توضيح إن شاء الله تعالى انتهى ووجه السّقوط ما عرفته من عدم الحاجة إلى تعيين المأمور به في الأقل بعد نفي المشكوك فيه وسيجيء زيادة توضيح لما ذكره وما ذكرناه في بعض الحواشي الآتية(قوله) لأن ترك الجزء عين إلخ من هنا يمكن أن يقال إن وجوب الأجزاء عين وجوب الكل لما قرّرناه في محلّ آخر من كون التّضمن عين المطابقة وذلك لأنّ دلالة الكلّ على أجزائه ملحوظة بوجهين أحدهما دلالته عليها في ضمن الدّلالة على الكل فهي بهذا الاعتبار عين الدّلالة على الكلّ لما صرّح به المصنف رحمهالله من كون الكلّ عين أجزائه غاية الأمر أنّ هذه الدّلالة إذا نسبت إلى الكلّ تسمّى بالمطابقة وإذا نسبت إلى الجزء تسمّى بالتضمن فهما بهذا اللّحاظ متحدتان ذاتا ومتغايرتان بالاعتبار والإضافة ولذا عدّ المشهور التضمّن من الدّلالات الصّريحة وثانيهما دلالته عليه بملاحظة الجزء من حيث نفسه مع قطع النّظر عن كونه جزءا من الكلّ فهي بهذا الاعتبار من باب الالتزام دون التضمّن وعليه يبتني استشكال المحقق القمي رحمهالله في عدّ التضمّن من الدّلالات الصّريحة ولا ريب أنّ مطلوبية الأجزاء إنّما هي بالاعتبار الأوّل وتسمية وجوبها غيريا إنّما هي بالاعتبار الثّاني فلا بد حينئذ أن يكون وجوب الأجزاء عين وجوب الكلّ كما أن العقاب عليها عين العقاب عليه فتدبّر(قوله) وأمّا لو عممناه المطلق إلخ قد تقدّم تحقيق الكلام في ذلك في الشّبهة التحريميّة البدوية فإذا قلنا بعموم حديث الرّفع لمطلق الآثار فهو حينئذ كما يدلّ على نفي العقاب كذلك يدلّ على عدم جزئيّة المشكوك فيه وشرطيّته وعلى عدم كون تركه سببا لبطلان الأكثر وعلى عدم كون الخالي منه سببا لوجوب الإعادة والقضاء وأنت خبير بأن هذا التعميم إنّما يجدي على القول بكون الأحكام الوضعيّة مجعولة وأمّا على ما اختار المصنف رحمهالله في مبحث الاستصحاب وسيصرّح به هنا أيضا من كونها منتزعة من الأحكام الطلبيّة فلا ثمرة لهذا التعميم هنا لكون جزئية الجزء وشرطيّة الشّرط منتزعتين من الأمر بالمركب وكذا سببيّة ترك الجزء للبطلان من اعتباره في الكلّ في تعلق الأمر به وكذا البطلان من عدم الموافقة للمأمور به وكذا سببيّة الفاقد للجزء للإعادة والقضاء فهذه الأمور إمّا منتزعة من الطّلب الشّرعي ومرجع رفعها إلى رفعه أو رفع مؤاخذته وإمّا من أمر عقلي غير مرتفع برفع الشّارع كالبطلان المنتزع من عدم موافقة المأمور به ولذا أنكر كونه كالصّحّة من الأحكام الوضعيّة بعض من ادعى كونها مجعولة للشّارع (قوله) والتحقيق التمسّك بهذه إلخ حاصله حكومة قاعدة الاحتياط على أخبار البراءة بناء على الاستدلال بها على نفى الحكم التكليفي نظرا إلى أن مقتضاها نفي وجوب الأكثر عند الشك فيه ولا شك فيه ولو في الظاهر بمقتضى قاعدة الاحتياط فلا يصدق معها الحجب حتّى تجري فيه أصالة البراءة وأمّا بناء على الاستدلال بها على نفي الحكم الوضعي أعني الجزئية والشّرطيّة فتكون هذه الأخبار حاكمة عليها لتبين المأمور به بها وتعيين كونه هو الأقلّ ولو في الظاهر فلا يبقى في عدم وجوب الأكثر حينئذ شك حتى تجري فيه قاعدة الاحتياط كما سيشير إلى توضيحه (قوله) قد ذكرنا في المتباينين إلخ حاصله دعوى حكومة أخبار البراءة على قاعدة الاحتياط سواء كان المستند فيها استصحاب الشّغل أو العقل نعم لو كان المستند فيها الأخبار كان لما ذكره صاحب الفصول وجه وأمّا الأوّل فلكون الأصل مثبتا لأن استصحاب الاشتغال بعد الإتيان بالأقلّ لا يثبت وجوب الأكثر