ذكره المصنف رحمهالله مبني على حمل التّوقف فيها على التوقف من حيث العمل بل هو صريحه حيث قال فيما تقدّم من كلامه وظاهر التوقّف المطلق السّكون وعدم المضيّ فيكون كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل إلى آخر ما ذكره وقد عرفت ضعفه ثمّ إن حمل ما دل على كون المضي في الشّبهة اقتحاما في الهلكة على صورة عدم معذوريّة الفاعل لا يخلو من نظر لصراحة بعض هذه الأخبار في صورة كون الشّبهة في الموضوع الّتي لا يجب فيها الاحتياط باتفاق من المجتهدين والأخباريين مثل قول مولانا الصّادق عليهالسلام إنّك إذا بلغك قد رضعت من لبنها أو أنها لك محرّمة وما أشبه ذلك فإن الوقوف عند الشبهة خير من اقتحام الهلكة الحديث فلا بد من حمل الهلكة في هذه الأخبار على المفاسد الدّنيويّة أو الأعمّ منها ومن الأخرويّة سوى العقاب (قوله) كالاحتراز عن أموال الظّلمة هذا ليس مثالا للمفسدة الدّنيويّة بل لما فيه ذلك بناء على كون أكل أموال الظلمة مورثا لقساوة القلب الّتي هي من الصّفات الذّميمة(قوله) وما ذكرناه أولى إلخ للزوم التخصيص على تقدير حمل الأمر في أخبار التوقّف على الوجوب الشّرعي لا يقال إنّ التّخصيص وإن كان خلاف الأصل إلا أن حمل الأمر على الإرشاد أيضا خلاف الظّاهر سيّما حمله على الأعمّ من الإرشاد الإلزامي وغيره كما في المقام إذ لا ريب في كونه مجازا لأنّا نقول يلزم على الأوّل تخصيص الأكثر إذ لا بد حينئذ من إخراج الشّبهات الوجوبيّة مطلقا والتّحريميّة الموضوعيّة ولا ريب في كون الشّبهات الموضوعيّة أكثر من سائر الشّبهات لكون أكثر الأشياء من المأكولات والمشروبات والملبوسات ونحوها مشتبهة بحسب الواقع وقد تقدّم عند شرح ما يتعلق بالجواب عن الآيات المستدلّ بها للمقام ما ينفعك هنا(قوله) بوجوه غير خالية عن النّظر إلخ الأجوبة المذكورة في كلمات العلماء ترتقي إلى أربعة عشر جوابا جوابان للمصنّف لأنّ ما ذكره يرجع إلى جوابين أحدهما أن شطرا من الأخبار تدلّ على ترتب الهلكة الأخرويّة أعني العقاب الأخروي على ارتكاب الشّبهة على تقدير حرمة الفعل في الواقع ولكنّها لا تشمل ما نحن فيه وجملة أخرى تدلّ على استحباب التحرز عن الشّبهة وهي وإن كانت شاملة لما نحن فيه إلا أنّها لا تجدي الخصم وثانيهما حمل الأمر في هذه الأخبار على الإرشاد والفرق بين الجوابين أنّ الأمر على الأوّل لا يتعيّن حمله على الإرشاد لتماميته على تقدير كون الأمر فيها شرعيّا أيضا والثّالث ما أشار إليه بقوله فيما تقدّم من كلامه فلا يرد على الاستدلال إلى آخره والرّابع ما أشار إليه أيضا بقوله فيما تقدّم وتوهم ظهور هذا الخبر إلى آخره وحاصله حمل أخبار التّوقف على الاستحباب كما يظهر ممّا علقناه على شرح كلامه هناك والخامس والسّادس والسّابع والثّامن والتّاسع ما نقله هنا والعاشر أن ظاهر هذه الأخبار هو وجوب التّوقف عن الحكم الواقعي لا من حيث كون الواقعة مجهولة الحكم ولا ريب أنّ القائل بالبراءة إنّما يقول بها من هذه الحيثية لا من حيث بيان الحكم الواقعي وفيه منع هذا الظهور بل ظاهر بعضها وجوب الاحتياط في مقام العمل مثل قوله عليهالسلام الوقوف عند الشّبهات خير من اقتحام الهلكات