العلم وأحكامه مع قطع النّظر عن تفصيله وإجماله وحيث كان فيها كفاية لبيان اعتبار العلم التّفصيلي خاصّة احتاج هنا إلى التعرّض بحال العلم الإجمالي وأنّه كالتّفصيلي أم لا وقوله إجمالا حال من الموصولة أي الّذي علم في حال كونه مجملا مرددا بين أمرين فصاعدا فالإجمال في المعنى صفة للمعلوم دون العلم والوجه فيه أنّ العلم أمر بسيط وهي الصّورة الحاصلة في الذّهن وهي لا تتّصف بالإجمال والتّفصيل إلاّ باعتبار متعلّقه ومن هنا يظهر أن لفظ الإجمال في قوله العلم الإجمالي صفة للعلم باعتبار حال متعلّقه لا باعتبار نفسه ثمّ إنّ تشبيه المعلوم بالإجمال بالمعلوم بالتّفصيل في عنوان المسألة الذي هو مقسم للأقسام الّتي ذكرها لا يخلو من مسامحة لكون الكلام في المقام الثّاني في كيفيّة امتثال العلم الإجمالي لا في اعتباره وكيف كان فتوضيح الكلام في الأقسام الّتي أشار إليها أنّ الكلام في العلم الإجمالي تارة يقع في اعتباره من حيث إثبات التكليف به بمعنى أنّ المكلّف الّذي فرض فراغ ذمّته من تكليف خاص إذا حصل له العلم به إجمالا فهل يوجب ذلك اشتغال ذمّته به كالعلم التّفصيلي مع قطع النّظر عن كيفيّة امتثاله أم هو كالمجهول رأسا وبعبارة أخرى أنّ العلم الإجمالي هل يوجب تنجز التّكليف إجمالا مع قطع النّظر عن كيفيّة امتثاله في مقابل السّلب الكلّي أم لا فالمقصود من تشبيهه بالعلم التّفصيلي أنّما هو تشبيهه به في الجملة لما سيشير إليه من مرتبتي اعتبار العلم الإجمالي وهما لا تتأتّيان في العلم التّفصيلي لوجوب الموافقة القطعيّة فيه لا محالة وأخرى يقع في كيفيّة امتثاله مع قطع النّظر عن كيفيّة ثبوته بمعنى أنّه إذا فرض اعتبار العلم الإجمالي وكونه مثبتا للتكليف وموجبا لاشتغال الذّمّة مع قطع النّظر عن كيفيّة اعتباره كما سنشير إليه فهل يكتفي في امتثاله بالموافقة الإجماليّة مع إمكان العلم بالموافقة التّفصيلية أم لا والأولى بدل قوله فلا يجوز أن يقال فلا يجزي ثمّ إنّه بعد البناء في المقام الأوّل على اعتبار العلم الإجمالي في مقابل السّلب الكلّي يقع الكلام في كيفيّة اعتباره لما أشار إليه من أنّ له مرتبتان الأولى حرمة المخالفة القطعيّة بأن يكتفي في امتثاله بالموافقة الاحتماليّة الّتي هي أدنى مرتبتي الامتثال الثّانية وجوب الموافقة القطعيّة الّتي هي مقتضى ثبوت تعلّق غرض الشّارع بنفس الواقع وأحال الكلام في المرتبة الثّانية إلى مسألة البراءة والاشتغال عند الشّكّ في المكلّف به وإنّ المقصود هنا هو التّكلّم في المرتبة الأولى من المقام الأوّل دفعا لتوهّم أنّ عنوان البحث عن العلم الإجمالي هناك يغني عن عنوان البحث عنه هنا ومقصوده أنّ الغرض الأصلي هناك وهنا هو ما ذكر وإن كان قدس سرّه قد عنون البحث في المرتبة الأولى ثمة أيضا إلاّ أنّ ذلك منه هناك استطرادي وليس مقصودا بالأصالة وكيف كان فقدم الكلام في المقام الثّاني لاختصاره وقلّة ما يتعلّق به والكلام فيه يقع في مقامين أحدهما ما لا يحتاج سقوط التّكليف فيه إلى قصد الإطاعة أعني الواجبات التّوصليّة الّتي يعبّر عنها بالمعاملات بالمعنى الأعمّ وثانيها ما يحتاج سقوط التّكليف فيه إلى قصد الإطاعة أعني الواجبات التعبّديّة الّتي يعبّر عنها بالعبادات بالمعنى الأخصّ والكلام في المقامين تارة فيما يمكن تحصيل العلم التّفصيلي بالموافقة وأخرى فيما يمكن تحصيل الظّنّ الخاصّ خاصّة وثالثة فيما يمكن تحصيل الظّنّ المطلق كذلك بمعنى أنه مع إمكان تحصيل العلم التّفصيلي بالموافقة أو الظّنّ الخاصّ كذلك أو المطلق كذلك فهل يكتفي مع ذلك بالموافقة الإجماليّة أو يجب تحصيل الموافقة التّفصيليّة علما أو ظنّا خاصّا أو مطلقا وإنّه أنّما يكتفي بالموافقة الإجماليّة مع تعذّر الموافقة التّفصيليّة مطلقا أو في الجملة والكلام في هذه المراتب تارة فيما استلزم الموافقة الإجماليّة لتكرار العمل كما لو دار الأمر بين المتباينين كالظّهر والجمعة وأخرى فيما لا يستلزم ذلك كما لو كان الشّكّ في الإجزاء والشّرائط بناء على كون ذلك من موارد الشّكّ في المكلّف به وهذه المراتب مختلفة في القوّة والضّعف من حيث شبهة جواز الاكتفاء بالموافقة الإجماليّة فالاكتفاء بها مع إمكان تحصيل العلم التّفصيلي أقوى شبهة من الاكتفاء بها مع إمكان الظنّ الخاصّ وهو أقوى شبهة من الاكتفاء بها مع إمكان الظّنّ المطلق والاكتفاء بها في هذه المراتب مع استلزامها تكرار العلم أقوى شبهة من الاكتفاء بها مع عدم استلزامها ذلك فإثبات الجواز فيما هو أقوى من هذه المراتب يثبت الجواز فيما هو أضعف منه بطريق أولى ولا عكس ثمّ إنّ دوران الأمر بين العلم التّفصيلي بالموافقة والعلم الإجمالي بها أنّما هو بحسب الإمكان بمعنى أنّه إذا حصل العلم تفصيلا أو إجمالا بالتّكليف وأمكن تحصيل كلّ من العلم التّفصيلي والإجمالي بالامتثال فهل يتعيّن الأوّل أو يجزي الثّاني أيضا كما إذا ثبت وجوب إكرام زيد وأمكن تحصيل العلم بإكرامه