في المورد ويؤيّده أيضا تفصيل المحقق فيها بينما يعم به البلوى وغيره بالقول باعتبارها في الأوّل دون الثّاني إذ لو كان مرجعها إلى أصالة البراءة أو استصحاب حال العقل لا يبقى وجه لهذا التفصيل وكلام المحقق القمي رحمهالله عند بيان معنى أصالة البراءة مختل النظام منهدم الأركان ولو لا خوف الإطالة لنقلته هنا ونبّهت على بعض ما فيه وعلى كل تقدير فالّذي يقتضيه التحقيق أنّه إن قلنا برجوع قاعدة عدم الدّليل إلى أصالة البراءة كما عرفته من الشهيد أو إلى استصحاب حال العقل على حسب اختلاف الموارد وإلاّ فلا دليل على اعتبارها وأمّا ما تقدّم من المحقّق فيها من التفصيل ففيه أنّ هذه القاعدة فيما يعمّ به البلوى إن أفادت القطع بعدم الدّليل فالحجّة هو القطع دونها وإلاّ فلا دليل عليها وإن أفادت الظنّ بالواقع بناء على ما هو الحقّ من القول بالظّنون الخاصّة هذا كلّه في بيان النسبة بينها وبين أصالة البراءة وأمّا أصالة العدم فالظاهر كونها أعمّ موردا من أصالة البراءة كما نبه عليه المصنف رحمهالله وإن تمت هذه كانت دليلا على قاعدة عدم الدّليل وهو واضح والتّحقيق فيها أيضا فيما لم يقم إجماع على اعتبارها فيه كما في أصالة عدم النقل والاشتراك والقرينة أنّهم إن أرادوا بالبناء على العدم بمقتضى هذا الأصل التوقف عن إثبات آثار الوجود عند الشكّ فيه فهو صحيح لا سترة عليه لأن عاقلا لا يتوقّف في عدم جواز ترتيب آثار الوجود عند الشّكّ فيه لأن المستفاد من طريق العقل حينئذ هو التوقف والعمل بسائر القواعد والأصول في ترتيب آثار الوجود أو العدم وإن أرادوا ترتيب آثار العدم عند الشّكّ في الوجود كما هو ظاهرهم فلا دليل عليه من العقل وبالجملة أنّ هنا معنيين أحدهما بديهي غير مثمر والآخر نظري مثمر لم يساعده دليل وحينئذ إن قلنا برجوع هذا الأصل إلى أصالة البراءة أو استصحاب العدم وإلاّ فلا دليل عليه (قوله) بناء على أن صدق إلخ قد أوضح تحقيق الكلام في ذلك في الشّبهة التّحريميّة من مسائل الشكّ في التكليف (قوله) مع تباينهما الجزئي إلخ لأن نسبة الأصلين إلى النبوي على ما ذكره عموم من وجه لجريان الأصلين في غير الأحكام التكليفية والوضعيّة أيضا كأصالة عدم القرينة والنقل والاشتراك بخلاف النبوي وجريانه في موارد وجود الدّليل على إثبات الآثار المرفوعة لولاه من أحكام الوضع والتكليف بخلافهما وجريان كلّ منهما في موارد توهم ثبوت الدّليل عليه (قوله) معنى واضحا ليس هنا محلّ ذكره إلخ حاصل منع الملازمة يرجع إلى بيان الفارق بين مؤدى قاعدة الاشتغال وسائر الطرق الشّرعيّة وأن حكومة أخبار البراءة على الأولى لا تستلزم حكومتها على الثانية أمّا حكومتها على الأولى فهي بتقريب ما ذكره آنفا وأمّا عدم حكومتها على الثّانية فإن مؤدّيات الطّرق الظّاهريّة من أخبار الآحاد وغيرها منزلة بحكم أدلتها منزلة نفس الأحكام الواقعية من دون اعتبار ثبوت مؤدياتها في مورد الشّك في الواقع وبعبارة أخرى أن اعتبارها إنما هو من باب المرآتية والكشف عن الواقع بتنزيل هذا الانكشاف الظني ولو نوعا بمنزلة الانكشاف القطعي بحكم الشّارع فكأنّه قال كلّ ما أدّت إليه هذه الطّرق افرضه نفس الواقع بالغاء احتمال تخلفها عنه وترتيب آثار الواقع عليه ولا ريب أنّ حكم العقل بالاحتياط في موارده إنما هو لتحصيل الائتمان عن العقاب المرتب على مخالفة المأمور به الواقعي وهو يحصل فيما نحن فيه بالإتيان بالأكثر وكذا دلالة أخبار البراءة على عدم الوجوب