وقوله عليهالسلام لا تجامعوا في النّكاح على الشّبهة والحادي عشر أنّ ظاهر كثير منها بيان حكم المتمكن من العلم بالرّجوع إلى الإمام عليهالسلام فلا تشمل غير المتمكّن منه مثل قوله عليهالسلام في رواية جابر حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح الله لنا وقوله عليهالسلام في رواية المسمعي حتّى يأتيكم البيان من عندنا وقوله عليهالسلام في موثقة حمزة حتّى يحملوكم فيه إلى القصد الحديث إلى غير ذلك ومع التّسليم فلا ريب في اختصاص هذه الخطابات بالمشافهين وإن اختلفوا في شمول خطابات الكتاب لغير المشافهين وثبوت الحكم الثّابت بهذه الخطابات لغيرهم يحتاج إلى دليل مفقود في المقام لأنّه إن كان عموم لفظ فالتقدير خلافه وإن كان هو الإجماع على الاشتراك في التّكليف فإنّما هو مع اتحاد الصّنف بين الغائب والمشافه وهو مفقود في المقام لتمكن المشافه من العلم بخلاف الغائب لا يقال إنّ مجرّد الاختلاف في ذلك كالاختلاف بالغيبة والحضور لا دخل له في هذا الحكم لأنّا نمنع عدم المدخليّة لأنّ مجرّد احتمالها يمنع من التمسّك بالإجماع والقياس على الغيبة والحضور لا دليل عليه والثّاني عشر أنّ أخبار البراءة أخصّ مطلقا من أخبار التوقف لكون الأولى مخصّصة بالإجماع والعقل بلزوم الفحص ثمّ العمل بمقتضاها والثّانية مطلقة أو عامّة بالنّسبة إلى ما قبل الفحص وما بعده فيجب تخصيصها بالأولى الثّالث عشر ما ذكر الفاضل النّراقي في مناهجه من أنا لو سلمنا دلالة هذه الأخبار على وجوب التوقف عند الشّبهة ولكن نقول إن كل ما يحتمل الحرمة الّذي لا نصّ على حرمته معلوم الحكم لا أقول من جهة أخبار النّاس في سعة ما لا يعلمون وكلّ مجهول الحكم حلال وأمثاله كما قيل لإمكان المعارضة بالمثل بل الصّنف الرّابع من أخبار الإباحة وهو المصرّح بأن كلّ ما لم يحرم في القرآن فحكمه الحليّة وما لا نصّ فيه منه انتهى وحاصله أنّ أخبار التوقّف وإن سلمنا ظهورها في وجوب التوقّف من حيث الحكم الواقعي عند الشّبهة إلاّ أنّا نقول لا شبهة فيما لا نصّ فيه بحسب حكمه الواقعي للعلم بإباحته واقعا من جهة قوله عليهالسلام الحرام ما حرّم الله في كتابه حيث أنّ ظاهره إثبات الإباحة الواقعية فيما لم يرد فيه نهي في الكتاب وفيه أولا أن هذا الخبر مجمل حيث لم يقل أحد بإباحة ما لم يرد نهي عنه في الكتاب بحسب الواقع فيحتمل أن يكون المراد بالكتاب ما يشمل البطون أيضا إذ لا ريب في كون حكم جميع الأشياء من الإباحة والحرمة وغيرهما مذكورا في الكتاب لقوله تعالى (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ويحتمل أن يكون المراد به ما يشمل بيان الأئمّة عليهمالسلام أيضا ومع تعدد الاحتمال يسقط به الاستدلال وثانيا أنّ ظاهره إثبات الإباحة الواقعيّة لمجهول الحكم والمقصود في المقام بيان حكم مجهول الحكم من حيث هو كذلك لا بحسب الواقع فتدبّر الرّابع عشر ما ذكره بعض سادة مشايخنا أدام الله أيّام إفادته على الأنام من أنّ النّسبة بين أخبار البراءة والتوقّف هو التباين لا العموم والخصوص مطلقا وسيجيء توضيح ذلك عند شرح ما يتعلّق بما نقله المصنف رحمهالله من الأجوبة ولا ترجيح من حيث السّند لتواترها من