في المتن والقسم الثالث بإطلاقه يشمل ما كانت الشّبهة فيه وجوبية أيضا (قوله) عند من نقول بهما إلخ أي يقول بالحسن والقبح الذاتيين ولا يقول بالملازمة بين حكم العقل والشّرع ولو استنادا في ذلك إلى الشرع (قوله) وكذا لو ورد رواية ضعيفة إلخ يعني يبني على جواز التّرك وأنت خبير بأنّ صريح هذا الكلام هو عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة مع عدم ورود دليل معتبر فيها فهو صريح في خلاف ما نسبه إليه أوّلا من وجوب الاحتياط فيها ولا بأس بنقل كلامه في الفوائد حتى يتضح به جلية الحال فيما نقل المصنف رحمهالله محصله عنه هنا فنقول إنه قال في الفصل الثّامن الّذي عقده للجواب عن الأسئلة التي أوردها على نفسه السّؤال الخامس أن يقال كيف عملكم معشر الأخباريين في حديث ضعيف يدل على وجوب فعل وجوديّ وجوابه أن يقال نوجب التوقّف عن تعيين أحد المحتملات ومصداقه في هذه المباحث أن لا يقع منه فعل أو قول أو ترك مبني على القطع بأحد المحتملات بعينه ويجوز له أن يأتي بفعل أو قول أو ترك يجامع جميع المحتملات أو يجامع حال الشك والتردد فيها فإذا دار الفعل بين الوجوب والحرمة يجب عليه تركه ما دام كذلك وإذا دار بين الوجوب والنّدب والكراهة فله فعله بنيّة مطلقة وله تركه ويجب السّؤال والتّفتيش عن الحكم ونحن معذورون ما دمنا ساعين ومن الموضحات لذلك قولهم عليهمالسلام ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم انتهى ثمّ ساق الكلام في بيان الأسئلة إلى أن قال السؤال الثالث عشر هل يكون حكم فعل بلغنا حديث ضعيف صريح في وجوبه وحكم فعل بلغنا حديث صحيح صريح في أنّه مطلوب غير صريح وجوبه وندبه واحد في جواز التّرك وجوابه أن للفرض الثّاني صورا إحداها أن يكون الظاهر الوجوب ولم يكن نصا فيه ومن المعلوم أنّ الترك حينئذ من باب الجرأة في الدّين وتعيين الاحتمال الظاهر كذلك جرأة في الدّين فيجب الاحتياط في الفتوى والعمل وثانيتها تساوي الاحتمالين وهنا التوقف عن تعيين أحدهما ومصداقه الاحتياط وثالثتها أن يكون الظّاهر النّدب وقد مضى حكمه سابقا أقول قد أراد به جواز الترك ثمّ قال فإن قلت قوله صلىاللهعليهوآله دع ما يريبك إلى ما لا يريبك شامل لما نحن فيه قلت لا يوجب القطع لجواز أن يكون المراد به العدول عن فعل وجودي يحتمل الحرمة إلى ما لا يحتمل الحرمة أو يكون المراد به الاستحباب كما ذهب إليه جمع من العامة والخاصة ولك أن تقول الفرض الأوّل والصّورة الثّالثة مندرجان تحت قوله عليهالسلام ما حجب الله علمه عن العباد موضوع عنهم وقوله عليهالسلام رفع القلم عن تسعة أشياء من جملتها ما لا تعلمون فنحن معذورون ما دمنا متفحّصين وخرج من تحتهما كل فعل وجوديّ لم نقطع بجوازه بالحديث المشتمل على حصر الأمور في ثلاثة وبنظائره ومن هنا ظهر عليك وانكشف لديك الفرق بين احتمال وجوب فعل وجودي وبين احتمال حرمته بأنّه لا يجب الاحتياط في المسألة الأولى ويجب الاحتياط في المسألة الثّانية ثمّ نقل عن جماعة من متأخري الخاصّة تبعا للعامّة كون أصالة البراءة مفيدة للظنّ بعدم الوجوب في الشّبهة الوجوبيّة وبعدم التحريم في الشبهة التّحريميّة وطعن فيه بأن ذلك إنّما يتم قبل إكمال