أقرب ممّا ذكره إلخ لما أسلفه من إباء أخبار التّوقف والاحتياط عن التخصيص مضافا إلى استلزام ما ذكره ارتكاب خلاف الظّاهر في كلّ منها ومن أخبار البراءة كما هو واضح مع أن حمل قوله عليهالسلام في مرسلة الفقيه كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي على الشبهة الموضوعيّة فاسد جدّا وإن زعمه المحدث المذكور(قوله) ما ذكره من الفرق لا مدخل له الظّاهر أن وجوب الاحتياط والرّجوع إلى الإمام عليهالسلام إنّما هو فيما تعلق التكليف فيه بالواقع وعدم وجوب ذلك في الشّبهات الموضوعيّة الابتدائيّة إنّما هو لعدم تعلق التّكليف فيها بالواقع ولذا لا يجب فيها الرّجوع إلى الأمارات الممكنة أيضا وهذا أيضا هو المعيار في الشّبهات الحكميّة فإن ثبت التّكليف فيها بالواقع وجب فيها الاحتياط والرجوع إلى الإمام عليهالسلام وإلاّ فلا ويمكن أن يقال إنّ المقصود ممّا ذكره المحدّث المذكور ليس بيان الفرق بين الشبهات الحكميّة والموضوعيّة من حيث وجوب الاحتياط في الأولى دون الثّانية بل مقصوده بيان أنّه قد ورد الأمر في غير واحد من أخبار التّوقف والاحتياط بالرّجوع إلى الإمام عليهالسلام في إزالة الشّبهة وهذا دليل على اختصاصها بالشبهات الحكميّة وعدم شمولها للشبهات الموضوعيّة لعدم وجوب السّؤال عنها لكن يرد عليه حينئذ أنّ هذا الوجه وإن كان متجها إلاّ أنّ الأمر المذكور كما أنّه قرينة لما ذكر كذلك قرينة لاختصاص الأمر بالاحتياط فيها بصورة التمكن من إزالة الشبهة بالرجوع إلى الإمام عليهالسلام ونحوه فلا تشمل صورة عدم التمكن منه كما هو الفرض فيما نحن فيه (قوله) أمّا مسألة مقدار معلومات الإمام عليهالسلام إلخ في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ذكر الحاكم أبو سعيد الخثعمي في تفسيره أنها تدل على بطلان قول الإماميّة إن الأئمة يعلمون الغيب وأقول إن هذا القول ظلم منه لهؤلاء القوم فإنّا لا نعلم أحدا منهم بل أحدا من أهل الإسلام يصف أحدا من النّاس يعلم الغيب ومن وصف مخلوقا بذلك فقد فارق الدّين والشيعة الإماميّة براء من هذا القول فمن نسبهم إلى ذلك فالله بينه وبينهم انتهى وقد أورد المرتضى في تنزيه الأنبياء سؤالا في خروج الحسين عليهالسلام من مكّة بأهله وعياله إلى الكوفة مع استيلاء أعدائه عليها وكون يزيد لع منبسط الأمر والنّهي وأجاب عن ذلك بما حاصله غلبة ظنّه بوصوله إلى حقّه والقيام بما فوض إليه وإن كان فيه ضرب من المشقّة لأجل ما وصل إليه من أهل الكوفة من العهود والمواثيق والمكاتبات أقول هذا الوجه وإن كان مخالفا لأخبار كثيرة ظاهرة أو صريحة في علمه عليهالسلام بما يرد عليه من أهل الكوفة بأخبار النّبي صلىاللهعليهوآله بذلك إلا أن فيه اعترافا بعدم علم الإمام بجميع ما يرد عليه وقد أسلفنا شطرا من الكلام في مقصد حجيّة القطع فيما يتعلق بسهو النّبي صلىاللهعليهوآله ولا ريب أن التوقّف كما أفاده المصنف ره في خصوص علم الإمام عليهالسلام سبيل السّلامة لاختلاف الأخبار في ذلك جدّا ولو لا خوف الإطالة لذكرنا شطرا من الأخبار وكلمات علمائنا الأخيار وما يمكن به الجمع بين الأخبار والله الهادي إلى صواب الرّشاد(قوله) على مشيّتهم إلخ قد سمعنا من بعض سادة