له في الجملة وشك في كونه جزءا أو شرطا مطلقا أو في حال التمكن منه خاصّة فلا يخلو إمّا أن يثبت كل من المركب والمشكوك فيه بدليل لبيّ أو ما في حكمه كما ستعرفه وإمّا بدليل لفظي مبيّن المفهوم بأن كان من المطلقات أو العمومات وإمّا أحدهما بأحدهما والآخر بالآخر أمّا الأوّل بأن ثبت كلّ منهما بالإجماع المركب بمثل قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بناء على وضع ألفاظ العبادات للصحيح أو للأعمّ بناء على عدم استجماعها لبعض شرائط التمسّك بالمطلقات كما اختاره المصنف رحمهالله في بعض المباحث السّابقة والمشكوك فيه بمثل قوله اركع واسجد أو تطهر وتسترّ ونحوهما لوضوح اختصاص التكاليف الشّرعية بحال التمكن فالحقّ حينئذ هو التمسّك بأصالة البراءة عن وجوب الباقي عند تعذر المشكوك فيه ودعوى أنّه إذا دخل الوقت ومضى منه مقدار الصّلاة مع التّمكن منها بجميع أجزائها وشرائطها ثمّ عرض العجز عن بعض أجزائها أو شرائطها ممّا شكّ في كونه جزءا أو شرطا مطلقا أو في حال التمكن منه خاصّة فاستصحاب وجوب الباقي يقتضي اختصاص جزئية المشكوك فيه أو شرطيته بحال التمكن فإذا ثبت ذلك في محلّ الفرض ثبت فيما عرض العجز عنه من أوّل الوقت أو قبله بالإجماع المركّب لا يقال يمكن قلبه بتقريب أنّه إذا ثبتت جزئيّته المطلقة أو شرطيته كذلك بأصالة البراءة فيما عرض العجز من أوّل الوقت على ما عرفت ثبتت في غيره بالإجماع المركّب لأنّا نقول إنّه قد قرّر في محلّه أن ضميمة الإجماع المركّب في أحد شطريه إذا كانت أقوى كان مقدما على الدّليل الموجود في الآخر ولا ريب أن الاستصحاب أقوى من أصالة البراءة لحكومته عليها مضعفة بما أشار إليه المصنف رحمهالله وسنشير أيضا إلى ما في توجيه الاستصحاب المذكور بما ذكره المصنف رحمهالله دليلا على القول الثّاني ثم إنّه يندرج في عنوان هذا القسم أيضا ما لو ثبت الجزء والشرط بنفس الأمر بالكلّ والمشروط بأن قال صلّ قارئا للسّورة أو متطهّرا وإن قلنا بكون ألفاظ العبادات أسامي للأعمّ لأنّ هذا القيد مقيد للمطلوب والأمر متعلّق بالمقيد بالفتح فلا إطلاق له حتّى يتمسّك به في حال تعذر القيد نعم يتم هذا فيما ثبت القيد من الخارج كما ستعرفه ومن هنا يظهر أن الأولى أن يمثل المصنف رحمهالله لذلك بما ذكرناه لا بمثل قوله كما لو قلنا بكون الألفاظ أسامي للصّحيح لأنّه إن أراد به ما لو وقع التّصريح بالقيد المشكوك فيه في الكلام المشتمل على الأمر بالكلّ والمشروط كما عرفته ممّا مثّلناه ففيه أنّك قد عرفت أنّه لا حاجة معه إلى اعتبار وضع ألفاظ العبادات للصّحيح وإن أراد به ما تجرّد عن القيد المذكور مثل قوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ففيه أنّه إن أراد ثبوت الجزء والشرط بنفس الأمر بالكلّ والمشروط ثبوته به بواسطة القول بقاعدة الاشتغال عند الشك في الأجزاء والشرائط لأنّه إذا شك في جزئية شيء أو شرطيته وإن كان الشّك ناشئا من فتوى فقيه فمقتضى القول بقاعدة الاشتغال حينئذ هو وجوب الإتيان به في حال التّمكن منه تحصيلا لليقين بالبراءة ولكن لا يلزم منه القول بجزئيّته في حال تعذره أيضا لأنّ الشك في وجوب الباقي بعد تعذره بالوجوب النّفسي شك في أصل التكليف ينفي بأصالة البراءة فقيه مع أن مختار المصنف رحمهالله على القول بالصّحيح هو القول بالبراءة أن ثبوت الجزء والشّرط حينئذ لم يكن بنفس الأمر بالكلّ والمشروط بل به بضميمة فتوى الفقيه وقاعدة الاشتغال فتدبّر وإن أراد ثبوتهما به على القول بالبراءة عند الشك في الأجزاء والشّرائط فلا محصّل له من رأس ويندرج في هذا القسم أيضا ما لو ثبتت أجزاء المركب بأوامر متعددة