الطرفين فيبقى التعارض من حيث الدلالة ومن المقرّر في محلّه تقديم الأظهر على الظّاهر من المتعارضين بحسب الدّلالة كما في العام والخاص والمطلق والمقيد وأشباههما ولا ريب في كون أخبار البراءة أظهر في الدلالة من أخبار التوقف لأنّ قوله عليهالسلام كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي لا يحتمل فيه ما تحتمله أخبار التوقف فلا بد من صرف التّأويل إليها دونه لاحتمال ورودها في مقام التمكن من العلم كما تشهد به جملة منها على ما أسلفناه عند بيان الجواب الحادي عشر ويحتمل ورودها في مقام بيان وجوب التوقف عن الحكم الواقعي دون الظّاهري ويحتمل ورودها في مقام الإرشاد كما ذكره المصنف رحمهالله وبالجملة أنّ هذه الوجوه غير بعيدة في مقام الجمع بخلاف قوله عليهالسلام كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي لعدم احتماله تأويلا يستأنس به الطّبع السّليم نعم قد أخرج صاحب الوسائل له محامل يشمئز منها الطبع السّليم والفهم المستقيم قد أسلفناها مع ما فيها عند الاستدلال به لأصالة البراءة (قوله) وفيه أنّ المراد إلخ فيه نظر يظهر بالتّأمّل فيما أوردناه على ما أجاب به المصنف رحمهالله أوّلا عن الأخبار(قوله) وفي كلا الجوابين إلخ أمّا الأوّل فمع تسليم ضعف هذه الأخبار طرّا فلا ريب أنّ كثرتها تغني عن ملاحظة سندها حتّى أن صاحب الوسائل قد ادعى تواترها وأمّا الثّاني فإنّ ظاهر رواية المسمعي وإن كان هو ما ذكره المجيب إلاّ أن هذا ظاهر بعضها لا أكثرها فضلا عن جميعها(قوله) ومنها أنّها معارضة إلخ هذا الجواب للمحقّق القمي رحمهالله وربّما يورد عليه بأنّ النّسبة بين أخبار البراءة وأخبار التّوقف والاحتياط عموم وخصوص مطلق لاختصاص الثانية باتفاق من الأخباريين بالشبهات التّحريميّة الحكميّة وعموم الأولى لها وللشّبهات الموضوعيّة مطلقا فتخصّص هي بالثّانية فيتم مطلوب الأخباريين وفيه أنّ بعض أخبار البراءة صريح في الاختصاص بالشبهة التحريميّة الحكميّة مثل مرسلة الفقيه عن الصّادق عليهالسلام كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي لأنّ اختصاصها بالشّبهة التّحريميّة واضح وأمّا اختصاصها بالشبهة الحكمية فلأنّ ورود النّهي في الشّبهات الموضوعيّة مفروض والشبهة إنّما هي في موضوعه الخارج نعم يمكن أن يقال إنّه إن أراد برجحان أخبار البراءة رجحانها بعد ملاحظة مجموع أخبار الطّرفين ففيه أنّه لا معنى لملاحظة السّند بعد التواتر والقطع بالصّدور من الطرفين وإن أراد رجحانها بعد النقد وانتخاب ما هو واضح الدّلالة منها ففيه أنّ ما هو كذلك من أخبار البراءة ليس إلا المرسلة المذكورة بخلاف أخبار التوقف والاحتياط فإنّ الدال منها كثير وبعضها صحيح مع أنّ دعوى اعتضاد أخبار البراءة بالكتاب والسّنة والعقل معارضة باعتضاد أخبار الاحتياط أيضا بها لاستدلال الأخباريين بها أيضا(قوله) مخالفة للعامة إلخ قلت أخبار البراءة أيضا موافقة للشّهرة المحققة وهي مقدّمة على سائر المرجّحات (قوله) النّصين الاحتياط إلخ فيه أنّ أخبار الاحتياط في تعارض النّصين معارضة بأخبار التخيير الواردة فيه (قوله) ومنها أن أخبار البراءة إلخ يرد عليه أنا إن سلمنا ظهور أخبار البراءة مثل قوله عليهالسلام كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي