الاضطجاع ولا إشكال في عدم شمول الأخبار المذكورة للقسم الأوّل من هذه الأخبار لغاية بعده فإن قلت إنّ المصنف رحمهالله قد اعترف بشمول هذه الأخبار للقسم الثّاني أعني الأفراد التي تجمعها جهة واحدة ولا ريب أن جميع الأوامر الشّرعية تجمعها أيضا جهة واحدة وهي كونها مأمورا بها أو إطاعة وقد تعلّق الأمر بها بهذه الجهة مثل قوله فاستقم كما أمرت وأطيعوا الله وأطيعوا الرّسول ونحوهما قلت إنّ مرادنا بالجهة الواحدة في القسم الثّاني ما كان عنوانا ملحوظا في تعلق الأوامر بالأفراد الخاصة وجهة كون الصّلاة والصّوم مثلا مأمورا بهما أو مما تحصل به الإطاعة ليست عنوانا في تعلق الأمر بخصوص كلّ منهما كيف وهذا العنوان متأخر عن تعلّق الأمر بهما فكيف يؤخذ في موضوعه بل المناط في تعلق الأمر بهما هو عنوانهما الخاص وعنوان الأمر والإطاعة في قوله فاستقم كما أمرت وأطيعوا الله إشارة إجمالية إلى العناوين الخاصة الملحوظة في تعلق الأوامر الخاصّة بموضوعاتها الخاصة وأمّا شمول الأخبار المذكورة لباقي الأقسام كلا أو بعضا فتحقيق الكلام فيه يحتاج إلى إفراد الكلام في كلّ واحد من الأخبار المذكورة كما صنعه المصنف رحمهالله وستقف على تحقيق ذلك عند شرح ما يتعلق بكلام المصنف ره (قوله) أمّا الأولى فلاحتمال كون إلخ غير خفي أنّ الأمر في النّبوي ظاهر في الوجوب وبذلك تخرج منه المستحبّات وأمّا كلمة من فالاستدلال بها مبني على أخذها بمعنى التبعيض وأمّا ما تحتمله بحسب المقام فوجوه أحدها ما عرفت من معنى التبعيض وعليه فكلمة ما إمّا موصولة أو موصوفة والمجرور بمن إمّا حال من كلمة ما مقدم عليها وهي مفعول لقوله فأتوا وإمّا هي بدل من المجرور والمفعول محذوف أي فأتوا ما تيسّر في حال كونه بعضا من المأمور به وهو ما استطعتم الثاني أن تكون زائدة وعليه فكلمة ما ظرفية زمانية مصدرية أي فأتوا ما دام استطاعتكم الثالث أن تكون بيانيّة بأن كانت بيانا للفظ ما وهو إمّا موصولة أو موصوفة أي ما استطعتم هو الشيء المأمور به وأمّا دعوى كونها ظرفية زمانية كما يظهر من المصنف رحمهالله فلا محصّل لها اللهّم إلا أن تكون كلمة من بيانا للمأتي به المقدر ونجعل كلمة ما ظرفية نظير ما حكي عن ابن هشام في قوله تعالى يحلّون فيها من أساور من دعوى كون من بيانا للمحلّى به والرّواية على ما عدا المعنى الأوّل لا تدل على المطلوب كما هو واضح ومع تعارض الاحتمالات تسقط عن درجة الاستدلال بها على المدّعى ثم إنّ محتملات الرّواية كثيرة لأن الشّرط فيها يحتمل الإهمال والعموم وعلى التقديرين فلفظ الأمر يحتمل الوجوب وما هو أعمّ منه ومن الاستحباب وعلى التقادير فلفظ شيء يحتمل الأقسام الأربعة المتقدمة في الحاشية السابقة وعلى التقادير فكلمة من تحتمل المعاني الثلاثة المتقدّمة وعلى التقادير فكلمة ما تحتمل الموصولة والموصوفة والظرفية الزّمانية وعلى التقادير يحتمل أن يراد بالاستطاعة معنى القدرة ومعنى المشيّة كما ذكروه عند الاستدلال بهذه الرّواية على دلالة الأمر على الوجوب وترتقي الأقسام بعد ضرب بعضها في بعض على مائتين وثمان وثمانين قسما(قوله) بمعنى الباء مطلقا إلخ مضافا إلى ما عرفت من مادة الإتيان بمعنى الفعل تتعدى بنفسها لا بالباء إلاّ بالتوجيه المتقدم آنفا(قوله) في خصوص المقام إلخ لأنّ أخذ كلمة من بيانية وو كلمة ما ظرفية زمانية لا محصّل له إلاّ بالتوجيه المتقدم في الحاشية السّابقة(قوله) بعيد إلخ لأنّ الظّاهر بحسب المقام كونها للتبعيض (قوله) معارضة هذا الظّاهر إلخ هذا