فبأنّ ظاهرها الاستحباب لأنّه المنساق من نسبة الرّواية إلى المخاطب وأنت خبير بأنّه لا بدّ من رفع اليد عن هذا الظّهور لأنّ مقتضى الاستصحاب سواء حملت الموثقة على بيان الشبهة الموضوعيّة أو الحكميّة على ما ستعرفه في الحاشية الآتية وجوب الاحتياط إلاّ على الوجه الذي ذكره المصنف رحمهالله على تقدير حملها على بيان الشّبهة الحكميّة إلا أنه بعيد عن ظاهرها كما اعترف به لا أنّه أخذ بظاهرها مع أنّه لا ظهور في النّسبة المذكورة بحيث يصحّ الاستناد إليه لأنّ غايتها أن يستشم منها الاستحباب كما صرّح به فلا وجه لدعوى ظهورها فيه (قوله) والظّاهر أنّ مراده هذا جواب آخر عن الموثقة وحاصله أن ظاهر الموثقة بقرينة ما صرّح به من عدم كون وظيفة الإمام عليهالسلام بيان الحكم الظّاهري في الشبهات الحكميّة هو بيان الشّبهة الموضوعيّة بأن كان السّائل عالما بالحكم الشّرعي أعني جواز الإفطار والصّلاة عند استتار القرص لكن أشكل عليه الأمر لأجل الاشتباه في الاستتار لأجل حيلولة الجبل بينهم وبينه ولذا قال يرتفع فوق الجبل حمرة بمعنى أنّه يرى فوقه شيء لا يعلم أنّه من آثار ضوء الشمس أو الحمرة الحادثة بعد الاستتار فسأل الإمام عليهالسلام عن حكم هذا الموضوع المشتبه فأمر الإمام بالاحتياط والموثقة حينئذ تكون دليلا على مذهب جماعة ممن اكتفي في الغروب الشّرعي بمجرّد استتار القرص كما هو مذهب العامّة أيضا خلافا للمشهور حيث اعتبروا ذهاب الحمرة المشرقية(قوله) ويحتمل بعيدا هذا وجه آخر في الموثقة حاصله حملها على بيان الشّبهة الحكميّة بأن كانت شبهة السّائل في تحقق الغروب وأنّه بأيّ شيء يحصل فسأل الإمام عليهالسلام عن ذلك بما ذكره في السّؤال فأمره الإمام عليهالسلام بالانتظار والأخذ بالاحتياط من دون بيان الحكم الواقعي للنكتة التي أشار إليها المصنف رحمهالله من التخلص من مخالفة العامّة هذا إذا كان المراد بالاحتياط المدلول عليه بقوله وتأخذ الحائطة معناه المصطلح عليه أعني الأخذ بما يوافق التّكليف من طرفي الشبهة في مقابل البراءة ويحتمل أن يكون المراد به معناه اللّغوي أعني الأخذ بالأوثق وهو الانتظار إلى ذهاب الحمرة المشرقيّة وحينئذ لا يلزم بيان الحكم الواقعي بلباس الحكم الظّاهري كما هو واضح نعم ربّما يشعر التعبير بذلك بحصول الوثوق بالطّرف الآخر وهو فيما نحن فيه ليس كذلك للعلم بكونه خلاف الواقع إذ الفرض على هذا التقدير كون الغروب في الواقع عبارة عن ذهاب الحمرة المشرقيّة لا عن استتار القرص إلا أنّه يحتمل أن يكون ذلك لأجل حصول الوثوق به في الدّين من حصول التقيّة به لأنّها أيضا من الدّين وقد قال عليهالسلام التّقية ديني ودين آبائي فيكون هذا موثوقا به وإن كان الأوّل أوثق والموثقة على تقدير كون المراد بالحمرة فيها الحمرة المشرقيّة تكون دليلا على مذهب المشهور من كون الغروب الشرعي عبارة عن ذهابها(قوله) بأن يراد من الحمرة إلخ ربّما يؤيّده قطعها عن الإضافة إلى الجبل في كلام الإمام عليهالسلام لأنّ المراد بها لو كان هو الباقي فوق الجبل كان الأنسب إضافتها إليه كما في السّؤال اللهمّ إلاّ أن يقال بكون الألف واللاّم الدّاخلة عليها في كلام الإمام عليهالسلام