الأصل لظهور العمومات في خصوص الأفراد لا الأنواع والتخصيص النّوعي مجاز لا بد في حمل اللّفظ عليه من نصب قرينة مترتبة وثانيا أنّا نمنع شمول التّقوى للواجبات والمحرّمات أيضا لما عرفت من ظهوره في ترك ما في فعله وفعل ما في تركه خوف العقاب والعقاب في ترك الواجب وفعل الحرام متحقّق لا ممّا يخاف عنه فيكون الخارج أيضا أكثر من الباقي مع أنّ الآيتين آبيتان عن التخصيص سواء كان نوعيا أم فرديا لكونهما من القضايا التي كان موضوع الحكم فيها علّة له لأنّ علّة وجوب التّقوى هو حسن ما يتقى به فكل ما يحصل به التقوى فالعلّة موجودة فيه فلا يمكن تخصيصهما بما يحصل به التّقوى أيضا فلا بد من حمل الأمر فيهما على إرادة مطلق الرجحان لتسلما من محذور التّخصيص من رأس فهما دليلان لنا لا علينا لفرض ظهورهما في استحباب الاحتياط غير المنافي للقول بالبراءة لا في مطلوب الخصم من وجوبه وممّا ذكرناه ظهر الوجه فيما ذكره المصنّف رحمهالله بقوله مع أنّ غايتها الدّلالة على الرّجحان على ما استشهد به الشّهيد رحمهالله وممّا ذكرناه تبيّن عدم دلالة آية المجاهدة أيضا إمّا لظهورها في فعل الواجبات وترك المحرمات خاصّة كالتّقوى على معناها الأوّل كما هو ظاهر المصنف رحمهالله وإمّا لأنّ تعميمها يستلزم تخصيص الأكثر نظير ما تقدم في التقوى على معناها الثّاني وأمّا آية التّنازع فيرد عليها أنّ العمل بالبراءة المستفادة من الأدلّة الأربعة ردّ لحكم المشتبه إلى الله ورسوله ولعلّه لغاية ضعف دلالتها لم يتعرض المصنف رحمهالله للجواب عنها(قوله) معلوم العدم لما أسلفه من قبح العقاب بلا بيان (قوله) وبمعنى غيره من سائر المفاسد الدّنيويّة أو الأخرويّة(قوله) لا تحصى كثرة هي قريبة من التواتر أو متواترة على ما ادّعاه الشّيخ الحر العاملي في باب القضاء من الوسائل (قوله) فأرجه حتى تلقى إمامك إلخ قال الطّريحي وفي الحديث المشتبه أمره فأرجه حتّى تلقى إمامك أي أخره واحبس أمره من الإرجاء وهو التّأخير(قوله) تركك حديثا لم تروه إلخ يحتمل أن يكون المعنى تركك وعدم نقلك حديثا لم تروه ولم تنقله عن الغير بل ترويه على سبيل الوجادة مثلا خير من روايتك أحاديث لم تحصها كثرة ويحتمل أن يكون المراد بقوله حديثا هو الحديث الصّادر عن المعصوم عليهالسلام في نفس الأمر وقوله عليهالسلام لم تروه من الرّواية صفة مؤكّدة أو حال منه مؤكّد لمضمون عامله ولا غرو في كون ذي الحال نكرة مع تأخّر الحال عنه لكون النّكرة المنونة بتنوين التنكير في حكم الموصوفة باعتبار الواحدة المستفادة منه والمعنى والله أعلم تركك حديثا صادرا عن المعصوم عليهالسلام في نفس الأمر في حال كونك لم تروه ووضعك له في سنبله خير لك من أن تروي ما لم تحط بجميع جهاته قوله لم تحصه من الإحصاء وهو كناية عن الإحاطة بجهات الحديث كقوله تعالى إنّ الله قد (أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) ومحصّل المعنى يرجع إلى أن حديثا لم تحط بجميع جهاته قوله لم تحصه من الإحصاء وهو كناية عن الإحاطة تركك روايته خير لك من روايته وإن كان الحديث صادرا في نفس الأمر عن المعصوم عليهالسلام ويحتمل