الشّبهة يجب فيه التوقّف وإن كانت غيره من المفاسد كما في ارتكاب أموال الظلمة يستحب فيه ذلك كما تقدم توضيحه في كلام المصنف رحمهالله فيما أجاب به عن أخبار التّوقف بخلاف ما نحن فيه لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله قد بيّن في أخبار التثليث وجه الأمر بترك الشّبهات وهو استلزام ارتكابه للدّخول في الحرام فإن كان ذلك مقتضيا للوجوب فهو مقتض له مطلقا وإن كان مقتضيا للاستحباب فكذلك لعدم اختلافه باختلاف المقامات حتى يقتضي الوجوب في مقام والاستحباب في مقام آخر هذا مضافا إلى ما اعترضنا به على ما أجاب به المصنف رحمهالله عن أخبار التوقّف فراجع فلا تغفل وبالله التوفيق ومنه الاستغاثة(قوله) مع أنّه إخراج لأكثر الأفراد إلخ إن قلت كيف تدعي لزوم إخراج أكثر الأفراد وغاية ما يشمله النّبوي هي الشّبهة التّحريميّة الحكميّة والموضوعيّة منها خاصّة لوضوح عدم شموله للشّبهة الوجوبيّة مطلقا فعلى تقدير اختصاصه بالشّبهة الحكميّة بكون الخارج كالباقي فردا واحدا قلت ما ذكرته من عدم الشّمول للشّبهة الوجوبيّة مطلقا متجه إلاّ أن منع لزوم إخراج أكثر الأفراد مبني على كون إخراج الشّبهة الموضوعيّة التحريميّة نوعيّا وإلاّ فلو قلنا بعموم الشّبهات في النّبوي لجميع أفراد الشّبهة التحريميّة الحكميّة والموضوعيّة كما هو مقتضى عموم الجمع المعرف فلا ريب في كون إخراج الشبهة الموضوعيّة مستلزما للمحذور لقلة وجود الشّبهة الحكميّة التّحريميّة بحسب الخارج ونهاية كثرة وجود الشبهات الموضوعيّة التحريميّة كذلك لكون أكثر الأشياء من المأكولات والمشروبات والملبوسات وغيرها مشتبهة بحسب الواقع وارتكاب التّخصيص بحسب النّوع خلاف الظّاهر كما أسلفناه في بعض الحواشي السّابقة نعم يمكن أن يقال أنّ إخراج الشّبهات التحريميّة الموضوعيّة إنّما يوجب تخصيص الأكثر إذا قطع النظر عن الأمارات القائمة عليها المزيلة للشّبهة عنها من اليد والسّوق والبيّنة ونحوها وإلاّ يمكن منع أكثريّة الخارج لأنّ الباقي حينئذ وهي الشّبهات التحريميّة الحكميّة مطلقا والموضوعيّة المشوبة بالعلم الإجمالي كثير أيضا فتدبّر(قوله) الثاني أنّه صلىاللهعليهوآله رتب إلخ توضيح المقام يتوقف على فهم فقه الحديث فنقول أن الألف واللاّم في الشّبهات إمّا للاستغراق والعموم الأصوليّ حقيقة أو عرفا كما هو المتبادر من الجمع المعرف وبنى عليه بعضهم الاستدلال في المقام وإمّا للجنس لكن لا بمعنى الجنس الجمعي لكون الجمع المعرف بعد انسلاخه عن العموم ظاهرا في مطلق الجنس من دون اعتبار الجمعية والفردية فيه وإمّا احتمال العموم الجمعي فهو خلاف الظاهر وعلى التقديرين إمّا أن يراد من الوقوع في المحرّمات الوقوع فيها فعلا أو شأنا بمعنى كونه في شرف الوقوع فيها فيكون مجاز مشارفة وعلى التّقديرين إمّا أن يراد الوقوع أو الإشراف على محرم معلوم الحرمة كشرب الخمر وأكل الربا بأن كان ارتكاب الشبهات مؤدّيا إليه أو على محرم واقعي مجهول بين الشّبهات والمراد بالمحرّمات هو جنسها خاصة دون العموم كما هو واضح وهذا الذي ذكرناه هو أقرب الاحتمالات الّتي بنوا عليه الاستدلال وهنا احتمالات أخر بعيدة سخيفة أمّا حمل الشبهات على العموم الأصولي وظاهر حينئذ كون المراد بالارتكاب هو الارتكاب الفعلي وبالمحرّمات هو الحرام