وأمّا الشاك فيها مع تدينه بغير الإسلام من الأديان فلا إشكال في عدم إسلامه لعدم اعتقاده وكذا في كفره ونجاسته لفرض عدم اعتقاده وشمول أخبار الجحد له لما ستعرفه من التعميم في معنى الجحد والإنكار ولعلّ الشّاك غير المتديّن بالإسلام ولا بغيره أيضا كذلك بناء على شمول أخبار الجحد لمثله أيضا ولذا اختار المصنف رحمهالله في المقام الثّاني كفر غير المتمكن من تحصيل العلم مع عدم إقراره في الظاهر بما هو مناط الإسلام وعلى تقدير عدم شمول أخبار الجحد له يجري فيه الوجهان الآتيان وأمّا الشّاك المتدين بدين الإسلام المقرّ به في الظاهر فإن اكتفينا في الإسلام بظاهر الشّهادتين وعدم الإنكار ظاهرا وإن لم يعتقد باطنا كما احتمله المصنف رحمهالله فهو مسلم وإن اعتبرنا فيه الشهادتين مع احتمال الاعتقاد على طبقهما حتّى تكون الشهادتان أمارة على الاعتقاد الباطني كما هو ظاهر الأخبار بل المستفاد من كلمات الفقهاء حيث اعتبروا في تحقق الاعتقاد الإسلام الّذي لا بد في الاستكشاف عنه من الاكتفاء بظاهر الشهادتين وإلاّ فلا يمكن الحكم بإسلام أحد إلاّ بعد العلم باعتقاده وهو ظاهر الفساد فلا إشكال حينئذ في عدم إسلامه وأمّا الحكم بكفره ونجاسته فالكلام فيه يبتني على أنّ الإسلام والكفر بينهما واسطة أم لا وحيث حكمنا بعدم إسلام من ذكر يلزم كفره على الثّاني دون الأوّل فيكون ذلك على الأوّل واسطة بين الإسلام والكفر ويظهر أثر ذلك في الحكم بطهارته إذ النجاسة أمر عارض لا يحكم بها إلاّ بدليل فيحكم بطهارة الشاك في مفروض المقام بناء على كونه واسطة وإن لم يحكم له بإسلام ولا كفر فينبغي حينئذ أن يبنى تحقيق المقام على أنّ الكفر المثبت للنجاسة هل هو مجرّد عدم الاعتقاد وإن أظهر الحقّ باللّسان أو هو جحد الحق وإن كان معتقدا به في الباطل فعلى الأوّل يلزم كفر من ذكر ونجاسته وتنتفي الواسطة من البين بخلافه على الثاني لأن الإسلام على الأوّل عبارة عن اعتقاد الحقّ مع التدين به في الظاهر والكفر عن عدم اعتقاده مطلقا سواء كان معتقدا بخلافه أو شاكا فيه وعلى التقديرين متدينا بدين الإسلام في الظّاهر أم لا وعلى الثّاني عبارة عن اعتقاد الحق مع التدين كما عرفت والكفر عبارة عن جحد الحقّ في الظّاهر فيكون الشّك فيه مع التديّن به في الظّاهر واسطة بينهما والأخبار الدّالّة على كون الكفر عبارة عن مجرّد عدم الاعتقاد للحقّ ويؤكّده ما دل على نفي الواسطة بين الإسلام والكفر أو عن جحده وإنكاره ويؤكده ما دلّ على ثبوت الواسطة بينهما مختلفة جدّا كما سنشير إلى جملة منها وأمّا الشّاك في أيام النظر والمهلة كمن بلغ وأراد التّدين بدين الإسلام فاحتاج إلى زمان نظر وفكر فلم أر من تعرض لحكمه إلاّ بعض الشارحين من المتأخرين وحكم بطهارته ولعلّه للأخبار المفسّرة للكفر بالجحد ولا يبعد ترجيحها في مثل المقام وفي البحار في باب المستضعفين عن أبي الصّلاح قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ما تقول في رجل دعي إلى هذا الأمر فعرفه وهو في أرض منقطعة إذا جاء موت الإمام فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت فقال هو والله بمنزلة من هاجر إلى الله ورسوله فقد وقع أجره على الله وأمّا الظّان بالحقّ بالاستدلال بأن كان ظنّه مستفادا من دليل وكان متدينا بدين الإسلام على حسب ما ظنّه فلا إشكال في عدم إسلامه بناء على ما عرفت من اعتبار الاعتقاد