بأنّ لزومه أيضا يحتمل أن يكون مقيدا بعدم العدول هذا إن بني على المذاقة في أمر الاستصحاب وإلاّ فهو جار في المقامين بناء على المسامحة فيه اللهمّ إلاّ أن يفرق بينهما فيها فتدبّر(قوله) ويضعف قاعدة الاحتياط إلخ يمكن أن يقال إن حكم العقل بالتخيير قبل الأخذ بأحد الاحتمالين إنّما كان من جهة عدم الترجيح وعدم المناص من العمل وبطلان القول بالإباحة وبعد احتمال تعين المأخوذ بالأخذ يدور الأمر بين التّعيين والتخيير فيجب الأخذ بمحتمل التعيين لقاعدة الاحتياط فالتّمسّك بها لأجل منع حكم العقل بالتخيير بعد احتمال تعين المأخوذ بالأخذ وكون مقتضى القاعدة عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير هو الأخذ بمحتمل التعيين لا لأجل الشك في حكم العقل بالتخيير بعد الأخذ بأحدهما حتّى يمنع ذلك فيه (قوله) هو التخيير الاستمراري إلخ قد يقال إن مرجعه إلى القول بالإباحة فلا وجه للقول به لأجل الفرار منها لعدم ترتب ثمرة على الالتزام بأحد الاحتمالين مع جواز الالتزام بالآخر حين الالتزام به بخلاف التخيير بين خبرين أحدهما موجب والآخر حاظر لأن ثمرته تظهر في قصد امتثال الأمر أو النّهي الملتزم به مع أن التخيير فيه شرعي ولعل الشّارع قد لاحظ فيه مصلحة وإن لم نعلمها تفصيلا وأنت خبير بأن هذا الإيراد غير وارد على المصنف رحمهالله لأنّه إنّما قال بالتخيير على تقدير قيام دليل على وجوب الأخذ بأحدهما في الجملة وحاصله أنّه بعد فرض بطلان القول بالإباحة الظاهرية والقول بالتّوقف وفرض وجود دليل على وجوب الأخذ بأحدهما فمقتضى القاعدة هو التخيير الاستمراري لعدم الدّليل على التخيير البدوي نعم يرد عليه ذلك لو قال بكون ذلك مقتضى القاعدة أولا وبالذات فيما دار الأمر فيه بين الوجوب والتّحريم وليس كذلك كما عرفت (قوله) عن أمر مردد إلخ كاللفظ الموضوع لفعل وتركه (قوله) لما ذكرنا إلخ من الوجوه الخمسة(قوله) لا تحير فتأمّل لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى منع زوال التحير بمجرّد الأخذ بأحدهما إلا بعد ثبوت كونه بعد الأخذ به حكما ظاهريّا متعينا عليه وهو أوّل الكلام أو إشارة إلى كون الأمر في بقاء الموضوع في باب الاستصحاب مبنيا على العرف والموضوع عرفا في المقام هو المكلّف وزوال التحير من قبيل تغير حالات الموضوع لا نفسه أو إلى منع كون الموضوع هو المتحيّر بل هو المكلّف وإن سلّم كون التحيّر سببا لعروض الحكم إذ لا ريب في انتفاءه بعد ثبوت التخيير بالأخبار وقبل الأخذ بأحد المتعارضين وبعبارة أخرى أن التحير على تقدير تسليم كونه جزءا من موضوع التخيير فهو إنّما هو في عروض الحكم وحدوثه لا في بقائه والشّك أيضا إنّما هو في كون الأخذ بأحدهما معينا للمأخوذ وعدمه لا في كون التحيّر جزءا منه وعدمه وحينئذ يصحّ استصحاب الحكم من دون غائلة فيه نعم قد تقدّم في المسألة الأولى ما يناقش فيه ويدفعه فراجع وبقي في المقام شيء وهو أنّه حيث حكمنا بالتخيير في مسائل الشبهة الحكميّة هل يجب على المجتهد أن يفتي المقلّد بما اختاره أو يجوز له الفتوى بالتخيير فيه وجهان من كون المجتهد نائبا عن المقلّد في استنباط الأحكام واستفادتها من الأدلة ولذا لا يعتد بشكه في موارد الأصول الّتي يتفرّع عليها الأحكام الكليّة فما ترجح في نظره فهو حكمه ولا بدّ له من الإفتاء به ومن أن القدر الثّابت من الأدلة رجوع المقلّد إلى المجتهد وتقليده