فإذا شملته أخبار التّوقف ووجب فيه التّوقّف وجب فيما لا نصّ فيه بالإجماع المركّب فلا يصحّ تخصيص الأخبار المذكورة بالخبر المذكور ويشير إلى هذا المعنى أيضا قوله يشمله أدلة التوقّف ولعلّ هذا المعنى أظهر بالنسبة إلى عبارة المصنف رحمهالله لكن يرد عليه أيضا أولا أن الأخبار المذكورة معارضة مع ما دل على التخيير فيما تعارض فيه نصّان وثانيا أنّ الإجماع منقلب إذ كلّ من قال بالبراءة فيما لا نص فيه قال بالتخيير في تعارض النّصين وضميمة هذا الإجماع وهو قوله عليهالسلام كلّ شيء مطلق أقوى من ضميمة ذلك وهو عمومات التّوقف لكون دلالة الأوّل بالخصيصة والثّاني بالعموم ولعل الأمر بالتأمّل إشارة إلى أحد الوجهين أو الوجوه المذكورة ويحتمل أن يكون إشارة إلى منع ثبوت الإجماع المركّب في المقام وإن قلنا بثبوت الإجماع بين القول بالتخيير فيما تعارض فيه نصّان والقول بالبراءة فيما لا نصّ فيه كما يظهر وجهه بالتّأمّل فيما ذكره عند بيان التقرير الأول للإجماع على أصالة البراءة في المقام عند بيان مذهب الكليني (قوله) مع أن جميع موارد الشّبهة إلخ حاصله منع كون قوله عليهالسلام كل شيء مطلق أخصّ مطلقا من أخبار التوقّف بدعوى كون موارد الشّبهة فيها أيضا هو مشتبه الحكم غاية الأمر أن يكون هذا إمّا من جهة احتمال حرمة العمل كما في الأفعال المحتملة لها وإمّا من جهة احتمال حرمة الحكم كالحكم بإباحة محتمل الوجوب وإمّا من جهة احتمال حرمة الاعتقاد كما في أوصافه سبحانه والنّبي والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين إذا لم يرد فيها نصّ من الشّارع وعلى هذا تكون النّسبة بين قوله عليهالسلام كل شيء مطلق وأخبار التّوقف هو التباين ولعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى أنّه إذا شكّ في وجوب دعاء رؤية الهلال مثلا بنفسه فهو قضيّة قد وقع الشّكّ فيها والشّك في حرمة الإفتاء باستحبابه قضية أخرى كذلك وكون الثانية موردا لكل من أخبار البراءة والتّوقف لا يستلزم كون الأولى أيضا كذلك حتّى يقال بكون النّسبة على وجه التّباين أو إشارة إلى كون حرمة الإفتاء معلومة حيث لا دليل على جوازها لكونها تشريعا محرما بالأدلّة الأربعة فلا تكون موردا للشبهة أو إشارة إلى كون الأمر في الإفتاء دائرا بين الوجوب والحرمة لا بين الحرمة وغير الوجوب كما هو محلّ الكلام وإلى الوجهين الأخيرين قد أشار عند الرّدّ على من تمسّك بأصالة البراءة لإثبات جواز العمل بالظنّ فتدبّر (قوله) ويزيد اللّيل أن يرتفع الظّلام من الأرض إلى طرف السّماء لأنّه إذا غربت الشّمس يحدث في الأرض أثر ظلمة فيزيد ويرتفع تدريجا حتّى يستوعب إلى عنان السّماء(قوله) عنا الشّمس يعني شعاعها(قوله) فإنك لن تجد يعني أن تركك شيئا لله عزوجل غير مفقود بل له عوض وجزاء عنده لو كان ممّا له جزاء في نفس الأمر على تقدير الإتيان به (قوله) أمّا نفس واقعة الصيد إلخ الأولى أن يجاب أوّلا بما أشار إليه في تضاعيف كلامه من اختصاص الصّحيحة بصورة التمكن من إزالة الشبهة كما يرشد إليه قوله حتّى تسألوا وتعلموا لكون وجوب الاحتياط حينئذ مسلما عند الكلّ لاتفاقهم على وجوب الفحص في العمل بالبراءة حتّى في الشّبهة الوجوبيّة الّتي