الواقعي لبعد غيرهما من الاحتمالات فقال المحقق القمي رحمهالله الخبر يدل على أنّ من ارتكب جميع الشّبهات فلا ينفك عن فعل الحرام إمّا للعلم العادي بأن من ارتكب جميع الشبهات يرتكب حراما واقعيّا لا محالة أو من جهة أخبار المعصوم عليهالسلام بذلك وعلى تقدير استلزام ذلك الحرمة إنّما يدلّ على الحرمة إذا استوعب جميع الشبهات وهو غير محل النّزاع بل النزاع في مطلق المشتبه وكلّما صدق عليه لا جميعها فلا يفيد ذلك أزيد من الكراهة كالنّهي عن الصرف لخوف الوقوع في الرّبا وعن بيع الأكفان لخوف الوقوع في محبة موت النّاس والحاصل أنّ مطلب المستدلّ إثبات المؤاخذة والعقاب الأخروي في ارتكاب ما لا نصّ فيه وهذا لا يدل عليه انتهى وأنت خبير بأن حمل الشّبهات على إرادة العموم وإن كان فاسدا من الوجهين الآتيين إلاّ أن منع استلزامه على تقديره لمطلب الخصم لا وجه له لأنّ مقصوده من الاستدلال بالخبر هو إثبات وجوب الاحتياط في الشبهات مع تسليم العلم عادة أو بأخبار المعصوم عليهالسلام باستلزام ارتكاب جميع الشّبهات للحرام المتعقب للعقاب الأخروي يجب الاجتناب عن كل واحد منها من باب المقدّمة العلميّة نظير الشبهة المحصورة وإن زعم المحقّق المذكور جواز الارتكاب فيها أيضا إلى أن يبقى من أطراف الشّبهة مقدار يعلم بارتكاب الحرام الواقعي بارتكابه إلاّ أنّه ضعيف كما قرر في محلّه وصيرورة الشّبهات الحكميّة حينئذ نظير الشّبهة المحصورة في الاشتمال على العلم الإجمالي مع كون مفروض الكلام في الشّبهات البدوية لا يصدر في إثبات مطلب الخصم لأنّ المقصود بيان حكم الشّبهات الحكميّة التحريميّة الّتي منها شرب التّتن مثلا وإثبات وجوب الاحتياط فيها بهذه الرّواية سواء فرض العلم الإجمالي بحرمة بعضها في الواقع بحسب العادة أو بأخبار الإمام عليهالسلام أم لا وأمّا عدم جواز حملها على العموم فمن وجهين أحدهما ما أشار إليه المصنّف رحمهالله في الجملة وهو عدم مساعدة قرائن الكلام عليه أمّا أوّلا فلعدم مساعدة سياق الكلام عليه لأنّ ملاحظة ألفاظ الحديث مع انضمامها وانتظامها الخاص تعطي إرادة معنى الجنس لا العموم ولعلّ الوجه فيه ما أشار إليه المصنف رحمهالله بقوله لأنّه في مقام بيان ما تردّد بين الحرام والحلال لا في مقام التحرز عن ارتكاب المجموع وأمّا ثانيا فإن الألف واللاّم في المحرّمات للجنس يقينا فكذا في الشّبهات للمقابلة وأمّا ثالثا فإنّ الصّادق عليهالسلام قد استشهد بالنبوي في تعارض الخبرين وبعد فرض كون المراد بالأمر بترك الشبهات ترك جميعها لا يناسبه استشهاده لوجوب طرح الشّاذ النّادر كما أشار إليه المصنف رحمهالله بقوله مع أنّه ينافي استشهاد الإمام عليهالسلام لعدم كون الأخذ بالشّاذ أخذا بجميع الشّبهات اللهم إلاّ أن يقال في وجه المناسبة أنّ مقصود الإمام عليهالسلام من الاستشهاد هو بيان كون الخبر المشهور من الحلال البيّن فيجب الأخذ به والشاذ من جملة المشتبهات فيجب طرحه لوجوب طرح جميع الشّبهات للتحرّز عن الوقوع في الحرام الواقعي بارتكاب الجميع الّذي منها الشّاذّ من المتعارضين فتدبّر وأمّا رابعا فإنّ الشّبهات في النبوي في مقابل الأمر المشكل في كلام الصّادق عليهالسلام ولا ريب في عدم إرادة العموم من الثاني فكذا الأوّل وثانيهما أنّ استلزام العموم للعلم بارتكاب