في تحققه المفروض فقده في المقام وأمّا كفره ونجاسته ففيه وجهان من تفسير الكفر بالجحد في جملة من الأخبار منها ما رواه الكليني في أصول الكافي عن محمّد بن مسلم قال كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام جالسا عن يساره وزرارة عن يمينه فدخل عليه أبو بصير فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن شك في الله فقال كافر يا أبا محمّد قال فشك في رسول الله فقال كافر قال ثمّ التفت إلى زرارة فقال إنّما يكفر إذا جحد ومنها ما نقله المصنف رحمهالله في المقام الثّاني ولا ريب في عدم صدق وصف الجحد والإنكار على مفروض المقام لفرض ظنّه بالحقّ وإقراره به في الظّاهر فلا يحكم عليه بالكفر المستتبع للنجاسة مضافا إلى إمكان الواسطة بين الإسلام والكفر كما أشار إليه المصنف رحمهالله ومن تفسير جملة أخرى له بمجرّد عدم الجزم والاعتقاد منها ما رواه في أصول الكافي عن أبي إسحاق الخراساني قال كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول في آخر خطبته لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا ومنها ما روي عن الصّادق عليهالسلام من شك في الله عزوجل وفي رسول الله صلىاللهعليهوآله فهو كافر والمفروض في المقام عدم حصول الاعتقاد والجزم فيحكم بكفره ونجاسته وهذا على المختار من كفاية مطلق الاعتقاد الجزمي في الإسلام وإن لم يحصل عن استدلال بأن حصل عن التقليد وأمّا على المشهور من إيجاب الاستدلال التّفصيلي الجزمي في حصول الإيمان بحيث يظهر منهم كون غير المستدل كذلك كافرا محكوما بالنجاسة فالحكم بالكفر والنجاسة في محل الفرض أظهر هذا في الظانّ المتديّن بدين الإسلام وأمّا الظانّ المتدين بغيره أو غير المتديّن بشيء منهما فهو كالشاك كذلك على ما عرفت من حكمه ثمّ إنّ الظّاهر أن المراد بالجحد في الأخبار أعمّ من الإنكار الجزمي باللسان ومن الإنكار لأجل عدم الثبوت فيشمل غير المقرّ أيضا وإذا تحقق هذا فاعلم أنّ المصنف رحمهالله قد أطلق أولا الجزم بعدم إسلام الظان بالحق سواء كان متديّنا بدين الإسلام أم لا وهو الذي يقتضيه أيضا ما استدل به من إطلاق الأخبار الظّاهرة في اعتبار العلم وتردد ثانيا في إسلام الشّاك المتدين بدين الإسلام ولا تنافي بينهما وإن كان ظاهره اتحاد حكم الظانّ والشّاك ولذا ذكر حكم الثاني في مقام بيان حكم الأوّل لأنّ الأوّل مبني على الحقّ المستفاد من الأدلة والثّاني على إبداء الاحتمال في ظاهر الأدلة لأنّ الأخبار المفسرة للإيمان بالإقرار والشهادة والتدين يحتمل أن يراد بها اعتبار هذه الأمور في الإيمان مطلقا سواء علم معها عدم الاعتقاد في الواقع أم لا كما هو مقتضى الجمود على ظاهرها ويحتمل أن يراد بها اعتبار هذه الأمور في الإيمان من حيث كونها كواشف وأمارات عن الاعتقاد الجزمي الواقعي كما هو مقتضى النظر الدّقيق فيها المعاضد بما دلّ على اعتبار المعرفة واليقين (قوله) وظاهر ما دلّ إلخ من الكتاب قوله تعالى في سورة التغابن (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وتقريب الدلالة واضح لأنّ الظانّ بالحقّ إذا لم يكن مؤمنا فلا بدّ أن يكون كافرا كما هو قضية حصر المكلّفين فيهما(قوله) ودلالة الأخبار المستفيضة إلخ في تفسير نور الثقلين عن حمزة بن الطيّار قال قال أبو عبد الله عليهالسلام النّاس على ستّة فرق يئولون كلّهم إلى ثلاث فرق الإيمان والكفر