فيه يحصل الشك في الخروج من عهدة التّكليف المعلوم إجمالا فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الإتيان بالفرد الآخر ومعها لا مجرى لاستصحاب عدم السّقوط لحكومتها عليه وإن توافقا في المؤدّى (قوله) ربّما يتخيل إلخ يمكن أن ينتصر لهذا المتخيّل في منع كون الائتمام أحد فردي الواجب المتخيّر بأن ظاهر كلمات الفقهاء حيث حكموا بأنّه يجب تعلم القراءة على من لا يحسنها كما في الشرائع وغيره هو وجوب التّعلم تعيينا كما حكي التّصريح به عن كشف الغطاء لا تخييرا بينه وبين الائتمام وإلاّ فلا بد أن يصرّحوا بالتخيير بينهما وقد ادعى في محكي مطالع الأنوار استفاضة الإجماع على وجوب التعلم وادعى أن ظاهرهم وجوبه تعيينا وإن ذكر بعده أنّه إن ثبت الإجماع عليه وإلاّ فمقتضى الأدلّة كونه تخييرا وقريب منه ما حكاه بعض الأساطين عن مصابيح العلامة الطباطبائي وهذه العبارة إنما يقال فيما كان ظاهر الأصحاب الإجماع عليه ولكن الإنصاف عدم ثبوته وإطلاق الفقهاء لوجوب التعلم الموهم للوجوب التعييني إنّما هو إمّا لأجل معلومية جواز الائتمام كما ذكره بعضهم أو لعدم تمكن أغلب النّاس في أغلب الأوقات سيّما أهل البادية والقرى من الائتمام لا لأجل وجوب التعلم تعيينا كما هو واضح وحينئذ فما استظهره المصنّف قدسسره لا يخلو من قوّة وسيجيء تتمة الكلام في ذلك وقد ذكر بعضهم أن الأحوط هو الائتمام وفيه نظر لأن التّعلم إن كان واجبا تعيينا في الواقع كان الأمر به مقتضيا للنّهي عن الائتمام لأنا وإن لم نقل بكون الأمر بالشيء مقتضيا للنّهي عن ضدّه بحسب الاجتهاد إلاّ أنّه محتمل سيّما بعد ذهاب المشهور إليه وهو كاف في نفي موافقة الائتمام للاحتياط نعم يتم ما ذكر مع ضيق الوقت لسقوط وجوب التعلم حينئذ يقينا ولكن هذا في الحقيقة ليس عملا بالاحتياط(قوله) مستحبّا مسقطا بأن لم يتصف الائتمام بالوجوب أصلا بل كان هو أمرا أجنبيّا مسقطا عن التّكليف بالصّلاة كالسّفر بالنسبة إلى الصّوم (قوله) فيدفع وجوبه التّخييري يعني وجوبه التخييري المتعين بتعدد أحد الفردين (قوله) في شرح قول والده إلخ نظر والده إما إلى ما ذكره المصنف رحمهالله من كون الائتمام والانفراد مع القراءة من قبيل فردي الواجب المخير فإذا تعذّر الثّاني تعيّن الأوّل وإمّا إلى ما ذكره الفخر من كون الائتمام بدلا اختياريّا والصّلاة مع الإتيان فيها بما يحسن من القراءة مع العجز عنها بدلا اضطراريّا ومع تعذر المبدل وإن لم يتعين أحد البدلين إلا أنّ البدل الاختياري أولى بالتّقديم في الاعتبار لكونه مجعولا في عرض المبدل التامّ الأجزاء بخلاف البدل الاضطراري لكونه مجعولا في طوله وستعرف تتمّة الكلام في ذلك (قوله) لعموم نصين عموم الأوّل من حيث شموله للمتمكن من الجماعة وغيره والثّاني من حيث شموله للعاجز عن القراءة ومقتضاهما جواز صلاة العاجز منفردا ولو مع التمكن من الجماعة(قوله) والمنشأ أن قراءة الإمام إلخ لا يخفى أن ما يحتمله المقام وجوه أحدها أن يكون من قبيل تعذّر أحد فردي الواجب المخير كما عرفته عند شرح قوله في شرح قول والده إلخ وثانيها أن يكون من قبيل دوران الأمر بين البدل الاختياري والاضطراري وقد عرفت هناك أن مقتضاه وجوب تقديم البدل الاختياري لا يقال