من باب المقدّمة لأنّ المراد بالوجه المقصود هو الوجوب العارض للعبادة التي هي المقربة إلى الله والمشتبهان مع قطع النّظر عن الواقع لا مطلوبية لهما وليسا مقربين إلى الله سبحانه ولذا حكم المصنف رحمهالله بأن المقصود في المقام إحراز الوجه الواقعي ثمّ إنّ الثمرة بين الطريقين فيما تظهر لو أتى بالظهر مثلا أوّلا من دون قصد الإتيان بالجمعة بعدها لتحصيل الواجب الواقعي بل ومع قصد عدمه فتصح الظهر حينئذ على الطريقة الأولى دون الثانية لفرض تعلق الوجوب الشّرعي على كلّ واحدة منهما فيصحّ الإتيان بكل واحدة منهما ولو مع القصد إلى عدم الإتيان بالأخرى بخلافه على الثانية إذ وجوب كلّ واحدة منهما حينئذ من باب المقدّمة فلا يصحّ قصد التّقرب بالواجب الواقعي حينئذ مع عدم القصد عند الإتيان بأحد المشتبهين إلى عدم الإتيان بالآخر وهو واضح ثم إنّ ما ذكره المصنف رحمهالله هنا من عدم صحّة قصد التقرّب بكل واحد من المشتبهين من حيث كونهما مقدّمة للواقع وإن كان متجها في بادئ النّظر إلاّ أنّه قد حقّق في مسألة دوران الأمر بين الوجوب وغير الحرمة مع كون الشبهة ناشئة من فقدان النّصّ صحّة قصد التقرّب بالفعل المحتاط به لأجل حسن الاحتياط فراجع (قوله) بالنّسبة إلى ما عدا الواجب إلخ فيه نظر لأنّ الظاهر تحقّق التّشريع بكلّ من المشتبهين لأن التشريع هو إدخال لم يثبت في كونه من الدّين في الدّين لا خصوص ما علم أنّه ليس منه فيه لقبح الأوّل أيضا عقلا بل شرعا أيضا كما اعترف به المصنف رحمهالله عند تأسيس الأصل في العمل بالظنّ وحيث لم يثبت كون خصوص كلّ واحد من المشتبهين من الدين يكون الإتيان بخصوص كلّ واحد منهما بقصد كونه من الدّين تشريعا(قوله) مضافا إلى أنّ غاية إلخ يرد عليه مضافا إلى ما ذكره أنّ محذور التّشريع مشترك بين القول بوجوب الاحتياط والتخيير لأنّ القائل بالثّاني يدعي أنّ الواجب عدم المخالفة القطعيّة للواقع وكفاية الموافقة الاحتماليّة فيه وهو يحصل بالإتيان بأحد المشتبهين فيكون القول بالتخيير من شعب القول بالاحتياط لكونه قولا بالاحتياط في الجملة لفرض كون الإتيان بأحدهما لأجل تحصيل الواقع في الجملة لا لأجل وجوبه بالخصوص شرعا فيكون الإتيان به بقصد كونه من الدّين تشريعا ولكن هذا مبني على ما عرفته في الحاشية السّابقة من تحقق التشريع فيما لم يثبت كونه من الدّين مطلقا وحينئذ يمكن دعوى كون القول بالاحتياط أولى من القول بالتخيير لحصول الواقع بالأوّل بالفرض والشكّ في حصوله بالثّاني (قوله) عدم التمكن من تمام إلخ حاصله دوران الأمر في المقام بين فوات وصف من أوصاف الذات يقينا وبين احتمال فوات الذّات وأنّ الأوّل أولى من الثّاني وهو لا يخلو من تأمّل لأنّ نية التقرّب لا تقاس على سائر شرائط العبادة لأن قوامها بها وهي روحها وهي بدونها كالعدم لأنّ مطلوبيتها إنّما هي بعنوان حصول التقرّب والامتثال بها بل ذلك هي الغاية المقصودة منها ويمكن دعوى معارضة فوات مثل هذا الوصف لفوات الذات فيما كان الأوّل قطعيّا والثّاني محتملا كما هو الفرض (قوله) إن اعتبار قصد إلخ حاصله منع اعتبار قصد التقرّب بخصوص المأتي به تفصيلا وإن ذلك على تقدير تسليمه إنّما هو فيما أمكن تحصيل العلم التفصيلي بالواقع فيه كيف وهو غير مسلّم فيه أيضا ولذا قلنا بجواز الاحتياط فيما أمكن فيه العلم التفصيلي ومرجع ما ذكره هنا في كيفيّة قصد التقرّب أو الوجه إلى الطّريقة الثانية من الطريقين اللتين ذكرهما(قوله) قد تقدّم في مسألة إلخ الظاهر أن مقصوده الإشارة إلى ما حققه في