عن الرجوع إليهم وإلى كتبهم وفيه أنّه ليس رجوعا إليهم ومجرّد الرّجوع إلى كتبهم لأخذ روايات الآداب والأخلاق والسّنن ممّا لم يثبت تحريمه الرّابع حكي عن الشّهيد الثّاني في الرّعاية أنّه قال جوّز الأكثر العمل بالخبر الضّعيف في نحو القصص والمواعظ وفضائل الأعمال لا في صفات الله وأحكام الحلال والحرام وهو حسن حيث لم يبلغ الضّعيف حد الوضع والاختلاق انتهى أقول المراد بالعمل بالخبر الضّعيف في القصص والمواعظ هو نقلها واستماعها وضبطها في القلب وترتّب الآثار عليها على ما يتعيّن الواجب والحرام والحاصل أنّ العمل بكل شيء على حسب ذلك الشيء وهذا أمر وجداني لا ينكر ويدخل في القصص حكاية فضائل أهل البيت ومصائبهم صلوات الله عليهم ويدخل في العمل الإخبار بوقوعها من دون نسبة الحكاية على حدّ الإخبار بالأمور الواردة بالطّرق المعتمدة كأن يقال كان أمير المؤمنين عليهالسلام يصلّي كذا ويفعل كذا ويبكي كذا ونزل مولانا سيّد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه كذا وكذا ولا يجوز ذلك في الأخبار الكاذبة وإن كان يجوز حكايتها فإنّ حكاية الخبر الكاذب ليس كذبا مع أنّه لا يبعد عدم الجواز إلاّ مع بيان كونها كاذبة ثم إنّ الدّليل على جواز ما ذكرنا من طريق العقل حسن العمل بهذه مع أمن المضرّة فيها على تقدير الكذب وأمّا من طريق النّقل فرواية ابن طاوس ره والنّبوي مضافا إلى إجماع الذّكرى المعتضد بحكاية ذلك عن الأكثر وربّما يؤيد جواز نقل هذه الأخبار جواز ما دلّ على رجحان الإعانة على البرّ والتّقوى وما دلّ على رجحان الإبكاء على سيّد الشّهداء عليهالسلام وأن من أبكى وجبت له الجنّة وفيه أنّ الإعانة والإبكاء قد قيّد رجحانهما بالإجماع بالسّبب المباح فلا بدّ من ثبوت إباحة السّبب من الخارج حتى يثبت له الاستحباب بواسطة دخوله في أحد العنوانين فلا يمكن إثبات إباحة شيء وعدم تحريمه بأنّه يصير مما يعان به على البرّ ولو كان كذلك لكان لأدلّة الإعانة والإبكاء قوّة المعارضة لما دلّ على تحريم بعض الأشياء كالغناء في المراثي والعمل بالملاهي لإجابة المؤمن ونحو ذلك الخامس أنّه هل يلحق بالرّواية في صيرورته منشأ للتّسامح فتوى الفقيه برجحان عمل أم لا لا إشكال في الإلحاق بناء على الاستناد إلى قاعدة الاحتياط وأمّا على الاستناد إلى الأخبار فالتّحقيق أن يقال إن كان يحتمل استناده في ذلك إلى صدور ذلك من الشّارع أخذ به لصدق البلوغ بإخباره وأمّا إن علم خطاؤه في المستند بأن استند في ذلك إلى رواية لا دلالة فيها فلا يؤخذ به وإن احتمل مطابقته للواقع لأنّ مجرّد احتمال الثّواب غير كاف بمقتضى الأخبار بل لا بدّ من صدق البلوغ عن الله سبحانه أو النّبي صلىاللهعليهوآله وأقل ذلك احتمال صدقه في حكايته والمفروض أنا نعلم بأنّ هذا الرّجل خاطئ في حكايته فهو نظير ما إذا قال الرّجل سمعت عن النّبي صلىاللهعليهوآله أنّ في كذا ثوابا كذا مع أنا لم نشك في أنّه سمع رجلا اشتبه عليه برسول الله صلىاللهعليهوآله وأمّا الاكتفاء بمجرّد احتمال أن يكون رسول الله صلىاللهعليهوآله قال ذلك فهو اكتفاء بمجرد الاحتمال ولا يحتاج إلى قيد البلوغ وكذا لو علمنا أنّه استند في ذلك إلى قاعدة عقليّة فإنّ البلوغ منصرف إلى غير ذلك