إلاّ على القول بترتب الآثار العقلية على المستصحب ومع التسليم فأخبار البراءة حاكمة عليه كما أوضحه المصنف رحمهالله وأقول هذا مضافا إلى منع جريان استصحاب الاشتغال في مورد جريان قاعدته كما أشار إليه المصنف رحمهالله سابقا وفيما يأتي إن شاء الله تعالى وأمّا الثاني فإن قاعدة الاحتياط المستندة إلى العقل إن كان مقتضاها الدّلالة على أن ما وجب في الواقع هو الأكثر دون الأقل كان لما ذكره وجه وليس كذلك لأن مبناها على حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل فإذا فرضت دلالة أخبار البراءة على عدم وجوب الأكثر وعدم ترتب العقاب على تركه لا يبقى مجرى لقاعدة الاحتياط كما لو صرّح الشّارع بعدم ترتب العقاب من جهة احتمال وجوب الأكثر وأمّا الثالث فإن أخبار الاحتياط إن كان مقتضاها إثبات الوجوب الشّرعي الظّاهري فلما ذكره من حكومتها على أخبار البراءة وجه وقد أوضحه المصنف رحمهالله في الشبهة التّحريميّة من مسائل الشّكّ في التكليف لأنّ مقتضى أخبار البراءة هي الإباحة الظاهرية فيما لم يرد فيه بيان من الشّارع خصوصا ولا عموما أو نفي العقاب في مورد عدم ثبوت التكليف ولو ظاهرا وأخبار الاحتياط لعمومها بيان ومثبتة للوجوب الظاهري في مورد احتماله أو العلم به إجمالا وإن كان مقتضاه الإرشاد إلى دفع العقاب المحتمل لما فيه من مصلحة المكلف كان مؤداه موافقا لحكم العقل فتكون أخبار البراءة حينئذ حاكمة عليها ومن هنا يظهر أنّ حكم المصنف رحمهالله بحكومة أخبار الاحتياط عليها مبني على ظاهر من كلام تمسك بها في أمثال المقام لإثبات الوجوب الشّرعي لا على ما اختاره من حملها على الإرشاد كما صرّح به في الشبهة التحريمية البدوية(قوله) فلو لا عدوله عنه إلخ ما نقله المصنف رحمهالله عنه ذكره في مبحث الصحيح والأعمّ والأولى نسبة عدوله عنه إلى فصل عقده لبيان أصل العدم لأنّه وإن ذكر في أول فصل عقده لأصالة البراءة أن النسبة بينهما عموم من وجه وأن الأوّل يعمّ نفي الحكم الوضعي والثانية للموضوعات الجزئية ويشتركان في نفي الأحكام التكليفية إلاّ أنّه قد صرّح بعدوله عمّا اختاره في مبحث الصّحيح والأعمّ في الفصل الأوّل وأطال الكلام في الاستدلال عليه بوجوه لا بأس بنقل كلامه لتتضح به حقيقة مرامه فإنّه قد استدل على اعتبار أصالة العدم أوّلا بأخبار الاستصحاب إلاّ أنّه صرّح بعدم إجلائه في المقام نظرا إلى عدم كون تعين المأمور به في الأقلّ من الآثار الشّرعية لعدم اعتبار الشّارع للأمر المشكوك فيه فلا يثبته إلاّ على القول بالأصول المثبتة وثانيا بأخبار البراءة من خبر الوضع والحجب وغيرهما ثم قال دائرة أصل العدم بحسب هذا الدّليل أعني الأخبار أوسع من دائرته بحسب الدّليل السّابق لجريانه بمقتضى هذا الدّليل في مطلق أحكام الوضع حتّى الجزئية منها والشرطية والمانعية لأن المفهوم من أخبار الباب رفع الحكم المجهول وإثبات ما يترتب عليه من الأحكام الشرعية وغيرها ممّا يترتب عليه أحكام شرعية عملا بظاهر الإطلاق السّالم عمّا يقتضي صرفه هنا عنه إذ الوجه الّذي قرّرناه في منع إطلاق أخبار الاستصحاب غير متطرق إلى إطلاق هذه الأخبار ولو لا ذلك لالتزمنا بالإطلاق هناك أيضا فاتضح ممّا قرّرناه أنّ الأصل المثبت بالمعنى المذكور إن كان استصحابا لم يعتبر وإن كان أصل العدم بالاعتبار الّذي ذكرنا كان معتبرا أقول إن أراد باستصحاب عدم اعتبار الأمر المشكوك فيه استصحاب عدم وجوب الأكثر ففيه مع عدم جريانه لكون الشكّ في وجوبه