سائر مصنفاته نعم قد ذكر شطرا من الكلام في أدلّة التّسامح في بعض مسائل الشّك في التكليف إلا أنا قد أشرنا عند شرح قوله له في ذلك طريقان إلى آخره إلا أنّ ما ذكره هناك ينافي ما بنى عليه تحقيق الكلام هنا ثمّ إن تحقيق الكلام في كون الوضوء والغسل حسنين بالذات دون التيمّم موكول إلى الفقه وأمّا صحّة التقرّب بالأمر الغيري وعدمها وكذا صحّة ترتّب الثّواب على موافقته والعقاب على مخالفته وعدمها فقد استوفينا الكلام في ذلك في مبحث المقدّمة وذكرنا هناك أن ظاهر الفقهاء كون قصد التقرّب في الوضوء والغسل لأجل الأمر الغيري المتعلق بهما وذكرنا أيضا الإشكال فيه في صيرورة التيمم بمجرّد الأمر الغيري به عبادة كما أشار إليه المصنف رحمهالله أيضا هنا فمن أراد أن يصدع الحق فعليه بمراجعته (قوله) فإن قلت يمكن إثبات إلخ هذا من جملة الأدلّة الّتي استدلوا بها على المختار كما أشرنا إليه في بعض الحواشي السّابقة وقد قرر التّمسك به بوجهين أحدهما ما هو ظاهر المصنف رحمهالله من أنّه إذا علم بالوجوب وتردد الواجب بين أمرين فالأصل بقاء الشغل وعدم الخروج من عهدة التكليف بالإتيان بأحدهما فيثبت وجوب الأوّل منهما بالإجماع إذ الفرض هنا حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الآخر بالأصل ويرد على التمسّك بالإجماع مضافا إلى ما أورده المصنف رحمهالله أنّ هذا الإجماع ليس بحجة لكون المسألة عقليّة لأنّ مستند المجمعين هو العقل كما أوضحه المصنف رحمهالله لا ورود دليل تعبّدي على ذلك ولا اعتداد بالإجماع في المسائل العقلية كما أشار إليه المصنف رحمهالله في المقصد الأوّل عند بيان أدلّة القول بحرمة التجري وأوضحناه هناك والفرق بينه وبينما أورده المصنف رحمهالله هو عدم الاعتداد بالإجماع فيما علم بمستند المجمعين وبضعفه ومبني على ما ذكرنا عدم الاعتداد به في المسائل العقلية مع قطع النظر عن مستندهم وعلى كلّ تقدير لا يمكن إثبات الوجوب الشّرعي به ثم إن ظاهر المصنف رحمهالله تسليم كون هذا الإجماع اصطلاحيا إلا أنّه ادعى عدم إمكان الاستكشاف به عن خطاب شرعي بعد العلم بمستند المجمعين وضعف دلالته على الوجوب الشّرعي الذي هو المدّعى ويمكن أن يقال بعد تسليم صحة الاستكشاف به عن خطاب شرعي إنّ هذا الخطاب لا يزيد على خطابات وجوب الاحتياط فكما أنّها إرشادية لا يثبت بها الوجوب الشرعي كذلك المستفاد من الإجماع ومرجع ما ذكرناه مع ما ذكره المصنف رحمهالله إلى منع حجيّة هذا الإجماع أولا ومنع الاستكشاف به عن خطاب شرعي ثانيا ومنع استفادة الوجوب الشّرعي من الخطاب الشّرعي المستفاد منه ثالثا وأمّا التمسّك بالاستصحاب فيرد عليه مضافا إلى ما أورده المصنف رحمهالله أنّه إنّما يتم لو سلّم الخصم ثبوت التكليف بالواقع على ما هو عليه والمحقق القمي رحمهالله ينكر ذلك ويدعي أن القدر المتيقن من تعلق التكليف بالواقع هو حرمة ترك كلّ من الأمرين لا أحدهما لو صادف الواقع كما هو صريح ما نقله عنه المصنف رحمهالله ولذا استظهرنا منه في بعض الحواشي السّابقة كون النّزاع في المقام صغرويا نعم لا يرد هذا الإيراد على ما هو ظاهر المصنف رحمهالله هنا من التمسّك بالاستصحاب لإثبات كيفية النية بعد الفراغ من أصل وجوب الاحتياط مع أنّه يمكن أن يقال إنّ هذا الدّليل إقناعي لا إلزامي لأن مقتضى الخطاب الشّرعي ثبوت التكليف بنفس الواقع بناء على ما هو الحق من وضع الألفاظ للمعاني الواقعيّة لا المعلومات بالتفصيل كيف لا ومقتضى وضعها للمعاني المعلومة جواز المخالفة القطعيّة والمفروض هنا