أن يكون قوله لم تروه من الرّوية بمعنى التفكر بأن كان حرف المضارعة مضمومة والرّاء بعدها مفتوحة والواو بعدها مكسورة مشدّدة والمعنى حينئذ تركك حديثا لم تتأمّل في سنده أو معارضه أو دلالته خير من روايتك أحاديث لم تحط بها كثرة فتدبّر(قوله) عن أحدهما عليهماالسلام قال الطريحي في مشتركاته وبالباقرين يعني المراد به محمد بن علي عليهالسلام وجعفر بن محمّد عليهالسلام من باب التّغليب وبالصّادقين كذلك وبأحدهما أحدهما عليهماالسلام (قوله) ظهور هذا الخبر إلخ لأجل التّعبير بلفظ الخير الظّاهر في الرّجحان المطلق ويحمل ما خلا من هذا اللّفظ عليه نظرا إلى كون الأخبار بعضها كاشفا عن بعض وحاصل ما أجاب به كون المراد بالخير مقابل الشرّ بقرينة ما ذكره لا ما هو المنساق منه في بادئ النّظر(قوله) وقوله في مقام وجوب إلخ هذا وما يأتي من قوله وقوله عليهالسلام في مقام التقيّة عطف على قول القائل (قوله) أمسك عن طريق إلخ المقصود إيجاب الوقوف في سلوك طريق خيفت ضلالته إذا لم يكن في ترك سلوكه مفسدة أخرى أقوى من خوف على نفس أو عرض وإلاّ فارتكاب الضّلال خير من تحمل هذه المفسدة(قوله) والجواب أنّ بعض هذه الأخبار إلخ حاصل ما ذكره أن بعض هذه الأخبار ظاهر في وجوب التّوقف إلا أنّ مورده خارج مما نحن فيه وبعضها ظاهر في استحبابه فلا يفيد المطلوب والكلمة الجامعة في الجواب عن الجميع كون الأمر فيها للإرشاد والتخويف عن الهلكة المحتملة فلا تفيد الوجوب الشّرعي الّذي يترتّب على موافقته ومخالفته الثواب والعقاب فلا يثبت به وجوب الاحتياط شرعا ولو ظاهرا وأما من حيث احتمال الوقوع في الهلكة فإن كانت الهلكة المحتملة هو العقاب الأخروي فالتّوقف والاحتياط حينئذ وإن كان واجبا إلا أن الأمر به للإرشاد إلى التحرز عن هذه الهلكة فلا يترتّب عليه سوى الوقوع فيها أحيانا وإن كانت مفسدة أخرى سوى العقاب الأخروي فالتوقف والاحتياط حينئذ مستحبّ والأمر به أيضا للإرشاد وعلى كل تقدير فهذه الأوامر بأسرها للإرشاد لا يترتّب عليها سوى ما يترتّب على نفس مخالفة الواقع فلا يثبت بها وجوب التوقف والاحتياط شرعا كما هو المدّعى وأنت خبير بأن التوقف من حيث القول والفتوى إمّا هو المراد بهذه الأخبار كما فهمه جماعة أو داخل في المراد منها بناء على شمولها له وللتّوقف من حيث العمل الّذي مرجعه إلى وجوب الاحتياط ولا ريب في كون التوقف من حيث القول والفتوى واجبا نفسيّا إذ لا إشكال في حرمة الفتوى في الشّبهة على جميع أقسامها سواء كانت مطابقة للواقع أم مخالفة له وحينئذ لا يصح حمل الأمر فيها على الإرشاد الّذي مقتضاه عدم ترتّب شيء على الأمر بالتّوقف سوى ما يترتب على نفس الواقع على ما عرفت فإذا لم يصحّ ذلك بالنّسبة إلى الفتوى لا يصح بالنّسبة إلى العمل أيضا وإلاّ لزم استعمال اللّفظ في معنيين أعني استعمال الأمر بالتّوقف في الإرشاد بالنّسبة إلى العمل وفي الإلزام المولوي بالنّسبة إلى الفتوى وهو باطل مع أنّ موثقة عمّار كف واسكت أنّه لا يسعكم فيما نزل بكم ممّا لا تعلمون إلاّ الكفّ عنه والتّثبت والرّد ظاهر كالصّريح في الإلزام بالكفّ عن القول وما ذكروا