الإمام مجزية عن قراءته بل كان نفس الائتمام بدلا عنها مضافا إلى صراحتها كغيرها من جملة من الأخبار في جواز قراءة المأموم أيضا فلو كان الائتمام بدلا عنها لزم الجمع بين العوض والمعوض ويؤيّده أن الأشهر كما عن المعتبر والدّروس بل المشهور كما في الرّوضة كراهة قراءة المأموم غير المسبوق خلف الإمام المرضيّ في أوليي الفريضة الإخفاتية وثالثها ظاهر الإجماعات المحكيّة صريحا وظاهرا عن جماعة على سقوط القراءة عن المأموم في أوليي الفريضة الإخفاتية ورابعها الأخبار الدّالة على ضمان الإمام القراءة دون غيرها بناء على كون المراد به سقوطها بقراءة كما ادعاه في الجواهر وخامسها ما ذكره في الجواهر في مقام نفي التخيير بين الائتمام وتعلم القراءة لمن لا يحسنها من عدم كون الائتمام من أفعال المكلّف كي يتخير بينهما ضرورة توقفه على ما لا يدخل تحت قدرته مع عدم اطمئنانه بإتمام صلاته جماعة بحيث لا يحتاج فيها إلى القراءة انتهى ولكن الإنصاف أنّ شيئا من هذه الوجوه لا يغني من جوع أمّا الأوّل فلمّا عرفت وأمّا الثّاني فلأنّ الظاهر أنّ المراد بالإجزاء فيه مجرّد عدم وجوب القراءة على المأموم مع قراءة الإمام لوضوح عدم ورود الخبر في مقام بيان بدليّة الائتمام أو كونه مسقطا ومنه يظهر ضعف دلالة الثالث والرّابع أيضا لوضوح ورودهما في مقام بيان عدم وجوب القراءة لا في مقام بيان البدليّة أو الإسقاط وأمّا قضية الجمع بين البدل والمبدل ففيه أن الائتمام بدل عن وجوب القراءة في حال الانفراد في بعض الموارد كما في الأوليين من الفريضة الإخفاتية وعن أصل مشروعيتها في موضع آخر كما في الأوليين من الفريضة الجهرية مع سماع القراءة والأوّل لا ينافي جوازها وأمّا الخامس فيرد عليه أنّ الائتمام لو لم يكن مقدورا للمكلّف لم يرد الأمر به والمقصود من بدليته بدليّة المقدار المقدور منه لا مطلقا نعم يرد ما ذكر على دعوى بدلية قراءة الإمام إن قلنا باعتبار تعلق القدرة بالشيء في بدليته عن المأمور به فتدبّر وحينئذ يتجه ما ذكره المصنف رحمهالله من كون صلاة الجماعة أحد فردي الواجب المخير وكونها أفضلهما وحينئذ إن قلنا بكون المبدل الناقص تامّا لأجل انتفاء جزئيّة المفقود كما تقدّم عن المصنف رحمهالله ثبت التخيير بينهما وإن قلنا بكونه بدلا اضطراريّا يمكن الحكم بتعين الائتمام لعدم صدق الاضطرار مع التمكن من البدل الاختياري ويحتمل عدمه نظرا إلى تحقق موضوع الاضطرار حقيقة وكذلك إن قلنا بكونه مسقطا لفرض عدم العلم بإسقاطه في محلّ الفرض فالخروج من عهدة التكليف المعلوم إجمالا لا يحصل إلاّ بالايتمام وليس في المقام شيء تطمئن به النفس في تعيين أحد الوجوه المذكورة وما عرفته من المصنف رحمهالله من انتفاء جزئية المفقود لا يدل على كون الباقي مأمورا به لاحتمال كون سقوط التكليف به لأجل كونه أمرا أجنبيا مسقطا له أو بدلا اضطراريّا كما هو واضح (قوله) ثم إن الكلام في الشك إلخ اعلم أنّه قد بقي في المقام أمران أحدهما ما أشار إليه المصنف رحمهالله من كون الكلام في الشكّ في الوجوب الكفائي نظير الكلام في الشك في الوجوب التخييري فنقول إذا شك في وجوب فعل كفاية أو كونه مباحا لا يمكن نفي وجوبه بأصالة البراءة لما تقدم سابقا وسيجيء أيضا من كون مقتضاها