للعهد الذكري فتكون إشارة إلى الحمرة المذكورة في كلام السّائل (قوله) لا يدل إلاّ على رجحانه لأنّ الاحتياط في مورد الموثقة وإن كان واجبا بمقتضى الاستصحاب إلاّ أنّ التعبير به لما كان لأجل التّقيّة لا بد أن يراد به الاستحباب لعدم اندفاع التقيّة إلاّ به (قوله) للزوم إخراج أكثر إلخ مع تسليم عدم لزومه لا ريب أن ظاهر الرّواية آب عن التخصص وإن لم يكن الخارج أكثر الأفراد بناء على كون قوله أخوك خبرا مقدما وقوله دينك مبتدأ مؤخّرا لأنّ حصر الأخوة في الدين كما هو مقتضى تقديم الخبر يقتضي محافظة الدّين عن جميع ما يرد عليه من النقص والعيب لا محافظته عن بعض دون بعض كما هو مقتضى ارتكاب التخصيص فيها ومن هنا يظهر أنّ موضع الاستدلال بالرّواية فقرتان إحداهما قوله عليهالسلام أخوك دينك لأنّ معناه بمقتضى الحصر أنّه لا أخ لك سوى دينك والمقصود بيان المبالغة في المحافظة على الدّين والمعنى أنّه كما يلزم عليك مراعاة أخيك بدفع جميع ما يتوجّه إليه من المضار كذلك دينك يجب عليك فيه سدّ جميع ما يحتمل وروده عليه من النّقائص بالاحتياط فيه والأخرى ظاهر الأمر بالاحتياط في قوله عليهالسلام فاحتط لدينك والجواب عنهما واضح ممّا ذكره المصنف ره (قوله) الأمر المذكور بالاحتياط يعني أنّ المراد به خصوص الطّلب الاستحبابي لا الإرشادي ولا الرّجحان المطلق (قوله) لا جميع مراتبها حتّى يحمل الأمر على الإرشاد أو الطلب المشترك بين الوجوب والاستحباب (قوله) ولا المقدار حتّى يحمل الأمر على خصوص الطّلب الإلزامي (قوله) والمراد من قوله إلخ هذا تضعيف بما يتوهم من ظهور قوله بما شئت في كون المراد بالأمر خصوص الطلب الاستحبابي (قوله) لأنّ هذا كله يعني كل من التعميم والتفويض (قوله) يظهر الجواب إلخ بحمل الأمر في باقي الأخبار أيضا إمّا على الإرشاد أو على الطلب المشترك بين الوجوب والاستحباب مضافا في مرسلة الشّهيد إلى منع كون الريبة فيها بمعنى الشك لاحتمال كونها بمعنى التّهمة والمقصود هو الأمر بترك ما يوجب التّهمة إلى ما لا يوجبها فمساقها مساق قولهم عليهمالسلام اتقوا مواضع التّهمة قال الجوهري الرّيب الشك والريب ما يريبك من الأمر والاسم الريبة بالكسر وهي التّهمة والشّكّ ولا ريب في عدم وجوب الاجتناب عن التّهمة مع أنّ المرسلة حينئذ لا ترتبط بالمدّعى من إثبات وجوب الاحتياط وبالجملة أنّه مع احتمال هذا المعنى احتمالا مساويا تعود المرسلة مجملة بل تمكن دعوى كون لفظ الريبة موضوعا للجامع بين المعنيين وهو مطلق ما يوجب القلق والاضطراب فيكون ذكر كلّ من التّهمة والشكّ معنى للفظ من قبيل ذكر فردي الكلّي الموضوع له والمعنى دع ما يوجب القلق والاضطراب إلى ما لا يوجب ذلك ولا ريب في عدم كون الأمر بالنّسبة إلى ما يوجب التّهمة للوجوب فكذلك بالنّسبة إلى معنى الشّكّ وإلاّ لزم استعماله في الوجوب والاستحباب (قوله) بالأثقل أعني الاحتياط(قوله) مظنة الرّيبة لأنّ في إيجاب الاحتياط إيقاعا للعباد في المشقّة ولعلّ الله تعالى لا يرضى بذلك (قوله) من هذا الأمر حاصله أن إيجاب الاحتياط إنّما يكون ريبة وشكّا إذا لم يدلّ عليه النبوي أو غيره من الأدلّة وأمّا مع الدّلالة عليه