في الشّبهة التّحريميّة الحكميّة فلا ريب في خروج الشّبهات الوجوبيّة والموضوعيّة مطلقا من عموم أخبار التّوقف باتفاق من الأخباريين فلو خرجت منها الشّبهة التّحريميّة أيضا بقيت هذه الأخبار بلا مورد ومع تسليم عدم الاتفاق المذكور فلا ريب أنّ كلّ من قال بالبراءة في الشبهات التحريمية قال بها فيهما أيضا فلو خصّصنا أخبار التّوقف بأخبار البراءة وقلنا بها في الشّبهة التّحريميّة فلا بدّ أن نقول بها فيهما أيضا لعدم القول بالفصل على ما عرفت فتبقى تلك الأخبار أيضا بلا مورد ومع تسليم وجود الفاصل فلا ريب أنّ القول بالبراءة فيهما أسهل من القول بها في الشّبهة التّحريميّة لقلّة وجود القول بها فيهما فإذا قلنا بها في الشبهة التّحريميّة لأخبارها ثبت القول بها فيهما أيضا بالأولويّة فتبقى تلك الأخبار بلا مورد فتأمل (قوله) لكن يوجد في أخبار التوقّف إلخ فيه نوع من الإجمال لأنّ مراده يحتمل وجهين لا يخلو كلّ منهما من نظر أحدهما أن يريد أنّ قوله عليهالسلام كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي وإن كان ظاهر الاختصاص بالشّبهة التّحريميّة وأخبار التوقف أعمّ منها إلا أنه يوجد في أخبار التوقّف أيضا ما هو خاص بالشبهات التحريميّة مثل ما دلّ على التّوقف فيما تعارض فيه نصّان أحدهما مبيح والآخر حاظر لأنّه وإن لم يحصل التّعارض بينهما ابتداء لتغاير موضوعيهما لاختصاص الأول بما لا نص فيه والثّاني بما تعارض فيه نصّان إلاّ أنّ التّعارض بينهما يحصل بالإجماع المركّب إذ كل من قال بالتّوقف والاحتياط فيما تعارض فيه نصّان قال به فيما لا نصّ فيه فمع تعارضهما وتساقطهما تبقى سائر الأخبار العامة من الطّرفين على حالهما من المعارضة فلا وجه لتخصيص أحدهما بالآخر ويشير إلى هذا المعنى قوله لكن يوجد في أدلّة التّوقف إلخ ويرد عليه أوّلا أنّ ظاهره تسليم أنّه لو لم يفرض مثل الخبر الخاص المذكور بين أخبار التوقف كان التعارض بين أخبار البراءة والتوقف بالعموم والخصوص مطلقا وليس كذلك كما عرفته في الحاشية السّابقة من كون التّعارض بينهما بالتباين وثانيا أنّ الخبر المذكور معارض بما دلّ على التخيير في تعارض الخبرين فيتساقطان ويبقى قوله عليهالسلام كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي مخصصا لعمومات وجوب التوقّف وثالثا أن الإجماع كما انعقد على وجوب التّوقف فيما لا نصّ فيه على تقدير وجوبه فيما تعارض فيه نصّان أحدهما كذلك انعقد على جواز العمل بالبراءة في الثّاني على تقدير القول بها في الأوّل وبعد تعارض الإجماعين تبقى الأخبار على حالها من الطرفين وإن شئت قلت إنّ قوله عليهالسلام كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي يعارض الخبر المذكور بواسطة ما عرفته من الإجماع والتّرجيح مع الأوّل لعمل معظم الأصحاب به ومع تعادلهما يثبت التخيير بكليهما فللقائل بالبراءة أن يختار الأوّل فيخصّص به عمومات وجوب التّوقف ورابعا تمنع وجود خبر خاص دال على وجوب التوقف فيما تعارض فيه نصّان أحدهما مبيح والآخر حاظر نعم ورد الأمر بالاحتياط في مثله ولا دخل له في أخبار التّوقف وثانيهما فرض وجود مورد تشمله أخبار التوقف دون قوله عليهالسلام كلّ شيء مطلق وهو ما تعارض فيه نصان