ومن ذلك أن ما حكي من حكم الغزالي باستحقاق الثّواب على فعل مقدّمة الواجب لا يصير منشأ للتّسامح لأنّ الظّاهر عدم استناده في ذلك إلاّ إلى قاعدة عقليّة مثل تحسين العقل للإقدام على تهيئة مقدّمات الواجب ونحو ذلك ومنه يظهر ما في ما ذكره المحقق القمّي رحمهالله في القوانين من إمكان كون ذلك منشأ للتّسامح وأضعف من ذلك ما ذكره في حاشية منه على هذا الكلام بأن القول بالاستحباب في مثل المقام يستلزم تسديس الأحكام السّادس أنّ المشهور إلحاق الكراهة بالاستحباب في التّسامح في دليله ولا إشكال فيه بناء على الاستناد إلى قاعدة الاحتياط وأمّا بناء على الاستناد إلى الأخبار فلا بدّ من تنقيح المناط بين الاستحباب والكراهة وإلا فمورد الأخبار ظاهر الاختصاص بالفعل المستحبّ فلا يشمل ترك المكروه إلاّ أن يدعى عموم لفظ الفضائل في النبوي بل عموم لفظ الشيء في غيره للفعل والترك فتأمّل مضافا إلى ظاهر إجماع الذّكرى وصريح اتّفاق الوسائل بل جميع معاقد الاتفاق بناء على أنّ السنة تشمل ترك المكروه مضافا إلى ظهور الإجماع المركب السّابع قيل إن المستفاد من الأخبار هو إعطاء الثّواب لمن بلغه الرّواية بالثّواب فيلزم الاقتصار على مدلولها فإفتاء المجتهد باستحبابه مطلقا مشكل نعم للمجتهد أن يروي الحديث ثم يفتي بأن من عمل بمقتضاه كان الأجر له انتهى بمضمونه وفيه أولا ما عرفت من أن الأخبار المتقدّمة إنما دلّت على جواز العمل بالأخبار الضعيفة في السّنن فالأخبار الضعيفة في مقام الاستحباب بمنزلة الصّحاح وحينئذ فلا بأس بنقل المجتهد لمضمونها وهو الاستحباب المطلق فيكون بلوغ الرواية إلى المجتهد عثورا على مدرك الحكم لا قيدا لموضوعه وثانيا أنّه لو سلمنا عدم دلالة تلك الأخبار إلا على استحباب الفعل في حق من بلغه لا على حجيّة ما بلغ لمن بلغ لكن نقول قد عرفت أنّ أمثال هذه المسائل مسائل أصوليّة ومرجع المجتهد في الأحكام الشرعيّة دون المقلد فالقيود المأخوذة في موضوعاتها إنما تعتبر اتصاف المجتهد بها دون المقلد ألا ترى أن المعتبر في استصحاب الحكم الشّرعي كون المجتهد شاكّا في بقاء الحكم وارتفاعه والمعتبر في الاحتياط كون المجتهد شاكّا في المكلّف به وكذا الكلام في البراءة والتّخيير والسرّ في ذلك أنّ هذه القيود يتوقّف تحقّقها إثباتا ونفيا على مراجعة الأدلّة وبذل الجهد واستفراغ الوسع فيها وذلك وظيفة المجتهد فكأنّه يفعل ذلك كلّه من طرف المقلّد ويسقط الاجتهاد عنه بفعله وهذا بخلاف القواعد الفرعيّة الظاهرية فإنّ القيود المأخوذة في موضوعاتها نظير القيود المأخوذة في الأحكام الواقعيّة كالسّفر والحضر والصّحة والمرض يشترك فيها المجتهد والمقلد فمن دخل في الموضوع ثبت له الحكم ومن خرج فلا كالاستصحاب والاحتياط والبراءة والتخيير في الشّبهة الموضوعيّة في الأمور الخارجيّة وقد عرفت سابقا وستعرف أنّ إثبات بلوغ الثواب على عمل لا يعارضه بلوغ العقاب إذ ثبوته ليس من وظيفة المقلّد وأمّا ثالثا فلأنا لو سلمنا كون بلوغ الثواب قيدا لموضوع الحكم الفرعي بأن يناط الحكم باستحبابه وجودا وعدما بالنّسبة إلى المجتهد والمقلد لكن نقول إنّ إفتاء المجتهد بالاستحباب وإن كان إنشاء بما لم يدلّ عليه دليل الاستحباب لأنّ الفرض اختصاصه