قوله تعالى (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا) نسبة ذلك إلى الإماميّة في غير ما يؤدّونه عن الله ولكنّ المصنف رحمهالله قد استظهر شذوذيّة هذا القول ومهجوريّته في رسالته المفردة في المواسعة والمضايقة في قضاء الصّلوات اليوميّة ومثل أخبار السّهو ما استفيض من قصّة نوم النّبي صلىاللهعليهوآله عن صلاة الصّبح حتّى طلعت الشّمس فقام فصلّى هو وأصحابه أوّلا نافلة الفجر ثم صلّى الصّبح واختلفوا في كونه عيبا يجب تنزيه النّبي صلىاللهعليهوآله وخلفائه عليهمالسلام عنه فعن العلاّمة قدسسره أنّه بعد ذكر بعض الأخبار في ذلك قال إنّ حديثهم باطل لاستحالة صدور ذلك عن النّبي صلىاللهعليهوآله وعن رسالة نفي السّهو عن النّبيّ صلىاللهعليهوآله للمفيد الفرق بين السّهو والنّوم بدعوى كون الأوّل عيبا دون الثّاني وقال المصنف في الرّسالة المذكورة بعد نقل جملة من كلماتهم في المقام والإنصاف أنّ نوم النّبي صلىاللهعليهوآله أو أحد المعصومين عليهمالسلام عن واجب سيّما أكد الفرائض نقص عليهم ينفيه ما دل من أخبارهم على كمالهم وكمال عناية الله تعالى بهم في تبعيدهم عن الزّلل بل الظّاهر بعد التّأمّل أنّ هذا أنقص من سهو النّبي صلىاللهعليهوآله عن الرّكعتين في الصّلاة وما تقدّم من صاحب رسالة نفي السّهو ممنوع بل العقل والعقلاء يشهدون بكون السّهو في الرّكعتين أهون من النّوم عن فريضة الصّبح وإن هذا النّائم أحق بالتّعبير من ذلك السّاهي بل ذاك لا يستحقّ تعييرا وكون نفس السّهو نقصا دون نفس النّوم لا ينافي كون هذا الفرد من النّوم أنقص لكشفه عن تقصير صاحبه ولو في المقدّمات وبالجملة فصدور هذا مخالف لما يحصل القطع به من تتبّع متفرّقات ما ورد في كمالاتهم وعدم صدور القبائح منهم فعلا وتركا في الصّغر والكبر عمدا وخطاء انتهى موضع الحاجة (قوله) في القطعتين إلخ بل الحقّ عدم إمكان التعارض في ظنين شخصيين فضلا عن القطعيّين سيّما إذا كانا بديهيّين وإلاّ لزم اجتماع الضّدّين أو النّقيضين بديهة وهو بديهيّ البطلان (قوله) على حدوث العالم زمانا إلخ قبل القدم والحدوث صفتان للوجود وأمّا الماهية فإنّما يوصف بهما باعتبار اتصاف وجودها بهما وقد يوصف بهما العدم فيقال العدم الغير المسبوق بالوجود قديم والمسبوق حادث ثمّ كلّ من القدم والحدوث قد يؤخذ حقيقيا وقد يؤخذ إضافيّا أمّا الحقيقي فقد يراد بالقدم عدم المسبوقيّة بالغير وبالحدوث المسبوقية به ويسمّى ذاتيّا وقد يخص الغير بالعدم فيراد بالقدم عدم المسبوقيّة بالعدم وبالحدوث المسبوقيّة به ويسمّى زمانيّا وهذا هو المتعارف عند الجمهور وأمّا الإضافي فيراد بالقدم كون ما مضى من زمان وجود أي الشّيء أكثر ممّا مضى من زمان وجود شيء آخر فيقال للأوّل بالنّسبة إلى الثّاني قديم والثّاني بالنّسبة إلى الأوّل حادث والقدم الذّاتي أخصّ من الزّماني والزّماني من الإضافي فإن كلّ ما ليس مسبوقا بالغير أصلا ليس مسبوقا بالعدم ولا عكس كما في صفات الواجب يعني