إن كون البدل الاختياري في عرض المبدل والاضطراري في طوله كما تقدم هناك إنّما يقتضي أولوية تقديمه لا وجوبه إذ الفرض تحقق موضوع الاضطرار لأنا نقول نمنع صدق الاضطرار مع التمكن من البدل الاختياري وثالثها أن يكون من قبيل دوران الأمر بين البدل الاختياري والمبدل النّاقص ففي تقديم الأوّل أو ثبوت التخيير بينهما وجهان ذكرهما المصنف رحمهالله في مسائل الشّك في الأجزاء والشرائط عند دوران الأمر بين البدل الاضطراري والمبدّل النّاقص من أن مقتضى البدليّة كونه بدلا عن التام فيقدم على النّاقص ومن أن الناقص حال الاضطرار تام لانتفاء جزئيّة المفقود فيثبت التخيير بينهما كثبوته بين المبدّل والبدل الاختياري ورابعها أن يكون من قبيل دوران الأمر بين المسقطين ولا ترجيح حينئذ كما ذكره فخر الدين وحينئذ لا بد من تحقيق كون قراءة الإمام بدلا أو مسقطة وكذا تحقق كون تعذّر الجزء مسقطا أو كون الصّلاة الفاقدة للجزء بدلا اضطراريا كالتيمّم بالنسبة إلى الوضوء والغسل أو مبدلا أصليا غاية الأمر أن يكون تعلق الأمر به مرتبا على تعذّر الجزء المفقود كما هو ظاهر قول المصنف رحمهالله إنّ الناقص حال الاضطرار تام لانتفاء جزئيّة المفقود كما عرفت وليعلم أنّ المنساق من لفظ المسقط في أمثال المقام هو ما كان سببا لسقوط التكليف من دون حصول امتثال للأمر فلا يشمل امتثال الأمر وإن كان سببا لارتفاعه ولا يبعد شموله لمخالفته لكونها سببا للسّقوط اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ المنساق منه ما كان مسقطا للتكليف من دون ترتب عقاب على المكلّف من جهته فتدبّر والظّاهر عدم شموله أيضا للإتيان ببدل المأمور به لأنّه في حكمه ولا لأدائه من دون امتثال كأداء الدّين من دون قصد إطاعة الأمر المتعلق به ومن هنا يظهر كون المسقط مباينا للبدل وكذا الإسقاط للامتثال والأداء نعم الامتثال أخصّ من الأداء مطلقا ثم إنّ الإسقاط تارة يحصل بفعل المكلّف كما إذا أتى بالمكلّف به في حال الذّهول عن الأمر في غير التعبديّات وأخرى بفعل الغير كما إذا وجب عليه تحصيل الماء للوضوء ففاجأه من أتاه به وأيضا قد يحصل بالفعل المباح كما في المثال الأوّل وقد يحصل بالفعل الحرام كما إذا ركب الدابة المغصوبة في طريق الحجّ أو غسل ثوبه النجس بالماء المغصوب إذا وجب غسله للصّلاة وإذا عرفت هذا نقول يمكن أن يستدلّ على كون الائتمام أو قراءة الإمام مسقطا لا بدلا بوجوه أحدها أن ظاهر الفقهاء حيث حكموا بوجوب تعلّم القراءة على من لا يحسنها هو وجوبه تعيينا إذ لو وجب ذلك تخييرا بينه والائتمام لأشاروا إلى ذلك وقد أوضحنا ذلك عند شرح قوله وربّما يتخيّل ولكنا قد أسلفنا هناك ما يزيفه أيضا وثانيها ظاهر خبر إبراهيم بن علي المرافقي وعمر بن الرّبيع البصري المنجبر ضعف سنده كما قيل بالشّهرة المحكيّة أو المحصّلة أنّه سئل جعفر بن محمّد عليهماالسلام عن القراءة خلف الإمام فقال إذا كنت خلف الإمام وتتولاّه وتثق به فإنّه يجزيك قراءته وإن أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت به فإذا جهر فأنصت قال الله تعالى (وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) إذ لو كان الائتمام بدلا عن صلاة الانفراد مع القراءة لم تكن قراءة