مجرّد نفي العقاب لا نفي الخطاب الواقعي ولا عقاب على ترك الواجب الكفائي مع قيام الغير به نعم لو احتمل تعينه لأجل عدم وجود من تقوم به الكفاية أو لعدم قيامه به مع وجوده أمكن نفي وجوبه العيني العرضي المحتمل حينئذ بها وأمّا أصالة العدم فهي جارية هنا بلا إشكال وعليه لا يجوز للمصلّي ردّ السّلام إلاّ بقصد القرآن أو الدّعاء بناء على جوازه فيها وأمّا أصالة عدم اللازم الوضعي فهي غير جارية بالنسبة إلى المصلّي الشّاك نعم هي جارية بالنسبة إلى غيره ممن قطع بتوجّه خطاب إليه وشك في كون مفاده الوجوب العيني أو الكفائي إذ يصح حينئذ أن يقال إنّ الأصل عدم سقوطه عنه بفعل المصلّي وثانيهما أنّ الأصحّ عدم جريان أصالة البراءة في الواجبات الّتي لا يترتب على مخالفتها عقاب مثل الوجوب التبعي للمقدّمة إن قلنا بعدم ترتبه عليه فلا يمكن نفي وجوبها بالأصل عند الشّكّ فيه كما زعمه جماعة ولا ينافي ذلك ما اخترناه من إجراء البراءة عند الشّكّ في الأجزاء والشّرائط لوضوح الفرق بينهما لأنّ الشّكّ في وجوب المقدّمة إنّما هو بعد إحراز كونها مقدّمة لواجب فلا أثر لنفي وجوبها حينئذ إذ مقدّمات الواجب لا بد من الإتيان بها سواء قلنا بوجوبها أم لا لفرض توقف الواجب عليها بخلاف ما لو شك في أصل الجزئيّة والشرطيّة إذ هذا المعنى قابل لنفيه بالبراءة وإن لم تكن نفس الجزء والشّرط ممّا يترتب عليه عقاب لأن محتمل الجزئيّة إن كان جزءا في الواقع ترتب على تركه ترك الواجب في الواقع فعند تركه يحتمل ترتب العقاب على تركه ولو من جهة إفضائه إلى ترك الواجب وحينئذ يصحّ أن يقال الأصل عدم ترتب عقاب على تركه وإن كان من جهة إفضائه إلى ترك الواجب وسيجيء توضيحه في محلّه إن شاء الله تعالى بخلاف وجوب المقدّمة على ما عرفت نعم لو قلنا بكون مقتضى البراءة رفع التكليف مطلقا سواء كان إلزاميّا مثل الوجوب والحرمة أم غيره كالاستحباب والكراهة أمكن نفي الوجوب التبعي أيضا بالأصل ولكنّه خلاف التحقيق وإن شئت تحقيق المقام وإن كان خارجا من المقصود نقول إنّهم قد اختلفوا في جواز التمسّك بأصالة البراءة في غير التكاليف الإلزاميّة على قولين فقيل بلا وهو المحكي عن المشهور وقيل بنعم وهو المحكي عن بعض كتب العلاّمة وتبعها صاحبا الهداية والفصول والحق هو الأوّل لأن البراءة تارة تفرض بالنسبة إلى الأحكام الواقعيّة وأخرى بالنّسبة إلى الأحكام الظاهريّة أمّا الأوّل فكما في زمن الحضور مع فرض فقد الموانع من قبل المكلّف والمكلّف من تبليغ الأحكام وإيصالها إلى المكلفين لاستقلال العقل حينئذ مع عدم بيان الشّارع بعدم الحكم في الواقع وإن كان هو الاستحباب أو الكراهة لأنّ عدم بيانه له لو فرض وجوده في الواقع ينافى الغرض المقصود من جعل الأحكام وأمر السّفراء بتبليغها وأمّا الثّاني فكما في أمثال زماننا الّذي منعت الحوادث من وصول الأحكام إلينا إذ لا ريب في تبليغ النّبي صلىاللهعليهوآله جميع ما يجب عليه تبليغه من الأحكام إلى أوصيائه المعصومين عليهمالسلام وهم أيضا لم يقصّروا في تبليغها إلى المكلفين إنّما منعهم من ذلك تغلب الظّالمين ونحن نعلم أنّه لو ارتفعت الموانع لظهرت الحجّة وبيّن الأحكام على ما هي عليه في كلّ ما تحتاج إليه الأمّة ولا ريب أنّه مع