ما استظهرناه من عبارة المصنف ثمّة من دعوى كون عدم المصادفة مانعا من الاستحقاق وأمّا على ما اخترناه من كون عدم استحقاق غير المصادف لعدم المقتضي للاستحقاق لعدم ارتكابه فعلا منهيّا عنه في الواقع فوجه الفرق بين المقامين أوضح إذ لو قلنا ثمّة بموجب قول الخصم أيضا من عدم مدخليّة الأمر غير الاختياري في الاستحقاق لأمكن منع دليله بمنع المقتضي للاستحقاق فلا يهمّنا دعوى المدخليّة أو احتمالها بخلاف المقام إذ على المفصل إثبات المدخليّة وبالجملة أنّ منع الدّليل السّابق على المختار لا يبتني على شيء من إثبات المدخليّة أو عدمها أو احتمالهما بخلاف المقام (قوله) لم يعلم معنى محصل إلخ حاصله أنّه بعد ما فرضه من كون التجري بمخالفة المعتقد عنوانا مستقلا في استحقاق العقاب في مقابل عنوان مخالفة الواقع لا يخلو إمّا أن يريد من تداخل العقاب وحدة العقاب الّذي يستحق بإزاء مخالفة واحدة كما هو ظاهر كلامه فحينئذ لا يخلو إمّا أن يكون هذا المقدار من العقاب بإزاء كلّ من العنوانين أو أحدهما بعينه أو لا بعينه فالأوّل يستلزم اجتماع علّتين مستقلّين على أثر واحد وهو محال وعلى الثّاني يلزم التّرجيح بلا مرجّح والثّالث غير معقول مضافا إلى لزوم إلغاء إحدى الصلاتين وإمّا أن يريد به عقابا زائدا على عقاب محض التجرّي بحسب الكم أو الكيف فهذا ليس تداخلا أصلا لأنّ كل فعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يريد عقابه كما أو كيفا على ما كان فيه أحدهما كأكل النّجس المغصوب والإفطار بالمحرم في نهار شهر رمضان وممّا يؤيد عدم التّداخل في العقاب في المقام أنّ العقلاء لا يذمّون المتجرّي في صورة المصادفة إلاّ على معصية واحدة فلو كان هنا عنوانان للاستحقاق لم يكن كذلك ولعلّ هذا هو الّذي دعا المفصل إلى دعوى تداخل العقاب في صورة المصادفة غفلة عن أنّ قبح التجرّي في صورة عدم المصادفة لا يسري إلى الفعل المتجرّى به كما أسلفناه وإن استشكل المصنف في استحقاق الذّم من حيث الفعل أيضا كما لا يخفى وفي صورة المصادفة ليس إلاّ مخالفة واحدة إذ مخالفة المعتقد حينئذ هي عين مخالفة الواقع فلا وجه حينئذ لالتزام تعدّد العقاب أو تداخله ويحتمل كون مراد المفصّل من التداخل هو ذلك وإن كان خلاف ظاهر كلامه بأن يريد أنّ مخالفة المعتقد من حيث هي قبيحة وكذلك مخالفة الواقع من حيث هي إلاّ أنّ في صورة المصادفة للواقع ليس إلاّ مخالفة واحدة فلا يستحق إلاّ عقابا واحدا فيكون مراده بالتّداخل في العقاب اعتبار التّداخل في سببه ومخالفة المعتقد أنّما تصير علّة مستقلّة في استحقاق العقاب مع عدم المصادفة لا معها نعم قبح المخالفة في صورة المصادفة أقوى منه في صورة عدمها والمفصّل يسلّم اختلاف مراتب التجرّي كما صرّح به في عبارته الّتي نقلها المصنف رحمهالله فحينئذ لا يردّ عليه ما أورده المصنف نعم يردّ عليه حينئذ منع قبح مخالفة الواقع من حيث هي إذ مخالفة الواقع