كما إذا قال كبّر واقرأ الفاتحة واركع واسجد وهكذا مع العلم بكون المجموع تكليفا واحدا لما أشار إليه المصنف رحمهالله بقوله فإن كلا منها أمر غيري إلى آخره والوجه فيه واضح لأن شيئا منها إن كان نفسيّا لم يعقل كونه جزءا من المركّب لوضوح عدم مطلوبيّة الجزء من حيث جزئيته لنفسه فإذا كان غيريّا ينتفي الغير بانتفائه وأمّا احتمال وجوب الباقي بعد انتفائه فهو منفي بأصالة البراءة ومن هنا يظهر ضعف ما حكي عن عوائد الأيام قال لو كان هناك خطابات متعددة بتعدد الأجزاء يمكن التمسّك في الأجزاء الباقية بما يدل عليه خطاباتها كما إذا قال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) وقال في خطاب آخر (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) وهكذا إلى آخر أجزاء الوضوء والوجه واضح انتهى وأمّا الثّاني بأن ورد قوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بناء على القول بالأعمّ وجواز التمسّك بمطلقات العبادات بأن كانت جامعة لشرائط العمل بالإطلاق وورد أيضا كقوله عليهالسلام لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وقوله لا صلاة إلا بطهور ونحوهما فإن مقتضى إطلاق الأمر بالصّلاة وإن كان وجوب الإتيان بها ولو مع تعذّر الفاتحة والطّهور إلاّ أن مقتضى إطلاق جزئية الفاتحة وشرطيّة الطّهور سقوط الأمر بها حينئذ وهو حاكم على الإطلاق الأوّل فيكون قوله أقيموا الصّلاة مقيدا بالقدرة على الفاتحة والطّهور فلا يشمل العاجز عنهما وأمّا الثّالث فإن كان الجزء أو الشّرط ثابتا بدليل لفظي مطلق بخلاف الكل والمشروط كما يظهر ممّا قدّمناه فهو في حكم القسم الثّاني وإن كان بالعكس يجب الإتيان بالباقي عملا بإطلاق دليل الكل والمشروط فينحصر الحكم بعدم سقوط الباقي في هذا الفرض كما أشار إليه المصنف رحمهالله بقوله فينحصر الحكم بعدم سقوط الباقي في الفرض الأوّل يعني فيما كان المقيد بالفتح مطلقا دون المقيد بالكسر ولا غرو في استلزام ذلك لكون المطلق مطلقا بالنسبة إلى بعض ومقيدا بالنسبة إلى بعض آخر وذلك لأنّ هذا الإشكال الوارد في جميع المطلقات كما أشار إليه المصنف رحمهالله إنما هو على مذهب المشهور من ظهورها بحسب الوضع في الإطلاق وكون تقييدها موجبا للتجوّز كما نسبه إليهم المحقق القمي وأمّا على مختار المصنف رحمهالله وفاقا لسلطان العلماء من كونها موضوعة للماهية المهملة فلا لصدقها حينئذ على المجرّد عن القيد وعلى المقيد لأنّ دلالة القيد حينئذ في قوله تعالى (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) على الطبيعة والقيد من قبيل تعدد الدّال والمدلول فلفظ الرّقبة يدلّ على مطلوبيّة الطبيعة ولفظ مؤمنة على مطلوبية الإيمان بحيث يكون انفهام كل منهما مستندا إلى لفظه الدّال عليه وإن كان المراد الواقعي من هذا الكلام هي الطبيعة المقيدة وليطلب تحقيق المقام في ذلك من محلّ آخر(قوله) لزم من انتفائها إلخ أي الكلّ والمشروط(قوله) بناء على أن المستصحب إلخ هذا تصحيح للتمسك بالاستصحاب بوجهين مرجعهما إلى المسامحة في أمر الاستصحاب أمّا في الحكم المستصحب أو موضوعه أحدهما أن المستصحب هو القدر المشترك بين الوجوب النّفسي والغيري وهو مطلق المطلوبية وهو وإن لم يثبت وجود الفرد المحتمل المطلوب أعني الوجوب النّفسي إلاّ على القول بالأصول المثبتة إلاّ أن أهل العرف لا يفرقون بين مطلق المطلوبية والمطلوبية النفسيّة ويزعمون ثبوت الثانية بثبوت الأوّل بزعم اتحادهما وعدم التّغاير بينهما وثانيهما أن يدعى أن المستصحب هو الوجوب النفسي لكن مع المسامحة في موضوعه بدعوى كون موضوعه هو المعنى الأعمّ من الواجد للجزء