مشايخنا أن ظاهر الفقهاء كون علم الإمام عليهالسلام إراديّا(قوله) والاجتناب عمّا يزيد بأن يرتكب من الشبهات ما تندفع به الضرورة ويجتنب عمّا زاد عليه (قوله) لا ريب أنّ أكثر الشبهات حاصله أن محلّ الكلام في المقام إنّما هو وجوب الاحتياط وعدمه في الشبهات الخالية من دليل شرعي إذا كانت الشبهة حكميّة ومن أمارة شرعيّة إذا كانت موضوعيّة والموضوعات الخارجة المثبتة غالبا من وجود أما الحلّ ولا أقل من استصحاب العدم الّذي ادعى الأمين الأسترآبادي الضرورة على اعتباره في الموضوعات (قوله) بل لو تم لم يتم إلاّ إلخ فيه إشارة إلى عدم تماميّة الدّليل المذكور لا في الشّبهات الحكميّة ولا الموضوعيّة كما أشار إلى توضيحه عند بيان عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الموضوعيّة وعلى تقدير تسليم تماميّة إنّما يتمّ في الشّبهات الموضوعيّة دون الحكميّة كما زعمه المحدّث الحرّ العاملي لحصول العلم التفصيلي فيها بالخطاب المقتضي لوجوب الاجتناب عن جميع مصاديقه بخلاف الشبهات الحكميّة للشكّ فيه فيها بالفرض فنفس الخطاب الواقعي المشكوك فيه فيها على تقدير وجوده في الواقع غير مقتض لوجوب الاجتناب وأمّا عموم ما دل على وجوب إطاعة الأوامر والنّواهي من العقل والنّقل فهي وإن شملت الخطابات الواقعيّة المشكوك فيها على تقدير وجودها في الواقع بل عموم تلك الأدلّة في الشّمول للخطابات المشتبهة نظير الخطابات المفصّلة المعلومة في الشّمول للمصاديق المشتبهة لكون الشّبهة في الخطابات الواقعيّة بالنّسبة إلى شمول قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) موضوعيّة أيضا إلاّ أن الفرق بين المقامين إن صدق متعلّق التّكليف على مصاديقه الخارجة فيما علم الخطاب تفصيلا وشكّ في بعض مصاديقه في غير أوامر الإطاعة لا يتوقف على معرفة المصاديق تفصيلا أو إجمالا لأنّه إذا ورد اجتنب عن الخمر وتردد مائع عندنا بين كونه خمرا أو خلاّ وكان خمرا في الواقع واجتنب عند المكلف صدق عليه في الواقع أنّه اجتنب عن الخمر فمع صدقه عليه يمكن أن يتوهّم شمول عموم وجوب الاجتناب له لوجود المقتضي وعدم المانع بخلاف الأمر بالإطاعة لأنّ موضوع الإطاعة إنّما يصدق مع العلم تفصيلا أو إجمالا بالتّكليف الّذي تعد موافقته إطاعة فمع عدم العلم بالتّكليف الواقعي مطلقا كما هو الفرض في المقام لا يحصل موضوع الإطاعة بالموافقة الاحتماليّة حتّى يقال بوجوب الإطاعة في الواقع على تقدير وجود التّكليف في الواقع بعموم ما دلّ على وجوب الإطاعة نظير ما قلناه في الشّبهات الموضوعيّة وإلى ما ذكرناه أشار المصنف رحمهالله بقوله فهي كلّها تابعة لتحقّق الموضوع وفيه نظر أمّا بالنّسبة إلى الأمر العقلي الدّال على وجوب الإطاعة فإن الإطاعة وإن لم تجب ما لم يحصل العلم بالتّكليف تفصيلا أو إجمالا إلاّ أن عدم وجوب الإطاعة حينئذ غير عدم تحقّق موضوعها فالإطاعة للنّهي الواقعي على تقدير وجوده في الواقع بالاجتناب عن الفعل لاحتمال حرمته في الواقع حاصلة وإن لم تجب هذه الإطاعة عقلا بناء على أخذ العلم في موضوع وجوبها عقلا وأمّا بالنسبة إلى الأمر الشّرعي فمع تحقّق موضوع الإطاعة كما عرفت تجب شرعا لفرض إطلاق الأمر بها هذا مضافا