في عروض الإجمال للخطاب إذا قال الشّارع أريد منك صلاة صحيحة فيما لو فرض الشكّ في بعض أجزائها أو شرائطها فما وجه الفرق بينما ثبت التقييد في نفس الكلام وبينما ثبت من الخارج كما هو محلّ الكلام قلت الفارق هو العرف لأنّه المرجع في مباحث الألفاظ والنكتة فيه أنه مع ثبوت القيد من الخارج كان للمطلق إذا لوحظ في نفسه ظهور في الإطلاق فكلّما شكّ في عروض مانع من إطلاقه يدفع بما عرفته من الظهور بخلاف ما لو ثبت القيد في الكلام لأنه سقط المطلق عن إطلاقه على حسب مقتضاه ولذلك مثال في الخارج لأن المولى إذا قال لعبده أكرم العلماء ثمّ قال لا تكرم من العلماء من كان عدوّا لي فإذا شك في كون شخص عدوّا له يحرز عدم عداوته وكونه صديقا له بعموم الخطاب الأوّل بخلاف ما لو قال أكرم العلماء غير أعدائي إذ لا ريب في إجماله بالنسبة إلى من شك منهم في كونه عدوّا للمولى (قوله) العنوان المقيد إلخ على صيغة المفعول والمراد به عنوان الصّلاة والضمير في قوله على تقييده عائد إلى العنوان يعني ليقطع بتحقق عنوان الصّلاة مع ما قيد به من وصف الصّحّة(قوله) دل الدّليل على تقييد إلخ فتبقى أصالة الإطلاق بالنسبة إلى غير هذه الأمور الّتي دل الدّليل على اعتبارها على حالها فيعمل بها في نفي القيود المشكوكة(قوله) جميع المطلقات إلخ بل العمومات أيضا مثل قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وهذا جواب نقضي آخر لاستلزام المغالطة المذكورة عدم جواز التمسّك بعمومات المعاملات ومطلقاتها أيضا وهو خلاف ما استقرت عليه طريقة العلماء في أبواب المعاملات (قوله) بل له شروط إلخ منها عدم ورود المطلق في مقام الإهمال كما أوضحه المصنف رحمهالله ومنها عدم وروده في مقام بيان حكم آخر كقوله تعالى كلوا ممّا أمكن فلا يجوز الاستدلال بإطلاقه على طهارة موضع إمساك الكلب ممّا أخذه من الصّيد نظرا إلى عدم تقييد جواز الأكل بغسله كما حكي عن الشيخ لوروده في مقام بيان حكم جواز الأكل فهو ساكت عن حكم طهارة موضع العضّ ونجاسته ومنها كون المطلق متواطئا بأن لا تكون له أفراد شائعة ينصرف إليها الإطلاق ومنها عدم وهنه بورود تقييدات كثيرة توهن في إطلاقه كما في كثير من إطلاقات القواعد الشّرعيّة ولكن ستقف على ما فيه (قوله) والّذي يقتضيه التدبّر إلخ ربّما يؤيّد ذلك كون كثير من قيود مطلقات الكتاب أو أكثرها مبنيّة في أخبار أئمّتنا المعصومين عليهمالسلام إذ لو كان المراد بها بيان الإطلاق لزم بيان قيودها في زمان صدورها لئلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وفيه نظر لأن لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة وارد على هذه الإطلاقات سواء قلنا بورودها في مقام البيان الإجمالي أو التفصيلي إذ لا ريب أنّ المكلفين في زمان صدور هذه الخطابات كانوا مكلفين بهذه العبادات وقد عرفت أن بيان قيودها إنّما وقع في الأزمنة المتأخرة فيلزم تأخير البيان عن وقت حاجتهم سواء قلنا بورودها في مقام البيان الإجمالي أو التفصيلي مع أن البيان الإجمالي غير معقول مع حاجتهم إلى البيان نعم يمكن أن يلتزم في دفع ذلك بأحد أمرين إمّا بأن يقال بورودها في مقام البيان ويقال بكون الموجودين في زمان الصّدور ومن بعدهم إلى زمان صدور مقيّداتها مكلفين بالعمل بإطلاقها والمتأخرين منهم بما حدث من المقيّدات بعد صدورها وإمّا بأن يقال بورودها في مقام البيان الإجمالي وكان البيان التفصيلي واصلا إليهم بخطابات أخر وإنّ هذه الخطابات كاشفة عنه وعلى الوجهين نبّه المصنف رحمهالله في خاتمة الكتاب (قوله) في جميع المطلقات إلخ لا