المتعذّر والفاقد له فيقال بعد تعذر بعض الأجزاء إنّ هذه الأجزاء الباقية كانت واجبة بالوجوب النّفسي فالأصل بقاؤها على ما كانت عليه لفرض كون الموضوع هو المعنى الأعمّ الّذي لا يقدح في صدق بقائه تعذر بعض الأجزاء وهنا وجه آخر لاستصحاب الوجوب النفسي قد أشار إليه المصنف رحمهالله مع الوجهين السّابقين في الأمر الحادي عشر من تنبيهات مبحث الاستصحاب وليطلب تحقيق المقام هناك وقد تمنع صحّة التّسامح في أمر الاستصحاب من رأس لأنّ هذا مبني على القول باعتبار الاستصحاب لأجل دلالة الأخبار عليه ولا ريب أن المسامحة في مباحث الألفاظ إنّما هو فيما رجعت المسامحة إلى دلالة اللفظ بحسب المادة أو الهيئة بأن كان لفظ الماء مثلا موضوعا بحسب اللغة للصّافي منه وتسامح العرف في إطلاقه على الكدر منه في الجملة وهكذا ومرجعه إلى كون اللفظ بحسب العرف موضوعا للأعمّ من الواجد لما يعتبر في تحقق مدلوله اللغوي وأمّا لو تشخّص مدلول اللفظ بحسب اللّغة والعرف وتسامح العرف في بعض مصاديقه العرفية بأن ثبت كون اللفظ الصّعيد مثلا موضوعا بحسب العرف واللّغة للتراب الخالص مثلا فسامح العرف في إطلاقه على الرّماد مثلا فلا دليل على اعتبار هذه المسامحة ومن راجع أبواب الفقه وجد مداقة العلماء في الأحكام أكثر من مداقة الناس في الذّهب والفضّة لكونها عندهم أعزّ منهما فراجع مسألة المسافة في القصر والإتمام والكيل والوزن في الزكاة والخمس لإفتائهم بعدم جواز القصر فيما دون ثمانية فراسخ ولو بمقدار شبر وإن كان أهل العرف يطلقون الفرسخ على ما كان أقل من مقداره المعين بخمسين ذراعا وكذلك لا يتسامحون في مسألتي الزكاة والخمس بحبّة حنطة أو شعير وإن تسامح أهل العرف في الوزن والكيل بأزيد من ذلك ونقول فيما نحن فيه أيضا إذا دلّت الأخبار على عدم جواز نقض اليقين بالشك وتبيّنت قيود هذا الكلام مفهوما عند العرف فما الدّليل على التّسامح في مصاديقها الخارجة بما تقدّم فإن قلت استصحاب الكرية عند الشكّ فيها إجماعي كما ادعاه صاحب الرّياض مع أنّه لا يتم كما ذكره المصنف رحمهالله إلا بالمسامحة العرفيّة قلت نعم إلاّ أن العلماء لعلّهم اعتمدوا فيه على بناء العقلاء وهو مبني على الظنّ ولو نوعا ويؤيّده عدم تمسّك من تقدم على ولد شيخنا البهائي بالأخبار الواردة في هذا الباب وسيجيء تحقيق الكلام في ذلك في مبحث الاستصحاب هذا مع أنّه قد يورد على الوجه الثّاني بعد تسليم المسامحة على الوجه الأوّل بعدم إصراره إذ قد لا يصدق بقاء الكل بعد تعذّر بعض أجزائه كالأجزاء الرّكنية على ما زعمه المحقّق القمي رحمهالله اللهمّ إلاّ أن يكون الوجهان من قبيل مانعة الخلو لا كون كل واحد منهما وجها مستقلا مطردا في جميع الموارد(قوله) النبوي إلخ المروي في دعائم الإسلام وهو أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله خطب فقال إن الله كتب عليكم الحجّ فقام عكاشة ويروى سراقة بن مالك فقال في كلّ عام يا رسول الله فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا فقال ويحك وما يؤمنك أن أقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم أكفرتم فاتركوني ما تركتكم وإنّما هلك من هلك قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم إلى أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه (قوله) وضعف إسنادها إلخ لعدم وجودها في الكتب المعتبرة وإن اشتهر