مضافا إلى كون التبعيض معنى مجازيا لكلمة من (قوله) بناء على المعنى المشهور إلخ من كون كلمة من للتبعيض (قوله) يستفادان من قوله إلخ حاصله أن ارتكاب خلاف الظاهر من حيث حمل كلمة من على التبعيض ليس مخالفة مغايرة للمخالفة من حيث لزوم التقييدين بل هما تابعان لحملها على معنى التبعيض وإذا فرضنا ظهورها فيه بحسب العرف ولو بمعونة خصوص المقام لا تلزم هنا مخالفة الظاهر أصلا وإن شئت قلت إن تعارض الأحوال في كلام وملاحظة المرجحات النوعية فيه إنما هو بعد عدم ظهور شخص الكلام في معنى خاص بحسب العرف وإن كان معنى مجازيا وإلاّ فلا بدّ من حمل الكلام عليه وإن اشتمل المعنى الآخر على أنواع من المرجحات النوعية كما قررّ في محلّه فإذا فرض ظهور الرّواية في معنى التبعيض بحسب العرف فلا بدّ من الأخذ به وإن لزم منه ما لزم مع أنا إن حملناها على معنى التبعيض أفادت معنى جديدا لا يستفاد من العقل وهو وجوب الإتيان بما تيسّر من أجزاء المركب عند تعذر الكل وعلى تقدير حملها على سائر المعاني لا يفيد سوى ما يستفاد من العقل وهو وجوب امتثال أوامر الشارع ما دامت الاستطاعة باقية ومن المقرر عندهم في باب تعارض الأحوال كون أولوية التّأسيس من التأكيد من جملة المرجحات (قوله) نعم إخراج كثير من الموارد لازم إلخ لأن المباحات والمستحبّات والواجبات الّتي لم تكن ذات أجزاء وإن كانت خارجة من موضوع الرّواية لاختصاصه بالواجب ذي الأجزاء إلاّ أن الخارج من حكمها أيضا كثير وربّما يعدّ منه ما لو قدر على بعض الفاتحة أو السّورة أو بعض ذكر الرّكوع أو السّجود أو التشهّد أو السّلام الواجب أو على غسل بعض من الوجه أو اليدين أو بعض المسح في باب الوضوء أو قدر على ركعة من ركعتي الفجر أو ثلاث ركعات من الظهّرين والعشاء وركعتين من المغرب وهكذا لعدم التزام الفقهاء بوجوب الإتيان بالمتيسّر في أمثال هذه الموارد(قوله) وأمّا الثاني فلما قيل إلخ التقريب في هذه المناقشة أن يقال إنّ مقتضى الرّواية بعد مراعاة القواعد العربية في ألفاظها هو نفي الملازمة بين سقوط حكم موضوع بسبب تعسّره وسقوط حكم موضوع آخر ميسور إذ لا معنى لسقوط نفس الفعل الميسور وعدم سقوطه إلا باعتبار سقوط حكمه وعدمه بدلالة الاقتضاء وهذا المعنى لا ينطبق على ما نحن فيه من المركبات الّتي تعذر بعض أجزائها لأن سقوط الشيء يستلزم ثبوته أوّلا والمقصود من إثبات وجوب باقي الأجزاء هو إثبات الوجوب النّفسي له فإذا أريد تطبيق الرّواية على ما نحن فيه فلا بد أن يقال إن الأجزاء الباقية كانت واجبة عند التمكن من الكلّ فإذا سقط وجوب الكلّ لأجل تعذره لا يسقط وجوب الأجزاء الباقية الميسورة بسبب تعذّره وأنت خبير بأن الأجزاء الباقية حين التمكن من الكلّ كانت واجبة بالوجوب الغيري وقد ارتفع هذا الوجوب بتعذر الكل والمقصود بعد تعذر الكلّ إثبات الوجوب النّفسي لها وهو لم يكن ثابتا أوّلا هذا بخلاف ما لو حملناها على بيان حكم الواجبات النفسية المستقلة كما عرفت نعم حملها على بيان حكم ما لا يجمعها رابطة كالصّلاة والصّوم والحج مثلا في غاية البعد إذ لا يتوهم أحد سقوط وجوب أحد هذه الواجبات بتعذر الآخر حتى يحتاج إلى البيان فلا بد أن تحمل على بيان حكم الأفراد الّتي كان كلّ واحد منها واجبا بالوجوب النفسي وكانت بينها رابطة توهم سقوط حكم الباقي عند تعذر بعضها مثل قولنا أكرم العلماء ونحوه ممّا ثبت حكمه بالعموم الأصولي فإن قلت إن حملها على هذا المعنى يستلزم خلوّها أيضا من الفائدة لاستقلال العقل بعدم سقوط حكم فرد