على القول بزيادتها وكلّ ما ليس مسبوقا بالعدم فما مضى من زمان وجوده يكون أكثر بالنّسبة إلى ما حدث بعده ولا عكس كالأب فإنّه قديم بالنّسبة إلى الابن وليس قديما بالزّمان والحدوث الإضافي أخصّ من الزّماني والزّماني من الذّاتي فإنّ كلّما يكون زمان وجوده الماضي أقلّ فهو مسبوق بالعدم ولا عكس فإنّ الأب مقيسا إلى ابنه فرد من أفراد القديم الإضافي وليس فردا من أفراد الحادث الإضافي مع أنّه حادث زمانيّ فوجدنا فردا من أفراد الحادث الزّماني يصدق عليه الحدوث الإضافي فإنّ الأب إذا صدق عليه الحدوث الإضافي فذلك أنّما يصدق إذا قيس إلى ما قبله كأبيه مثلا فهناك أمران أحدهما الأب مقيسا إلى ما بعده وهو فرد من أفراد القديم الإضافي ولا يكون من أفراد الحادث الإضافي والآخر الأب مقيسا إلى ما قبله وهو فرد من أفراد الحادث الإضافي وليس فردا من أفراد القديم الإضافي والحاصل أن الأب من حيث أنّه أب لابنه قديم إضافي وليس حادثا إضافيّا فالأب المأخوذ بتلك الحيثيّة هو مادة افتراق الحادث الزّماني من الحادث الإضافي وكلّ ما هو مسبوق بالعدم فهو مسبوق بالغير ولا عكس انتهى ثمّ إنّهم اختلفوا في أخذ الزّمان في العدم في القديم الزّماني وعدمه بما هو مقرّر في محلّه (قوله) فإن قلت إلخ اعلم أنّ الأخبار المذكورة على تقدير تسليم دلالتها على عدم جواز الاعتماد على الحكم العقلي القطعي يحتمل وجوها أحدها أن يكون المقصود منها بيان تقيّد الأحكام الواقعيّة بتبليغ الحجّة بأن لا يكون حكم واقعي أوّليّ أصلا قبله ويحتمله كلام شارح الوافية الّذي استشهده المصنف رحمهالله ولا بأس بنقل كلامه لمدخليته في توضيح ما سنشير إليه فقال في ذيل كلام له في حكم ما يستقل به العقل من منع كون ما أدرك العقل حسنه واجبا شرعيّا ومنع كون ما أدرك العقل قبحه حراما شرعيّا لا يقال من حصل له الجزم بأنّ شيئا خاصّا من شأنه أن يستحق على فعله الثّواب وعلى تركه العقاب وأنّه مرضي ومراد الشّارع وأنّه أمر به ولكن منع من وصول أمره إلى المأمور مانع فلا شكّ أنّه يجوز أن يتعبّد لله تعالى بفعل هذا الشّيء وأنّه يثاب بفعله وأنّه لو عاقبه الله تعالى على التّرك لا يكون عقابه قبيحا فحينئذ يجوز له الإفتاء بأنّ هذا الشّيء واجب كما يجوز لنفسه العمل به بقصد أنّه واجب فقد ثبت مطلوبنا لأنّا نقول إنّ التّعبد بمثل هذا الشّيء محلّ نظر لأنّ المعلوم هو أنّه يجب فعله أو تركه أو لا يجب إذا حصل الظّنّ أو القطع بوجوبه أو حرمته أو غيرهما من جهة نقل قول المعصوم أو فعله أو تقريره لا أنّه يجب فعله أو تركه أو لا يجب مع حصولهما من أيّ طريق كان وقس عليه الفتوى ألا ترى أنا لو رأينا المعصوم في المنام وقلنا بأنّه هو للأحاديث الدّالّة على هذا فأمرنا لو نهانا عن شيء لم يصل إلينا حكمه في اليقظة لكان جواز العمل والإفتاء به محلّ نظر وتأمّل ولا يبعد أن نقول بترتب العقاب لو فعل أو ترك بقصد التقرّب أو أفتى بأحدهما انتهى ما يهمّنا من نقل كلامه وثانيها