الواقعي بأن كان الخلط حراما من باب المقدّمة للحرام ففيه أنّه لا فرق فيه بين الخلط والاختلاط لكون ارتكاب أطراف الشّبهة مطلقا مقدّمة لارتكاب الحرام الواقعي وإن كان غير ذلك فلا دليل عليه هكذا قرّره بعض مشايخنا وفيه نظر لأنّ إيجاد مقدّمة الحرام بقصد التوصّل إليه بها حرام بخلاف ما لم يكن بقصده كما قرّرناه في مبحث المقدّمة فلا يقاس الخلط على الاختلاط نعم إن كان المقصود بارتكاب أطراف الشبهة في صورة الاختلاط هو التوصّل إلى ارتكاب الحرام الواقعي لم يجز ذلك أيضا ولذا أخرجنا هذه الصّورة من محلّ النّزاع في الحواشي السّابقة فإن قلت كيف تنكر جواز ارتكاب الجميع وقد وقع ذلك في الشّرع في الجملة وهو أقوى دليل على الجواز وأفتى به بعضهم ففي الحدائق عن المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال من اشتبه عليه الربا لم يكن له أن يقدم عليه إلاّ بعد اليقين بأن ما يدخل فيه حلال فإن قلد غيره أو استدلّ فأخطأ ثمّ تبيّن له أنّ ذلك ربّما لا يحلّ فإن كان معروفا ردّه على صاحبه وتاب إلى الله تعالى وإن اختلط بماله حتّى لا يعرفه أو ورث ما لا يعلم أن صاحبه كان يربي ولا يعلم الرّبا بعينه فيعزله جاز له أكله والتصرف فيه انتهى وقد حكى المصنف رحمهالله في بعض تحقيقاته عن بعض الأصحاب القول بحلية المال الموروث الّذي علم فيه الرّبا وإذا ثبت الجواز في الجملة ثبت مطلقا لعدم كون حكم العقل قابلا للتّخصيص وقد روى المشايخ الثلاثة عطر الله مراقدهم في الصّحيح أو الحسن وفي الفقيه مرسلا قال قال أبو عبد الله عليهالسلام كلّ ربا أكله النّاس ثمّ تابوا فإنّه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة وقال لو أنّ رجلا ورث من أبيه مالا وقد عرف منه شيئا معزولا أنه ربا فليأخذ رأس ماله وليردّ الرّبا وزاد في الكافي والفقيه وأيّما رجل أفاد مالا كثيرا فيه من الرّبا فجهل ذلك ثم عرفه فإن أراد أن ينزعه فما مضى فله ويدعه فيما يستأنف وفي الكافي والتهذيب في الصّحيح أو الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إني رجل أبي فقال إني ورثت مالا وقد علمت أن صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربي وقد اعترف أنّ فيه ربا واستيقن ذلك وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه وقد سألت الفقهاء من أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا لا يحلّ أكله من أجل ما فيه فقال أبو جعفر عليهالسلام إن كنت تعلم أن فيه مالا معروفا فأربي وتعرف أهله فخذ رأس مالك وردّ ما سوى ذلك وإن كان مختلطا فكله هنيئا مريئا فإن المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبه فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد وضع ما مضى من الرّبا وحرم عليهم ما بقي فمن جهل وسع له جهله حتّى يعرفه فإذا عرف تحريمه حرم عليه ووجبت عليه فيه العقوبة إذا ارتكبه كما يجب على من يأكل الرّبا وفي الكافي عن أبي ربيع الشّامي قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أربى بجهالة ثمّ أراد أن يتركه فقال أما ما مضى فله وليتركه فيما يستقبل ثمّ قال إنّ رجلا أتى أبا جعفر عليهالسلام فقال إنّي ورثت مالا وقد علمت أنّ صاحبه كان يربي وقد سألت فقهاء أهل العراق وفقهاء أهل الحجاز فذكروا أنّه لا يحلّ أكله فقال أبو جعفر عليهالسلام إن كنت تعرف منه شيئا معزولا وتعرف أهله وتعرف أنّه ربا فخذ رأس مالك ودع ما سواه وإن كان المال مختلطا فكل هنيئا مريئا فإن المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبك فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد وضع ما مضى من الرّبا فمن جهله وسعه أكله فإذا عرف حرم عليه أكله وبعد المعرفة وجب عليه ما وجب على آكل الرّبا ورواه في مستطرفات السّرائر عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب وفي الكافي عن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أصاب مالا من عمل بني أميّة وهو يتصدق منه ويصل منه قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب وهو يقول إن الحسنات يذهبن السّيئات فقال أبو عبد الله عليهالسلام إنّ الخطيئة لا تكفر الخطيئة ولكن الحسنة تحط الخطيئة ثمّ قال إن كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال من الحرام فلا بأس قلت أما أخبار الرّبا فإن ظاهرها كون الحلية فيها مستندة إلى الجهل بحكم الرّبا وقد نفي عنه الخلاف في الحدائق كما سيجيء لا إلى اشتباه الحلال بالحرام وإن حكي ذلك عن بعض أفاضل المتأخرين ولا أقل من تساوي الاحتمالين فلا يصحّ بها الاستدلال على المقام وعن الحلّي في السّرائر وجوب الخمس في المال الّذي يعلم أنّ فيه الرّبا وعليه أيضا لا تدلّ هذه الأخبار على المدّعى لأنّه مضافا إلى احتمال كون التخميس من الأسباب المملكة لا يحصل العلم حينئذ بالمخالفة اللهمّ إلاّ أن تعلم الزّيادة عليه ولعله يقول بوجوب التصدق بالزّائد حينئذ مع أنّه يحتمل أن يكون الحكم بالحلية مع الجهل بالمالك وحينئذ يكون الحرام مجهول المالك فلا غرو حينئذ أن تكون الحلية من جهة إذن الإمام عليهالسلام في التّصرّف فيه بناء على كون مجهول المالك للإمام عليهالسلام ولذا قيل إنّ الأحوط فيه التّصدق مع إذن المجتهد ومنه يظهر الكلام في المال الموروث أيضا وفي الجواهر يمكن حمل بعض النّصوص على العلم بأنّ الميت كان يربي وإن لم يعلم في خصوص المال منه شيئا وعلى أنّه مجهول المالك وقد أباحه الإمام عليهالسلام عليه وعلى أنّه من الشبهة الغير المحصورة أو غير ذلك بل في المحكي عن كشف الرّموز أنّه يمكن أن يقال إن من ادعى اليوم في الإسلام جهالة تحريم الرّبا لا يسمع منه فيحمل النّص والفتوى على أوّل الإسلام وقد حكاه هو أيضا عن صاحب الشّرائع انتهى وبالجملة يكفي في توهين الاستدلال بها عدم تمسّك أحد ممّن وقفت على كلماته بها في المقام بل لا عامل بها في غير ما نحن فيه أيضا سوى ابن الجنيد على تفصيل عرفته والشيخ والصّدوق في النّهاية والفقيه مطلقا على ما حكي عنهما استنادا إلى أخبار أخر وتبعهما بعض أواخر المتأخرين وتفصيل الكلام في ذلك مقرّر في الفقه وأمّا موثقة سماعة فقال المصنف قدسسره في بعض تحقيقاته فيحتمل أن يكون نفي البأس عن التصدق من المال المختلط بل سائر التصرفات في الجملة ولو بعد التخميس في مقابل الحرام المحض الّذي هو مورد السّؤال حيث لا يجوز منه التصدّق في بعض الصّور فضلا عن تصرّف آخر وكيف كان فالرّواية ليست نصّا في حلية جميع المال المختلط انتهى وسيجيء تتمّة الكلام في ذلك عند شرح ما يتعلّق بالمقام الثّاني وثالثها بناء العقلاء لأن من تتبع طريقتهم عرف جريان عادتهم على ذمّ من ارتكب كلا المشتبهين فإن قلت إنّ هذا أخصّ من المدّعى لأنّ من ارتكب أحدهما إمّا أن يكون حين ارتكابه بانيا على ارتكاب الآخر أيضا ثمّ يرتكبه وإمّا أن يكون شاكّا فيه ثم يرتكبه أو يكون بانيا على عدمه ثم يرتكبه والمدّعى في المقام أعمّ من الثلاثة وبناء العقلاء لم يثبت فيما عدا الأوّل قلت نمنع أعمية المدعى بناء على عدم وجوب الموافقة القطعيّة كما هو الفرض لعدم الدّليل عليه