التمسك بها في كتب الاستدلال ولا إشكال في كون ذلك جابرا لضعفها وإنّما الإشكال في تعيين كون هذا الجبر بحسب السّند أو المضمون بأن ثبتت بذلك مطابقة مضمونها للواقع وإن لم تكن بهذه الأخبار بهذه الألفاظ المخصوصة صادرة عن المعصوم عليهالسلام فنقول قد اشتهر التمسّك بهذه الأخبار بين المتأخرين في موارد الفقه وأمّا القدماء فلم يظهر منهم التمسّك بها نعم ربّما يتمسّكون بقاعدة الميسور ولكن لم يظهر منهم كون هذه القاعدة عندهم مأخوذة من الأخبار المذكورة ولعله كانت عندهم أخبار أخر صحيحة الأسناد كانت عندهم مستندا لهذه القاعدة ولم تصل إلينا نظير تمسّكهم بقاعدة الضّرر ومجرّد اشتهار التّمسّك بها بين المتأخّرين لا يصلح لجبر سندها نعم اشتهار التمسّك بالقاعدة المذكورة بين القدماء سيّما مع ملاحظة اشتهار التمسّك بالأخبار المذكورة بين المتأخرين سيّما ممّن لا يجوّز العمل بالأخبار المزكى رواة سندها بعدل واحد ولا بالأخبار المنجبر سندها بالشهرة كالمقدّس الأردبيلي وصاحب المدارك والشهيد الثّاني قدس الله أسرارهم يصلح جابرا لها بحسب مضمونها بمعنى ثبوتها بحسب مضمونها وإن لم تثبت بحسب سندها وتظهر الثمرة بينهما في عدم جواز التعدي إلى غير الموارد الّتي تمسكوا بها فيها على الأوّل بخلافه على الثّاني لصيرورتها حينئذ كسائر الأخبار المعتبرة ثمّ إنّه على تقدير انجبارها بحسب السّند أو المضمون لا يجوز التّعدي عن الموارد الّتي تمسكوا بهذه الأخبار أو القاعدة فيها لأنّها ككثير من القواعد العامّة مثل قاعدة الضّرر ولزوم الوفاء بالعقود والشّروط قد كثر تناول يد التخصيص إليها بحيث أوجب وهنا في دلالتها فلا تصلح للتّمسّك بها في موارد خلت من عمل العلماء من دون انجبار وهن دلالتها به كما قرّر في محلّه وأشار إليه المصنف رحمهالله أيضا في بعض كلماته (قوله) وقد يناقش في دلالتها إلخ تحقيق الكلام في الاستدلال بالأخبار المذكورة يتوقف على بيان أقسام الأمر وهي أربعة أحدها أن يكون هنا أوامر متعددة قد أفاد كل واحد منها وجوب شيء بنفسه من دون أن يكون هنا جامع بين هذه الأمور ملحوظ في تعلق الأمر بها مثل قوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) الثّاني أن يتعلق الأمر بأمور تجمعها جهة واحدة ملحوظة في تعلق الأمر بها وكان تعلقه بها بحيث كان كلّ واحد منها مناطا للحكم ومحلا للنفي والإثبات كما في العموم الأصولي ومثاله من الشرعيّات الأمر بصوم شهر رمضان بناء على كون صوم كلّ يوم محلا للحكم الثالث أن يتعلق الأمر بالمركب الخارجي مثل الصّلاة والصّوم الرّابع أن يتعلق الأمر بالطبيعة المقيدة بمثل الزمان والمكان أو الحال أو الإضافة أو نحوها مثل الأمر بغسل الميت بماء السّدر وهو على قسمين أحدهما أن يكون القيد بحيث لو انتفي وتحققت الطبيعة مع قيد آخر كان بين القيدين تغاير كلي كما إذا ورد الأمر بتضحية شاة فعجز المأمور عن تحصيل الشّاة وتمكن من تحصيل البقر أو الإبل مثلا فإن هذه الأفراد وإن اشتركت في صلاحية كونها أضحية إلا أن بينها اختلافا وتغايرا فاحشا بحيث لا تصلح لاستنابة أحدها مقام الآخر في نظر أهل العرف وثانيها أن يكون القيد الآخر بحيث يندرج تحت المتعذر في نظرهم كما إذا أمر بالصّلاة قائما فتعذر القيام وتمكن منها مع انحناء يسير وكذلك الاستلقاء بالنّسبة إلى الاضطجاع لعدّ الانحناء اليسير قسما من القيام وكذا الاستلقاء من