بد في تتميم المطلب من إضافة مطلقات السنة إليها بدعوى جريان ما ذكره أو غيره من موانع العمل بها فيها أيضا وهو على إطلاقه مشكل وما أورده المصنف رحمهالله من الإشكال في العمل بإطلاق ألفاظ العبادات محكي عن شريف العلماء(قوله) الأوامر بالعبادة إلخ وجه الفرق بينها وبين أوامر المعاملات أنّ المعاملات مع شرائطها غالبا أمور عرفية والأمر الوارد فيها إمضاء لما هو المقرّر عند العرف ولا مانع من ورودها في مقام بيان الإطلاق بخلاف العبادات فإنها بجميع أجزائها وشرائطها أمور تعبديّة فالمطلقات الواردة فيها لا تصلح للإطلاق إلاّ بعد بيان ما يتحقق به صدق الإطلاق فالغالب فيها كون المطلق إشارة إلى ما فصّله سابقا أو يفصله بعد(قوله) في مقام بيان تأكيد إلخ يمكن أن يكون قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) واردا لبيان التشريع وكيف كان تؤيد ورود هذه الإطلاقات في مقام التأكيد أو غيره من فوائد الكلام لا في مقام بيان الإطلاق أمور منها ورود الأمر بالصّلاة والصّوم والزّكاة ونحوها في غير موضع من الكتاب لأنّه ليس إلاّ للتّأكيد ومنها ورود تقييدات كثيرة عليها سيّما في الأزمنة المتأخرة عن زمان صدورها بزمان معتد به إذ لو كان المراد بها بيان الإطلاق لا بد من بيان قيودها من أوّل الأمر وإلاّ لزم الإغراء بالجهل مضافا إلى عدم إمكان بيان جميع القيود في أوّل الأمر فتأمّل ومنها ما روي عن الباقر عليهالسلام أنّ عمار بن ياسر أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال يا رسول الله أجنبت اللّيلة ولم يكن معي ماء فقال كيف صنعت قال طرحت ثيابي وقمت على الصّعيد فتمعكت فيه فقال هكذا يصنع الحمار إنّما قال الله عزوجل (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) فضرب بيديه على الأرض ثمّ ضرب إحداهما على الأخرى ثمّ مسح جبينه ثمّ مسح كفّيه كلّ واحدة على الأخرى مسح باليسرى على اليمنى واليمنى على اليسرى لأن إطلاق الأمر بالتّيمم لو كان واردا في مقام بيان الإطلاق لم يكن صلىاللهعليهوآله يمنعه ممّا يفهمه وإن كان مقرونا بالبيان لم يقع منه غلط(قوله) قد ذكر موانع أخر إلخ منها ما تقدّم في كلام المصنف رحمهالله من التوهّم الّذي زيفه فإنّ ما زيفه به وإن لم يصحح جواز التمسّك بالإطلاق إلاّ أنّ مقتضاه جواز التمسّك بأصالة البراءة الّتي هي في حكم أصالة الإطلاق فتدبّر ومنها ورود كثرة التقييدات على إطلاقات العبادات إذ لا ريب أن كثرة التقييد والتخصيص يسقط المطلق والعام عن درجة الاعتبار وفيه أنّ ذلك إنّما يجري في العمومات دون المطلقات لجواز تقييدها إلى الواحد ومنها أن التمسّك بإطلاق الخطاب مشروط بكونه من قبيل المتواطئ دون المشكك وما نحن فيه من قبيل الثّاني دون الأوّل لانصراف ألفاظ العبادات على القول بالأعمّ إلى الصّحيحة وفيه أوّلا أنّه يظهر الجواب عنه من تزييف المصنف رحمهالله قول من توهم كون المراد بألفاظ العبادات على القول بالأعمّ هي الصّحيحة نظرا إلى عدم كون الفاسدة مأمورا بها وثانيا أنا نمنع الانصراف المذكور لأنّ المتبادر منها على تقدير تسليمه إنّما هي المشتملة على الأجزاء الواجبة والمندوبة وهو خارج من محلّ النّزاع وغير معلوم تحققه في زمان صدور الخطابات فدعوى انفهام خصوص الصّحيحة منها بمثابة دعوى انفهام خصوص الفاسدة منها فليست هي بالنسبة إليهما من قبيل المشكك ومنها أنّ ألفاظ العبادات على القول بالأعمّ وإن سلم كونها من قبيل المبيّن بالذّات إلا أنّ جملة من الأخبار الصّادرة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ألبستها ثوب