كموافقته من حيث هي مع قطع النّظر عن التفات المكلّف إلى الواقع بالاعتقاد الجزمي أو غيره من الإدراكات خارجتان من الاختيار فلا تتصّفان بشيء من الحسن والقبح لأنّ اتّصافهما بأحدهما أنّما هو باعتبار تعلّق القدرة بهما إذ محلّهما الأفعال الاختياريّة كما أسلفناه وتعلّق القدرة بهما بحيث يكون المكلّف مختارا فيهما أنّما هو بعد التفات المكلّف إلى الواقع فالمتّصف بالحسن هو موافقة الواقع المعتقد وبالقبح هو مخالفة الواقع كذلك لا موافقة الواقع أو مخالفته من حيث هي كي تتعدّد جهة الحسن أو القبح في صورة المصادفة حتّى يقال بكون التجرّي في صورة المصادفة أقوى (قوله) ففيه إشكال إلخ قد تقدّم وجهه عند شرح قوله بل هو قسم من الظّلم قوله بل يظهر منه قدسسره إلخ فإنّه قد ذكر فيما يأتي من كلامه ولو نوى المعصية وتلبس بما يريه معصية فظهر خلافها ففي تأثير هذه النّيّة نظر فيظهر منه أنّ الكلام في تأثير هذه النيّة المقارنة بالفعل المتجرّى به في استحقاق العقاب لا في تأثير الفعل إذا صدر عن قصد المعصية ولعلّ الأمر بالتّأمّل إشارة إلى أنّ قول الشّهيد ومن دلالتها على انتهاك الحرمة وجرأته على المعاصي ظاهر في أنّ حرمة النّيّة المذكورة من جهة دلالتها على ما ذكر ولا ريب في اشتراك الفعل مع النيّة في هذه الجهة لتحقّق التّجرّي في مفروض المقام في ضمن الفعل المتلبّس بالنّيّة المذكورة بل نسبة الدلالة على ما ذكر إلى نفس الفعل الصّادر عن النيّة المذكورة أولى من نسبتها إلى مجرّد النيّة لكونه أقوى في الدّلالة منها(قوله) نعم يظهر من بعض الروايات إلخ يمكن المناقشة في دلالتها بأن إطلاق الحرمة في قوله عليهالسلام حرم على الّذي إلخ أنّما هو باعتبار قطعه بتوجّه خطاب النّهي عن الأكل والشّرب في الواقع إليه لا بحسب الواقع سواء طابق قطعه بالواقع أم لا ولا مانع من إطلاق الحرمة حينئذ لثبوتها في مقام الظّاهر بحسب الاعتقاد ولم ينكر ذلك من أنكر تأثير الاعتقاد المجرّد عن الواقع في حكم الشّارع عليه بما يناسبه لا يقال إنّه خلاف ظاهر اللفظ فإن ظاهره الحرمة الواقعية لأنا نقول إنّ القرينة على إرادة ما ذكرناه موجودة وهي مقابلة الحكم بحرمة الأكل لمن تبين له الفجر للحكم بجوازه لمن لم يتبيّن له ذلك ولا ريب أنّ الحكم بالجواز ظاهريّ لأجل استصحاب بقاء اللّيل فكذلك الحكم بالحرمة وكذلك الحكم بالجواز في منطوق الآية معلّق بالتّبين ولا ريب أنّه ظاهري فكذلك الحكم بعدم الجواز بعد التّبيّن في مفهومها مع تخلفه عن الواقع فتأمّل جدّا وبالجملة أنّ الرّواية مسوقة لبيان الحكم الظّاهري وأمّا ترتّب العقاب على مخالفة المعتقد وعدمه فهي ساكتة عن بيان هذه الجهة إلاّ من حيث الملازمة بين الحرمة واستحقاق العقاب على الفعل ولكنّها فرع كون المراد من الحرمة هي الحرمة بحسب الواقع دون الاعتقاد (قوله) فالمصرّح به في الأخبار الكثيرة إلخ ربّما يتخيّل أن العفو ينافي مقتضى اللّطف الواجب