قال الأخباريون أيضا بالبراءة فيها ثمّ يذكر الوجوه المحتملة في الرّواية وعلى كلّ تقدير نقول إنّ المشار إليه بقوله بمثل هذا إمّا نفس واقعة الصّيد بأن كان المراد هي الإشارة إلى المماثلة في خصوص الواقعة بأن أراد أنّكم إذا ابتليتم بمثل هذه الواقعة وما دريتم ما عليكم من الفعل فعليكم بالاحتياط وإمّا السّؤال عن حكمها بأن أراد أنّه إذا اشتبه عليكم الأمر ولم تدروا بم تحكمون وتفتون فيه فعليكم بالاحتياط وعلى الأوّل إمّا أن يكون المراد المماثلة في الجنس بأن اشتركا في وصف عام أعني مطلق الاشتباه سواء كانت الشّبهة حكميّة أم موضوعيّة حتّى يجب الاحتياط في كل مشتبه فهو بعيد ولذا لم يتعرض له المصنف رحمهالله أو الصّنف بأن أراد المماثلة في اشتمال الواقعة على علم إجمالي لفرض علم الرجلين إجمالا بوجوب الجزاء عليهما في الجملة إمّا جزاء واحد على كل واحد منهما وإمّا عليهما معا وحاصله تردد الواجب عندهما بين الأقل والأكثر وعليه إمّا أن تكون الشّبهة في وجوب الجزاء المردد بين الأقل والأكثر استقلالية بأن كان الإتيان بالأقل مجزيا بمقداره على تقدير وجوب الأكثر كما مثّل به من مثال أداء الدّين وقضاء الفوائت فهي خارجة ممّا نحن فيه لكون الشبهة حينئذ وجوبيّة بدوية لأنّ مرجع الشبهة في الأقل والأكثر الاستقلاليين إلى علم تفصيلي بالأقل وهو فيما نحن فيه نصف الجزاء على كلّ واحد منهما وشك بدوي في الزّائد عليه وهو النّصف الآخر والشّبهة الوجوبيّة البدويّة مورد لأصالة البراءة باتفاق من الأخباريين نعم قد يظهر من جماعة منهم صاحب الرّياض في كتاب الزّكاة الميل إلى التّوقف والاحتياط في صورة أيضا وقد ذكر ثمة ما حاصله أن ما يسقى سيحا أو عذبا أو بعلا ففيه العشر بالنّواضح والدوالي ففيه نصف العشر ولو اجتمع الأمران حكم للأغلب ولو تساويا أخذ من نصفه العشر ومن نصفه نصف العشر واعتبار التساوي بالمدّة والعدد ظاهر وإمّا بالنفع والنمو فيرجع فيه إلى أهل الخبرة وإن اشتبه الحال وأشكل الأغلب ففي وجوب الأقل للأصل أو العشر للاحتياط أو الإلحاق بالتساوي لتحقق تساويهما والأصل عدم التفاضل أوجه أحوطها الأوسط إن لم يكن أجود انتهى وفيه ما لا يخفى وإمّا أن تكون ارتباطية بأن كان الإتيان بالأقل غير مجز عن التّكليف الواقعي على تقدير وجوب الأكثر في الواقع كالشّك في الأجزاء والشّرائط من الصّلاة فالقول بوجوب الاحتياط حينئذ وإن كان مذهب جماعة من المجتهدين أيضا إلاّ أنّ القول بذلك إنّما هو لأجل العلم الإجمالي بالتكليف وكون الشّك في المكلّف به بخلاف ما نحن فيه لكون الشّك فيه في أصل التكليف وأمّا الثّاني فإنّه يحتمل أن يكون المراد منه أن ما اشتبه عليكم ولم تدروا حكمه من الوجوب أو الحرمة فعليكم بالاحتياط بأن كان المراد إمّا بيان حكم ظاهري في مقام القول والفتوى بأن يفتوا بالاحتياط والحرمة الظّاهريّة وإمّا بيان الاحتياط في الفتوى بأن لا يفتوا بالاحتياط والحرمة الظّاهريّة أيضا بأن يسكنوا عن القول نفيا وإثباتا وهذا غير مجد للمستدلّ لأنّ الأوّل وإن كان مانعا له في الجملة إن ثبت إلا أن مورد الصّحيحة كما عرفت هي صورة التمكن من إزالة الشّبهة الّتي عرفت عدم الخلاف في وجوب الاحتياط فيها(قوله)