له في ما ثبت له بالأدلّة ولا ريب أنّ تخير المجتهد عقلا أو شرعا في الأخذ بأحد الاحتمالين أو الخبرين ليس حكما شرعيّا له من قبل الشّارع بل هو توسعة له من قبل الشارع في اختياره لأحدهما على حسب الدواعي الخارجة فإذا اختار أحدهما كان المختار هو الحكم المجعول في حقه ما لم يعدل عنه فلا بدّ له من الإفتاء بما اختاره والأحوط هو الإفتاء بالتخيير ثم إرشاد المقلّد إلى الأخذ بما اختاره وعلى تقدير وجوب الإفتاء بما اختاره إذا أفتى بما اختاره ثمّ عدل عنه فوجوب إعلام المقلد بذلك يبتني على وجوب إعلامه عند تبدّل رأيه (قوله) ويرد على الأوّل ما حاصله أن جريان أصالة البراءة مشروط كما تقدم في غير موضوع بعدم حكومة أصل موضوعي عليها وهذا الشّرط مفقود في المثال وهو واضح ولكنّه لو أبدلت الأجنبيّة فيه بالمطلقة مع فرض كون الوجوب المحتمل فيه أصليّا ووقوع الطلاق في زمان وجوب وطي المطلقة لم يرد عليه ذلك لوضوح عدم جريان أصالة عدم الزّوجيّة ولا عدم وجوب الوطي وكذا أصالة عدم وقوع الطّلاق على هذه المرأة المشتبهة لعدم إثباتها لزوجيّتها إلاّ على القول بالأصول المثبتة وكذلك أصالة بقاء الزّوجية لعدم إثباتها كون هذه المرأة هي المرأة غير المطلقة التي وجب وطيها اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ مقتضى هذا الأصل جواز وطيها فيكون الجواز مستندا إليه لا إلى أصالة البراءة وإن لم يثبت به ما ذكر(قوله) جمعا بين إلخ مخالفة العلم الإجمالي اللاّزمة من العمل بالأصلين هنا غير ضائرة لكونها بحسب الالتزام دون العمل (قوله) والأولى فرض المثال إلخ هذا بناء على كون زيد غير مسبوق بالعلم بالفسق أو العدالة كما هو واضح وعلى عدم الواسطة بينهما أو معها مع فرض العلم إجمالا باتصافه بأحدهما وإلاّ فيمكن نفي كل منهما بالأصل فيخرج المثال ممّا نحن فيه (قوله) كما في المسألة الأولى في لزوم التوقف بحسب الواقع وعدم الحكم بشيء في الظاهر(قوله) فوق حد الإحصاء إلخ قد تقدّم الكلام في ذلك في المقصد الأوّل عند بيان فروع العلم الإجمالي وسيجيء أيضا في الشبهة المحصورة(قوله) وأمّا دوران الأمر بين ما عدا إلخ لا يخفى أنّ ما دار الأمر فيه بين ما عدا الوجوب والحرمة على أقسام منها ما دار الأمر فيه بين الاستحباب والإباحة ومنها ما دار الأمر فيه بين الكراهة والإباحة ومنها ما دار الأمر فيه بين الاستحباب والكراهة ومنها ما دار الأمر فيه بين الثلاثة ويلحق بهذه الأقسام الكلام فيما دار الأمر فيه بين الوجوب والكراهة وبين الحرمة والاستحباب والمراد بالإباحة هنا معناها الخاص وهي فيما دار الأمر فيه بينها وبين الاستحباب في غير العبادات واضح وأمّا فيها فمع قطع النّظر عن لزوم الحرمة من جهة أخرى مثل لزوم الحرمة التشريعيّة مع قصد التعبّد فيما لم يعلم ورود الأمر به أمّا الأوّل فالمحكي عن الفاضل عند بيان استحباب التكبير لرفع الرأس من الرّكوع واستحباب رفع اليدين إلى حذاء الأذنين وكذا عن المحقّق القمي وصاحب الفصول هو التمسّك بالبراءة الأصلية فيه بل ظاهر المصنف رحمهالله كون الكلام في المسائل المذكورة نظير الكلام في المطالب الثلاثة اتفاقيا فإن ثبت الإجماع وإلاّ فهو كما أشار إليه مشكل لأنّ دليلها إمّا العقل وقد مرّ غير مرّة أن إقصاء الدّلالة على مجرّد نفي العقاب فيما يحتمله لا نفي الخطاب والفرض انتفاء احتماله في المقام أو النقل من الكتاب