الشّريعة أو بعده مع تجويز خلو بعض الوقائع عن حكم وارد من الله تعالى وكذا عند من لم يقل بالواجبات الذّاتية ومحرّماتها انتهى موضع الحاجة وحاصله التّفصيل في ما قطع بعدم حرمته بينما ورد خبر ضعيف صريح في وجوبه وخبر صحيح ظاهر في النّدب وبين ما ورد خبر صحيح فيه محتمل للوجوب والنّدب أو ظاهر في الوجوب بالقول بالبراءة في الأوّلين وبوجوب الاحتياط في الخبرين وهو مبنيّ على عدم الاعتداد بالظواهر ويناسبه ما حكي عنه من دعوى كون أخبار الكتب الأربعة قطعية سندا ودلالة وكيف كان فهو ينافي ما نسبه إليه المصنف رحمهالله من وجوب الاحتياط فيما نحن فيه كما عرفت نعم قوله فيما نقله المصنف رحمهالله عنه ولما أبطلنا جواز التّمسّك بها في المقامين إلى آخره صريح في عدم جواز العمل بأصالة البراءة في الشبهة الوجوبيّة ومن هنا قد يتوهم التنافي بين كلامي المحدّث المذكور وهو ضعيف لأن المحدث المذكور قد زعم أنّ البراءة الأصليّة في كلمات العلماء عبارة عن نفي الحكم الواقعي بسبب حكم العقل ولذا جعلها مبنيّة تارة على مذهب الأشاعرة وأخرى على نفي الملازمة وحكم بتماميتها على المذهبين قبل إكمال الدّين ثمّ ادعى في آخر كلامه منافاتها لأمور ثم زعم بقاء جملة من الشّبهات تحت قاعدة الاحتياط وهي الشبهات التحريميّة وجملة من الشبهات الوجوبيّة وهو ما ورد فيه خبر صحيح مردّد بين الوجوب والاستحباب وخبر صحيح ظاهر في الوجوب وادعى رخصة الشّارع في جواز ترك جملة أخرى منها وهو ما ورد فيه خبر ضعيف صريح في وجوبه وخبر صحيح ظاهر في استحبابه ولا ريب أن الرّخصة الشّرعيّة في الظّاهر لا تنافي نفي أصالة البراءة مطلقا بالمعنى المذكور (قوله) لا ينافي ذلك لأنّه مع حصول الظنّ بالخطاب الواقعي لأجل الاستحباب يحصل الظنّ أيضا بمطابقة المصلحة في الواقعة للخطاب المظنون بمعنى كون المصلحة فيها مقتضية للإباحة دون الوجوب (قوله) فيظهر من المعارج إلخ لعموم عنوان كلامه سيما مع تمثيله بولوغ الكلب الذي هو من قبيل الشبهات الوجوبيّة ولعلّ هذا من المحقق لأجل ملاحظته عمل الشيخ والسّيّدين كما نقله المصنف رحمهالله ولكنّه صرّح بأن تمسكهم في أكثر المسائل بأصالة البراءة يكشف عن عدم كون مذهبهم وجوب الاحتياط فيما تمسكوا به لاحتمال كون ذلك منهم في مقام تأييد دليل آخر ولذا ربّما يجمعون في مقام الاستدلال بين قاعدة الاحتياط وغيرها من الأدلّة الاجتهاديّة مع عدم جريان الأولى مع وجود الثّانية قال في الإنتصار وممّا انفردت به الإماميّة كراهة صلاة الضّحى وإن التنفل بالصّلاة بعد طلوع الشّمس إلى وقت زوالها محرّمة إلاّ في يوم الجمعة خاصّة والوجه في ذلك الإجماع المتقدّم وطريقة الاحتياط فإن صلاة الضّحى غير واجبة عند أحد ولا حرج في تركها وفي فعلها خلاف هل يكون بدعة ويلحق به إثم فالأحوط العدول عنها انتهى (قوله) مضافا إلى الإجماع المركّب لأنّ كل من قال بالبراءة في الشّبهة التّحريميّة قال بها أيضا في الشّبهة الوجوبيّة وإن لم ينعكس (قوله) في هذه المسألة كذا في المسألة الثانية والثالثة الآتيتين (قوله) إنّه لا إشكال في رجحان الاحتياط هذا شروع بعد منع وجوب الاحتياط في المقام في بيان استحبابه شرعا وعدمه وقد اختلفوا