ومرجعه إلى أصالة عدم الحكم الوضعي المنتزع من الأمر بالمركب فله وجه وإن كان ضعيفا كما أوضحه المصنف رحمهالله والفرق بين هذا الشّق والشّق الأوّل من الترديد أن المستصحب في الأوّل عدم جزئية المشكوك فيه من المركّب الخارجي وفي الثّاني عدم جزئية المشكوك فيه من المركّب الجعلي الاعتباري ومرجع نفي جزئيته حينئذ إلى نفي الحكم الوضعي المنتزع من الأمر بالمركب الجعلي الاعتباري ومن هذا البيان تظهر صحّة الإيراد على هذا الشّق بما أورده على الشّق الأوّل لأن مجرّد كون المركب في أحدهما خارجيّا وفي الآخر اعتباريّا لا يصلح لدفع الإيراد عن هذا الشّق (قوله) وإن أريد أصالة عدم دخل إلخ جواب الشرط قوله فله وجه (قوله) لأنّ تعيين الماهية في الأقل على أصالة عدم الجزئيّة بالمعنى الّذي قرّره وعدم كونه من الأصول المثبتة وذلك لأنّ تعيين الماهية في الأكثر أو الأقل يحتاج إلى إثبات جنس وهو في الأكثر اشتماله على ما اشتمل عليه الأقل وفي الأقل اشتماله على الأجزاء المعلومة وفصل وهو في الأكثر اشتماله على ما لم يشتمل عليه الأقل وفي الأقل عدم اشتماله على ما فوقه ممّا اشتمل عليه الأكثر والجنس والفصل في الأكثر وجوديان وجنسه وإن كان متيقنا إلا أنّ فصله من حيث كونه وجوديا لا يمكن إثباته عند الشك فيه بأصالة العدم بخلاف الأقل فإن جنسه وإن كان وجوديّا إلا أنّه متيقن بالفرض وفصله وإن فرض كونه مشكوكا إلا أنّه من حيث كونه عدميّا يمكن إثباته بالأصل ومن هنا ظهر أن المقصود من أصالة عدم الجزئية في المقام ليس إلا إثبات مجراها لا شيء آخر حتّى يقال بكونها مثبتة فإذا ثبت فصل الأقل بالأصل وكان جنسه متيقنا ثبت تعين كون الماهيّة هو الأقل وأنت خبير بأن إثبات أحد جزئي الماهية بالأصل والآخر بالفرض لا يخرج الأصل من كونه مثبتا ولذا لو تردد الأمر بين الوجوب والاستحباب لا يمكن أن يقال إنّ مطلق الرجحان ثابت بالفرض وإذا ثبت عدم المنع من الترك الذي هو فصل الاستحباب ثبت استحباب الفعل كما سيجيء في محلّه (قوله) فتأمّل إلخ لعل الأمر بالتّأمل إشارة إلى إمكان دعوى حصول الغفلة على وجه خاص لاختلاف الالتفات في مقام الإيجاب والاستحباب لأنّ الالتفات إلى الشيء على وجه يكون مقوّما لغيره بحيث ينتفي بانتفائه مغاير للالتفات إليه على وجه لا يكون كذلك والالتفات على الوجه الثّاني لا يستلزمه على الوجه الأوّل فتدبّر (قوله) يدخل أقلّهما إلخ احتراز عمّا لو اشتمل الأقل على جزء لا يشتمل عليه الأكثر بأن لا يعتبر فيه ذلك أو اعتبر عدمه وكذا قوله بحيث يكون الآتي إلخ احتراز عمّا لو اعتبر الأقلّ بشرط لا كالقصر والإتمام لأن هذين القسمين داخلان في المتباينين دون الأقل والأكثر وربّما يتوهّم كون القيد الأوّل مغنيا عن الثّاني لعدم دخول الأقل تحت الأكثر عند اعتبار الأقل بشرط لا وفيه أن المراد بالدّخول هو الدّخول ولو في الظّاهر وبكون الآتي بالأكثر إتيانا بالأقل هو الإتيان في مقام الإطاعة والامتثال (قوله) في المعنى العرفي إلخ وكذا اللّغوي ولعل المراد بالعرف أعم منه ومن العرف العام (قوله) أو عكنة البطن إلخ قال الطريحي في الحديث كأنّي أنظر إلى أبي وفي عنقه عكنة هي بالضم فالسّكون واحدة العكن كصرد طي في العنق وأصلها الطي في البطن من السّمن ويقال في الجمع أعكان أيضا وتعكّن البطن صار ذا عكن (قوله) بناء على أنّ هذه الألفاظ على معانيها اللغويّة واستعمال الشّارع لها في المعاني اللّغوية لما قرّرناه في محلّه من إمكان تأتي النّزاع