في الظاهر إنّما هو عند الشّك فيه فحكومة هذه الأخبار على قاعدة الاحتياط لأجل الائتمان بها عن ترتب العقاب على ترك الأكثر إن كان الواجب في الواقع هو الأكثر لا يستلزم حكومتها على أخبار الآحاد بل الأمر بالعكس لارتفاع الشّكّ عن التّكليف نفيا أو إثباتا في موارد الطّرق الظّاهريّة ولذا نقول بحكومتها على الأصول العملية مطلقا سواء وافقتها أم خالفتها وقد أوضح المصنف رحمهالله تحقيق الكلام في ذلك في أوّل هذا المقصد من مقاصد الكتاب ثمّ إنّه يمكن قلب الملازمة على صاحب الفصول بأن يقال إن ما كان لنا إليه طريق في الظاهر كأخبار البراءة فيما نحن فيه لا يصدق عليه أنّه مجهول وأنّه مما احتمل في مخالفة العقاب وإلا لدلت أدلة الاشتغال على عدم حجيّة الأدلة الظنيّة (قوله) وقد عرفت سابقا حالها إلخ بقوله لكن الإنصاف أن التمسّك بأصالة عدم وجوب الأكثر لا ينفع في المقام بل هو قليل الفائدة إلى آخره ومنه يظهر كون الوجه الثّاني أردأ من هذا الوجه لفرض عدم جريان الأصل على الوجه الثّاني على جميع احتمالاته (قوله) لأنّ الحادث المجعول إلخ حاصله أن لوجوب الجزء معان أحدها وجوبه في حال كونه جزءا من الكلّ وثانيها وجوبه المقدمي بمعنى عدم البدّ منه في الإتيان بالكلّ وثالثها وجوبه الغيري العارض له مع ملاحظته في نفسه وكونه مقدمة للإتيان بالكل والأوّل عين وجوب الكلّ لأن الوجوب في حال جزئية الجزء وكونه في ضمن الكلّ عارض لمجموع الأجزاء واعتبار كلية الكلّ وجزئية الأجزاء لا يوجب التعدد فيه نظير حركة السّفينة العارضة لها ولأهلها مع اتحادها في الحقيقة فالوجوب واحد وإن اختلف بالاعتبار وملاحظة الكلّ والأجزاء بلحاظين فمرجع نفي وجوب الجزء إلى نفي وجوب الكلّ وقد عرفت الحال فيه في الوجه الأوّل والثّاني لازم لطبيعة المقدمة فمرجع نفيه إلى نفي المقدمية أعني الجزئيّة فيما نحن فيه وستعرف الكلام فيه مع أنّه لا يفيد تعيين المأمور به في الأقل إلا على القول بالأصول المثبتة والثالث وإن كان مجعولا بجعل مغاير لوجوب الكل إلا أن نفيه بالأصل مثبت (قوله) وفيه أنّ جزئية الشيء إلخ حاصله أنّه إن أراد بأصالة عدم الجزئيّة أصالة عدم كون المشكوك فيه من أجزاء المركب الّتي هي فرع العلم بعدم اتصافه بهذا الوصف أعني عدم كونه من أجزاء المركب في الزّمان السّابق فيه أنّ الجزئية وكذا عدمها بهذا المعنى ليست أمرا حادثا مسبوقا بالعدم لا يقال إنّ المشكوك فيه قبل الأمر بالمركب لم يكن جزءا منه يقينا فيستصحب عدمه لأنّا نقول إنّ عدم كونه جزءا منه حينئذ إنما هو لأجل عدم وجود المركب فهو حينئذ كما لا يتصف بالجزئية كذلك بعدمها لأن كلاّ منهما من الأمور الإضافية الموقوف صدقها على وجود المضاف إليه وهو الكلّ وهذا معنى عدم كون الجزئية وعدمها من الأمور المسبوقة بالعدم وبالجملة أنّ صدق عدم كونه جزءا من المركب المأمور به موقوف على فرض وجود الكل خاليا من المشكوك فيه في زمان ثمّ يشك في اعتباره فيه بعد ورود الأمر به وهو خلاف الفرض وإن أراد بأصالة عدم الجزئيّة أصالة عدم الأمر بمركب يكون المشكوك فيه جزءا منه ليثبت بها خلو المركب المأمور به منه لأنا إذا علمنا إجمالا بتعلق أمر الشّارع إمّا بمركب مشتمل عليه وإمّا بمركب خال منه فأصالة عدم الأوّل تثبت الثّاني ففيها أنّها مثبتة مع أنها معارضة بالمثل وإن أراد بها أصالة عدم ملاحظة الشّارع للمشكوك فيه في المركب المأمور به عند اختراعه على نحو ما فصّله المصنف رحمهالله