في الصّحيح والأعمّ والثمرة المرتبة عليه من الإجمال والبيان في استعمال الشارع أيضا وإن قلنا ببقائها على المعاني اللغوية(قوله) ووجوده هنا إلخ كان وجود الخطاب التفصيلي قاطع للعذر عند الله وعند العقل ولعلّ الوجه فيه أن حكم العقل بالبراءة إنّما هو لقبح العقاب بلا بيان والفرض هنا وصول البيان وإجمال متعلق الخطاب لا يصلح للعذر بعد كشف الخطاب عن ثبوت متعلقه في الواقع وتمكن المكلّف من امتثاله ولو بالاحتياط بخلافه في المسألة السّابقة لفرض عدم العلم هناك بوجود خطاب تفصيلي ومجرّد العلم بوجود أحد الخطابين في الواقع لا يصلح قاطعا للعذر لصدق عدم البيان معه ولذا فرّعوا على القول بالصّحيح كما هو المشهور وجوب الاحتياط وعدم جواز التّمسك بأصالة البراءة عند الشكّ في الأجزاء والشرائط مع ما تقدم في المسألة السّابقة من أنّ المشهور عند الشكّ فيهما مع كون الشبهة ناشئة من فقدان النصّ هي البراءة ووجه التوفيق بينهما هو ما ذكرناه من وجود الخطاب التفصيلي هنا بخلافه هناك وتوضيح ما أجاب به المصنف رحمهالله أنّ مجرّد وجود الخطاب مع قطع النظر عن مدلوله لا يصلح فارقا بين المسألتين بلا ريب وأما مع ملاحظة مدلوله فلا ريب في حصول العلم بمدلوله في المسألة السّابقة أيضا لأنّ الفرض هناك حصول العلم بوجوب أحد الأمرين أعني الأقل أو الأكثر ولا شكّ أن قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ) على القول بالصحيح لا يزيد على هذا العلم شيئا فيرجع الفرق بين المسألتين إلى مجرّد وجود الخطاب اللّفظي مع قطع النظر عن مدلوله وعدمه ومع عدم تأثيره في الفرق بين المسألتين لا بد أن يلاحظ العلم الإجمالي الحاصل فيها وأنّه يصلح منشأ لوجوب الاحتياط أو لا وهو غير صالح لذلك كما قرّره المصنف ره (قوله) إنّ مناط وجوب الاحتياط إلخ ظاهره أنّ المناط فيه تعارض أصالة البراءة في طرفي العلم الإجمالي وتساقطهما لذلك ولكن مختار المصنف رحمهالله كما صرّح به في المتباينين وغيره أن المناط فيه عدم جريان أصالة البراءة في موارد العلم الإجمالي من رأس وأن مقتضى أخبار البراءة فيها إمّا جواز المخالفة القطعية وهو مناف للعلم الإجمالي أو وجوب الموافقة القطعية وهو المطلوب (قوله) فإن قلت إلخ حاصل السّؤال منع ما تقدم من عدم تأثير وجود الخطاب التفصيلي في الفرق بين المسألتين أعني مسألتي إجمال النّص وفقدانه لأنّه مع وجوده وإجمال متعلقه كما هو الفرض يحصل القطع بتعلق التكليف بتحصيل ما هو مراد من الخطاب إلا أنّه لأجل الاشتباه في متعلق الخطاب وهي الصّلاة في قوله أقيموا الصلاة وقع الاشتباه في مصداق مفهوم المراد وأنّه الأقل أو الأكثر والقطع بحصول الامتثال لا يحصل إلاّ مع القطع بالإتيان بما هو مراد من الخطاب في الواقع وهو لا يحصل فيما نحن فيه إلا بالإتيان بالأكثر وهذا نظير ما لو ورد خطاب مبيّن مردّد مصداقه الخارجي بين الأقل والأكثر كما سيجيء في المسألة الرّابعة لأنّ مناط وجوب الاحتياط فيه تعلّق الحكم في الخطاب بشيء مبيّن مطلوب لا يحصل القطع بالإتيان به بالإتيان ببعض محتملاته وهو موجود فيما نحن فيه أيضا لتعلق التكليف بتحصيل مراد الشّارع من الخطاب والقطع به لا يحصل بالإتيان بالأقل فيجب فيه الاحتياط أيضا لذلك بخلاف مسألة فقدان النّصّ إذ لا خطاب مفصل فيه حتّى يجري فيه ما ذكرناه وغاية الأمر أن العلم الإجمالي حاصل فيه بوجوب أحد الأمرين من الأكثر والأقل في الواقع وقبح التكليف بالمجهول بالجهل البسيط ينفي بتنجّز